طيران الاحتلال يطلق نيرانه بشكل كثيف على مناطق ب مدينة خان يونس    الاستخبارات الهولندية: روسيا تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية    تشكيل الهلال المتوقع أمام فلومينينسي في مونديال الأندية    بعد عرضه للبيع.. هل يقترب مصطفى محمد من ارتداء قميص الأهلي    تفاصيل الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم الجمعة 4 يوليو    ضبط 2.5 طن سماد زراعي محظور تداوله بالأسواق بإسنا    ننشر كل ما تريد معرفته عن «يوم عاشوراء»    طبيب يحذر: هذا المشروب يهدد بالإصابة بحصى الكلى    رئيس وزراء إثيوبيا يوجه دعوة خاصة لمصر بشأن سد النهضة    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوي في مناطق غلاف غزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره النرويجي تطورات غزة وتفعيل آلية التشاور السياسي    برواتب 11 ألف جنيه.. «العمل» توفر 1787 وظيفة بمشروع «الضبعة النووية»    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الجمعة 4 يوليو في بداية التعاملات    بعد ملحمة السيتى الهلال يطمع فى التأهل لنصف نهائى المونديال    رمضان السيد ينتقد تعاقد الزمالك مع جون إدوارد: النادي لا يحتاج إلى سماسرة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    ضبط 42 متهما في قضايا سرقات وتشاجر بالقاهرة    مصطفى كامل يعلن موعد ومكان عزاء أحمد عامر    عمرو دياب يتصدر تريند اليوتيوب ب "مليش بديل"    إقبال جماهيري واسع على معرض الفيوم للكتاب.. وورش الأطفال تخطف الأنظار    ذات يوم.. 4 يوليو 1187.. صلاح الدين ينتصر على الصليبيين فى «حطين» بجيش من مصر والشام والعراق ومتطوعين من المغرب العربى ويحتفظ بكبار الأسرى ويبيع الفقراء منهم بأسعار زهيدة    استقرار أسعار حديد التسليح في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الجامعات 2025، قواعد التوزيع الجغرافي للقبول بالجامعات الحكومية    الصحة : نجاح جراحات لسيدتين من السودان واندونيسيا تعانيان من أورام بالرحم    طريقة عمل العاشوراء اللايت بمكونات بسيطة    وزير الأوقاف: الاحتلال يواصل سلسال جرائم الحرب والإبادة باغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    لليوم الثالث.. استمرار البحث عن 3 مفقودين في حادث غرق حفار البترول بجبل الزيت    رسميًا.. جدول المرتبات الجديد بعد رفع الحد الأدنى للأجور 2025    «نعم القائد وأسطورة».. مدرب شيكابالا السابق يوجه رسالة له بعد اعتزاله رسميا    «الجبهة الوطنية» يجتمع بمرشحي الحزب في انتخابات الشيوخ لوضع اللمسات الأخيرة    حبس قائد سيارة نقل ذكي تحرش بأجنبية بالسيدة زينب    السفير ماجد عبد الفتاح عن إصلاح مجلس الأمن: أبقى قابلني.. الأمم المتحدة تمر بأسوأ حالاتها منذ 40 عاما    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 4-7-2025 بعد الهبوط وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أصالة لزوجها بعد نجاح ألبومها «ضريبة البعد»: «بحبك يا أحن وأعظم شريك»    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    "لم يكن يحتفل قبل الحادث ولهذا ذهب شقيقه معه".. معالج جوتا يروي الساعات الأخيرة في حياته    نشرة التوك شو| احتمالية لتعرض مصر ل"تسونامي" وموعد طرح 110 ألف وحدة "سكن لكل المصريين"    ضبط مستريحة الزاوية الحمراء استولت على أموال الأهالي بزعم الاستثمار في تجارة المواشي    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    ماذا قال نجوم كرة القدم تعليقا علي اعتزال شيكابالا ؟ اعرف التفاصيل    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    الدكتور حاتم سلامة.. بصيرة تتحدى الظلام ورؤية تصنع الأمل    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرها المؤرخ «ابن تغرى بردى» فى كتابه «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة»
الجارية «اتفاق» تزوجت ثلاثة سلاطين من أسرة قلاوون وختمت حياتها بوزير
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 05 - 2016

كانت «جارية سوداء» أو «سوداء حالكة» بتعبير المؤرخ المعروف «ابن تغرى بردي». أحد رُواة الحكاية، حيث استغرب زواجها من ثلاثة ملوك، وقال :«هذا ثالث سلطان» من أولاد ابن قلاوون تزوج بهذه الجارية السوداء،
وحظيت عنده، فهذا من الغرائب على أنها كانت سوداء حالكة لا مولدة، فإن كان من أجل ضربها بالعود وغنائها، فيمكن من تكون أعلى منها رتبة فى ذلك، وتكون بارعة الجمال بالنسبة إلى هذه« فسبحان المسخر». وأضاف: «إنها من الغرائب».
