"إن نجاحى ووصولى الى الشهرة والنجومية فى عالم التلاوة لم يأت مصادفة ولكنه كان بتوفيق من الله، ثم بجهد جهيد وعمل متواصل وفكر دءوب جعل لى طموحا ان أسجل اسمى فى سجل عالم التلاوة"، بهذه الكلمات بدأ القارئ الشيخ عبد الفتاح الطاروطى، حواره مع"الأهرام"، حيث أكد أن الرعيل الأول من القراء هم حديقة “غناء” بالزهور والورد والرياحين، كل له رحيقه وعبيره ولونه، وسأنشئ معهدا لإعداد القراء حتى تظل دولة التلاوة شامخة، وعلى القارئ ألا يحبس نفسه فى قالب التقليد، لأن استمرار التقليد يجعل القارئ يعيش فى ثوب قارئ غيره، وأن قارئ القرآن يكون داعية للإسلام فى الخارج عن طريق فن التعبير فى التلاوة ودراسة التفسير وامتلاك اللغة...والى نص الحوار: كيف كانت النشأة؟ فى 29 ابريل من عام 1965م كان المولد فى قرية طاروط مركز الزقازيق محافظة الشرقية، فى أسرة محبة للقرآن الكريم، نذرا لوالدى للقرآن وانا مازلت جنينا فى بطن أمى، ذهبت الى كتاب القرية وعمرى 3سنوات وختمت القرآن وعمرى 8سنوات، وكنت الفائز بالمركز الأول على مستوى الجمهورية فى الحفظ عام 1975م وعام 1976م، فى المرة الأولى فى نصف القرآن، والثانية فى حفظ القرآن كاملا، وتم تكريمى من الاوقاف ومحافظ الشرقية فى وقتها واسمه محمد يسرى قنصوة، وتخرجت فى اول دفعة من كلية اصول الدين والدعوة بالزقازيق عام 87 19م، فى عهد الدكتور احمد عمر هاشم عميد الكلية فى وقتها، وتم تعيينى اماما وخطيبا فى اوقاف الشرقية عام1990م، وانا الآن كبير أئمة بدرجة مدير عام بأوقاف الشرقية، واقوم بعملى فى مجمعى الإسلامي الذى أقمته على نفقتى الخاصة، فى قريتى طاروط بالزقازيق، وتم افتتاحه عام 2008م بنقل صلاة الجمعة على الهواء مباشرة إذاعة وتليفزيون، ويشمل مسجدا للرجال والسيدات ومكتب تحفيظ القرآن الكريم، وتقام فيه المسابقة السنوية للقرآن الكريم وتحمل اسم الطاروطى للأصوات الحسنة على مدى 8سنوات متتالية. كيف تعلمت القراءات؟ حفظت القرآن الكريم على يد الشيخ عبد المقصود السيد النجار، ثم تعلمت القراءات على يد الشيخ مصطفى عبد اللاه، وهو من كبار علماء القراءات فى الشرقية، فى غضون عامين، وقد أخذت السند القرآنى لإجازة القراءات، فى روايتين فقط هما حفص عن عاصم والثانية ورش عن نافع، وكنت وقتها فى الصف الأول الثانوى الأزهري، وكان يدرس معى عالم القراءات الشيخ عبد الرحيم حبيب، حيث أصبح بعد ذلك خليفة للشيخ مصطفى. وهل سجلت القرآن كاملا مرتلا؟ نعم.. فقد سجلت القرآن الكريم مرتلا، وقد قدم الى الإذاعة ولا يزال تحت المراجعة فى لجنة اختبار القراء، واقوم حاليا بتسجيل ختمة مجودة، أتمنى ان انتهى منها فى القريب بإذن الله تعالى. وماذا عن أسرتك؟ الحمد لله أولادى كلهم من حفظة القرآن الكريم، فابنتي أسماء فى كلية الصيدلة وأحمد فى الثانوية الأزهرية، وآخرهم محمود فى الابتدائية، وهذا ما أتوقع له أن يكون خليفة لى فى تلاوة القرآن الكريم، ولست وحدى فى هذه الأسرة، بل أكرمنى الله بشقيقى القارئ الشيخ محمد على الطاروطى الذى انضم إلى الإذاعة منذ 5 سنوات وأتمنى له التوفيق. من هم أبرز القراء الذين تأثرت بهم؟ كل القراء القدامى من الرعيل الأول، لأنهم امتلكوا أجمل الأصوات وأقواها، فقد كانوا قلة والمنافسة بينهم شديدة، مما جعلهم يحفرون أصواتهم وأسماءهم فى قلوب المسلمين فى الداخل والخارج، ولولاهم ما خرجنا الى الدنيا وقد شبت آذاننا وتعلقت قلوبنا وأرواحنا للاستماع الى القرآن، فهم بالنسبة لى كحديقة غناءة مملوءة بالورد والزهور والرياحين لكل منهم عبيره وشكله ولونه. ما رأيك فى مدرسة التقليد فى التلاوة؟ يمكن أن يبدأ القارئ مقلدا فى مرحلته الأولى حتى يصل الى الاعتماد على نفسه، لأن من الصعب جدا فى ظل هذا التلوث السمعى ان يولد قارئ له أسلوبه واداؤه المتفرد عن غيره، لأن الأذن تتأثر بما تسمع من تلاوات وأصوات، ولكن المشكلة ان تواصل واستمرار التقليد يفقد القارئ كثيرا من اسمه وتاريخه لانه يعيش فى ثوب قارئ آخر. وكيف يكون لدينا قارئ مميز مستقل فى التلاوة؟ لابد من الاهتمام بالنشء والعمل على ثقلهم وتدريبهم تدريبا جيدا حتى يعرف كل منهم إمكانيات ومستوى صوته، ولا يتأثر بأصوات لا تتناسب مع خامة صوته، مما يتسبب فى القضاء على صوته بسرعة، وأنا بصدد إنشاء معهد لإعداد القراء حتى أنفذ هذه الفكرة عمليا، من خلال الاستعانة بالمتخصصين والعلماء فى القراءات والصوت والنغم، مما يجعلنا نسهم فى تطوير الأجيال القادمة حتى تظل دولة التلاوة شامخة. ما رأيك فى الأجيال الحالية للقراء؟ شباب القراء - الآن- يتعجل الشهرة بدون تأسيس لمستقبل قارئ متقن محنك، فهم يحفظون مواضع محدودة من القرآن ويقرأون قراءة سماعية دون معرفة الأحكام والقراءات، وأصبح كل منهم يكذب على المستمعين بادعائه انه قارئ بالإذاعة والتليفزيون، وأدهى من ذلك منهم من يدعى انه دكتور وهو راسب فى التعليم ولم يحصل على الشهادة الابتدائية، وللأسف يحدث ذلك أمام صمت كل الجهات المسئولة عن حماية تلاوة القرآن من الدخلاء، والعجيب انهم يذهبون إلى بعض الدول للقراءة فيها وهم يسيئون الى مصر وقرائها، فلابد للتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة، والأمثلة خير شاهد على ذلك فى الوقت الحالى. هل معنى هذا أن مصر قد نضب معينها فى هذا المجال؟ واين دور النقابة فى هذا؟ لا، ولكن هذه الظاهرة طفت على السطح بشدة مما جعلنا نشعر بالاستياء، فهم لا يمثلون أكثر من 20% من قراء الشباب، والباقى نشهد لهم بالحفظ والإتقان والتميز، وأكن لهم كل حب وتقدير واحترام. تقدمت بشكوى إلى الشيخ حلمى الجمل نائب نقيب القراء، وبالفعل استدعى بعضا منهم، والباقى ما زال حرا طليقا، لم يوجه إليه أى مساءلة، مما جعلهم يتقدمون إلى الإذاعة، وقد رفضتهم لجنة اختبار القراء.