في واحدة من الانتخابات التي لم يشهدها المصريون من قبل، جرت انتخابات الرئاسة، ولأننا لم نعشها قبلا، وجدنا أحدهم يهدد ويتوعد بالنزول للتحرير، في حال خسر هو أو مرشحه المصون؟ ونسي صاحبنا، أن يخبرنا عن أي تحرير يتحدث، وتناسى متعمدا أنها هذه المرة بارادة شعب، قال كلمته، ولم يعد يخشى شيئا، وزد على ذلك، أنه أضحى شعبا صاحب وعي، للدرجة التي صارت فيها وقفاته وإضراباته جزءا من مفهومه الثقافي المعتاد! وللمنافسة هذه المرة طريقان أو قل اتجاهين رئيسيين: هما التيار الديني، والتيار المدني، والمثير أن الاتجاهين يعتورهما التشرذم الواضح داخل كل منهما، فالتيار الاسلامي منقسم بين مرشح يعتمد على ماضيه وبرنامجه وجماهيريته، والآخر يستند لدعم رسمي من قبل جماعة الاخوان المسلمين، بصفته مرشحها، أما التيار المدني فمتنوع ويخوض المنافسة فيه، أكثر من مرشح، أما أصحاب البلطجة الفكرية فهم الإرهابيون الجدد، تراهم في كل زمان ومكان، مدعين البطولة، ورأيهم دوما صواب، ومرشحهم لا غبار عليه إن لم يكن منزلا من السماء، للدرجة التي إن خسر فيها تكون معلبات التزوير جاهزة، فهي التي أودت بسقوطه، وما ذلك إلا بهتان وادعاء، فكيف بطرف واحد في المعادلة يمتلك كل الحقيقة، بدلا من الاعتراف بأن كل طرف يمتلك جزءا منها، فقبول النتيجة ينبغي أن يكون سلوكا حضاريا، أو أن يكون الحل الآخر نجاح المرشحين جميعا رؤساء لمصر، لماذا لم يدركوا أن الشعب لم يعد يقبل وصاية أحد، وأنه أصبح قادرا على التمييز بين الغث والثمين، ولنتساءل: لماذا لم يزور المجلس العسكري نتائج انتخابات البرلمان؟ ثم لماذا يؤسس اصحاب نظرية التزوير لمؤامرة فوز مرشحين محسوبين على النظام السابق بالمنصب الرئاسي، كعلامة فارقة على التزوير، وهو ما يتطلب من وجهة نظرهم ثورة ثانية، باعتبارهم أصحاب الأولى، وهو ما لم يحدث أصلا.. وبالتالي تكون الفوضى حلا سحريا لهم، وعدم الاستقرار مطلبا يتوقون إليه، في محاولة يائسة لإظهار قوتهم المزعومة التي تتكئ على حشد جموعهم، فهل ننتظر فوضى يحدثها المتضررون أو الخاسرون، وما الذي يضيرني كناخب خسر مرشحه، وما الرابط بين خسارته وبين حتمية التزوير، وما هذه القوة التي تسمح باستحواذ فئة على كل الفئات، وما أدراهم بأن هذه الفئات ليست قوية. دعنا ننتظر كلمة الناخبين التي ستحدد الرئيس الذي لن يستطيع أكثرنا ذكاء وخبرة توقعه وحينها يستطيع الشعب أن يدافع عن اختياره، فليس من المنطقي أن نفترض السذاجة في اختيار شعب، ذاق الأمرين، ووعي الدرس، ولو بعد ستين عاما. المزيد من مقالات أيمن عثمان