وكانت «اتفاق» قد شبَّت فى مدينة بلبيس لدى امرأة من أهل الغناء، واشترتها منها امرأة قاهرية بأقل من أربعمائة درهم. وكانت من أهل المغاني، وعادة النخاسين وقتذاك كانت انتقاء الجاريات اللائى يتوسمن فيهن المواهب، ويرسلوهن إلى بيوت الغناء ليتعلمن على يد أساتذة مشهود لهم فى الموسيقى والطرب. والجارية التى تجيد الغناء والعزف كانت هى الأغلى ثمنا، والمطلوبة أكثر فى بلاط السلاطين، وهذا تحديدا ما طمعت فيه السيدة القاهرية التى اقتنت «اتفاق»، فقد بادرت بإرسالها إلى موسيقى مشهور وقتها يدعى «عيد على العجمي» ليعلمها الأصوات والألحان، وأظهرت «اتفاق» مهارة كبرى فى العزف والغناء، فقررت سيدتها تقديمها للمقام السلطاني، لتعظيم المنفعة. وذهبت «اتفاق» إلى هناك.
كان السلطان وقتها هو «الصالح إسماعيل» الذى حكم مصر من (743 إلى 746 ه)، وهو ابن السلطان الناصر «ناصر الدين محمد» بن السلطان الملك «المنصور قلاوون». وكان السلطان «الصالح إسماعيل» هذا شغوفاً باللهو والطرب، مُحباً لأصحاب الملاهي، حتى أن الخدم والطواشية فى عهده صرَّفُوا شئون المملكة، وكان متولعاً بالجوارى السود، فلما دخلت عليه «اتفاق» وقعت فى قلبه، وحين سمعها شغفته، ولم يتمالك نفسه فاتخذها محظية، وأسرف لها فى العطاء، وأقامت عنده فى القلعة، فملكت عليه نفسه، بالغناء والعزف، والدلال، وشاءت الظروف أن تحمل منه، وتنجب له ولدا ذكرا، فمكنها هذا أكثر، وأتاحت لها تقدما ونفوذا أكبر، وفرح السلطان بقدوم ابنه «ولى العهد» فرحا طاغيا، فأقام الحفلات الباهرة فى قاعة الدهيشة، وصارت «اتفاق» أم ولد، فلا تباع ولا تُهدى، وتصير بعد وفاة زوجها حُرَّة، وكثير من أبناء الجوارى تولوا الحكم فى الإسلام، وغدت «دُرَّة البيت القلاووني».
ولم يمهل القدر السلطان «الصالح إسماعيل» فمرض مرضا شديداً ومات، وتولى الحكم بعده أخوه السلطان الملك الكامل «سيف الدين شعبان» الذى حكم مصر من (746- 747 ه) لسنة وشهرين فقط، وكان «سيف الدين شعبان» هذا شغوفاً ب «اتفاق العوَّادة» كما كانوا يسمونها فى البيت السلطاني، وما أن مات أخوه حتى تزوجها، وتفرغ لإسعادها. وكان السلطان قبلها متزوجا من بنت الأمير «بكتمر الساقي»، فطلقها وتزوج بأختها، وأنجب منها ولدا ذكرا سرعان ما مات. ثم ولدت له «اتفاق» ولدا ذكرا أسماه «شاهنشاه»، وسُرَّ به سُروراً زائداً، فأقام له الأفراح سبعة أيام.
وأعطت الدنيا وجهها ل «اتفاق»، وأغدق عليها السلطان و«عمل لها دائر بيت طوله اثنتان وأربعون ذراعا، وعرضه ست أذرع، دخل فيه (صُرف عليه) خمسة وتسعون ألف دينار مصرية، وذلك خارج (بخلاف) عن البشخاناة (الكُلَّة أو الناموسية)، والمخادع والمساند، وأمر بصناعة أربعون بذلة ثياب مرصعة بالجواهر لها، وستة عشر مقعدا مزركشا، وثمانون مقنعة فيها (صُرف عليها) ما قيمته عشرون ألف درهم، وأشياء غير ذلك.
وهكذا أغدق عليها الملك الكامل، وجعل أيامها أطيب وأجمل من عهد أخيه الراحل، وباتت «اتفاق» ترفل فى ملابس مُوشَّاة بالأحجار الكريمة والذهب.
لكن السلطان الكامل كان ظالما وسفاكاً للدماء، أثار ضغينة أمراء المماليك، وحكام الأقاليم، واشتد بينه وبينهم القتال، وتمكنوا منه فى النهاية، وقبضوا عليه، وألقوه فى السجن، وسرعان ما قتلوه، وتولى السلطنة بعده أخوه الملك المظفر «زين الدين حاجي» المعروف ب «أمير حاج» أول (جمادى الآخرة 747ه)، إلى شهر (رمضان 748 ه) أى حكم مصر سنة وثلاثة أشهر.
وأمر «الملك المُظفَّر» فور توليه السلطة بإنزال «أم الملك الكامل وحريمه» من القلعة، فنزلن ومعهن «اتفاق»، وصادر ممتلكاتهن، وبعد قليل أمر بإعادتها إليهن. ولم يطل بقاء «اتفاق» خارج القلعة، فبعد عدة شهور أمر الملك المظفر بعودة «اتفاق» إلى القلعة، فطَلَعَت بجواريها وخُدَّامها، وتزوجها المظفر فى الخفاء، وعقد له عليها «شهاب الدين أحمد بن يحيى الجوجري» (نسبة إلى قرية جوجر التابعة لمركز طلخا)، وكان زفافه عليها فى الليلة ذاتها، وفرش تحت قدميها ستين شُقة أطلس، ونثر عليها الذهب، فأمسكت بعودها وعزفت، وأحسنت الغناء، وابتهج السلطان، وأنعم عليها بأربعة فصوص وست لؤلؤات ثمنها أربعة آلاف دينار، وفق «ابن تغرى بردي»، وأفرط السلطان فى شغفه ب «اتفاق»، حتى شغلته عن أمور الحكم، وأثار هذا لغط أمراء المماليك، وبلغ السلطان غضبهم، وقرر القبض على بعضهم، لكن النائب حذره من فعل كهذا فأمسك عنه، ولتخفيف وطأة الصدام مع الأمراء، أمر بإنزال ثلاث نساء من القلعة بينهن «اتفاق»، بما عليهن من الثياب مع تجريدهن من الجواهر، وأن تقلع «اتفاق» عصابتها، والعصبة بها مئة ألف دينار ذهب، اشترك ثلاثة ملوك فى إعدادها، وتحدث الناس كثيرا عنها.
لكن قرار إنزال اتفاق لم يكن نهائيا، بل لفترة، حتى يتمكن السلطان من قتل أعدائه، ثم يعيدها إلى القلعة، لتعود المسرات.
وفى كتابه «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة» ذكر المؤرخ «ابن تغرى بردي»: وسبب إخراج «اتفاق» وهؤلاء من الدور السلطانية أن الأمراء الخاصكية «قرابغا» و«صمغار»، وغيرهما، بلغهم إنكار الأمراء الكبار والمماليك السلطانية، شدة شغف السلطان بالنسوة الثلاث المذكورات، وانهماكه على اللهو بهن، وانقطاعه إليهن بقاعة الدهيشة عن الأمراء، وإتلافه الأموال العظيمة فى العطاء لهن ولأمثالهن، وإعراضه عن تدبير الملك.
فعرف السلطان إنكار الأمراء، وخوَّفُوه عاقبة ذلك، فتلطف بهم وصوب ما أشاروا به عليه من الإقلاع عن اللهو بالنساء. وأخرجهن السلطان وفى نفسه حزازات لفراقهن، تمنعه من الهدوء والصبر عنهن، فأحب أن يتعوض عنهن بما يلهيه ويسليه، فاختار صنف الحمام، وأنشأ حضيراً على الدهيشة، ركَّبَه على صوارى وأخشاب عالية، وملأه بأنواع الحمام، فبلغ مصروف الحضير خاصة سبعة آلاف درهم،
واستمر خاطر السلطان موغراً على الجماعة من الأمراء بسبب اتفاق وغيرها، إلى أن كان يوم (الأحد تاسع عشر شهر ربيع الأول من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة)، كانت الفتنة العظيمة التى قتل فيها «ملكتمر الحجازي» و«آق سنقر» وأمسك «بزلار وصمغار وأيتمش عبد الغني»، وسبب ذلك أن السلطان لما أخرج «اتفاق» وغيرها، وتشاغل بلعب الحمام، صار يحضر إلى الدهيشة الأوباش، ويلعب بالعصا لعب صباح، ويحضر الشيخ «على بن الكسيح مع حظاياه»، يسخر له، وينقل إليه أخبار الناس. فشق ذلك على الأمراء وحدثوا «ألجيبغا وطنيرق»، وكانا عمدة السلطان وخاصكيته، بأن الحال قد فسد. فعرف السلطان ذلك، فاشتد حنقه، وأطلق لسانه، وقام إلى السطح وذبح الحمام بيده بحضرتهما، وقال لهما:«والله لأذبحنكم كما ذبحت هذه الطيور»، وأغلق باب الدهيشة؛ وأقام غضبان يومه وليلته. وكان الأمير «غرلو» قد تمكن من السلطان فأعلمه السلطان بما وقع، فنال «غرلو» من الأمراء وهون أمرهم عليه، وجَسَّرَه على الفتك بهم والقبض على «آق سنقر». فأخذ السلطان فى تدبير ما يفعله، وقرر ذلك مع «غرلو». ثم بعث «طنيرق» فى يوم الأربعاء (خامس عشر شهر ربيع الآخر) إلى النائب يعرفه أن «قرابغا القاسمى وصمغار وبزلار وآيتمش عبد الغني» قد اتفقوا على عمل فتنة، «وعزمى أن أقبض عليهم قبل ذلك»، فوعده النائب برد الجواب غداً على السلطان فى الخدمة، فلما اجتمع النائب بالسلطان أشار عليه النائب بالتثبت فى أمرهم حتى يصح له ما قيل عنهم. ثم أصبح فعرفه السلطان فى يوم الجمعة بأنه صح عنده ما قيل بإخبار «بيبغا أرس» أنهم تحالفوا على قتله؛ فأشار عليه النائب أن يجمع بينهم وبين «بيبغا أرس»، حتى يُحاقّقهم بحضرة الأمراء يوم الأحد. وكان الأمر على خلاف هذا، فإن السلطان كان اتفق مع «غرلو وعنبر السحرتي» مقدم المماليك على مسك «آق سنقر وملكتمر الحجازي» فى يوم الأحد.
فلما كان يوم الأحد (تاسع عشر ربيع الآخر) المذكور حضر الأمراء والنائب إلى الخدمة على العادة بعد العصر ومُدَّ السماط، وإذا بالقصر قد ملئ بالسيوف المسللة من خلف «آق سنقر والحجازي»، وأحيط بهما وب «قرابغا»، وأُخذوا إلى قاعة هناك. فضرب «ملكتمر الحجازي» بالسيوف وقطع هو و«آق سنقر» قطعاً. وهرب «صمغار وآيتمش عبد الغني»، فركب صمغار فرسه من باب القلعة، وفر إلى القاهرة، واختفى أيتمش عند زوجته. وخرجت الخيل وراء صمغار حتى أدركوه خارج القاهرة؛ وأخذ أيتمش من داره، فارتجت القاهرة وغُلِّقَت الأسواق وأبواب القلعة. وكثر الإرجاف إلى أن خرج النائب «أرقطاي»، والوزير «نجم الدين محمود بن شروين» قريب المغرب، وطلبا الوالى ونودى بالقاهرة، فاشتهر ما جرى بين الناس، وخاف كل أحد من الأمراء على نفسه.
ثم رسم السلطان بالقبض على الأمراء «مرزة علي، وعلى محمد بن بكتمر الحاجب وأخيه، وعلى أولاد أيدغمش، وأولاد قماري». وأخرجوا الجميع إلى الإسكندرية هم و«بزلار وأيتمش وصمغار»، لأنهم كانوا من ألزام الحجازى ومعاشريه، فسجنوا بها. وأخرج «آق سنقر وملكتمر الحجازي» فى ليلة (الإثنين العشرين من شهر ربيع الآخر) على جنويات فدفنا بالقرافة. وأصبح الأمير شجاع الدين غرلو وقد جلس فى دست عظيم، ثم ركب وأوقع الحوطة على بيوت الأمراء المقتولين والممسوكين وعلى أموالهم، وطلع بجميع خيولهم إلى الإسطبل السلطاني. وضرب غرلو عبد العزيز الجوهرى صاحب آق سنقر وعبد المؤمن استاداره بالمقارع، وأخذ منهما مالاً جزيلاً؛ فخلع السلطان على الأمير غرلو قباء من ملابسه بطرز زركش عريض، وأركبه فرساً من خاص خيل الحجازى بسرج ذهب وكنبوش زركش.
ثم خلا به بأخذ رأيه فيما يفعل، فأشار عليه بأن يكتب إلى نواب الشام بما جرى، ويعد لهم ذنوباً كثيرة، على الأمراء الذين قبض عليهم.
وأخذ السلطان الملك المظفر يستميل المماليك السلطانية بتفرقة المال فيهم، وأمر منهم جماعة؛ وأنعم على «غرلو» بإقطاع أيتمش عبد الغني، وأصبح غرلو هو المشار إليه فى المملكة، فعظمت نفسه إلى الغاية، وتولى غرلو بيع قماش الأمراء وخيولهم.
ثم فى يوم (الخميس خامس عشره) قبض السلطان الملك المظفر هذا على أعظم أمرائه ومدبر مملكته الأمير «شجاع الدين غرلو» وقتله، وسبب ذلك أمور، منها شدة كراهية الأمراء له لسوء سيرته، فإنه كان يخلو بالسلطان، ويشير عليه بما يشتهيه، فما كان السلطان يخالفه فى شيء.
لكن الأمراء اتفقوا على السلطان فى النهاية، وقاتلوه، ففر منهم، لكنهم أمسكوا به وذبحوه.
وتسلطن الملك الناصر «السلطان حسن» صاحب المسجد الشهير بجوار القلعة، وفى أيامه فقط خرجت «اتفاق» من القلعة، وانقطعت رواتبها، وتزوجها الوزير «موفق الدين هبة الله بن السعيد إبراهيم»، وكان كاتبا، واختاره الملك «الصالح صالح» وزيرا، وقال عنه «ابن حجر العسقلاني»: «إن هذا الوزير رتب ل «اتفاق» سبعمائة ألف درهم فى السنة إلى أن مات عنها، وتقلَّبت بها الأحوال إلى أن ماتت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.