هل تعتبر المبادرة الفرنسية لتسوية القضية الفلسطينية التى دعت إليها باريس من خلال عقدها مؤتمرا دوليا للسلام غدا، مدخلا لإيجاد حل سياسى واستئناف المفاوضات بعد توقف دام قرابة العامين، ام إنها لا تعدو أن تكون حلقة جديدة فى مسلسل المبادرات والتى بدأت منذ سنوات من دون أن تغير شيئا على أرض الواقع، فيما عدا تعزيز الاستيطان وتهويد القدس؟ فى الواقع هناك من يرى أن المؤتمر مات قبل أن يولد طالما أن إسرائيل لا تزال متمسكة بالمفاوضات المباشرة مع الفلسطينين ومن دون شروط مسبقة، بمعنى أن تكون المفاوضات من دون مرجعية أو إطار زمنى لها، مع عدم توقف لعمليات الاستيطان. وهذا هو الموقف الذى أبلغه بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل الى نظيره الفرنسى مانويل فالس الأسبوع الماضى والذى فسره المحللون بأن مؤتمر باريس لن يكون أفضل حالا من مؤتمر مدريد ومؤتمر كامب ديفيد بعدما أظهر الجانب الاسرائيلى رفضه للمبادرة الفرنسية وعدم رغبته فى أى تسوية سياسية. وفى المقابل يعتقد البعض الآخر من المحللين أنه يجب على الجانب الفلسطينى أن يستثمر هذا الجهد الدولى المبذول لعقد مؤتمر باريس للسلام، والإجماع على موقف عربى واضح وثابت أمام التعنت الاسرائيلي. ويميل العرب وخاصة دول الخليج الى هذه الفرضية وتحديدا بعد الخطاب الذى ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسى الأسبوع الماضى بشأن القضية الفلسطينية والذى دعا فيه الى استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بالإضافة الى المصالحة الفلسطينية مما دفع الدول الخليجية باستشعار أن هناك فرصة سانحة لما تملكه مصر من مقومات سياسية ودبلوماسية معروفة فى دعم القضية الفلسطينية وما تتميز به من مواقف ثابتة عبر سنوات طويلة، فضلاً عن التضحيات التاريخية التى بذلتها للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني. وإذا ما تم ربط الأحداث، فسنجد أن هذه الفرصة السانحة من وجهة نظر الدبلوماسية المصرية ليست وليدة الصدفة، فبعد عودة العلاقات الأخوية مع دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات متمثلة فى الزيارات المتبادلة بين مصر تلك الدول، كان آخرها زيارتى العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز وولى عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد الى القاهرة فى الفترة الماضية، فى وقت تم فيه عقد قمة مصرية فلسطينية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى ومحمود عباس مؤخرا، لنجد أن كل تلك الإشارات تدل على أن جميع الدول العربية تقف على قلب رجل واحد لاستئناف العملية التفاوضية على الملف الفلسطينى الاسرائيلى بالاضافة الى محاولة إشراك المجتمع الدولى من خلال مؤتمر باريس وجعل الكرة فى ملعب الجانب الإسرائيلي. وهذا ما أكده أيضا أنور قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية بدولة الامارات من دعم المبادرة الفرنسية والوقوف مع دولة فلسطين فى المحافل الدولية حتى حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة، حيث أعرب عن أمله فى ان تسهم هذه المبادرة فى تحريك الجمود وأن يواصل الجانب الفرنسى حشد الدعم الدولى بهدف حل القضية الفلسطينية. فيما دعا وزير خارجية البحرين إلى بذل مزيد من الجهد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى مشيراً إلى أن مبادرة السلام العربية مازالت هى الأساس. ومن جانبه، يقول على الغامدى محلل سياسى أن دول الخليج أيدت مؤتمر باريس حيث أكدت أنه يأتى كخطوة فى سبيل تكريس الحق الفلسطينى بمواجهة ما يقوم به الجانب الاسرائيلى الذى يواصل اعتماد إرهاب الدولة، وان الموقف الفرنسى بعقد مؤتمر دولى يحتاج إلى مؤازرة دولية واسعة بعد أن رفضت إسرائيل المبادرة وحاولت التسويف والمماطلة حيث تواصل ارتكاب الجرائم الوحشية بحق الشعب الفلسطينى كل يوم. حقيقة، أن دول الخليج طالبت العالم بأن يتحرك بقوة وأن يدعم القضية الفلسطينية ويتفاعل مع المبادرة الفرنسية، كما دعت المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته تجاه أطول قضية فى العصر الحديث.