على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر فيديوهات لبعض المسلمين وهم يرددون في أدعيتهم مدد يا حسين ، مدد يا علي واذا قلت لهؤلاء أن المدد هو العطاء والغوث والنصرة وانه لا يطلب المدد إلا من الله وحده لا شريك له. يقولون لك أنهم لا يقصدون المعنى المباشر لكلمة مدد ولكنهم يعنون أن يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم والحسين والأولياء الصالحين الذين يحبهم الله أن يدعوا لهم عند الله ليغفر لهم ذنوبهم ويقضي لهم حاجاتهم في الدنيا !! ... وإذا أوضحت لهم أن المشركين كانوا يصنعون تماثيل صورت لقوم صالحين وكانوا يعتبرونها "وسائل" تقربهم إلى الله بدعائها والتقرب إليها "بالذبح والطواف حولها والبكاء لها والتمسح بها" لتشفع لهم عند الله وليقربونهم إلى الله زلفى وأن الله تعالى يقول : "أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كفار" ويقول سبحانه : (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ) . حينها يستندون في الرد عليك على روايتين الأولى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكي أن رجلا ضريرا طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الله ليرد له بصره وسأله الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يؤجل شفاعته فيه إلى يوم القيامة ولكن الرجل أصر فطلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين لله وأن يطلب من الله أن يقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم به ويقضي له حاجته ويرد إليه بصره فاستجاب له الله . وعندما تقول لهم حتى اذا سلمنا بصدق هذه الرواية ؛ فأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان وقتها حيا وليس ميتا وكان الوحي يتنزل عليه ويدخل هذا في نطاق المعجزات التي يمنحها الله للرسل وهم أحياء كما أعطى الله النبي عيسى عليه السلام وموسى عليه السلام معجزات وآيات ليتأكد الناس أنهم أنبياء من عند الله ولكن بوجه عام فأن معجزة محمد صلى الله عليه وسلم هى في إعجاز القرأن العلمي . هنا تتفاجىء بقولهم أن النبي صلى الله عليه وسلم والحسين والأولياء الصالحين يسمعونهم ويستجيبوا لهم ويدعون الله لهم وهو متوفون ويتساءلون كيف تؤمنون إن إبليس يسمعكم ويحاول إغوائكم ولا تؤمنون بأن الرسول يسمعكم ويدعو لكم هو والحسين وأولياء الله ؟ ... وإذا اجابت عليهم وابطلت لهم هذه الحجة المزيفة بأن توضح لهم بأن الله تعالى قال للرسول صلى الله عليه وسلم "إنك ميت وإنهم ميتون " ... ولكنه تعالى قال لإبليس "إنك لمن المنظرين " ... أي أن إبليس يعيش معنا إلى يوم القيامة ويسمعنا ويرانا ويحاول إغواءنا ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم والحسين والأولياء لا يعيشون معنا ولا يمكن أن يسمعونا ويستجيبوا لنا بأن يطلبوا من الله أن يغفر لنا ذنوبنا ويدخلنا الجنة أو يقضي لنا حاجاتنا الدنيوية . هنا يستندون إلى رواية آخرى يدعون أنها حدثت بعد ممات الرسول صلى الله عليه وسلم ، تقول الرواية : أن النَّاسَ اصابها قَحْطٌ فِي زَمَنِ عُمَرَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَسْقِ لِأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَأَتَى الرَّجُلَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : " ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مسْقِيُّونَ فَأَتَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَبَكَى عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ لَا آل إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ" ورد الشيخ الألباني كافي ووافي للرد عليهم حيث قال عن هذه الرواية أولا : أن إسنادها ليس صحيح ولا يعتد به وأنها وردت عن أبي صالح عن مالك الدار وأن مالك الدار غير معروف وكذلك أورد الحافظ المنذري في "الترغيب" (2/41-42) أنه لا يعرف مالك الدار وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد (3/125) ... ثانيا : وهى النقطة الأهم من معرفة مالك الدار من عدمها : *مخالفة هذه الرواية لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء ، كما ورد ذلك في أحاديث صحيحة كثيرة ، وأخذ به جماهير الأئمة ، بل هي **مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار، وهي قوله تعالى في سورة نوح : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ... ) ***ومخالفة لما فعله عمر بن الخطاب في روايات صحيحة الإسناد من استغفاره هو والصحابة والمؤمنين الله واستجابة الله لهم بعدها . ويقول الله تعالى :" وقال ربكم ادعوني استجب لكم" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).... فما بالك بالحسين أو علي بن ابي طالب أو الصحابة أو الأولياء الصالحين أو الشيوخ ؟! ولكننا لا يجب أن نغفل قول الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"... صلاة الله على النبي صلى الله عليه وسلم كما فسرها الفقهاء صلاة رحمة وتجلي وإلقاء للسكينة في القلب ومن ثم عندما نقول (اللهم صلي وسلم على محمد) ؛ يرحمنا الله ويعطي لنا السكينة ولكن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالقول فقط ولكن بالعمل بسنته والابتعاد عن البدع في عبادة الله واتباع منهج الله لنفوز بالدنيا والآخرة معا. ويقول الله تعالى : " قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُم " وقال عليه الصلاة والسلام : (إنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّين في الدُّعاء) ... ولكن قد لا يستجيب الله لدعاء أحدنا بشيء ما لأنه يعلم سبحانه الخير لنا ونحن قد ندعو بشيء يضرنا وليس في مصلحتنا أو لأن الله يريد أن يجزينا على صبرنا بمنحنا عطايا أكثر مما نريد أو يريد الله أن يؤخر ثواب صبرنا إلى الآخرة ليغفر ذنوبنا ونفوز بالحياة الآبدية حياة النعيم في الآخرة ولذا علينا عبادة الله وحده لا شريك له والدعاء له وحده فالدعاء هو من اساسيات العبادة لأنك عندما تدعو الله فأنت اذا تؤمن به وبرحمته وقدرته وتصدق قوله تعالى : " وإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي