لعل أخطر وأعظم ما فعلته بنا قناة ماسبيرو زمان التي فاجأنا بها التليفزيون المصري فى واحدة من أجمل حسناته وأروع مفاجآته وأبدع مقاماته.. وكأنه حاوي الموالد يفتح جرابه المسحور أمام الجمهور المبهور.. ليخرج منها كتاب الأيام الخوالي الذي تعب فيه المبدعون أجيالا وقوافل وفرادى.. ويفنن فيه أهل الفن الأصيل وأفنوا زهرة عمرهم كله.. إبداعا وإشراقا ونبلا وتألقا ونورا.. أيام كنا السادة والقادة والمعلمين.. في سنين الحكي والشدو الجميل.. الذي غابت عنا شمسه علي شواطئ النغم الأصيل.. وانخرس مزماره.. وانزوي رواده حسرة وألما.. ليحل محلهم الطبالون والزمارون والراقصون والراقصات علي كل حبل وعلي كل لون.. والآكلون علي كل الموائد والعرايا خلقا والعاريات خلقا وجسدا.. ليتواري الرواد.. وينطوي المبدعون علي أنفسهم هربا بفنهم ؟ وكتاب عمرهم.. لتطوي مصر برحيلهم أجمل صفحات كتاب الابداع المصري الذي كان.. لتصبح البذاءة وقلة الأدب والعري في اللفظ وفي القول وفي الملبس وفي الخلق من بعدهم.. شعارا وكتابا وبيانا.. كأننا بماسبيرو زمان.. قد كشفت لنا الآن.. ونحن في زمن الضياع.. عوراتنا في الفن وسقطاتنا في الغناء.. وكبوتنا في فنون الابداع السينمائي وتخلفنا في فنون المسلسلات التليفزيونية التي انحدرنا بها ومعها بأخلاق وخلق ونبل واصالة أهل مصر ونساؤها الفضليات إلي هباب البرك التي خلعنا على شواطئها قبل ملابسنا خلقنا الكريم ومبادئنا العظيمة التي تعلمناها صغارا.. من كتاب امينوبي فيلسوف مصر العظيم وزملائه الذين علمونا صغارا وكبارا دروس الأدب والخلق والصدق والحق والعدل والجمال والفضيلة.. هذه الصفات الخمس التي رسمت حياة المصري من يوم مولده حتي لقاء ربه.. عبر مشوار طوله أكثر من خمسين قرنا من الزمان.. ................... ................... أنتم تسألون وهذا حقكم: ماذا قدمت لنا قناة ماسبيرو زمان؟ وماذا كشفت في زمان الألاعيب واللا حق واللا صدق؟ «شوية» أعمال تليفزيونية قديمة أبيض وأسود عمرها من عمر التليفزيون المصري نفسه.. يعني من قبل أكثر من نصف قرن من الزمان ويزيد قليلا.. لا فيها رقص ولا عري ولا كلام بطال ولا ردح من بتاع مسلسلات هذه الأيام في الدروب والحواري السَّدّ بتشديد السين .. ولا مشاهد كاملة بألفاظها وعريها وقلة أدبها يصورونها كاملة غير منقوصة في غرف النوم وعلي الشواطئ وفي الفنادق وقصور ألف ليلة وليلة.. وفي اليخوت الفاخرة في عرض البحار حسب طلب المخرج والمنتج..«وناس لابسة هدوم آخر شياكة وآخر أنتكة».. وآسف للكلمة لأنني لم أجد كلمة أخري تحل محلها وهي تعني آخر حلاوة وآخر شقاوة.. بترقص علي شرف البطل والبطلة في حفل يحضره لفيف من الكبراء وعلية القوم وهوانم معطرات مشرقات، يرتدين نصف ما في الصاغة من حلي ومجوهرات.. لكن المشهد كله يكاد ينطق ويتكلم احتراما وأدبا وخلقا.. لا بذاءة ولا كلمة كده واللا كده ولا مشهد يسم النفس ويقطع الخلف زي اللي بنشوفهم في أفلام ومسلسلات هذه الأيام.. ومن بينها مسلسلات رمضاننا هذا.. شهر التقي والورع والصلوات! وكل هذا باللونين الأبيض والأسود لون النهار والليل.. لون النقاء والعدل.. الحق والصدق.. وليس علي كل لون «يا باتستا» كما كان يقول باعة الأقمشة زمان في كل قري مصر.. يعني علي كل الألوان.. بلا فضيلة وبلا خلق.. ويسمونه بكل أسف ابداعا.. ابداعا في ايه بالذمة.. أسمعكم تقولون هو ابداع حقا.. ولكن في الفسق والفجور وعظائم الأمور» والعبارة لصديقي المخرج الذي اعتزل الفن وسنينه حتي يقابل وجه ربه حسب تعبيره هو في آخر العمر.. وهو طاهر الذيل من أدران ونواقص وعثرات مافعله الفن وسنينه. وكلمة للحق هي نفس عبارته كما قالها لي بالنص.. ............... ................. ولقد كان ماسبيرو محقا جدا عندما جعل شعار القناة: «من فاته ماسبيرو تاه».. بوصفه كان بوصلة الفن والأدب والشعر والمسرح والسينما والتألق والانفعال والحب الحقيقي والفن الحقيقي والشعر الحقيقي والمسرح الحقيقي والأدب الحقيقي والشعر كما ينبغي أن يكون يكاد ينطق ويتكلم ويقول.. لن تجدها إلا هنا.. يعني علي قناة الحق والخير والجمال.. قال لي صديقي المخرج السينمائي: لقد ايقظتنا هذه القناة المصرية الصميمة وهي تملك كل هذه الكنوز التليفزيونية والسينمائية النادرة التي لن تتكرر.. ولن تجدها إلا هنا في ماسبيرو زمان.. ماذا فعلت بنا ماسبيرو زمان؟ صديقي المخرج المبدع يستأذن مني في أن يجيب هو عن هذا السؤال.. هو يقول: ماسبيرو أو التليفزيون المصري يملك كنزا من التسجيلات النادرة لنجوم رحلوا عن عالمنا منذ زمن.. ونجوم دخلوا في آخر أيامهم علي الدنيا ومازالوا قادرين علي العطاء أو علي الأقل الكلام والتفكير والقول الصواب.. ولم يصابوا بعد بالزهايمر اللعين عدو أهل الفن والأدب والعلم والفكر.. ولقد شاهدت صديقي المخرج المبدع مازال يتكلم حوارا نادرا لا يملكه إلا عمنا مباسبيرو زمان للمفكر العملاق عباس محمود العقاد.. أجرته معه المبدعة أماني ناشد إحدي ملكات الشاشة الصغيرة المتوجات في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.. ولقد تحدث عباس محمود العقاد ملك القامة الأدبية والفكرية التي لا تتكرر ولن تتكرر حتي آخر الزمان.. في كل مقامات الأدب والشعر والفكر والسياسة علي مدي أكثر من ساعتين في كنز تليفزيوني أدبي فكري لا يقدر بثمن.. علي مدي أكثر من ساعتين! أقاطعه بقولي: لقد شاهدت وسمعت هذا الحوار النادر.. ولم أكن أعرف كما قال عمنا وتاج رأسنا في الأدب والفكر والصحافة والكتابة والسياسة أنه حاول الانتحار مرة وهو في السابعة عشرة من عمره.. ولكن الله سلم! قال: في رأيي ورأي كل من شاهد وسمع هذا الحوار الفكري الرائع اننا لم نعط عباس العقاد هذه القامة الأدبية والفكرية والفلسفية والصحفية حقها.. لا في حياتها ولا في مماتها.. يا عزيزي لابد أن تدرس كتبه في الأديان والاسلام ونحن في شهر الصيام عبقرية محمد+ عبقرية أبو بكر+ عبقرية عمر+ عبقرية عثمان+ عبقرية علي في الجامعات والمعاهد المصرية العليا.. كذلك كتابه عن الله تعالي.. هو بحق موسوعة دينية أخلاقية.. لا يعرف عنها شيئا شبابنا الضائع وأجيالنا الجديدة المشغولة بالتليفزيون ومسلسلات الصياعة والضياع.. الخايبة اللي تودي في داهية.. فضلا عن مسابقات الواد ولعة الذى يشعل الحرائق كل ليلة وناقص يولع فى البلد.. كلها وكذلك من يقلده وأقصد عمنا هانى فى برنامجه الذى يتجول فيه فى الأدغال بحثا عن معزة نايمة واللا أسد جربان واللا فيل صغير بيعيط على أمه! وآسف لهذه العبارات التى لم أجد بديلا لها! ...................... ...................... أتدخل بقولى: ماسبيرو زمان.. أعادنا بحق للزمن الجميل.. الفن الجميل والأدب الجميل والسينما الجميلة التى حزمت حقائبها وركبت بغلها وسرحت فى الفيافى والفقار.. وفى البيوت والنجوع والقرى البعيدة.. ولكن الذى شدنى حوار المبدعة أمانى ناشد مع مطربة الزمن الجميل فى تسجيل نادر للسيدة منيرة المهدية التى كانت اميرة رة تاج الغناء المصرى.. وكان يطلقون عليها لقب مطربة الملوك وقدمت أول أوبريت مصرى عن ملحمة شكسبير: روميو وجولييت، وقامت هى فى الرواية على المسرح كما جاء فى الحوار النادر بدور روميو وليس جولييت! هذا التسجيل النادر عمره بالضبط نحو أربعة وخمسين عاما.. إنه أثر تليفزيونى يستحق أن يوضع فى المتحف المصرى فى ميدان التحرير.. فى قاعة جديدة يكتبون على بابها لافتة تقول: مصر العظيمة تغنى! أما أجمل وأطرف حوار أجرته المبدعة ليلى رستم سيدة مذيعات الزمن الجميل مع الولد الشقى الذى اسمه أحمد رمزى.. وقدمته لنا ضمن مجموعات ابداعات »ماسبيرو زمان« وكان عمره أيامها لا يتجاوز الخامسة والعشرين وقد ظهر على الشاشة بقميص مفتوح أزراره الأمامية ومعلق سلسلة فى رقبته.. وكان أيامها معبود الفتيات المصريات. ولقد شاهدت الحوار ولعل أجمل ما فيه كلام أحمد رمزى عن الكابتن صالح سليم نجم النادى الأهلى ومنتخب مصر الكروى فى الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.. حوار حى يقظ أرجو من مذيعاتنا فى القنوات الفضائية اللاتي أصبحن مثل الهم على القلب.. ولا هم لهن إلا فى الخوض فى المشكلات والمصائب ان يشاهدنه وربنا يستر على مصر.. .......................... .......................... ولكن الذى لا يعرفه أحد أننى فى شبابى الصحفى كنت أعد برنامجا صحفيا من السادسة مساء حتى الثامنة على شاشة التليفزيون المصرى فى ماسبيرو اسمه »لقاء كل يوم« كانت تقدمه كل مساء مذيعة رائعة: نجوى إبراهيم + فريال صالح وسامية شرابى.. كل مذيعة يومين وإعادة الجمعة وكان أجرى فى الحلقة الواحدة 15 جنيها بحالها.. كانت أيام!{ Email:[email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى