النجاح ليس صنيعة فرد .. لكنها مجموعة من النجاحات .. صنعها أفراد .. وهذا ما حدث فى ملحمة تطوير الأقصر، والتى بدأت الحديث عنها فى المقال السابق، واليوم أذكر أفراداً آخرين، تدين لهم الأقصر بفضل كبير. محمود صالح: مهندس ورجل أعمال ناجح فى مصر، والعالم العربي... تطوع فى مشروع تطوير مدارس مصر ... فى جمعية مصر الجديدة، وجاء للأقصر مشرفاً عليها. تجولنا معاً فى مدارس الأقصر، المتهالكة، غير الآدمية. هل تصدق أن مدرسة الأقصر الثانوية بنات بها فصلان فقط؟! والأعجب أن مكانهم فى حوش المدرسة، تحت ظلال الأشجار، فى درجة حرارة تفوق 45 درجة مئوية!! مدرسة إسنا الثانوية بنات كانت اصطبل خيل! وبوجود المهندس محمود صالح أسبوعياً، أصبحت المدارس فى صعيد مصر، تنافس نظيراتها فى أرقى أحياء القاهرة؛ لقد عادت فصول الموسيقى، والرسم، والتدبير المنزلي، والحياكة، وصالات الألعاب الرياضية، ومعامل الحاسب الآلي، والمعامل العلمية، وغيرهم. كانت ملحمة للتطوير تلك التى عشتها مع المهندس محمود صالح على مدار عامين، وبتنفيذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. معتز الألفي: رجل الأعمال المصري، الذى تولى الشق الآخر من البناء التعليمي، وهو إعداد المدرس؛ حيث قام بإنشاء أكبر مركز لتدريب المدرسين، فنُظمت الدورات التدريبية، بواقع ستة أسابيع للدورة الواحدة، تختتم بهدية لاب توب، وطقمى بدل باللوازم. ليعود المدرس إلى مدرسته بالعلم، ووسائله الحديثة، فضلاً عن المظهر اللائق. وعندما جاء وقت الاحتفال بافتتاح هذه المدارس، كنت ترى الأستاذمعتز الألفي، بعيداً عن الكاميرات، مصرحاً بانتهاء دوره بإعداد المدرسين، أما الإعلام فليس هدفه. وشعرت بالفخر فى العام الماضي، عندما ظهرت نتيجة الثانوية العامة، فكان الأول من الأقصر، وهو ما اعتبره نتاجا مباشرا لهذه الملحمة التعليمية العظيمة. محمد العبار: أحد كبار رجال الأعمال فى الخليج العربى ... وصاحب أعلى برج فى العالم ... برج خليفة فى دبى ... وأحد عشاق مدينة الأقصر. كان يطير، بطائرته الخاصة، من دبى إلى الأقصر مباشرة، للاستمتاع بها. عاش معنا تجربة تطوير الأقصر، وطلب منى أن يسهم، بأى شكل، فى عملية التطوير. فطلبت منه المساهمة فى بناء منازل لسكان الأقصر،الذين تتهدم منازلهم، نتيجة للمياه الجوفية، وهذا أمر يحدث كثيراً، للأسف. فقدم للأقصر 70 منزلاً من طراز حسن فتحي، وأضاف عليهم مسجداً، ومبنى لتعليم الفتيات. وهذا الأسبوع، تلقيت اتصالاً هاتفياً منه،أبلغنى فيه برغبته فى إرسال هدايا رمضان لأبناء الأقصر، فاتصلت بالصديق محافظ الأقصر الشاب، محمد بدر، الذى سيتسلم هدايا رمضان لتوزيعها على ابناء المحافظة. كما طلب السيد محمد العبار مقترحات المحافظة لبناء منازل جديدة، هدية منه،لمحافظة الأقصر.والحقيقة، أن هذا الحب، لمصر، ليس غريباً علينا من إخواننا العرب عامة، وأبناء زايد خاصة، فالوفاء لمصر، هو شيمتهم التى تربوا عليها. اللواء حسين شفيق: أحد رجالات القوات المسلحة، لواء من الهيئة الهندسية، أدار عملية تطوير الأقصر، وهو رئيس إدارة المشروعات، حيث قام رجاله بتطوير ساحة الكرنك، وساحة أبو الحجاج، ونزل الشباب الدولي، أكبر نزل فى الشرق الأوسط، وإعادة فتح طريق الكباش الذى حول الأقصر إلى متحف مفتوح، إضافة إلى المرحلة الأولى من كورنيش الأقصر، وغيرها أكثر من عشرين مشروعاً بالأقصر. وقد أشادت منظمة اليونسكو بالدقة فى تنفيذ كل هذه الأعمال، وخاصة طريق الكباش، وذلك أثناء زيارة لجنة التفتيش والمرور إلى الأقصر. وعندما نالت الأقصر جائزة أفضل المدن والعواصم الإسلامية، فالفضل يعود فى ذلك إلى تصميم الدكتور أيمن عاشور، وتنفيذ اللواء حسين شفيق، الذى نفذ ورجاله هذه الأعمال الرائعة. مصطفى مدبولي: كان أكثر ما تتعرض له الأقصر، للأسف، هو التعدى على المناطق الأثرية، ولم يكن تنفيذ القانون، وحده، كافياً للتغلب على هذه المشكلة. فأساس حل المشلكة هو إيجاد البديل للمواطن، ليبنى عليه مسكنه، وبالتالى كان لزاماً توفير الأراضى اللازمة، ليبتعد بذلك عن المناطق الأثرية. وهو ما تم مع الدكتور مصطفى مدبولي، وكان رئيساً لهيئة التخطيط العمراني، آنذاك، حيث اقتطعنا جزءاً من منطقة زراعية، وتم تقسيمها، ووضعنا لها فلسفة فكرية جديدة؛ فخصصنا ثلث المساحة لإقامة الطرق والمدارس بجميع مراحلها للبنين والبنات، والعيادات الصحية، والملاعب الرياضية، الخدمات الأخرى، وخصصنا باقى المساحة لتحويلها إلى منطقة سكنية جديدة. واليوم، وبعد توقف التعدى على المناطق الأثرية بالأقصر، نستطيع أن نجزم بأن هذا لم يتحقق بالقانون وحده، وإنما بفكر جديد، وفلسفة متطورة فى التخطيط العمراني، قدمها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس هيئة التخطيط العمراني، آنذاك، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الحالي. أبونار والدكتورة جيهان: مجموعة من شباب مصر، قاموا بتطوير 54 وحدة صحية فى مختلف قرى الأقصر Primary Health Care Units، ضمن مشروع المعونة الأمريكية. ويكفى أن السفيرة الأمريكيةبالقاهرة، عندما تستقبل وفد الكونجرس الأمريكي، الذى يزور مصر سنوياً لمتابعة أوجه صرف المعونة فى مصر، كانت تصر على اصطحابهم إلى الأقصر، لزيارة تلك الوحدات الصحية، وهم غير مصدقين لما تراه أعينهم، فهذه القرى بلا شوارع ممهدة، وبعضها لم تصلها الإضاءة، أوالصرف الصحي، ومع ذلك بها وحدات صحية تشمل عيادة أسنان متطورة، وعيادة أطفال، وعيادة أمراض نساء، وعيادة باطنة، إضافة إلى معمل تحاليل متطور. كل ذلك تم النتهاء منه فى عامين. واليوم عندما أسمع شهادات عن جودة، وتميز الخدمات الصحية فى الأقصر، فأنا أرجع الفضل لهؤلاء الشباب من أبناء مصر الأوفياء. لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج