منذ عامين فقط لم يكن أي مصري يحلم مجرد حلم بأن يري حسني مبارك خارج قصر الرئاسة وليس في قفص الاتهام, لكن ثورة يناير العظيمة حققت الحلم, وصدر أول حكم في تاريخ مصر بمعاقبة رئيس جمهورية مصري علي الرغم من أنه لم يشف غليل أهالي الشهداء والثائرين في ميدان التحرير والميادين العامة في بقية المحافظات. لقد استفزت المواطنين تبرئة نجلي الرئيس السابق ومساعدي وزير الداخلية الستة من جرائم قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ حيث كانوا ينتظرون عقوبات رادعة, لكن اعتزام النيابة الطعن في الحكم واعادة المحاكمة أمام محكمة النقض قد يحقق لهم ما ينشدونه من أحكام. وإذا كان من حق أي مواطن أن يتقبل أو يرفض بشكل شخصي منطوق الحكم, وأن يتحول الأمر بحكم أهميته التاريخية إلي مصدر جدل في الشارع المصري, فإن ذلك يجب أن يتم في إطار القانون وبما يعبر عن الشكل الحضاري لثورة يناير. فمن حق دفاع حسني مبارك وحبيب العادلي الطعن أمام محكمة النقض في الحكم الصادر ضدهما, ومن حق النيابة العامة أيضا الطعن علي أحكام البراءة الصادرة بحق باقي المتهمين, وفي النهاية تتولي محكمة النقض أعلي سلطة قضائية في مصر الفصل في الدعوي بعد إعادة فحص جميع أوراقها مرة أخري سواء بنفسها أو عبر دائرة أخري من دوائر الجنايات. فلنترك الأمر بين يدي قضاء مصر الشامخ, ولنتفرغ الآن لبناء مستقبل حقيقي لمصر, بشكل يضمن ألا يكون هناك فرعون آخر بعد هذه النهاية المأساوية لهذا الفرعون.