يثير مسلسل: أفراح القبة، للعلاقة المعقدة والمركبة بين النص الأدبى والمعالجة الفنية. سواء كانت فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تليفزيونياً. ومهما يكن من تعقيد العلاقة وتشابكها. فإنه لا بد من الترحيب بوجود مسلسل تليفزيونى رمضانى مأخوذ عن رواية. رغم أنه العمل الوحيد بين أكثر من أربعين مسلسلاً. نفس الكلام يمكن قوله عن الدراما التليفزيونية العربية. فلا يوجد فيها سوى مسلسل واحد مأخوذ عن رواية. مسلسل: ساق البامبو، المأخوذ عن رواية الروائى الكويتي: سعود السنعوسي. كتب له السيناريو والحوار: رامى عبد الرازق. وأخرجه محمد القفاص.ومثلما عُرض المسلسل المصرى فى قناة تليفزيونية مصرية. فقد عرض المسلسل الكويتى فى قناة حسب علمى تليفزيونية كويتية. وهذ يعنى أن الحس القومى العربى قضيى لا بد أن نسأل أنفسنا: أين ذهبت؟ وما هو السبب الذى أوصلنا إلى ما وصلنا إليه؟. من قبل كانت لدينا الدراما التليفزيونية العربية عندما تجد مؤلفاً مصرياً ومخرجاً سورياً وأبطالا من لبنان والكويت والإمارات. والعرض أيضاً كان يتم فى أكثر من تليفزيون عربي. وفى تصورى أن هذا كان يوفر حالة من الوجدان العربى - لا أقول الواحد - ولكن الوجدان المتناسق والمتآلف والمتقارب. عندما سمعت إنه ضمن دراما هذا العام يوجد مسلسل عنوانه: سمر قند. تصورت أنه مأخوذ عن رواية للروائى اللبنانى أمين المعلوف ذ وهذه الكتابة لا علاقة لها بمشكلة الحوار الذى أعطاه لقناة تليفزيونية إسرائيلية صهيونية. فذلك يخرج عن سياق ما أكتبه الآن. وربما أعود له مستقبلاً - أقول تصورت أن المسلسل مأخوذ عن رواية أمين المعلوف. ولكن اتضح لى بعد إطلالة على إحدى حلقاته. فالمسلسل يعرض على قناة مصرية. اكتشفت أن المسلسل كما يروجون له تاريخى يتناول صناعة الإرهاب منذ صراع الحشاشين وعمر الخيام. وهى جملة يمكن أن تندرج تحت بند الدعاية التجارية. لكنى اكتشفت أن كاتب المسلسل هو: محمد البطوش. ومخرجه: إياد الخزوز. لا علاقة له بنص روائى مأخوذ عنه. وإن كان يبدو مسلسلاً تاريخياً يتيماً وسط العشرات من المسلسلات التى تجنبت نوعين من المسلسلات التاريخى والديني. أعود لمسلسلنا وأقول إننى عرفت مبكراً جداً محمد ياسين مخرج العمل. عندما جاءنى قبل أكثر من ربع قرن ليحول روايتي: لبن العصفور، إلى فيلم سينمائى. ولكنه تعثر ولم يخرج المشروع للنور بسبب مشاكل إنتاجية ربما ما زالت موجودة بالنسبة للإنتاج السينمائى. وقد لاحظت عليه يومها الجدية والرغبة فى قول شئ مختلف رغم حداثة سنه. وأتساءل: هل يعقل أن يعرض هذا المسلسل المهم الذى أتصور أنه قد يكون أهم ما عرض فى رمضان هذا العام دون أن يدون فى التترات اسم كاتب السيناريو والحوار؟ سألت الكثيرين عن صاحب المعالجة ولم أجد إجابة. وتابعت تترات البداية والنهاية. ووجدت فيها كل من هب ودب. إلا كاتب السيناريو والحوار. بل بالعكس فإن التترات أغفلت حتى اسم نجيب محفوظ. الذى يعد ماركة مسجلة بالنسبة للترويج لعمل مأخوذ عن إحدى رواياته. إلى أن قرأت ما كتبه كمال رمزى الناقد السينمائى الجاد . وكشف فيه أنه مر بنفس الحيرة وسأل يسرى نصر الله عن كاتب الحلقات وقال له إن من كتب الحلقات العشر الأولى هو محمد أمين راضي. وإن من أكمل المسلسل هى نشوى زايد. كان لا بد من السؤال عمن حوَّل رواية نجيب محفوظ لمسلسل تليفزيوني. وقد سمعت حكايات كثيرة أن محمد أمين راضى كتب حلقات هناك خلاف واختلاف حول عددها. البعض يقول عشر حلقات. وهناك من يقسم أنها خمس عشرة حلقة. أنه حدث خلاف بين المخرج والسيناريست أدى إلى امتناع راضى أو محمد ياسين عن استكمال العمل. فتم اللجوء لنشوى زايد، ابنة المرحوم محسن زايد. ومحسن زايد - لمن لا يعرف-من أفضل إن لم يكن الأفضل من بين الذين حولوا أعمالاً أدبية لأفلام سينمائية أو دراما تليفزيونية. أذكر له مهارته وقدراته النادرة عندما حوَّل روايتي: الحرب فى بر مصر، لفيلم: المواطن مصري. للأسف مات محسن زايد فى سن مبكرة. وترك مشروعات لم تكتمل. وعندما عرفت أن ابنه يفكر فى الاتجاه للإخراج. وأن ابنته تحاول معالجة كتابة السيناريو. تصورت أنهما سيكملان ما بدأه.لكن هذا لم يحدث. لأن محسن زايد عند رحيله عن الدنيا ترك ثلاثة مشروعات محفوظية لم تكتمل. ثلاثية بين القصرين، عند تحويلها لمسلسل. عالج الجزء الأول: بين القصرين، والثاني: قصر الشوق، ومات دون أن يستكمل: السكرية. وترك مسلسل: الحرافيش، بعد أن أنجز منه جزءين. وكان قد أكد لى أنه سيحولها لعشرة أجزاء. وأيضاً ترك مسلسل: حديث الصباح والمساء دون أن يكمله. لمزيد من مقالات يوسف القعيد