مباراتنا مع تنزانيا نادرة لأنها ليست عنق زجاجة .. لكن هل يكفينا التأهل ؟ كان سينيورهيكتور كوبر المدير الفنى للمنتخب يمزح حين قال : " لم نتأهل بعد إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية " .. وقد أضاف بعد ذلك : " التأهل إلى تلك البطولة ليس إنجازا على الرغم من أن الفريق لم يتأهل ثلاث مرات متتالية . والمهم هو التأهل إلى نهائيات كأس العالم " .. يلعب المنتخب غدا مع تنزانيا .. وأظنه سيطلق صيحة الإنتصار التى يطلقها طرازان ، ولا أظنها ستكون صيحة نداء أو استغاثة ، بالفيلة ، والأسود ، كما كان يفعل ملك الغابة فى أفلامة التى بهرتنا فى طفولتنا ، وهى أفلام قد لاتكون مبهرة لأطفال هذه الأيام ! صيحة طرازان فى دار السلام متوقعة ، فالمباراة ليست " عنق زجاجة " وهى حالة نادرة لأن كل مبارياتنا كانت عنق زجاجة تزين عنق المدربين .. فالمنتخب يتصدر المجموعة برصيد 7 نقاط ، بينما لنيجيريا نقطتان وتنزانيا نقطة واحدة ، وذلك بعد انسحاب تشاد . وتتبقى مباراة بين نيجيرياوتنزانيا فى سبتمبر المقبل .. وقد كان الهدف الأول هو التصنيف ، ودخول المنتخب ضمن الخمسة الأوائل على رءوس المجموعات الإفريقية فى قرعة كأس العالم فى روسيا 2018 . وينافس المنتخب على المقعد الخامس شقيقه التونسى . وكان كوبر يتمنى أن يفوز على تنزانيا ويتقدم فى التصنيف ، إلا أن تعادل الفريق التنزانى مع كينيا وديا 1/1 ، تراجع بترتيب المنتخب التنزانى ، ويتراجع معه قيمة الفوز عليه فى مباراة الغد .. خاصة بعد إلغاء هيكتور كوبر اللقاء الودى الذى كان مقررا مع منتخب بينما يدفع فوز تونس على جيبوتى فريقها إلى المقعد الخامس بدلا من مصر .. ويذكر أن الفيفا سوف يصدر تصنيفا خاصا لمنتخب إفريقيا فى الفترة من 8 إلى 10 يونيو الجارى وعلى أساس هذا التصنيف سوف تجرى قرعة كاس العالم في 24 يونيو. ومنتخبات التصنيف الأول حتى كتابة هذه السطور هى كوت ديفوار ، والجزائر ، وغانا ، والسنغال ومصر . بينما تصنيف المستوى الثانى يضم الرأس الأخضر ، وتونس ، والكونغو ، وغينيا، والكونغو الديمقراطية . والثالث يضم الكاميرون ، والغرب ومالى ونيجيريا وجنوب إفريقيا ، ثم الرابع الذى يضم أوغندا وبوركينا فاسو ، وزامبيا ، وليبيا . أهمية التصنيف معروفة بالطبع ، فهو أن يتجنب المنتخب مواجهة الفرق الكبرى فى القارة . إلا أن القضية مبالغ فيها بشكل كبير، فكأن وضع المنتخب فى التصنيف الأول يضمن له الوصول إلى نهائيات كأس العالم ، التى تبدو لنا معضلة يعرقلها " عم شمهورش " .. فكيف لفريق فاز بكأس إفريقيا ثلاث مرات متتالية يعجز عن السفر إلى كأس العالم لمدة 25 سنة .. ؟! المبالغة هنا ترتبط بصورة ذهنية بالتأهل لنهائيات الأمم الإفريقية، بينما المفروض أن يلعب منتخب مصر فى الجابون بهدف إحراز اللقب الثامن فى تاريخه . فالفريق الذى يتطلع للبطولة عليه أن يهزم كل الكبار ، سواء فى التصنيف الأول أو التصنيف الرابع .. لايهم .. والواقع أن منتخبات القارة عليها أن تخشى منتخب مصر ، هى التى تخشاه وليس هو الذى يخشاها ، فالفرق الإفريقية تعتبر الفريق المصرى بطل إفريقيا بمثابة " فروة الرأس " التى يجب إنتزاعها من موقعها أملا فى تحقيق إنتصارات على مستوى كل نهائيات وأى تصفيات ..! وهناك أسئلة لا أمل من طرحها .. فعندما فاز منتخب مصر بكأس الأمم الإفريقية فى غانا عام 2008 بأفضل وأجمل أداء ثم فى أنجولا عام 2010 طرحت السؤال التالى : كيف يفوز فريق لايضم سوى ثلاثة محترفين على فريق يضم 30 محترفا فى أقوى الأندية الأوروبية . . وأعدت صياغة السؤال بالأرقام : كيف يفوز فريق ثمنه 50 مليون جنيه على فريق يساوى مليار جنيه ؟! أين ذهبت قصة الاحتراف فى أوروبا التى ظلت نغمة سائدة نلوكها جميعا على أنها الفارق بين مستويات منتخب وبين المنتخبات الإفريقية الكبرى التى تأهلت ,وأبدعت فى بطولات كأس العالم مثل تونس والمغرب والجزائر والكاميرونونيجيرياوغانا والسنغال .. .. وكان من أهم التفسيرات أن اللعب للوطن يهزم من يلعب للفريق .. على أساس أنها ظاهرة عربية شهيرة ، وهى إعتبار أن المنتخبات رمزا للأوطان ، وأن الإنتصارات فى ساحات كرة القدم ترسخ كبرياء الشعوب ..والواقع أنها كذلك بالنسبة لكل الشعوب وليس للشعوب العربية فقط .. ولكن لم يكن هذا التفسير دقيقا ، لأن القيمة الأدبية والمعنوية والمادية لبطولات إفريقيا تضاءلت بالنسبة للاعبين الأفارقة المحترفين بجوار إنتصارات الأندية الأوروبية التى يلعبون بها ، بما يجنوه من جوائز وعقود مادية خرافية مقارنة بالمقابل الذى يحصلون عليه من إتحاداتهم الأهلية فى البطولات الإفريقية .. السؤال الآن بعد التأهل إلى الأمم الإفريقية 2017 هو : هل يكفينا التأهل ؟ أم أن اللقب الثامن يجب أن يكون هدفا ؟ ! علينا أيضا أن نسأل أنفسنا هل ضعفت المنتخبات الإفريقية الكبرى وتغيرت خريطة اللعبة فى القارة بظهور فرق جديدة ، مثل الرأس الأخضر وبوركينا والكونغو ؟ هل أصبحت بطولة الأمم الإفريقية أضعف مما كانت فى السابق ؟ وهل كانت البطولات السابقة حقا أقوى من البطولات الحالية أم أن تفسير قوتها كان فى الواقع تبريرا لضعفنا ؟ هل يحتفل المصريون وحدهم بإنجازات كرة القدم .. لتعويض الإخفاق فى مجالات أخرى .. هل هذا التفسير السياسى والإجتماعى دقيق .. أم أن الإحتفالات الصاخبة شهدتها فرنسا وإنجلترا وإسبانيا وألمانيا وكوريا واليابان ودول متقدمة فى مجالاتها العلمية والتعليمية والصحية والإجتماعية والثقافية .. بما يعنى أن هذا التفسير الإجتماعى والسياسى غير دقيق ؟! ثم أخيرا أعود وأطرح أهم الأسئلة : لماذا لم نصل إلى المونديال منذ ربع قرن وخلال تلك الفترة أحرزنا كأس إفريقيا 4مرات فى أعوام 1998 و2006 و2008 و2010 .. وإفريقيا هى القارة التى نخوض فيها تصفيات المونديال فأين العقدة ؟ أين تكمن ؟! لم أعد قادرا على تقديم إجابات علمية أو محددة على هذا اللغز .. ! وجهات نظر .. ( 1 ) استخدام الأناشيد والموسيقى لرفع معنويات اللاعبين لايقتصر على منتخب مصر . ففى البرازيل وأيام مونديال 2002 فى كوريا واليابان كان فليب سكولارى المدير الفنى للفريق يحرص على لعب العديد من المقطوعات الموسيقية البرازيلية التى تحفز اللاعبين . وكان الكابتن محمود الجوهرى رحمه الله من المدربين الذين يهتمون برفع معنويات اللاعبين بكل السبل ، واستخدم الكابتن حسن شحاتة أغنية شيرين الشهيرة : "ماشربتش من نيلها " . ومن دار السلام تأتى الأخبار لتقول لنا أن كوبر يدرب اللاعبين على أنغام : " .. ياحبيبتى يامصر " .. لكن الأناشيد لاتحقق الإنتصارات . وإنما المهارات هى التى تفعل ذلك . ولا أظن أن الفرق الأوروبية تهتم بعزف الموسيقات والأناشيد وهى تتوجه إلى الملاعب.. فهم يتسلحون بالجد فى اللعب ..! ( 2) فى سياق محاكمته بتهمة التهرب من الضرائب فى إسبانيا ، قال ليونيل ميسى للقاضى ، أنه لم يقرأ عقدا واحدا فى حياته .وأنه يوقع على عقوده ثقة فى والده الى يدير أعماله . وأضاف بصوت خافت : " لقد وقعت سبعة عقود مع برشلونة دون أن أقرأ عقدا واحدا منها .. " .. وطلب القاضى من ميسى أن يرفع صوته كى يسمعه . فرد النجم الأرجنتينى : هذا أنا .. وهذه طريقتى فى الكلام " .. ميسى يحاكم . نجم النجوم يحاكم . اللاعب الأول فى العالم يحاكم . لا أحد فوق القانون .. حتى لو كان ميسى ! (3 ) بعد إقالته من تشيلسى فى ديسمبر الماضى ، عاد المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو إلى الأضواء . عاد مدربا لفريق مانشستر يونايتد الانجليزي ، وعادت معه تصريحاته النارية التى تجذب الصحافة والإعلام ، وكان منها ماهو موجه إلى جماهير يونايتد : " إنسوا سنوات الظلام والألم مع مويس ولويس فان جال فقد حضرت لكم " .. ومؤخرا قال مورينيو في مؤتمر في جامعة لشبونة إن وجود جوارديولا منافسا فى الدورى الإنجليزى كمدرب لفريق مانشتسر سيتى سوف يكون فى مصلحة كل الفرق وأضاف فى إشارة إلى صراع الديوك الذى كان بينه وبين جوارديولا فى الليجا الإسبانى : "تجربتي لا تسمح لي بان اكون بريئا. كنت قريبا منه خلال عامين في بطولة كان اللقب إما لي وإما له، اما لريال مدريد وإما لبرشلونة". هذا كلام واضح من مدرب واضح ومن شخص واضح .. وهو رجل صنعه نجوميته من تصريحاته من الألقاب التى أطلقها على نفسه ، مثل الرجل الخاص . والرجل الوحيد . ويلعب الإعلام الإنجليزى بتلك الألقاب فى تعامله مع مورينيو الذى سيجعل موسم البرمير ليج ساخنا للغاية . لكن السؤال الأن : هل ينجح مع مانشستر يونايتد ؟ الإجابة الآن : إذا لعب بطريقة تجارية ودفاعية كما فعل مع ريال مدريد فإنه لن يستمر طويلا مع يونايتد على الرغم من عقد السنوات الأربع الذى وقعه مع ملاك النادى .. فهناك فرق فى العالم من العيب أن تغير شخصيتها . وهناك فارق بين تغيير شخصية فريق وبين أن يدافع بقوة بقدر مايهاجم بقوة ..! لمزيد من مقالات حسن المستكاوى