البيانات الدقيقة أصبحت ضرورية فى حياة المواطنين وأعمال الحكومة، فقد وقف نقص المعلومات عائقا منيعا فى طريق تنفيذ الخطط التنموية ، وحصول المواطن على الخدمات والدعم ، لكن مع اتجاه الدولة الى توصيل الدعم لمستحقيه وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والتموينية وتسهيل الإجراءات الإدارية والقضاء على الروتين وغير ذلك من أمور، ظهرت الحاجة الى وضع قواعد بيانات دقيقة على المستوى القومى للمواطنين والمنشآت والكيانات المختلفة ، وهناك مشروع قومى لتحقيق هذا الهدف سيتم انجازه فى شهر سبتمبر المقبل ، وهو ما نرصده فى السطور القادمة . فى البداية أوضحت المهندسة غادة مصطفى لبيب مستشار رئيس الوزراء للمتابعة ونظم المعلومات أن التطور الهائل الذى يشهده العالم فى مجال تكنولوجيا المعلومات يجعل من الضرورى أن تتسارع الخطوات فى اتجاه اللحاق بهذا الركب لإنشاء وتحديث وربط قواعد البيانات القومية وذلك بهدف تحليلها واستخراج الإحصائيات التى تفيد فى اتخاذ القرارات بدقة وكفاءة. ومن المعايير المهمة التى تستخدم فى قياس مدى تقدم الدول مصداقية المعلومات التى توفرها الحكومة للقطاعات المختلفة، ووجود بنية معلوماتية قوية تضم بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة وحديثة ، كما أن وجود أرقام قومية منتظمة وذات دلالة لكل من المواطنين، والمنشآت والكيانات الاعتبارية ، والمكان (من حيث الموقع الجغرافي) يُعد أساساً جيداً لتطوير وتيسير منظومات أخرى بالدولة كالتخطيط القومى والاستثمار وتقديم الخدمات ، حيث يجب تحقيق التكامل بين قواعد البيانات القومية مثل: الرقم القومي، والمنشآت الاقتصادية، والضرائب العقارية، والسجل العينى الزراعي، والسجل العينى العقاري، وتخطيط استخدام أراضى الدولة، والتعداد السكانى . كما يُمكن من تحقيق تخطيط مكانى أكثر كفاءة وفعالية، وتوجيه الخدمات للمواطنين وفقاً لاحتياجاتهم الفعلية، واستهداف الفئات الفقيرة والمهشمة وتحسين مستوى معيشتهم، وإجراء التعداد السكانى بدقة وبتكلفة أقل، وتحديد خصائص السكان، وتوضيح البنية المعلوماتية للدولة، وكل هذا من شأنه فى النهاية تحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين.. وقالت إن استكمال وربط قواعد البيانات بالمشروعات القومية شديدة الأهمية يساعد على تكامل قواعد البيانات وبناء أنظمة معلوماتية إستراتيجية تلبى احتياجات متخذى القرار بالمعلومات الضرورية والأدوات التحليلية للمساعدة على اتخاذ القرارات الإستراتيجية الفعالة ووضع الخطط المستقبلية بحرفية متقنة والقدرة على مواجهة الأزمات. الجزر المنعزلة وأضافت أن العمل وفق «الحكومة الالكترونية» أو كما يطلق عليها حاليا«الحكومة الذكية» نجحت دول كثيرة فى تفعيله وتحقيق هدفها الرئيسى بالوقوف على احتياجات المواطنين بتفوق لدرجة أنها تمكنت من الوصول لمؤشرات السعادة لهم، وللأسف هذا الفكر لدينا منذ سنوات وبذل فيه كثير من الجهد والوقت والمال ولكنه لم يطبق لأن مشاكلنا دوما تأتى عند التطبيق والتنفيذ، وذلك لأن عدم ( تكامل وترابط الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن) مرجعه عدم التوفيق فى تطبيق التنسيق العرضى بين مؤسسات الدولة والتى عملت كل منها بأسلوب «الجزر المنعزلة»، مما