يبدو أننا لم نعد نفرق بين الفوضي والثورة وبين شباب خرج يطالب بحقه في حياة كريمة يوم 25 يناير وشباب يمارس أعمال البلطجة في الشوارع.. يبدو أننا لم نفهم حتي الأن المعني الحقيقي للديمقراطيه التي تحترم صندوق الانتخابات وحرية الرأي والحوار وان أسوأ أنواع الاستبداد الشعبي ان تفرض الأقلية رأيها علي الأغلبية حتي ولو كانت إرادة شعب..إذا كان هناك استبداد السلطات الحاكمة فهناك ايضا إستبداد الشارع حين تختل المقاييس وتنعدم الرؤي..في الوقت الذي كان العالم كله يتحدث عن تجربة ديمقراطية حقيقية خاضتها مصر في ظل انتخابات صحيحة خرج انصار بعض المرشحين الذين لم يحققوا أحلامهم في الرئاسة إلي الشوارع في مظاهرات عنيفة أحرقت وكسرت مراكز حملات المرشحين الآخرين..هل يعقل ان يكون هذا سلوكا مناسبا من أشخاص رشحوا أنفسهم لأعلي منصب رفيع في هذا البلد..وهل يعقل ان يكون هذا هو الرد علي نتيجة انتخابات يراها المراقبون إنجازا كبيرا للثورة المصرية برغم كل ما شابها من أخطاء وتجاوزات.. كان ينبغي ان يتصافح جميع المرشحين امام المواطنين علي شاشات التليفزيون حتي يري العالم اننا شعب جاد في مطالبه بالحرية والديمقراطية وان هذا الشعب كان علي مستوي المسئولية وهو يخطو أولي خطواته علي طريق الديمقراطية وان هذا الشعب كان علي حق حين اعلن ثورته وخرج في الشوارع مطالبا بحقه في حياة كريمة.. حين نخطئ في فهم الأشياء يمكن ان تتحول الديمقراطية إلي فوضي والحرية إلي أسوأ أنواع الاستبداد ويتصور كل إنسان انه صاحب الحق الوحيد فلا يعترف بحقوق الآخرين.. ما حدث بعد إعلان نتيجة الانتخابات من مظاهر الرفض يؤكد ان في مصر أيادي خفية لا تريد لها الخروج من هذا النفق المظلم أو علي الأقل ان يبقي المجلس العسكري في الحكم حتي نفهم المعني الحقيقي للديمقراطية. إن عودة المظاهرات للشوارع ونحن نقيم عرسا لاختيار رئيس للدولة لأول مرة في تاريخنا يعني ان البعض منا لم يفهم بعد المعني الحقيقي للديمقراطية, إن الشعب الذي جاء برئيس الدولة يستطيع ان يسحب منه الثقة في أي وقت يشاء. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة