1 - ماذا جرى للإنسان ولماذا هذا الشعور المتزايد عند الكثيرين بعدم الرضا وعدم القناعة ولماذا يتراجع الاهتمام فى معظم الشعوب بقيم الأخلاق والفضيلة وبات الكل مشغولا بالنظر إلى ما فى يد الآخرين بعيون الحقد والحسد؟. كان هذا هو السؤال الذى سعيت للحصول على إجابة عنه خلال زيارتى الأسبوع الماضى لألمانيا حيث مازال الفارق كبيرا «اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا» بين ما كان يعرف بألمانياالغربية «الغنية» وألمانياالشرقية «الفقيرة» رغم مرور 26 عاما على الوحدة الألمانية. ربما يكون صحيحا أنه ليس هناك جواب محدد على هذا السؤال إلا أن شواهد عديدة تؤكد أن ما حدث من تقدم علمى وتكنولوجى مذهل وما ترتب عليه من إزالة الحدود والفواصل وتحويل العالم إلى قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات والمعلومات قد أدى إلى مزيد من طغيان القيم المادية على القيم الروحية والسلوكية فى ظل موجة إغراء استهلاكى تغزو كل بيت دون حسيب أو رقيب. وتحت وطأة الإحساس بإلحاح الرغبة فى الاقتناء لإشباع الغرائز والشهوات تتوافر الأجواء النفسية التى تبرر الخروج على القيم والتقاليد بدعوى أن ما يستطيع الآخرون اقتناءه ينبغى أن يكون لك حق مماثل فيه ومن ثم فإن الرغبة فى بلوغ هدف الاقتناء أو التقليد يمكن أن يدوس فى طريقه أى ضوابط دنيوية أو قيم وتعاليم دينية ومجتمعية. والخلاصة أن غياب الفهم الحقيقى لروح الدين هو الذى يدفع بالبعض إلى التعامل مع شهوة الرغبة فى مجاراة موجات الاستهلاك الاستفزازية المغرية والسلوكيات الملبية للشهوات والغرائز بمنهج الرغبة فى تشجيع التوجه نحو مجتمع غير منضبط يسمح للكسالى وغير المنتجين بأن يعيشوا حلم القدرة على مجاراة الآخرين فى أنماط حياتهم المترفة حتى لو كان السبيل إلى ذلك هو منهج الجريمة فى شتى صورها التى تبدأ بالنصب والاحتيال وتصل إلى حد السرقة والقتل التى تفوق معدلاتها فى شرق ألمانيا «حاليا» معدلاتها فى الغرب على عكس ما كان عليه الحال قبل عام 1990 ! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: ليس هناك ما يجفف الدموع سوى منديل الزمن! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله