فى منطقة سوق الجمعة بمدينة المحلة الكبرى تعيش حالياً نحو 20 أسرة تضم حوالى 150 مواطناً فى أكشاك من الخشب والكرتون وقد حاصرهم ثالوث: المرض والفقر والجهل وليس لهم عنوان يستدل عليهم به سوى أنهم المجاورون للأموات بمقابر سوق الجمعة. في الوقت الذي وضعت فيه لافتات من الرخام مكتوب عليها بيانات هؤلاء الاموات علي مقابرهم!! ممايهدد قلب المدينة الصناعية وينذر بوقوع كارثة. الأهرام رصد واقع هؤلاء البؤساء من سكان عشش الخشب والكرتون بمدينة المحلة الكبري في الوقت الذي بلغت فيه تكلفة تجميل وجه المدينة90 مليون جنيه.. رضا أحمد موسي47 سنة وهو قعيد يجلس علي كرسي متحرك تدفعه زوجته ويحيط به4 أفواه بين6 و17 سنة ولم يعرف أي منهم طريقه الي المدرسة ولا عمل لهم سوي بيع المناديل في الميادين والشوارع أكد أنه يقيم بهذه العشش منذ15 عاما وأنه تقدم لمجلس مدينة المحلة الكبري منذ بضع سنوات بطلب للحصول علي وحدة سكنية نظرا لعجزه, إلا أنه فوجيء رغم بحث حالته وثبوت أحقيته برفع اسمه من كشوف المستحقين.. ويضيف أن معاناتهم تزيد خلال فترة الصيف حيث تقتحم عششهم الفئران والثعابين وغيرهما من الزواحف والحشرات ممايهدد حياتهم في كل وقت. أما مجدي محمد موسي40 سنة الذي يجلس أمام عشته مادا قدميه لمعاناته من العديد من الأمراض التي اجتمعت علي جسده فنهشته مثل أمراض: الكبد والقلب والصدر والسكر.. وبجواره أطفالة الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين3 و10 سنوات ويعملون جميعا مع والدتهم في جمع القمامة فيؤكد ان مجلس المدينة طلب منه دفع3 آلاف جنيه للحصول علي وحدة سكنية ضمن أصحاب الحالات الخاصة, إلا أنه يشير الي ان العين بصيرة والإيد قصيرة. ويضيف محمد حسن العطافي71 سنة أنه تقدم بطلب للحصول علي وحدة سكنية منذ10 سنوات ضمن أصحاب الإزالات إلا أنه منذ ذلك التاريخ لم يأت عليه الدور. وتشير مفيدة رشاد47 سنة الي أنها تقيم في عشة مساحتها3*3 م مع ابنتها سحر عطية وأولادها الثلاثة ويعيشون علي ماتحصل عليه ابنتها من عملها في المنازل وتؤكد أنه كلما أتي عليهم الليل, فإن الخوف علي حفيدتيها16 و17 سنة يسيطر عليها من تهجم الشباب عليهما في حين تقيم أسرة صلاح فوزي55 سنة في عشة ذات جدران وسقف كرتوني.. نعم كلها من الكرتون.. وتعاني زوجته من مضاعفات مرض بالكلية الواحدة التي تعيش بها, في الوقت الذي يعمل أطفاله الثلاثة في جمع القمامة. وفي عشة أخري يجلس الحاج السعيد محمد ابراهيم65 سنة مستدفئا بوابور الكيروسين حيث يعاني من أمراض صدرية تحتاج الي تدفئة عشته باستمرار بينما تجلس علي مقربة منه زوجته المريضة بآلام وخشونة في المفاصل أقعدتها عن الحركة مماأصابها بسمنة مفرطة.. وليس لهما سوي مطلب واحد هو علاج الزوجة وكشك صغير يعيشان من دخله.. وعندما سألناه عن مدي حاجته لوحدة سكنية أجاب بنظرة فلسفية سكني ورائي!! مشيرا الي المقابر الموجودة خلف العشش!! وممايدعو للعجب والأسف في آن واحد أن هؤلاء البشر يقضون حاجتهم في علب من الصفيح, أو جرادل من البلاستيك.. حيث يؤكد إيهاب شتا46 سنة الذي يقيم مع زوجتين ووالدة مسنة وأربعة اولاد أنهم يقيمون بهذه العشة منذ23 عاما, ورغم ذلك لم نستطع الحصول علي وحدة سكنية تشعرنا بآدميتنا, خاصة أننا نقيم بجوار الأموات وبعض العشش بها الحمير التي تجر عربات الكارو والتي يستخدمها معظمنا في جمع القمامة. ويضيف أنه بين حين وآخر يتم تحرير محاضر كهرباء لنا ونضطر الي دفع الغرامة حتي لايتم حبسنا, ولاتجد الأم المريضة والأطفال طعاما يتناولونه.. ثم يقول: إنها عيشة(....) في الوقت الذي تحيط بنا العمارات والأبراج وتمر من أمامنا السيارات الفارهة!! من جانبه يؤكد اللواء فايز شلتوت رئيس مركز ومدينة المحلة الكبري أنه بناء علي توجيهات من السيد عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية, فقد تم بحث ودراسة حالة ساكني العشش بمنطقة مقابر سوق الجمعة, وتم منح13 أسرة وحدات سكنية, بينما رفضت الأسر المتبقية هناك فكرة الانتقال من هذه العشش بحجة أنهم لايملكون دفع المقدم المطلوب.. ويؤكد رئيس مركز ومدينة المحلة أن عددا من رجال الأعمال أبدوا استعدادهم لمساعدة هؤلاء الأسر ودفع المقدم المطلوب للحصول علي وحدات سكنية والبالغ3 آلاف جنيه لكل وحدة, إلا أنهم فضلوا الاقامة بالعشش حيث يستطيعون العيش لسهولة وسط المدينة. الخوف علي البنات اللاتي كبرن في العشش يدفع أهلهن الي توجيه استغاثة عاجلة للسيد عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية لانقاذهن جميعا من براثن المرض والفقر والجهل التي تحيط بهم من كل جانب.