في لقائه مع أفراد المجموعة 39 قتال في 12 أغسطس 1971 قال الرئيس السادات "لن أستطيع أن أصور حقيقة مشاعري اليوم، فلأول مرة منذ 18 عاماً أعود لأرتدي اللباس العسكري الذي أشعر فيه بالشرف كله وأحس فيه كل ما إعتملت به أحلامي في طفولتي وشبابي وكل ما تمنيت أن أختتم به حياتي في خدمة وطني وبلادى. إنني فخور بهذه الوحدة التي لاأستطيع أن أفرق فيها بين الضابط والجندي "يومها كرم السادات المجموعة 39 وأعضاءها ومنح علمها نوط الشجاعة ونجمة الشرف لأبنائها مشيداً بما قدمته من عمليات أنزلت الرعب في قلب العدو، طالبا منها استكمال عملها بشراسة أكثر وقوة، وأن المعركة القادمة مهمة لعودة الأرض، واستمع إلي شرح عن العمليات التي نفذتها فيما بعد حرب 67. وتحدث المشير أحمد أسماعيل علي وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973 عن الشهيد إبراهيم الرفاعي في مذكراته «كان هناك العديد من الأبطال المصريين الذين سطروا معجزات في تاريخ العسكرية المصرية، ومن بينهم العميد الشهيد إبراهيم الرفاعي والذي أدي العديد من المهام الوطنية ومنها علي سبيل المثال تفجير إحدي المناطق الإدارية لنا في سيناء التي كان العدو قد استولي عليها بعد انسحاب القوات المصرية وخزن بها ما تم جمعه من سلاح وذخائر وعتاد عسكري تركه الجنود دون أن يتمكنوا من العودة به، كانت المعلومات قد وصلت لي من بعض البدو الوطنيين بموقع هذه المنطقة الإدارية في شمال الشط وزاد إصراري علي تفجير الموقع لحرمان العدو من الاستفادة منه، فعهدت لمجموعة من خمسة رجال من أبطال الصاعقة بتلك المهمة بقيادة إبراهيم الرفاعي فعبروا القناة في قوارب صغيرة وقاموا بتلغيم المركز كله ثم عادوا سالمين إلي غرب القناة ولن أنسي ما حييت مشهد النيران وهي تأكل المركز بالكامل وعلمت أن القائد الإسرائيلي الذي كان مسئولاً عن هذه الذخائر قد قُتل في هذه العملية كما أذكر لإبراهيم الرفاعي عملية أخري لا تقل عن الأولي في عظمتها، حيث رصدنا عام 1968 أنواعاً جديدة من الصواريخ المثبتة علي الضفة الشرقية للقناة، فكان لا بد من الحصول علي أحدها لمعاينتها وفحص إمكانياتها فأصدرت أوامري لمجموعة من أمهر المقاتلين يتقدمهم إبراهيم الرفاعي بإحضار أحد تلك الصواريخ فتسللوا بملابس الضفادع البشرية لموقع العدو في الشط وهم لا يحملون سوي خناجر وقاطعات أسلاك واستولوا علي عدد من الصواريخ التي عادوا بها رغم الحراسة الإسرائيلية الشديدة ولكنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأقسموا علي حماية الوطن. أما الأستاذ محمد حسنين هيكل فيقول في كتابه، اكتوبر السياسة والسلاح "في الأيام الأخيرة من شهر أبريل 1969 كانت الجبهة علي مسافة 135 كيلو مترا من رأس العش في الشمال إلي خليج السويس في الجنوب مشتعلة بالنار ودخلت قوات بحجم كتيبة تحت القيادة المباشرة للعقيد ابراهيم الرفاعي القائد الأسطوري للعمليات الخاصة للصاعقة حتي منطقة ممر متلا، كان عبور قوات بحجم كتيبة كاملة ووصولها إلي ممر متلا إشارة واضحة للقيادة الإسرائيلية بأن الجبهة المصرية أصبحت الآن قادرة علي ما هو أكثر من معارك المدافع التي أصبحت حياة كل يوم أنها أخطر، من عملية إغراق المدمرة إيلات بصاروخ بعيد المدي فالقتال الآن يحدث عن قرب قوات تقاتل قوات علي الأرض وليس مدافع يجري التراشق بينها من بعد أو صواريخ تنطلق من قارب سريع لايكاد يظهر حتي يختفي مع الأهيمة الكبري لتراشق المدافع وإغراق المدمرة إيلات فإن عمليات العبور إلي سيناء مثلت نقلة نوعية في إمكانية الجيش المصري علي القتال المباشر ". في روايته - كنت جاسوساً في إسرائيل - قال صالح مرسي علي لسان عزيز الجبالي "لم يكن رأفت الهجان وحده بل كان هناك أبطال بذلوا أرواحهم رخيصة كي يحصلوا علي ما كنا في حاجة إليه، خاصة تلك الوحدة الفدائية التي كان يقودها ذلك البطل الشهيد الذي تحول من يونية 1967 حتي أكتوبر 1973 الي أسطورة تبعث الرعب في قلوب جنود إسرائيل وكان ذلك هو الشهيد إبراهيم الرفاعي وعندما جاء ذكر الرفاعي بدا التأثر علي وجه عزيز الجبالي مما دفع هيلين سمحون زوجة رأفت الهجان إلي أن تسأله أن كان يعرفه فقال الجبالي إنه التقي به في أواخر يونية 1967 في السويس وكانت الهزيمة قد أخذت من الناس كل مأخذ ولكن هذا الفدائي الذي جعل من فناء مدرسة منهدمة معسكرا له ولفصولها محلاً لإقامة رجاله كما جعل من حياته منذ الهزيمة وحتي النصر عبوراً إلي الشاطيء الشرقي وعودة منها بالأسري أو تدميراً وقتلاً وتخريباً في كل بقعة يقيم فيها العدو ولو كانت كوخاً خشبياً ". أمااللواء محسن طه أحد من شاركوا الرفاعي في العمليات وأقتربوا منه فيقول في كتابه تاريخ المجموعة 39 قتال "هو الأسطورة الذي أشعل الضفة الشرقيةلسيناء بنيرانه ونيران رفاقه، ولم يهدأ حتي تأكد أن سيناء تحررت وكانت له الشهادة مع أذان صلاة الجمعة في 19 أكتوبر قبل وقف إطلاق النار، ويواصل قائلاً أن الرفاعي هو من أجبر إسرائيل إلي اللجوء إلي مجلس الأمن لتحميها من هجماته ورفاقه في سيناء، كما أنه أول من عبر إلي القناة بعد النكسة في الوقت الذي كانت القوات تعبر إلي الغرب وهو من نسف ذخيرة الجيش التي تركها قبل إنسحابه من سيناء والتي استولي عليها العدو لتتحول سيناء إلي كتلة من النار، وهو من أسر جندي إسرائيلي وكان عملاً مستحيلاً وهو داني شمعون بطل المصارعة في إسرائيل ووصل به إلي القاهرة دون خدش، وهو أيضاً من قام بتلغيم كامل الجبهة المصرية في وقت واحد مع رفاقه في 13/2/1969. ولدإبراهيم الرفاعي في 1931 بحي العباسية بالقاهرة لأسرة تعود أصولها إلي قرية الخلالة التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية ليلتحق بالكلية الحربية في 1951 ليتخرج في 1954 ملازماً بسلاح المشاة مشاركاً في قوات الصاعقة في أبوعجيلة ليشارك في عملياتها دفاعاً عن مدينة بورسعيد خلال حرب 1956 وعقب نكسة 67 بدأت القوات المسلحة في تكوين مجموعة صغيرة لتقوم بعمليات خلف خطوط العدو وعهدت إلي اللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية بتشكيل هذه المجموعة ووقع اختياره علي المقدم إبراهيم الرفاعي ليقود هذه المجموعة التي عرفت بأسم المجموعة 39 قتال. كانت التقارير التي قدمت إلي رؤسائه تشيد بشجاعته واقتحامه للمخاطر دون خوف كما أنه كان حريصاً علي سلامة من معه وكان أول من ينزل مياه