وكيل تعليم القاهرة تتفقد وتفتتح معرض الفنية وتتابع استعدادات امتحانات حدائق القبة    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    مدبولي يتابع مشروعات إحياء القاهرة التاريخية وصور توضح الفارق قبل التطوير وبعده    %7.25 إجمالي الخفض الذي لحق بفائدة خلال 2025    إعلام سوري: القبض على 3 عناصر من داعش وضبط أسلحة خلال عملية أمنية في حلب    دميتروك: زيلينسكي أهان المؤمنين بتصريحاته حول الموت في عيد الميلاد    تغيير وحيد في تشكيل الزمالك لمواجهة سموحة    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات في المنصورة ويقرر غلق جميع المحال المخالفة لاشتراطات السلامة المهنية    مصرع شخص إثر سقوطه من أعلى الحواجز الحديدية بجوار محطة مترو شبرا الخيمة    اصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص على طريق المنصورة - دمياط    تريند "ماسبيرو يحظر الدجل" يحتل المركز الأول على تويتر    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    مدرب زيمبابوي: الخسارة من الفراعنة مؤلمة وهدفنا تصحيح المسار أمام أنجولا    محافظ الغربية يتفقد مشروع إنشاء المبنى الإداري الجديد لديوان المحافظة    القبض على 3 متهمين بينهم فتاة قتلوا شابا بطلق نارى فى البدرشين    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    ويتكوف يبلغ الوسطاء وإسرائيل بموعد بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    محافظ كفر الشيخ: خطة متكاملة لتوفير السلع وضبط الأسواق ب15 مجمعًا استهلاكيًا    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    بعد أزمة ريهام عبدالغفور.. تصعيد جديد من المهن التمثيلية    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من منحدرات البطالة إلى مهاوى العشوائية
شعارات «التكاتك».. هتاف الصاخبين !!
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 07 - 2016

دلَّعها فى الغِيارات.. وريَّحَها عالمطبات تعمل حسابي أقدَّرك تهزر معايا أعوَّرك
لم يكن يخطر على بال الدكتور «سيد عويس» عالم الاجتماع الراحل حين أصدر كتابه «هتاف الصامتين .. ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات فى المجتمع المصرى المعاصر» (1970)، أن وسيلة جديدة اسمها « التوك توك» ستظهر بعد أربعين عاما تقريبا، وستغزو أنحاء مصر لتصبح الأكثر انتشارا، وأنها ستُشيع شعارات مختلفة جذريا، حد التناقض، عن تلك التي رصدها أواخر الستينيات وأول سبعينيات القرن العشرين. وكما فارق المجتمع أمانه الاقتصادي، وتحللَّت منظومات قيمه، خَلَت الشعارات من مضامينها الرصينة، إلى تهاويم الانحدار والتردي.
الحلوة لما تتدلع.. تِخلِّى الأسفلت يولَّع
ما تبُصش لموتورها.. لا الزيت يقف في زورها
كان مُلاَّك المركبات في مصر الستينيات، يضعون مُصحفاً، أو إنجيلاً، صغير الحجم في سياراتهم، أو يُعلِّقُون في مرآة المنتصف «خمسة وخميسة»، و«مسبحة»، أو«حِجابا»، أو بعض «سنابل القمح» أو «دُمىً» أو «حدوة حصان»، للتبرك، والتيمن، واتقاء الحسد، كصِيَغِ رمزية للإيمان، وطلب الرزق، وخشية المجهول، لكن راكب «التكاتك» الآن لا يجد غير سمَّاعات قاسية تصمُّ الآذان، وغناء هابط لا يظهر منه سوى صخبه.
يمكننا تخيل حجم الظاهرة فائقة الانتشار، إذا أدركنا أن مصر دخلها حتى الآن أكثر من ثمانية ملايين «توكتوك»، وفق تقديرات غير رسمية، والرقم لا يحمل أية مبالغة حسب المشاهدة المباشرة لأي شارع في جميع مدن وقرى مصر، وأعرف يقينا أن مئات منها في كل قرية بالدلتا الآن، وتتزايد باطراد لافت، فإن عرفنا أن عدد القرى، في الدلتا والصعيد، حوالي خمسة آلاف، وتوابعها من العزب والكفور والنجوع أكثر من عشرين ألفا، وعمرانها اتسع عشرات أضعاف حجمه في الستينيات، يجعلنا نصدق الرقم بسهولة، وربما كان أكبر من هذا، خاصة أن الامتدادات العشوائية في المدن الإقليمية، وعواصم المحافظات، بلغت حد الاكتظاظ، والدولة في سُباتٍ عميق.
