سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير المغربى فى حوار للأهرام:العلاقات المصرية المغربية تقوم على التفاهم والاحترام والتعاون المخلص ..العلاقات الإقتصادية والتجارية ليست على المستوى المطلوب الإعلام سلاح خطير فى التواصل والتعاون أو إثارة الأزمات
ترتبط مصر والمغرب بروابط وعلاقات شاملة، وقواسم مشتركة فى عديد من المجالات عبر تاريخ طويل، فضلا عن الآفاق الواسعة لتطوير تلك العلاقات و تجديد وتدعيم جسور المحبة، وهذا التعاون الايجابى لمصلحة البلدين على الرغم من زوابع إعلامية طائشة أثارت بعض الغبار على تلك المسيرة المتميزة للعلاقات المتميزة التى تجمع الدولة المصرية بالمملكة المغربية الشقيقة . السفير محمد سعد العلمى سفير المملكة المغربية فى القاهرة يلقى الضوء فى حواره الخاص مع الأهرام حول طبيعة، وآفاق تطور تلك العلاقات المصرية المغربية، وأبرز معوقاتها، وأثر الإعلام السلبى والإيجابى فى تطوير أو تعويق مسار العلاقات بين الدولتين. هل هناك سمات خاصة تجمع مصر والمغرب؟ بطبيعة الحال هناك خصائص تميز علاقات مصر والمغرب وهى خصائص مستمدة من التاريخ والجغرافيا، فمن حيث الموقع فمصر هى الباب الشرقى لأفريقيا والمغرب هى بابها الغربى ،فالموقع الجغرافى للبلدين يجعل منهما بابين أساسيين نحو القارة الأفريقية وبالتالى فقد كان للبلدان عبر الحقب المختلفة أدورا أساسية فى تلك القارة، وهذا الرصيد الذى راكمه البلدان فى هذا الاطار هو رافد من الروافد التى ينبغى اعتمادها للتعاون فيما بين البلدين فى مجال سياساتهما الافريقية. هناك سمة أخرى وهى أن مصر والمغرب تعتنقان الاسلام السنى القائم على الوسطية والاعتدال وفى المغرب منارة فكرية دينية هى جامعة القرويين التى أسست قبل ما يزيد على 12 قرنا فى فاس، ونشرت نور العلم والدين فى مختلف أنحاء العالم وخاصة فى غرب أفريقيا، وفى مصر هناك منارة الأزهر الشريف والدورالبالغ الأهمية الذى قام به للحفاظ على قيم الدين ونشر رسالة الاسلام فى مختلف أنحاء العالم وبشكل أساسى فى شرق أفريقيا، هناك إذن خواص حضارية وثقافية مشتركة، ولا أدل عليها من تلك المحبة التى يشعر بها كل شعب تجاه الشعب الآخر، هناك محبة تشعر بها بشكل قوى ويشعر بها كل مغربى وكل مصرى عندما يلتقيان ،وليس لها من تفسير إلا عمق هذه العلاقات التى ربطت بين البلدين عبر قرون مديدة، وهى علاقات قامت دائما على التفاهم، والاحترام المتبادل، والتعاون المخلص فيما بينهما، كما أن البلدان عانيا من تبعات الارهاب ويسعيان لمواجهته، كما أنهما معنيان كذلك بتصويب الخطاب الدينى الدينى الاسلامى وتطويره، يعنى هناك العديد من الخصائص والسمات التى يتشارك فيها البلدين بشكل كبير وهو ما يكون رصيدا مهم جدا وقاعدة أساسية لبناء حاضر واعد ومستقبل زاهر بين البلدين إن شاء الله. العلاقات الاقتصادية والتجارية ليست على المستوى المأمول.. ما الذى يمكن عمله؟ العلاقات التى ربطت دوما بين مصر والمغرب ومنذ البداية كانت روابط وعلاقات شاملة لعبت فيها الثقافة دورا فى غاية الأهمية،حيث تجمعنا قواسم مشتركة فى هذا المجال تراكمت عبر الحقب وأصبحت تكون موروثا مشتركا لشعبينا الشقيقين، ومختلف الشعوب العربية، فهناك ثقافة عربية تكون إرثا مشتركا لكل الشعوب العربية تمثل أساسا متينا لتضامن ووحدة هذه الشعوب. وبكل صراحة العلاقات الاقتصادية والتجارية ليست على المستوى المطلوب وطموحاتنا أكبر كثيرا من الواقع المعاش، فتلك العلاقات لاتزال محدودة رغم الامكانات الكبيرة والمتوافرة لدى بلدينا، صحيح أن المبادلات التجارية تطورت بين بلدينا فى السنوات الأخيرة لكن ذلك التطور يظل محدودا ومحصورا فى مجالات معينة، ورقم المبادلات التجارية لا يتجاوز (ستمائة) مليون دولار، وكنا نتوقع عندما أبرمت اتفاقية التبادل الحر بين بلدينا، ثم بعد ذلك من خلال اتفاقية أغادير التى تجمع مصر والمغرب وتونس والأردن، ودخلت حيز التنفيذ منذ عام 2007، هذه الاتفاقية تضع اطارا قانونيا ملائما لتطور المجالات التجارية والمالية بين البلدين وبين البلدان الأربعة، ولكن مع كامل الأسف رغم توافر هذا الاطار الا أن المبادلات لم تتطور بالشكل الذى كان متوقعا، وربما تعود الأسباب فى ذلك الى ما عاشته المنطقة العربية فى السنوات الأخيرة من تححولات وتغيرات كان لها بدون شك أثرها فى أن تظل حركة التبادل التجارى فيما بين بلداننا محدودة الى حد ما، وأعتقد أن الدول الأربعة قد شرعت بالفعل فى القيام بتقييم عام لما تتيحه الاتفاقية من فرص وما تقدمه من آفاق من أجل تفعيلها على الوجه الأكمل بما يخدم توسيع حركة التبادل التجارى فيما بينها، وفيما بين مصر والمغرب بشكل خاص يتطور تدريجيا لتحقيق الاستفادة والمنفعة المشتركة لبلدينا الشقيقين. هناك بالفعل أطر قانونية واتفاقيات باستمرار ومنذ عام 1958، ومع ذلك لم تثمر تلك الاتفاقيات حتى الآن ؟ نعم الأطر القانونية متوافرة، وهناك عشرات الاتفاقيات فى مختلف المجالات بين البلدين ولكن المطلوب الآن ايجاد آليات لتفعيل تلك الاتفاقيات والاستفادة من هذه الأطر القانونية مثلا مراجعة مجلس الأعمال المصري-المغربى فى حاجة الى تحديد وتحريك وتفعيل. ايضا تنظيم المعارض التى تسمح للفاعلين الاقتصاديين فى البلدين بالالتقاء والتعارف والاستفادة من بعضهم البعض، والبحث عن صيغ للتعاون بما فيها اقامة شراكات بين البلدين سواءا على مستوى القطاع العام أو الخاص، وهناك بالفعل إمكانات كبيرة جدا للتعاون والشراكة فى مختلف المجالات فحين نتمعن نجد أن بلدينا متكاملين فى كثير من المجالات، بما يحقق المنفعة المشتركة من خلال الاستفادة مما راكمه كل بلد، كما أن رجال الأعمال لهم دور أساسى ويجب تشجيعهم على القيام به، فامكانات الاستثمار متاحة فى البلدين كما أنى لا احتاج الى التأكيد على أن الارادة السياسية للبلدين هى ارادة قوية وثابتة تجاه تطوير العلاقات فى مختلف المجالات والارتقاء بها الى أعلى المستويات، وينبغى التركيز حاليا على تقوية أواصر التواصل فيما بين بلدينا وإقامةكل الجسور التى تؤدى الى مزيد من توثيق التعارف والتفاهم فيما بينهما وبلورة آليات تحقق التعاون فيما بينهما فى مختلف المجالات فعلاقاتنا عميقة، وقوية، وشاملة وبالتالى ينبغى أن نعمل للمحافظة عليها فى شموليتها دون تركيز على جانب معين فيها على حساب الجوانب الأخري. الى أى مدى يمكن ان يلعب الاعلام دورا بناءا أو معرقلا لمسار العلاقات بين البلدين ؟ الاعلام له دور فى منتهى الأهمية فى طرح القضايا ومعالجتها من منظور كل منبر اعلامي، فالاعلام الآن يتجاوز و يخترق الحدود، وخاصة الاعلام السمعى البصرى الذى يقتحم عليك بيتك وهو ما يجعل مسئولية الاعلام تكبر ويجعل الاعلامى يتحمل ويناط به مسئولية كبرى فى التزام الشروط المهنية المطلوبة فى هذا الصدد من موضوعية وتجرد وتقديم مادة اعلامية على الوجه اللائق الذى يخدم الفكرة فى حد ذاتها، ويحافظ على مقاييس الحقيقة والموضوعية، وفيما يرجع للعلاقات المختلفة بين البلدان والشعوب المختلفة فالاعلام يمكن أن يشيد صرحا من الثقة والتفاهم والتعاون بين الشعوب، ويمكن أن يتسبب فى أزمات كثيرا ما تكون مفتعلة حول قضايا لا أساس لها، وما كانت لتحصل لو اتصف الاعلام فى طرحها بالموضوعية المطلوبة، فالاعلام اذن له دور خطير حيث أصبح سلاحا ووسيلة فاعلة فى التواصل وبالتالى المطلوب هو حسن استعمال وسائط الاتصال لخدمة أهدافنا والدفاع عن مصالحنا المشتركة . هناك قصور فيما يتعلق بالاعلام.. فكيف يمكن تصويبا؟ هذا شيء طبيعى ومطلوب دائما فكلما أتيح للاعلاميين الفرصة للاطلاع على الحقائق فى موقعها أى " فى عين المكان" كلما كان ذلك مفيدا، ولكن هذا ليس شرطا لأن من واجب الصحفيين أو الاعلاميين التحلى بالمعرفة و التحرى والاستطلاع والتحقق حول المعطيات التى يجمعها الصحفى قبل أن يكتب فى موضوع معين، فالاستسهال فى العمل، واستصغار بعض الأشياء يوقع الاعلامى فى أخطاء بعضها لا يغتفر وبالتالى لابد من التميز بين ماهو موضوعي، وماهو غير موضوعي، أو ماهو مغرض، ولابد من الالتزام بميثاق الشرف والتحلى بالمهنية، وفيما يتعلق بالاعلام المصري، سواء المكتوب أوالمرئي، لاحظت أنه أصبح مغرقا بشكل كبير فى المحلية ومن منطلق المحبة يمكننى أن أنصح بمزيد من الانفتاح وإعطاء مساحة أكبر لرؤية العالم الخارجى الذى تغير كثيرا.