كتبت من قبل فى سلسلة مقالاتى بالأهرام مقالا تحت عنوان الرئيس السيسى يبنى نظامه ويختار نخبته، والمقصود بذلك أن النظام السياسى الجديد فى مصر لم يولد مكتملا بعد وأن النخبة الحاكمة الجديدة تتشكل فى ضوء استبعاد قسم كبير من النخبة الحالية بأساليب شتى ومن يستعرض ما شهدته مصر من تطورات سياسية فى العامين الماضيين تتأكد له هذه الحقيقة فقد بدأ النظام السياسى الجديد بإصدار الدستور والاستفتاء عليه وهو ركن أساسى من أركان النظام السياسى أعقبه انتخاب مجلس النواب (السلطة التشريعية) مما يقرب من 600 عضو بعضهم لم يكن معروفا بالمرة أو سبق له ممارسة العمل السياسى، وقد تشكل هذا المجلس بنظام الانتخاب الفردى على بعض المقاعد وانتخاب القائمة المطلقة المغلقة فى البعض الآخر ومن يتابع التحضير لانتخابات مجلس النواب يكتشف بسهولة ان جزءا مهما من النخبة الجديدة حصل على عضوية مجلس النواب بنظام الانتخاب بالقائمة المطلقة المغلقة تحت اسم ائتلاف دعم مصر الذى أعلن قادته بصراحة أنهم يدخلون البرلمان لكى يكونوا سندا للرئيس عبدالفتاح السيسي. وبعد فترة قليلة من الممارسة فى مجلس النواب نجح ائتلاف دعم مصر فى ان يستقطب نوابا مستقلين ليصل اجمالى عضويته الى اكثر من 300 نائب اعترف بهم المجلس استنادا الى لائحته الداخلية التى نظمت عملية تشكيل الائتلافات داخل المجلس ورغم أن الرئيس لم يصدر عنه ما يشير الى أن هذا الائتلاف يشكل النواة الأساسية لحزب جديد، الا أن النواب المنتمين لائتلاف دعم مصر يصرون على انهم الظهير السياسى أو الشعبى لرئيس الجمهورية وقد حصلوا على رئاسة 15 لجنة من لجان المجلس ال25 ووكالة عدد من اللجان الأخرى . ولم يكن واضحا كيف سيتمدد هذا الائتلاف من داخل البرلمان الى المجتمع المصرى لتشكيل العمود الفقرى للظهير السياسى والشعبى لرئيس الجمهورية. وقد اطلعت مؤخرا على مشروع قانون الادارة المحلية والذى يتضمن اجابة عن هذا السؤال (كيف سيتمدد ائتلاف دعم مصر من داخل البرلمان الى سائر أنحاء المجتمع المصري؟) فقد نص هذا المشروع على أن انتخابات المجالس المحلية الشعبية تقام وفقا لنظام القائمة المغلقة من 8 مقاعد لكل وحدة انتخابية داخل الوحدة المحلية، على أن تحتوى القائمة الواحدة على الأقل على اثنين من الشباب وامرأتين ومسيحى وواحد من ذوى الاعاقة ولا تقل نسبة العمال والفلاحين عن 50% من اجمالى عدد مقاعد القائمة وتتكون القائمة من مستقلين أو أحزاب أو كليهما معا، وتقام انتخابات اعادة بين القائمتين الحاصلتين على أعلى الأصوات فى حال عدم حصول أى قائمة على نسبة 50%+1 من عدد الأصوات الصحيحة وتولت المادة 51 تأكيد هذه الاجراءات، ويكمن فى هذا النظام الانتخابى اجابة السؤال (كيف سيتمدد ائتلاف دعم مصر من داخل البرلمان الى سائر أنحاء المجتمع المصرى؟). فقد صرحت قيادات ائتلاف دعم مصر بأنها ستشارك فى انتخابات المحليات. ولما كان نظام القائمة المطلقة المغلقة يقوم على فوز القائمة بكامل أعضائها وهزيمة القوائم الأخرى المنافسة لها وكما نجح ائتلاف دعم مصر فى الحصول على عضوية مجلس النواب من خلال نظام القوائم المطلقة المغلقة فانه يستطيع أن يلعب دورا رئيسيا فى انتخابات المحليات والفوز فى عضوية معظمها على جميع المستويات (المحافظة المركز المدينة البندر الحى القرية) ويستطيع ائتلاف دعم مصر من خلال أعضائه الذين يزيد عددهم على 300 عضو فى مجلس النواب أن يؤثر بقوة فى انتخابات المحليات حيث يستطيع هؤلاء الأعضاء فى محافظاتهم ودوائرهم تشكيل قوائم لهذه المستويات يضمنون لها الفوز مقدما لأن أغلبية العناصر الفاعلة فى المجتمع المصرى سواء كانت العائلات الغنية فى الريف أو العصبيات والقبلية أو ذوى النفوذ الاجتماعى سوف ينضمون الى قوائم تحالف دعم مصر لاعلانه أنه الظهير الشعبى والسياسى لرئيس الجمهورية وهكذا نجد أن ائتلاف دعم مصر لن يكون فقط داخل البرلمان بل يضم فى عضويته الألاف من أعضاء المجالس المحلية الشعبية ويتشكل بذلك قوة تلعب دورا أساسيا قى الادارة المحلية وهكذا سوف نجد أمامنا بعد انتخابات المحليات نواة للحزب الحاكم الجديد فى مصر يمكن الاضافة اليها والبناء عليها لدعم تحول هذا الائتلاف الانتخابى الى حزب سياسى. المهم هنا هل يساعد ذلك على عملية استكمال التحول الديموقراطى فى مصر التى يقول الدستور إن النظام السياسى يقوم على التعددية الحزبية وتداول السلطة فى ما بينها (المادة الخامسة) والاجابة هى أن الفرصة قائمة نحو أحد طريقين، اما تكرار تجربة عهد مبارك التى قامت على نظام التعددية الحزبية المقيدة التى تقوم على حزب كبير حاكم مهيمن بصفة دائمة والى جواره العديد من الأحزاب التى لايسمح لها النظام بمنافسة الحزب الحاكم وتداول السلطة معه، هناك احتمال كبير أن يتشكل الحزب الذى يعتبر نفسه ظهيرا شعبيا للرئيس ويكرس نفوذه على المجتمع من خلال وجود أعضائه فى البرلمان أو فى المحليات ، ولا يعفى هذا الاحتمال الأحزاب السياسية الأخرى من دعم نفوذها فى المجتمع وبناء تحالفات واسعة تخوض انتخابات المحليات وتكون قادرة على الحصول على أغلبية مقاعد المجالس المحلية وتحول بذلك دون عودة النظام السلطوى مرة أخرى. لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر