يبدو أن طائر الموت قرر أن يسكن شارع التسعين الشمالى بالتجمع الخامس، فالدماء تنزف على جانبيه باستمرار، بسبب الظلام الدامس ، وسيارات النقل الثقيل التى «تدهس» السيارات الملاكى، فضلا عن السرعة الجنونية، وإلقاء مخلفات الردم على جانبى الطريق.. هناك القتلى يتساقطون.. والضحايا يتناثرون.. والقانون فى إجازة.. ولاتزال المأساة مستمرة، فلا سائقو النقل الثقيل ارتدعوا، ولا الظلام انتهى، وكأن حوادث المرور قد أصبحت مشهدا عاديا ، يتابعه سكان التجمع الخامس كل يوم. منذ فترة ، شهد شارع التسعين حادث تصادم، عندما دهست سيارة مقطورة، أخرى ملاكي، وتوفى على أثر الحادث، سيدة وشقيقتها، بينما أصيب أطفالهما بجروح خطيرة، ولاذ الجانى بالفرار، وهى المنطقة ذاتها ، التى شهدت أيضا، مصرع 5 أشخاص وإصابة 15 آخرين، إثر حادث تصادم بين 11 سيارة ، فى شارع 90 بالتجمع الخامس، عندما أطاحت سيارة نقل بثلاث سيارات، وعندما حاول قائدها الهرب اصطدمت سيارته بباقى السيارات ، وسقطت منها كمية كبيرة من »الزلط« ، ما أصاب الطريق بشلل مرورى تام.. وتمكن رجال الدفاع المدنى من إزالة الزلط من الطريق، وتمت إعادة تسيير المرور مرة أخري. ولايزال مسلسل كوارث النقل الثقيل مستمرا، حيث لم تجف دموع الدكتور وائل شلبي، والد عمر طالب الفرقة الرابعة بكلية الصيدلة بالجامعة الألمانية، ولم تجف دموع والدته وأشقائه وأصدقائه ، ولم تبرد نارهم كما يقولون، فقد دهست سيارة نقل، كانت تسير عكس الاتجاه، سيارة عمر فى جنح الظلام، وهو بداخلها، أثناء سيره فى شارع التسعين الشمالي، فلفظ أنفاسه على الفور. «التسعين الشمالي» يغرق فى الظلام والد الفقيد عمر، روى ل « تحقيقات الأهرام»تفاصيل الحادث، حيث أكد لنا أن الحادث وقع فى شارع التسعين الشمالى بالتجمع الخامس، ذلك الشارع اللعين ،الذى شهد الكثير من حوادث المرور، التى راح ضحيتها العديد من الأشخاص، بسبب الظلام الدامس الذى يسيطرعليه، ولمن لا يعرف شارع التسعين الشمالي، فهو احد شوارع التجمع الخامس، يبلغ عرضه 90 مترا، » رايح جاي«، وفى المنتصف تقع جزيرة ، تقسمه إلى اتجاهين، هناك شوارع سكنية كثيرة على حد قول والد الفقيد عمر وكمبوندات، وسيارات نقل تنقل مخلفات حفر المبانى الجديدة من داخل الكمبوندات، ولأنه لا وجود لكمائن المرور هناك، فإن السائقين لا يعبأون بالقانون، ولا يهتمون كثيرا بأرواح المارة أو أصحاب السيارات، فيدهسون السيارات، وبداخلها أصحابها، معتقدين أن أيدى العدالة قد لاتصل إليهم، بسبب الظلام الدامس، الذى لن يستطيع معه أحد التعرف على القاتل حتى لو استعان بعدسات مكبرة، فتمر الجريمة وكأن شيئا لم يكن!! الجانى مازال طليقا وبينما ينحصر الاهتمام بشارع التسعين فقط، كما يقول الدكتور وائل شلبى والد الضحية تحول شارع التسعين الشمالى إلى مقبرة تزهق فيها الأرواح، حيث يشيع الظلام، وتنتشر سيارات النقل الثقيل سواء التى تحمل مخلفات الحفر للمبانى الجديدة، أو المارة من هناك بحمولاتها المختلفة، معظمها تسير عكس الاتجاه، ودائما يفلت الجانى بجريمته، ويقف الناس يتفرجون، أو يتصلون بسيارات الإسعاف، أو يهتمون بالاتصال بأهل القتيل ، بينما يكون الجانى قد فر هاربا ، فمن يستطيع الحصول على رقم اللوحة المعدنية للسيارة النقل المتسببة فى الكارثة، بسبب الظلام الدامس الذى يملأ الشارع من كل جانب. يروى مصطفى صبرة، أحد سكان التجمع الخامس، كيف أنه اختار تلك المنطقة للإقامة فيها، للاستمتاع بالهدوء والجو الحميل، والشوارع المتسعة، لكنه أصيب بخيبة أمل بسبب سيارات النقل الثقيل التى قلبت حياته، وحياة سكان المنطقة رأسا على عقب، فهى دائما تسير عكس الاتجاه، بسبب غياب الوجود المرورى ، فضلا عن الظلام الدامس الذى يغطى شارع التسعين الشمالي، ما يؤدى إلى وقوع كوارث مرورية مستمرة، يلقى بسببها العديد من الأشخاص حتفهم، بينما يفرون هاربين، والنتيجة دماء تنزف باستمرار، ولا أحد يردع هؤلاء السائقين على جرائمهم، خاصة أن سيارات النقل تلقى بمخلفات الردم فى الشارع، وتسير عكس الاتجاه بصورة طبيعية جدا، ولا أحد يحاسبهم، ويفلتون بجرائمهم دون أن يكشفهم أحد. وهكذا تحول سائقو النقل الثقيل إلى مافيا، كما يسميهم مصطفى صبره وهم يقتلون كل شيء حى بالتجمع الخامس، فهم يملكون مقاولات نقل لردم المشاريع الكبري، ومن أجل إنجاز أكبر عدد من نقلات الردم، فهم يختصرون الطريق بالسير عكس الاتجاه ليلا، ونهارا، فيزهقون العديد من الأرواح البريئة على الطرقات بمختلف المناطق الحيوية، كما يقومون بإلقاء مخلفات الردم فى اقرب مكان لمواقع إنشاء المشروعات الكبري، حتى إنهم يلقون مخلفات الحفر فى نهر شارع التسعين الشمالي، وأغلقوا طريق الخدمات أمام السيارات، بينما يعانى المواطنون باستمرار، ولا أحد يتحرك لمواجهة تلك الفوضي، بالرغم من وقوع تلك الكوارث، ومصرع العديد من الأشخاص داخل سياراتهم تحت عجلات سيارات النقل الثقيل. مواقع مقترحة وإذا كنت هناك إرادة لمواجهة تجاوزات سيارات النقل الثقيل، فإنه من المقترح كما يقول مصطفى صبره- إقامة 6 كمائن لاستهداف هذه السيارات فى عدة مناطق مثل أمام مسجد المشير طنطاوى (لجنة مرورية ورادار للنقل والملاكي)، وكمين آخر فى شارع التسعين الجنوبى أمام »كايروفيستيفال سيتي« أم أمام المستشفى الجوي، أو أمام كومباوند المصراوية أو أمام الجامعة الأمريكية، وكمين فى ميدان اللوادر بشارع التسعين الشمالى بالاتجاهين، وللمتجه للرحاب وطريق السويس، وميدان جامع فاطمة الشربتلى للقادم من الغابة المتحجرة أمام مسجد المصطفى أو أمام شارع الغابة المتحجرة من جهة المتجه لجهاز القاهرة الجديدة، وكذلك أمام بنزينة وطنية الجديدة بالتجمع الأول خلف أكاديمية الشرطة. السرعة الجنونية فى محاولة للوقوف على حقيقة الموقف، فى شارع التسعين الشمالي، الذى تحول إلى مقبرة إما بسبب الظلام الدامس، أو سير السيارات عكس الاتجاه بالمخالفة للقانون، أكد المهندس علاء عبد العزيز، رئيس جهاز القاهرة الجديدة، ل » تحقيقات الأهرام« أنه تم تشكيل لجنة للمرور أسبوعيا على مختلف المناطق بالتجمع الخامس، كما أنه تم التعاقد مع شركات للصيانة، للقيام بالمرور الدورى على كل المناطق ، كما يتم فسخ التعاقد مع الشركات غير الملتزمة، مشيرا إلى أنه خاطب العميد مجدى مغازي، مدير مرور القاهرة الجديدة، لتكثيف الخدمات المرورية فى كل الطرق التابعة للقاهرة الجديدة، حيث إن سائقى النقل الثقيل يسيرون بسرعة جنونية، ما يؤدى لوقوع العديد من الكوارث. مشروعات جديدة تقع تلك الكوارث، فى وقت تقوم فيه الدولة بتنفيذ عدد من المشروعات لحفر الأنفاق، إلى جانب تطوير الطرق، والميادين، بمدينة القاهرة الجديدة، فى إطار خطة لتطوير الطرق والميادين بالقاهرة الجديدة ، لتحقيق الانسيابية ، والحد من الكثافات المرورية بها، وربطها بالعاصمة الادارية الجديدة، وتسهيل الانتقال بين شمال المدينة وجنوبها، وتتضمن تلك المشروعات، إنشاء نفق فى تقاطع شارع التسعين الجنوبى للقادم من الطريق الدائرى ومدينة نصر، لتسهيل الوصول إلى المنطقة الاستثمارية ومنطقة البنوك بمركز المدينة، ومشروع ربط شارع التسعين الجنوبى بالتسعين الشمالي، بالإضافة إلى إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمركز التجارى بالتجمع الخامس، وكذلك إنشاء كوبرى لربط طريق محمد نجيب من التسعين الجنوبى إلى التسعين الشمالي، ولربط شمال مدينة القاهرة الجديدة بجنوبها، كما يجرى حفر نفق على امتداد شارع التسعين الجنوبى بهدف تسهيل الوصول إلى العاصمة الادارية الجديدة، إضافة إلى مشروع توسعة طريق التسعين الجنوبي، بهدف تخفيف الكثافات المرورية بالمدينة، فضلا عن رفع كفاءة الميادين والتقاطعات على محور جمال عبد الناصر، وميادين أخرى بالمدينة، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذ هذه المشروعات خلال العام الحالى. كمائن مرورية بينما أكد العميد مجدى مغازي، مدير مرور القاهرة الجديدة، ل » تحقيقات الأهرام« أن شارع التسعين الشمالى يحتاج لإعادة تنظيم، كما أن الشارع به عيوب فنية، وغير ممهد، ولا توجد به إضاءة كافية، كما أن الجزيرة التى تقع فى منتصف الشارع تلتهم مساحة كبيرة منه، فمنظومة المرور كما تعلم تضم 3 عناصر، تشمل طريقا ممهدا، ومركبة، وسلوكيات مواطنين، وهناك قرار بتنظيم مرور سيارات النقل الثقيل بدءا من الحادية عشرة مساء حتى السادسة صباحا، ولا يسمح لها بالمرور فى غير تلك الأوقات، وهناك متابعة مرورية مستمرة، مؤكدا أن منطقة شارع التسعين الشمالى هى منطقة إعمار، وتجمعات سكنية تحت الإنشاء. ** أقاطعه: ولكن الكثير من الحوادث يقع بسبب عدم الالتزام بقواعد المرور، وسير سيارات النقل الثقيل عكس الاتجاه، بسبب غياب الكمائن المرورية.. فهل لديكم خطة لمواجهة حوادث المرور فى شارع التسعين الشمالي؟ العميد مجدى مغازي: لقد قدمت مقترحا بمنع دخول سيارات النقل الثقيل محاور التسعين والشويفات، بحيث يكون طريقها المرورى من القطامية حتى طريق العين السخنة، إلا أن هناك خط مياه جديدا يمر فى » البطيء« حتى طريق العين السخنة القديم، مما أعاق تنفيذ هذا المقترح لحين الانتهاء من خط المياه، وكما يعلم المواطنون من سكان تلك المناطق، فإنه تم حل مشكلة الفطيم وال » داون تاون« ، كما أن هناك مشروعات يتم تنفيذها لمواجهة تلك المشكلات، والقضاء على الزحام المروري، ومن ذلك النفق الذى سيربط شارع التسعين الشمالى بشارع التسعين الجنوني، وهناك حملات مرورية مكثفة فى منطقة المحكمة وسعودي، كما أن هناك اتجاها لمنع مرور السيارات النقل بالشوارع الرئيسية فى القاهرة الجديدة، كما يتم تشكيل كمين أمنى فى شارع التسعين الشمالى خلال الفترة من السابعة مساء حتى الواحدة صباحا خلال شهر رمضان المبارك، على أن يتم تكثيف الوجود المرورى فى » التسعين الشمالي« بعد عيد الفطر المبارك، لمواجهة المخالفات المرورية بالشارع، وتطبيق القانون على المخالفين.