تسبب فى إهدار مزيد من الوقت دون تحقيق الهدف ، وقد حرصنا على تحديد المشاكل التى أعاقت الوصول للهدف المنشود بتفعيل الحكومة الذكية، وأهمها ضرورة تكامل البيانات وربطها بالرقم القومى بما فيها قواعد بيانات الخدمات من»تعليم وصحة ونقل وتموين والمرافق من كهرباء وغاز والنقل والتموين والمياه والتليفونات مع ربط كل ذلك بالسكن ومحل العمل» من أجل تقديم خدمة فعالة وليست شكلية عن طريق التواصل الفعال بين مؤسسات وجهات الدولة.. ولذا فعملنا الرئيسى فى الوقت الراهن ينصب على البنية الأساسية التى تشكل هيكل الحكومة الالكترونية ، ولهذا الغرض صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 10نوفمبر 2015رقم «2959» بإنشاء وحدة لربط واستكمال قواعد البيانات القومية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزراء المعنيين وذلك لتوفير بيانات دقيقة لاتخاذ قرارات صائبة.. وتستهدف الوحدة بشكل أساسى ومباشر دعم متخذى القرار (رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، والوزارات ، وكل من يحتاج بيانات ذات طابع قومى مدققة) وذلك بهدف التخطيط لمشروعات الموازنة الاستثمارية أو المشروعات القومية أو إدارة الأزمات.. وبعمل هذه الوحدة ووضع البنية الأساسية للمعلومات والتى سيتم استخدام منتجها لاحقا فى برامج الحكومة الذكية كأساس لعملها، فبدونه ستكون هشة ولن تحقق الاستدامة. أما عن أهداف وحدة ربط واستكمال قواعد البيانات القومية أشارت إلى أن استكمال وربط قواعد البيانات القومية وإعداد خرائط الخدمة للتخطيط المستقبلى ووضع اللبنات الأولى للمجتمع الرقمى واقتصاد المعرفة،والتيسير على المواطنين فى إنهاء تعاملاتهم ، وتقديم الخدمات المختلفة لهم ، وتوفير قدر أكبر من الشفافية ، وتحويل المستندات المتداولة بين الجهات الحكومية الى معلومات متداولة الكترونياً تحت مظلة قوانين حماية المعلومات وأمنها ودعم متخذى القرار بالمعلومات والبيانات المطلوبة للوصول إلى قرارات حكيمة ورشيدة تهدف لحماية حقوق المواطن وداعمة للجهاز الإدارى للدولة. العدالة الاجتماعية هذا بالإضافة إلى المساعدة فى تنفيذ برنامج الحكومة من خلال المساهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية وذلك بتوفير قواعد بيانات متكاملة لا تسمح بازدواجية البيانات لدى الجهات الحكومية تتيح إمكانية توصيل الدعم لمستحقيه كل على حد سواء، والمساهمة في بناء مجتمع اقتصادى من خلال توفير بنية معلوماتية وتكنولوجية توفر مناخا اقتصاديا جاذبا لكافة المستثمرين المحليين والعالميين على حد سواء. كما أن من الأهداف الرئيسية لعملية ربط واستكمال قواعد البيانات القومية تقديم حكومة ذكية يكون لها دور رئيسى فى تهيئة مناخ استثمارى يتمتع بمزيد من الشفافية والنزاهة وأقل القليل من البيروقراطية، كذلك تبسيط وتيسير إجراءات تنفيذ الأعمال الحكومية وغير الحكومية للمواطنين، ومن خلال تحقيق العنصرين الخاصين بتهيئة المناخ الاستثمارى يرتقى مؤشر الدولة التنافسى على الصعيد العربى والدولى وذلك فى مجالات (الصحة، التعليم الأساسي، والتعليم الجامعي، بيئة الاقتصاد الكلي، كفاءة سوق العمل والجاهزية التكنولوجية، كفاءة أسواق السلع.…). وأشارت الى أن هذا المشروع يعمل على ارتفاع مؤشر الشفافية والنزاهة ، حيث تعتبر علاقة دقة وسلامة وتكامل البيانات مع النزاهة المعلوماتية من العلاقات الطردية. مهام الوحدة وعن مهام الوحدة قالت إنها تختص دون غيرها فى الاشراف مع الجهات ذات الصلة على استكمال إنشاء قواعد بيانات أفراد ومؤسسات المجتمع على مستوى الجمهورية. وتنفيذ قواعد البيانات المتعددة فى الجهات المختلفة وتوحيد التعريفات وإتاحة توصيف البيانات. ووضع خطط وآليات لمراجعة وتدقيق، وتداول البيانات بين الجهات المختلفة على مستوى الدولة.وإنشاء شبكة تبادل البيانات والمعلومات الحكومية طبقاً لأفضل تكنولوجيا تأمين البيانات وإلزام الجهات بالربط بها. وإتاحة وتكامل البنية التحتية على مستوى الوزارات والمحافظات على مستوى الدولة ووضع معايير لتأمين وحماية المعلومات وتعميمها للحفاظ على السرية المطلوبة. وإنشاء مركز الحوسبة الخاص بالحكومة المصرية مما يساهم فى رفع كفاءة البنية الأساسية وتقليل المشتريات الحكومية مع تأمين كامل البيانات. ووضع ومراقبة تطبيق معايير توحيد الأكواد على مستوى الدولة، وكذلك القيام بجميع المهام التنسيقية بين الجهات لإنشاء وتحديث قواعد البيانات القومية والاقتصادية، ووضع السياسات والتوصيات التى من شأنها تعظيم الاستخدام الأمثل لنظم المعلومات الحكومية، وإنشاء سجل حكومى للتطبيقات والأنظمة والحلول التكنولوجية والبنية التحتية الموجودة بالجهات المختلفة على مستوى الدولة. وقالت ان دور اللجنة يمتد الى إنشاء قواعد بيانات قومية وذلك لخدمة منظومة الدعم. ووضع ومراقبة تطبيق معايير وآليات إتاحة ونشر المعلومات على مستوى الدولة. وإنشاء خريطة مصر للتنمية مما سيساهم فى توفير بيانات دقيقة لتخطيط الموازنات. وضمان العدالة الجغرافية فى توزيع الخدمات. أمن المعلومات أما فيما يتعلق بأمن وسرية المعلومات فأشارت الى أن هذه المهمة يختص بها جهاز الأمن القومى بوضع قواعد التنفيذ والإشراف والمتابعة على جهات التنفيذ للتأكد من التزام جميع الجهات بقواعد البنية الأساسية المؤمن والتشفير المطلوب. وعن الخطة الزمنية للانتهاء من ربط قاعدة البيانات قالت : لدينا خطة متكاملة ، وانه سيتم ربط الرقم القومى منذ الميلاد مع قواعد البيانات فى سبتمبر المقبل ، وهو الأمر الذى سيحقق عوائد للمواطن والدولة لا حصر لها للدقة المتناهية وتلافى الأخطاء فى كل البيانات والوثائق الثبوتية ، كما سيساعد فى الحصول على إحصائيات دقيقة بالسعة السكانية وتعدادهم، وهو الأمر الذى يسهل فى بناء تطبيقات لا حصر لها أبرزها عملية دمج قواعد بيانات الضرائب والمبيعات وإتاحة بيانات دقيقة توفر حيادية التقييم للممول وتساعد على السيطرة على التهرب الضريبي، وفى مجال الرعاية الاجتماعية سيتم استكمال قواعد بيانات مستحقى المعاش الضمانى فى المحافظات، وتشغيل خدمات التأمينات الاجتماعية على منظومة الخدمات الحكومية المتكاملة، ولاسيما أن برنامج عمل الحكومة يتبنى مجموعة متكاملة من الإجراءات تضمن استخدام جميع أجهزة الدولة للمنظومة الالكترونية فى أداء عملها ، مع التركيز على تحديد مسئولية كل جهة، وتوفير الموازنة اللازمة للتنفيذ، بحيث تستهدف الحكومة بنهاية العام المالى 2017، 2018 إتاحة ما لا يقل عن 50% من الخدمات الحكومية ذات الأولوية على بوابة الحكومة المصرية، من خلال القنوات البديلة «مراكز الشباب، والمراكز المجمعة لخدمة المواطنين».. وأضافت: وفى هذا الإطار أيضا تم إطلاق مبادرة «حكومتي»كتطبيق على الهاتف المحمول للحصول من خلاله على الخدمات المختلفة ، ومن المقرر توسيع نطاق هذه الخدمات وتعميمها فى كل محافظات الجمهورية خلال الفترة المقبلة. الرقم القومي ومن جانب آخر أوضح اللواء إيهاب عبد الرحمن مساعد وزير الداخلية لقطاع الأحوال المدنية أن مشروع الرقم القومى الذى أنشئ منذ عام 1994يعد من أكبر المنظومات الألكترونية التى أنشئت بمصر ويضم قطاع قاعدة بيانات المصريين بالكامل، ويحوى تطبيقات هامة وإحصائيات نوعية يتم على أساسها دعم كافة مؤسسات الدولة ووزاراتها من خلال مدها بالإحصائيات والبيانات اللازمة التى تمكنها من وضع سياستها واستراتيجيها بما يمكنها من وضع منظومة تمكنها من صياغة وضبط سياستها التى تمكنها من تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وترشيدها ، وفى هذا الإطار تسعى الدولة جاهدة إلى تحقيق اعلى استفادة ممكنة من إدارة مشروع الرقم القومى لتوحيد البيانات على مستوى الدولة وبما يحقق ضبط حركة المجتمع وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.. وقال إن هذا المشروع القومى يشارك فى إعداده وتجهيزه للتنفيذ العديد من مؤسسات الدولة المعنية والهامة، وبما يحقق سرعة تنفيذه وإعداده على أعلى مستوى من الإجراءات التأمينية والفنية التى تجعله طفرة فى مجال الأداء الحكومى المتميز والهادف لضبط حركة المجتمع والخدمات الجماهيرية والمقدمة للمواطنين فى سبيل تحقيق مطالباتهم واحتياجاتهم. ومن أهم الفوائد التى يحققها هذا المشروع القومى الضخم تدقيق وترشيد جميع السياسات الحكومية وخططها والتى تضمن توصيل الدعم لمستحقيه وتحقيق أعلى استفادة ممكنة لموارد الدولة وإمكاناتها ومنع الازدواجية والتهرب وتحقيق مصالح المواطنين.والقضاء على سياسة الجزر المنعزلة فى الأداء الحكومي، وهذا المشروع تم وضع خطة زمنية لتنفيذه لا تتجاوز ستة أشهر يتم خلالها ربط قواعد البيانات على مستوى الجمهورية وبدء العمل الفعلى للحكومة الذكية بكافة قطاعات الدولة . جهات معاونة ومن ناحية أخرى أوضح اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قائلا أن الأساس فى توحيد قواعد البيانات سيتم بناء على الرقم القومى للمواطنين ومن خلالها سيتمكن من تحديد كل الخدمات والاشتراكات والحيازة بالشهر العقارى والتعاملات مع الضرائب، أما بالنسبة للمنشآت التي تمارس أنشطة اقتصادية ذات سجل تجارى وصناعى يجرى الإعداد لإصدار أرقام قومية لها أيضا من خلال توحيد قواعد بيانات الرقم القومى للمنشآت والذى سيتم فى بدايته الاعتماد على الرقم الضريبي, وقد صدر قرار من مجلس الوزراء باعتبار الرقم الضريبى رقم المنشأة والذى من خلاله يمكن متابعة كل بيانات المنشأة فى جميع الجهات المعنية مما يصعب من عملية التلاعب أو التهرب أو المخالفة للقوانين، كما يجرى العمل على سد جميع الفجوات والثغرات بتغطية الرقم الضريبى والرقم القومى للمنشآت ولاسيما ما يسمى بمصانع بيرالسلم، بحيث لن تحصل على أية خدمات أو مرافق إلا بعد الحصول على رقم منشأة، وسيتم التأكد من تنفيذ وتفعيل ذلك من خلال لجان متابعة على ارض الواقع.