يا تْهَدِّي يا تْعَدِّي
تركب أسليك.. تنزل أولَّع فيك
وفي إحصاء رسمي عام 2014 أُعلن أن 74 ألف «توك توك»، من إجمالي الثمانية ملايين، هي المُرخصة فقط، والحكومة التي تسمح باستيرادها بغزارة، تلاحقها في كل مكان، وبعض الحملات المرورية تصادرها، وتضيع لأنها «أشياء بلا أوراق»، حيث لا يستطيع أصحابها إثبات أي شىء ضد أفراد السلطة الذين صادروها، ويمكنهم بيعها في الخفاء لآخرين من محافظات أخرى، وتتجلى المأساة إذا عرفنا أن ثمن «التوكتوك» وصل إلى ثلاثين ألف جنيه، وربما أكثر في بعض المحافظات، وأغلب الناس يشترونه بأقساط مؤلمة نظرا لضعف قدراتهم، والمركبة الواحدة منها تعمل ثلاث ورديات (شِفتات)، أى تفتح ثلاثة بيوت، ما يفيد بأن المصادرة هذه تؤدي إلى مآسٍ اجتماعية.
متقولش دى بكام.. دى جَاَيَهْ بدهب المدام
ما تبصش كده يا عبيط.. الحلوة دي بالتقسيط
في «هتاف الصامتين» رصد «عُويس» في بحثه الميدانى أن الناس كتبوا على مركباتهم عبارات كلها لطيفة وموحية، من الأغاني السائدة، ووفقا لمستوى الوعي حينها، وسلامة الوجدان العام، منها «أبو سمرة السكرة»، و«اتمخطرى واتمايلى يا زينة»، وتصدرت أغاني «أم كلثوم » مثل «أروح لمين»، و«اسأل روحك اسأل قلبك قبل ما تسأل إيه حيرني»، و«طوف وشوف»، و«أكثر من مرة عاتبتك واديت لك وقت تفكر»، و«بتبص لى كده ليه»، وكذا حليم وغيره من المغنين، مثل «سواح وماشى فى البلاد سواح»، و«سوق على مهلك»، و«فوق الشوك مشانى زماني»، و«م الموسكى لسوق الحميدية»، وتعبيرات شعبية، مثل «آخر طريقك فين؟» و«حلوة صلاة النبي» و«خليها على الله»، و«ما تبصليش بعين ردّية وبصّ للى اندفع فيّه»، إضافة لآيات قرآنية وإنجيلية، ما دفع «سيد عويس» للتشديد على ضرورة تمعن هتافات الصامتين الذين اختاروا أسلوباً سلميا للتعبير عن مطالبهم وأحلامهم، مع أن الدولة وقتها كانت تهتم بالتعليم والصحة والقطاع العام، وتراقب الأسعار، وتوفر المرافق، بعكس الحاصل تماما الآن من التخلي عن مساندة الفقراء.
إحسدوني.. لما أسد ديوني
3 عجلات برفارفهم.. نازلين يجيبوا مصاريفهم
والشاهد أن «التوكتوك» ساهم بشكل واسع في حل أزمة المواصلات بآلاف القرى، والمدن الصغيرة، وفي الاسكندرية، والقاهرة التي تضم وحدها أكثر من ستين منطقة عشوائية امتدت بطيش في جميع الاتجاهات وأحاطت بالعاصمة كالسُوَار المُحكم، وكذا ساعد بوضوح على تخفيف حِدَّة البطالة بين الشباب، وعُمَّال القطاع العام المُسرَّحين، والمتبطلين، وحل مشكلة التنقل في القرى المصرية بعد توسعها العمراني الكبير، لقدرته الكبيرة على التسلل إلى الشوارع الضيقة، والمناطق النائية، وتسهيل حياة الملايين يوميا من الكادحين، وبالمقابل فاقمت أزمات المرور لأنها تتحرك كالصراصير، وتخنق شوارع العشوائيات، وباتت المُشادات بين سائقي «التكاتك والميكروباصات» مشهدا اعتياديا، واستخدمها قلة من المنحرفين في ارتكاب جرائم فردية هنا أو هناك.
الرجولة ملهاش قطع غيار
حبيتها وقعدنا نُلكلُك.. أتاريها طمعانة فى التوك توك
فماذا لو كان «عُويس» بيننا الآن ورأى هذه الشعارات، التي أحالت «هتاف الصامتين» الموحي، إلى «هتاف الصاخبين» المُوحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.