فى مطار القاهرة وفى القاعة المخصصة لاستقبال أهالى ركاب الطائرة المفقودة، كان الصمت هو سيد الموقف، والحزن هو صاحب الكلمة العليا، فى هذا الموقف يكون سؤال الأهالى صعبا، والإجابة أكثر صعوبة، الوجوم كان سائدا على جميع الوجوه، وإن تكلم أحدهم، قال كلمة عابرة وهو يلوح بيديه رافضاً الحديث «ربنا يطمنا عليهم»، بينما صرخت واحدة منفعلة على المصورين والصحفيين اثناء مرورها لدخول القاعة: «محدش يصور» وحاولت اخفاء وجهها. فى المكان المخصص لهم كان عدد مراسلى ومندوبى وسائل الإعلام المحلية والدولية أكثر من الأهالي، ومن هنا اتخذت سلطات المطار قرارا بمنع دخول جميع وسائل الإعلام. وقف مندوبو وسائل الإعلام يحاولون الالتقاء ببعض الأهالي، وكانت التعليمات التى أصدرتها الأجهزة المسئولة تشدد على منع دخول الصحفيين للقاعة أو التحدث مع أهالى ركاب الطائرة المفقودة ، بينما ردد بعضهم «هل هذا وقت للكلام؟» . وعلى جانب القاعة التقينا رجلا خمسينيا ينتظر خروج قريب بعض الركاب الذى فقد والديه وشقيقه وزوجة شقيقه وابنيه الرضيعين، وقال:الشاب أصيب بحالة هيستيريا.. تصور بدل ما بيبكى بيضحك؟» هذه العائلة هى عائلة أبو لبن الفلسطينية الأصل التى تقيم فى مصر منذ سنوات عديدة. ويضيف:»لا يمكننى وصف صدمته باحتمال فقدان معظم أفراد عائلته، بل إن قائد الطائرة نفسه كان من أصدقائهم ايضا. بعد محاولات عديدة استطعنا الدخول إلى القاعة بعد التشديد على عدم التصوير، وما بين متابع لأى اخبار فى داخل القاعة الرئيسية المخصصة لذوى ركاب الطائرة، يجلس اصدقاء طاقم الضيافة والأهالى ينتظرون لعل أحدا يأتى بذلك الخبر الذى يطمئنهم ويبلغهم بأن الطائرة مختفية، ولم تسقط أو أن الركاب بخير. اقتربنا من أحد الجالسين - وهو أحد أقارب شاب أسيوطى من ركاب الطائرة - يقول: «عرفنا بالخبر فى الخامسة صباحا وتحركنا من حلوان فى السادسة منذ هذه اللحظة وحتى الآن نمنى أنفسنا بأن تكون الطائرة مختطفة». داخل القاعة تتطلع الوجوه للشاشة الرئيسية التى وفرتها سلطات مطار القاهرة لإبلاغ الأهالى بآخر الأخبار عن الطائرة المفقودة، بينما يجلس أصدقاء وزملاء طاقم الطائرة بزيهم الرسمى فى حالة انهيار تام وبكاء لا ينقطع ولا يتحدثون مع أحد مرددين: «اتركونا فى حالنا» يمنون أنفسهم بأن يلتقوا بأصدقائهم، بينما وفرت سلطات المطار أيضا طواقم طبية وإسعافية حيث شهدت القاعة حالات انهيار تدخل على اثرها الطاقم الطبى، وقام بتقديم الإسعافات الأولية. وبينما يفرض على الصحفيين عدم الاقتراب من القاعة يرفض كل الخارجين منها الحديث، وقال أحدهم:»لا أحد يتحدث، لأن لا أحد يملك معلومة». وفى نحو الثانية والنصف خرجت مجموعة من أهالى ركاب الطائرة المفقودة للانتقال إلى فنادق للإقامة، وفقا لتعليمات وزير الطيران، وفى الوقت نفسه تحركت عربتا اسعاف نحو الأبواب المجاورة للقاعة، بينما ترددت أنباء عن وقوع حالة اغماء لسيدة داخل قاعة الانتظار.