القناة وأخر من يعود وعندما تأخر ضباطه وجنوده في إحدي العمليات أصر على أن يعود إليهم رغم التحذيرات لكنه لم يكن يطرب الإ لصرخات العدو الذي وقف مذهولاً عندما رأه عائداً بل، حبس جنود العدو أنفاسهم حتي لايشتبكوا معه كان بشهادة الجميع مقاتلاً فوق العادة يري أن للموت بطولة وأن المقاتل قبل أن يموت عليه أن يقتل من عدوه الكثير. تقول عنه زوجته كما جاء في كتاب نجوم سيناء "كان يبدو أمامنا هادئا وكأن شيئاَ لم يحدث أحيانا كنت أستمع إلي بعض البلاغات العسكرية أثناء حرب الإستنزاف وكان يستمع معي دون أن يعلق بكلمة واحدة وكنت واثقة تماماَ أن مثل هذه العمليات لايمكن أن تفوت زوجي. وتضيف أن عودته إلي المنزل لم تكن منتظمة أحيانا يعود إلينا في الدقائق الأخيرة من الليل وعلي ملامحه الإرهاق والتعب وأساله هل عبرت الليلة ؟ ولكنه كان ينظر إلي في صمت ولايتكلم وأجد الإجابة في اليوم التالي عندما أطالع الصحف وبها بيان المتحدث العسكري أو تفاصيل العملية وهنا يبدأ يتكلم ويحكي بإيجاز شديد". تمتع الرفاعي بشخصية قوية وبروح معنوية عالية مردها إلي تدينه الشديد وحرصه علي أداء شعائر دينه فقد كان يطلب من رفاقه الإفطار ويظل هو صائماً وقد استشهد صائماً. وكما وصفه عبده مباشر في كتابه رجال أكتوبر "كان زاهداً في الدنيا، كنت أدرك أنه من الطبيعي أن يسعي بنو البشر جاهدين للفوز ببعض متاع الحياة الدنيا أما هو فلا لم أره يوماً ولم أسمعه مرة يتحدث عن هذا أو يشير إليه سألته يوماً الست بشراً مثلنا ؟فأبتسم في حياء وتواضع وقرأ قوله تعالي (قل متاع الدنيا قليل) . وعن إستشهاد إبراهيم الرفاعي يقول اللواء رفعت الزعفراني أحد القريبين منه والذي كان إلي جواره في العملية التي قضي نحبه فيها في حوارلي معه في الأهرام بتاريخ 3/10/2011. "خلال الحرب تم استدعاؤنا الي القاهرة لأخذ مهمة خاصة من الرئيس أنور السادات ووزير الحربية المشير أحمد اسماعيل وهي نسف الكوبري الذي تمر عليه القوات والمدرعات الإسرائيلية ناحية منطقة الدفرسوار. وكنا قادرين علي تنفيذ المهمة بنجاح لكن الفريق سعد الدين الشاذلي قام بتغيير المهمة بل دخل في حوار مع الشهيد الرفاعي عندما قال له احنا مش قاعدين في مكاتب، فرد الرفاعي يا أفندم سيادتك تعلم أني لست من هواة المكاتب وطول عمري في الميدان.. ثم عاد الرفاعي وقد ظهر عليه التوتر والغضب وأخبرنا بالمهمة الجديدة للمجموعة وهي الصعود أعلي كوبري نفيشة ومنع قوات العدو الاسرائيلي من الوصول إلي الإسماعيلية مهما يكن الثمن من خلال عمل كمائن. وفي أول موقع دفاعي ضد الطيران في منطقة الجناين وتقدمت المجموعة بأقصي سرعة ثم فوجئنا بالعدو الساعة3 فجرا لنبدأ في التوقف ومواجهة العدو من خلال كمائن يمين وشمال الطريق وكان الشهيد وأنا معه وأربعة صف ضباط ثم صعدنا إلي أعلي قمة موقع الصواريخ في أعلي نقطة لمشاهدة العدو. وبدأنا في توجيه النيران ضد قوات العدو ونحن نعلم أن هناك قوات كثيرة تعاونه وكان القتال مكشوفا مع دبابات العدو. وفي أول ضوء بدأ الاشتباك مع العدو حتي الساعة الثانية عشرة ظهرا ودمرنا ثلاث دبابات للعدو وكان الرفاعي يقوم بتوجيه القوة من خلال جهاز