عبر الاتحاد الأوروبى عن حزنه الشديد بعد الضربة القوية التى تلقاها من لندن بالاستفتاء البريطاني، وبدأ سلسلة لقاءات مكثفة للحفاظ على وحدته وتجنب قيام دول أخرى بخطوات مماثلة. ففى بروكسل، أكد رئيس البرلمان الأوروبى مارتن شولتز أن الاتحاد الأوروبى سيبقى متماسكا وسيحافظ على ترابطه دون انهيار، وأضاف ردا على نتيجة تصويت البريطانيين بترك الاتحاد أن القرار لن يكون بداية لقرارات مماثلة فى دول أوروبية أخرى، وقال : "لا أعتقد أن ذلك سيشجع دولا أخرى للسير فى هذا الاتجاه الخطير". وأضاف شولتز أن المجلس سيجتمع لتقييم نتائج تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الدول ال19 الأعضاء فى منطقة اليورو على وجه الخصوص تحتاج لمناقشة سبل حماية نفسها فى الأشهر المقبلة التى ستشهد فترات مضطربة على الأرجح. كما أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبى - ألمانياوفرنساوهولندا وإيطاليا وبلجيكا ولوكسمبورج - سيعقدون اجتماعا اليوم - السبت - فى برلين للتباحث فى تبعات الاستفتاء. ومن جانبه، قال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى إن قادة الاتحاد عازمون على الحفاظ على وحدته بعد تصويت بريطانيا على الخروج منه، مشيرا إلى أن الاتحاد كان متأهبا لمثل هذه النتيجة. وقال توسك فى بيان للصحفيين "ما لا يقتلك يقويك"، وأضاف أن هذه ليست لحظة "ردود الفعل الهستيرية". وفى برلين، اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن خروج بريطانيا "ضربة موجهة إلى أوروبا"، وأعلنت أنها دعت الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى ورئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك إلى عقد اجتماع فى برلين بعد غد الاثنين. وفى باريس، اعتبر الرئيس الفرنسى أن تصويت البريطانيين "يضع أوروبا فى مواجهة اختبار خطير، إذ لم يعد بوسعها الاستمرار كما من قبل"، مبديا أسفه "الكبير لهذا الخيار الأليم". وقد عقدت الحكومة الفرنسية اجتماعا طارئا مساء أمس لبحث تداعيات التصويت البريطاني. وفى روما، دعا رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى الاتحاد الأوروبى لتغيير مساره بعد تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من التكتل، ليصبح أكثر إنسانية وأكثر عدلا. وفى بودابست، قال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إن تأييد البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبى يظهر أن على بروكسل أن تستمع لصوت الشعوب وتقدم حلولا ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة. وفى براج، أكد رئيس الوزراء التشيكى بوهيسلاف سوبوتكا أمس أن خروج بريطانيا لا يعنى نهاية الاتحاد الأوروبي، داعيا فى الوقت نفسه التكتل "إلى إبداء مرونة أكبر وبيروقراطية أقل". وفى وارسو، ذكر رئيس بولندا السابق ألكسندر كواسنيفسكى أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيؤدى إلى فوضى فى أوروبا. وتزايدت هستيريا الانفصال بين أحزاب اليمين الأوروبية، فقد دعا حزب الجبهة الوطنية اليمينى إلى إجراء استفتاء على عضوية فرنسا فى الاتحاد الأوروبى بعد الاستفتاء البريطاني. وقال فلوريان فيليبو نائب رئيس الحزب فى تغريدة على تويتر "حرية الشعوب تفوز دوما فى النهاية! برافو للمملكة المتحدة.. الدور علينا الآن". وفى أمستردام، دعا الزعيم الهولندى المعارض للهجرة خيرت فيلدرز إلى إجراء استفتاء على عضوية هولندا فى الاتحاد الأوروبي، وقال فى بيان "نريد أن نتولى مسئولية إدارة شئون بلدنا وأموالنا وحدودنا وسياستنا للهجرة". وفى فيينا، وفى إطار سعى الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى الاستفادة من نتائج الاستفتاء البريطاني، واستجابة لدعوة رئيس حزب الحرية اليمينى المتشدد فى النمسا هاينز شتراخه، الذى قال "أنا أريد أنقاذ الاتحاد الأوروبى من الدمار بالاستفتاء"، انتعشت الأصوات اليمينية فى النمسا لتحقيق الهدف ذاته بالدعوة من دون انتظار، إلى إجراء استفتاء مماثل على غرار بريطانيا لتقرير مصير العضوية فى الاتحاد الأوروبي. وفى تطور آخر، قال وزير الخارجية الإسبانى خوسيه مانويل جارسيا إن قرار بريطانيا بالانفصال عن الاتحاد الأوروبى سيغير من إطار المفاوضات مع بلاده حول جبل طارق، ونقلت وكالة الانباء الاسبانية "إفي" عن جارسيا قوله لمحطة "اوندا سيرو" الإذاعية إن المحادثات المستقبلية لن تشمل علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، ولكن سيتم إجراؤها على أساس ثنائى بين بريطانيا وإسبانيا. وقال الوزير الاسبانى إن بلاده تقترح أن تتقاسم مع بريطانيا السيادة على الجيب البريطانى عند طرفها الواقع فى أقصى الجنوب.