أكدت الدكتورة آمال محمد عبدالغني، أستاذة الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، أن تجديد الخطاب الإنسانى أولى من تجديد الخطاب الديني. وقالت ان مواجهة الفكر الارهابى تحتاج إلى منظومة عمل متكاملة تشارك فيها جميع المؤسسات الدينية والفكرية، ووضع آليات تضمن تنفيذ توصيات المؤتمرات الدينية التى تعقد وتنفض وتبقى توصياتها حبيسة الأدراج. كما طالبت فى حوار مع « الأهرام» بضرورة فرض الرقابة على المواقع الالكترونية التى تنشر الفكر المتطرف بين الشباب، ومراجعة مختلف تلك المواقع من قبل لجان علمية يشرف عليها الأزهر والمؤسسات الدينية المعنية، والى نص الحوار: ماذا يمثل رمضان فى حياتك؟ هو موسم لتكرار وتذكر المواقف التى كان يقفها الرسول والمسلمون، كما أن رمضان يذكر بما ينبغى أن يكون عليه المسلم فى بقية الأيام، فهو بمنزلة عملية إعداد وتدريب للمسلم على السلوك السوي، والاستقامة على منهج الله، وأقول من لم يستعد لرمضان فهو لم يستعد للقاء الله فى الآخرة، فهى الفرصة التى يعطيها الله لعباده كل عام ليذكرهم بالتوبة ويعودوا إليه عودا حميدا. كيف نحمى شبابنا من الانضمام إلى الجماعات الإرهابية؟ أولا، القنوات الفضائية باستضافتها غير المتخصصين، تشكل خطرا كبيرا على شباب مصر، ثانيا، المواقع الإلكترونية، فهى كثيرة وتتوالد بصورة ملحوظة ومتكاثرة بمسميات اسلامية، ونجد المسمى بخلاف المحتوي، وكثير من الشباب يلجأ إليها، وهى مواقع تحتاج إلى مراجعة، ولابد من وجود آلية لمراجعة هذا المحتوي، للحد من هذه الخطورة، لأنها تجند الشباب وتؤهلهم للانحراف، وكثيرا ما وجدنا هؤلاء الشباب يترددون على هذه المواقع. ولابد أن يكون لدينا مواقع معتمدة يتم الرجوع إليها، والبحث عن تلك المواقع هى مسئولية الأزهر والمؤسسات الدينية، لأنها جزئية متعلقة بالأحكام التى تحتاج إلى تنقيح ومراجعة، وهى وإن كانت مرهقة فى بدايتها، ولكن حينما تبدأ المؤسسات الدينية فى مراقبتها وتحديدها ومراجعتها ستتوقف هذه الفوضى التى نجدها الآن بكثرة، وحتى نحمى شبابنا من خطورتها. هل نحن بحاجة إلى تجديد الخطاب الديني؟ مفهوم الخطاب الدينى لابد أن نفهم أولا هذا المصطلح ثم نبنى عليه الأحكام، لابد من تحديد مصطلح محدد، ويصدر هذا التجديد من مجمع فقهى من علماء الدين واللغة، كى ينضبط المصطلح، وبالتالى يتم إنزال الأحكام عليه، فتطبيق الحكم على الصغير يختلف عن تطبيقه على الكبير، ويجب مراعاة حالة الإنسان فى حالة تجديد الخطاب الديني، والمخاطبة لابد أن تكون بالترغيب وليس بالترهيب، فالمتلقى يختلف من شخص لآخر. وأقصد هنا أن الخطاب الدينى هو خطاب الله لعباده وهذا لا يحتاج إلى تجديد، فهذا المصطلح يجب تغييره إلى مصطلح آخر وهو (تجديد الخطاب الإنساني) الذى يكون بواسطة البشر، فهذا فعلا يحتاج إلى ترميم وتعديل لأنه بواسطة البشر، أما الخطاب الدينى الذى جاء من الله عز وجل، فهو خطاب يناسب كل البشر وهو الإيمان بمرجعية القرآن والسُنة. ما أسباب انتشار الإرهاب كما نرى فى الآونة الأخيرة؟ مفهوم الإرهاب واسع لم يتم الاتفاق على مصطلح معين حتى الآن، وأوجه دعوة لعلماء الدين والسياسة أن هذا المسمى له صور مختلفة، ويجب إنزال الحكم عليه إنزالاً صحيحا، فيجب عليه تحمل كل التخصصات، وله مفاهيم وأنواع اختلفت، ويكفينا فيه ما نزل فى آية الحرابة، فقد قال الله تعالي: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم)، وكل من يقوم بالتخويف، لا أستطيع أن أسقط عليه الأحكام، فنريد أن نسير على طريق فقهى صحيح فيكون الترجيح أو التحريم بدليل. وأسباب انتشار الإرهاب منها الجهل وغياب الوعى الديني، وقلة الخبرة، وانتشار الفتاوى الضالة على الفضائيات من غير المتخصصين، والبطالة، والمشاكل البيئية، والفقر، وقلة الدراية والأمية، كلها عوامل تؤدى إلى الإرهاب. كيف يتم القضاء على هذا الإرهاب؟ بالمؤتمرات وعقد ندوات، وتحقيق رقابة على القنوات الفضائية التى تتحدث فى الدين وتأتى بغير المتخصصين، وتجديد الخطاب الإنسانى الصادر من مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف، وتدريب الدعاة والقوافل التى تجوب المحافظات، ويجب أن تعرف كيفية توصيل المعلومات للمتلقي، ولكن المشكلة تكمن فى المؤتمرات التى تنعقد ثم تنفض وتوضع فى الأدراج، فيجب أن يتم تنفيذ توصيات هذه المؤتمرات، ووضع مؤشرات قياس لتطبيق هذه التوصيات، كما يتم الإشارة إلى أنه تم الإعلان عن أنه تم تنفيذ مجموعة من التوصيات العام الماضى بكذا وكذا، فهذه المؤشرات التطبيقية لها أهميتها. لماذا نلاحظ تهميش الأزهر لكلية دار العلوم؟ كليات دار العلوم تسد جزءاً كبيراً تنويرياً فهى تربط بين الشرع والفكر واللغة وتجمع ما بين العقل والنقل، تأخذ النص وتعمل بالعقل، وهى تؤدى دورا كبيرا فى خدمة علوم الشرع واللغة والفكر، ولها دور مؤسسي، فلا بد أن يكون هناك تكامل بين الأزهر ودار العلوم، والأزهر عليه أن يستوعب كل هؤلاء .