اللاسلكي، غير أن العدو كثف من نيرانه ولكن الرفاعي كان في مكان مكشوف فجذبه الصف ضابط مصطفي ابراهيم خائفا عليه محاولا ابعاده عن مرمي نيران العدو لكنه سقط عليه مصابا فقال مصطفي إبراهيم الظاهر يا فندم أن الشدة كانت قوية ولكنه صاح وقال الحق يا أفندم المقدم إبراهيم مصاب ومن الغريب أن اصابة الشهيد ابراهيم الرفاعي كانت وقت آذان الجمعة الذي سمعناه من مسجد قريب وسقط الرفاعي بلا توجع او تأوه بشظية صغيرة في القلب, ولم ينزف إلا بقعة بسيطة في جانبه و تم إبلاغ القيادة الخلفية التي أرسلت سيارة جيب لإخلاء الشهيد الرفاعي الذي كان الوحيد الذي أصيب من المجموعة وكان موقع الدفاع الجوي عبارة عن مصاطب والمسافة بين كل مصطبة والأخري15 مترا ووقعت دانة أمام السيارة الجيب ولكنها انفجرت مكتومة في الرمل ولم يصب احد. لم يكن أحد يتوقع أنه استشهد ولكنه سقط شهيدا قبيل وقف إطلاق النار بساعتين فقط وأقول للتاريخ عن إبراهيم الرفاعي إنه كان أبا حنونا وقائدا شجاعا شارك في كل العمليات التي نفذتها المجموعة". في حين يقول اللواء فؤاد نصار مدير ادارة المخابرات الحربية قبيل واثناء حرب اكتوبر "ان المجموعة 39 قتال هي احدي مجموعات المخابرات التي كلفت بتنفيذ عمليات فدائية وانها قامت باعمال بطولية بعد حرب 67، ففي الوقت الذي كانت قواتنا تتقهقر ناحية الغرب كان رجال المجموعة يتقدمون شرقا وكانت اولي المهام هي تدمير مخازن المهمات والذخيرة والمعدات التي تركتها القوات المسلحة عقب انسحابها من سيناء وذلك لحرمان العدو من الاستفادة بها واستخدامها ضدنا، ومنذ ذلك الحين واصلت عملياتها في تفجير آبار البترول التي استولت عليها اسرائيل وكذلك الاغارة علي مواقع العدو في الطور وراس محمد والقيام بعمليات ضد خط بارليف والحصول علي عمليات تفصيلية عنه وكان اخطر العمليات التي انجزتها المجموعة بقيادة ابراهيم الرفاعي هو الحصول علي صواريخ غير معروفة لنا وضعت علي دشم خط بارليف وتمكنت المجموعة من احضار ثلاثة صواريخ، واضاف نصار ان الدور الكبير للمجموعه تمثل في انها اعطت القيادة العامة للقوات المسلحة صورة كاملة عن مسرح العمليات في سيناء ومواقع العدو وتجهيزاته وانها قامت بعمليات كبيرة من اجل الحصول علي تحصينات خط بارليف واسلوب استخدامه. ويثمن نصار بالعملية التي قام بها الشهيد ابراهيم الرفاعي عقب استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض في 9 مارس 1969 اذ امر الرئيس جمال عبدالناصر بتنفيذ عمليه نوعية ضد اسرائيل انتقاما لاستشهاد رياض فتم تكليف ابراهيم الرفاعي الذي عبر الي الشرق في المنطقة المواجهة للمعدية 6 التي اطلقت منها النيران ضد موقع الفريق رياض وتمكن الرفاعي ورفاقه من الإغارة علي الموقع وابادة من فيه وقتل 44 مابين ضابط وجندي حتي انه قتل بعضه بالسونكي وفي المساء تقدمت اسرائيل بشكوي الي مجلس الامن ضد مصر وانها قواتها بطريقة بوحشية وكانت خيرتأبين للشهيد عبدالمنعم رياض بعد مرور اربعين يوما علي استشهاده. شارك في الإعداد : محمد جميل رانيا شعلان سالي رفعت محمد عبده سحر حسنى عصام صلاح عبود ماهر احمد عبدالعال مروة عزت عبدالفتاح محمود محمد منير