أكد مجلس الجامعة العربية، فى ختام اجتماعه الطارئ غير العادى أمس على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة الشيخ خالد بن أحمد محمد آل خليفة وزير الخارجية البحرينية، الذى تترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس. دعمه الكامل القيادة الفلسطينية فى تحركها الرامى إلى إنقاذ عملية السلام من الجمود الذى اعتراها بفعل التعنت الإسرائيلى ووقف الاستيطان فى الأراضى المحتلة وفى مقدمتها القدس والتصدى لمحاولات طمس هويتها الإسلامية والعربية والاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى. كما تبنى المجلس فى قراره الخاص بالقضية الفلسطينية موقفا عربيا موحدا داعما للمبادرة الفرنسية، وذلك وفقا لما صرح به رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطينية، الذى أوضح أن هذا الموقف الموحد سيكون ملزما لجميع الدول العربية سواء المشاركة فى اجتماع باريس المرتقب فى الثالث من يونيو أو غير المشاركة فيه. وكان الاجتماع الوزارى العربى الطارئ، الذى انطلق فى الساعة الثالثة من عصر أمس، بمشاركة الرئيس الفلسطينى قد بدأ بكلمة لوزير خارجية البحرين، والتى جدد فيها المواقف العربية من القضية الفلسطينية والمطالبة باستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وفى صدارتها حقه فى إقامة دولته المستقلة على أراضى الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف، ورفض كل الممارسات العدوانية لسلطات الاحتلال والتى تهدف إلى فرض الأمر الواقع على الأراضى المحتلة، كما تحدث فى الجلسة الافتتاحية الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية، الذى ركز على التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى على الرغم من بروز سلسلة من الأزمات غير المسبوقة فى بعض دول المنطقة أدت إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، مشددا على ضرورة التوصل إلى حلول تفضى إلى إنهاء النزاع العربى - الإسرائيلى، وليس مجرد إدارته، مثلما كان يحدث خلال السنوات الأخيرة. وعبر «العربى» عن أمله فى أن يحقق المؤتمر الدولى الذى دعت لعقده فرنسا فى الثالث من يونيو المقبل بشأن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين النجاح المنشود وفقا للمرجعيات المعروفة بما يسهم فى تحقيق تقدم على صعيد عملية السلام، وإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى وهو الموقف نفسه الذى عبر عنه فى تصريحاته عقب اللقاء الذى جمعه بالرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن» مساء أمس الأول. وقال الأمين العام : لدينا آمال كبيرة بأن يؤدى إلى مرجعيات معروفة ليحصل تغيير وتقدم ليس من خلال استئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية برغم أهمية ذلك، وإنما من خلال تأكيد المرجعيات وتحديد إطار زمنى وإيجاد آلية تنفيذية للاتفاقيات المتفق عليها. وفى خطابه الشامل أمام الوزارى العربى، تناول الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن» جميع مستجداتالقضية الفلسطينية، ووفقا لما صرح به أمس رياض المالكى وزير الخارجية الفلسطينية، فإن «أبو مازن» أطلع وزراء الخارجية العرب على الأفكار الفرنسية لتبنى موقف عربى موحد قبيل عقد اجتماع مجموعة الدعم الدولى فى الثالث من الشهر المقبل فى باريس بمشاركة 26 دولة، منها مصر، والأردن، والسعودية، والمغرب، بالإضافة إلى أمين عام الجامعة العربية، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإخراج العملية السياسية من الجمود الحالى. كما طلب »أبو مازن« من وزراء الخارجية العرب الاتفاق على موقف عربى موحد يطرح من خلال الجانب العربى الممثل فى لجنة الدعم الدولية للأفكار الفرنسية، التى دعت فرنسا لعقدها فى باريس. وتابع المالكى: لقد تفاعلنا مع المقترحات الفرنسية ولهذا السبب حرص الرئيس على المشاركة فى الاجتماع الوزارى برغم ارتباطاته وعودته من زيارة رسمية لجنوب إفريقيا، بناء على طلب الأمانة العامة للجامعة والعديد من الدول العربية، لكى يساعد فى بلورة تلك الأفكار التى يجب أن يتم تبنيها عربيا خلال اجتماع باريس. وأوضح »المالكى« أن اجتماع وزراء الخارجية العرب مهم، لتنسيق المواقف العربية وتبنى الموقف الفلسطينى من قبل الدول العربية جميعا، وحمله من خلال الدول العربية المشاركة فى الاجتماع لطرحه بكل وضوح أمام اللجنة، حيث طلبت فرنسا عقد الاجتماع الأول فى باريس أوائل الشهر المقبل دون حضور فلسطين وإسرائيل. وقال إن فلسطين شاركت مع الجامعة العربية فى تحضير القرار الذى تبناه وزراء الخارجية، بحيث يكون ملزما ليس فقط للدول العربية الأربع المشاركة فى اجتماع باريس وإنما لجميع الدول العربية الحاضرة وغير الحاضرة فيما يتعلق بطبيعة الموقف العربى بالمتابعات، لأن اجتماع باريس المقبل سيكون نقطة انطلاق وستلحقه اجتماعات متواصلة، يجب أن تتوج بعد ذلك بمؤتمر دولى تنتج عنه مفاوضات ضمن إطار متعدد، أسوة بالمفاوضات التى تمت ما بين 5+1 مع إيران، بحيث تسمح بالتوصل إلى اجتماع ينهى الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وقال «المالكى»: إننا ننظر إلى اجتماع باريس المقبل كنقطة انطلاق لعملية متكاملة، وأنه سيعيد الاهتمام الدولى للقضية الفلسطينية لتصبح على سلم أولويات المجتمع الدولى، بالإضافة إلى إعادة الاهتمام من قبل هذه الدول بالانخراط بشكل أساسى فى العملية السّياسيّة وبكيفية التوصل إلى آلية تحاول أن تنهى معاناة شعبنا الفلسطينى تحت الاحتلال، وتسمح بتقديم الأفكار والمقترحات التى من شأنها أن تسهل العملية التفاوضية للوصول إلى اتفاق سلام ينهى حالة الاحتلال ويسمح بإقامة الدولة الفلسطينية. وقد حظيت الأوضاع فى ليبيا بمساحة من الاهتمام خلال مناقشات الوزارى العربى الطارئ، وذلك فى ضوء مشاركة فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى وحكومة الوفاق الوطنى ووزير الخارجية محمد الطاهر طاهر فى الاجتماع، واللذين عرضا الرؤية الليبية لكل مفردات الواقع الليبى، وركز «السراج» على عرض رؤية حكومته حول سبل إعادة الأمن والاستقرار والتصدى للتنظيمات الإرهابية التى تزعزع الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد. وتم تأكيد، خلال الاجتماع، أهمية تقديم جميع أشكال الدعم والإسناد السياسى واللوجستى والإعلامى لحكومة الوفاق فى ضوء المطالب التى تقدم بها المجلس الرئاسى بما يسهم فى تمديد سلطتها على كل الأراضى الليبية ومساعدتها فى إعادة بناء مؤسسات الدولة بما فى ذلك المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وموحدة وتمكينها من محاربة تنظيم «داعش» والذى بدأتها بالفعل حكومة الوفاق خلال الأيام الأخيرة، بالإضافة الى مطالبة الدول الكبرى برفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبى. وقد أجرى الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية، مباحثات قبيل انعقاد الوزارى العربى مع السراج تناولت مجمل الأوضاع على الساحة الليبية وجهود دعم حكومة الوفاق الوطنى بهدف التنسيق والتشاور حول جميع المعطيات المتعلقة بالوضع فى ليبيا باعتباره أحد البنود المدرجة على جدول أعمال الدورة غير العادية لمجلس الجامعة، وسيشارك السراج فى الوزارى العربى لعرض رؤية حكومته حول سبل إعادة الأمن والاستقرار والتصدى للتنظيمات الإرهابية التى تزعزع الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد. وجدد العربى تأكيد موقف الجامعة العربية الداعم لحكومة السراج من أجل تحقيق الوفاق الوطنى بين مختلف مكونات الشعب الليبى. وفيما يتعلق بالأزمة اليمنية، حصلت الحكومة الشرعية، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادى، على دعم إضافى من وزراء الخارجية العرب سواء فى مساعيها لتحقيق الحل السياسى عبر المفاوضات الجارية حاليا فى الكويت، والتى تواجه بعض العراقيل من قبل المتمردين، أو على صعيد فرض سلطة الشرعية فى مختلف أنحاء الأراضى اليمنية إذا ما فشلت الجهود السياسية بالتعاون والتنسيق مع التحالف العربى بقيادة المملكة العربية السعودية والمكون من 9 دول عربية أخرى إلى جانبها. وقد استعرض الدكتور عبد الملك المخلافى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمنى، فى مداخلته أمام الوزارى العربى، مراحل الأزمة فى اليمن والمحددات التى تحكم حركة الشرعية بالذات فى تعاطيها مع محاولات الالتفاف التى يقوم بها المتمردون فى مفاوضات الكويت للتنصل من المرجعيات الدولية والإقليمية والوطنية التى تم التوافق عليها لتكون مرتكزا للحل السياسى المرتقب.