كلنا يسمع أخبارا عن أزمة القمح التى ملأت الدنيا ضجيجا هذا العام ، وكان لها نصيب كبير من اهتمام البرلمان الذى استدعى وزير الزراعة للوقوف على أسباب الأزمة ،ولم يهتم للأزمة البرلمان وحده،فالأزمة تناقلت مشاهدها أغلب وسائل الإعلام منذ بدئها ، ولكن ثمة أسئلة تبحث عن إجابات. لماذا تكدس القمح أمام الشون والصوامع هذا العام فقط؟،وهل هناك حلول قادرة على استيعاب ضيق الفلاحين من صعوبات إجراءات تسليم القمح؟، وهل حقا قد لا يتمكن الفلاحون من تسليم محصولهم؟ .. إجابات هذه الأسئلة تجدونها خلال السطور القادمة . محمد سعدالله، تاجر قمح، يقول : أجرة العربات التى تنقل المحصول إلى الشون هى 500 جنيه للطريق، و200 جنيه عن كل يوم انتظار فى طابور التوريد، والعربة الواحدة قد تنتظر يومين أو ثلاثة أيام، وهو ما يؤدى بالنهاية الى أن محصول القمح ملقى على الأرض، فى انتظار الإذن بالدخول، وبرغم ذلك التكدس ،فهناك صوامع جديدة لم تفتح أمام القمح المحلى وفتحت فقط للقمح المستورد، وفى الوقت نفسه فإن إغلاق الشون فى وجه الموردين لأن التموين لم توافق على ضمها للصوامع، بسبب عدم مطابقتها للاشتراطات. ويضيف سعدالله أن السعر الحكومى المعلن للأردب هو 420 جنيها ، فى حين أن بعض الصوامع تشترى بسعر 415 جنيها للأردب ،ونضطر للموافقة بغرض التمكن من تسليم القمح قبل أن يفسد فلا نستطيع بيعه ، وتتلاعب بعض الصوامع أيضا فى الموازين ،بخصم 70 كيلو من وزن كل طن ،عند استلمه فى الشونة ، وفى حين حددت الحكومة شرط وجود اسم المورد للقمح فى كشوفات الحصر التى قامت بها وزارة الزراعة ، فإن بعض الصوامع أيضا تتحايل على هذا الشرط بتلقى 30 جنيها على كل طن لم يرد اسم صاحبه فى الكشوف ، كما أن مواعيد عمل الصوامع تشهد مخالفات أيضا ، ففى حين يفترض أن تبدأ عملها من الثامنة صباحا ،فإن بعض هذه الصوامع تبدأ عملها فى العاشرة والنصف صباحا ويقول محمد ،نحن نورد القمح ونحصل بالمقابل على ورقة استلام ، لحين توريد الأموال ، فالموظف يخبرنا أنه بانتظار الشيكات ،ليمنحنا أموالنا ، ونحن نريد توريد القمح تحت أى ظروف ،حتى لايفسد فى الهواء ، ولو تأخر موعد تحصيل أموالنا ، ويضيف :نشفق على الفلاح الذى حصد محصول زرعته ويريد الآن أن يشترى كيماوى وبذور زرعة جديدة ،ليعمر أرضه ، فلا يجد لأنه لم يتسلم بعد الأموال نظير توريد محصوله . أما مستور سالم مورد قمح ،فيشتكى أيضا من عدم التزام بعض الصوامع بالسعر الذى حددته الحكومة بالإضافة الى التلاعب فى الأوزان ،حيث إن التجار يقومون بوزن السيارة المحملة بالقمح قبل دخولها الى الصومعة ،و عندما تدخل الى الصومعة يتم وزنها بفارق 75 كيلو عجزا ،عن كل 5 أطنان ،والتاجر يوافق لأنه يريد تسليم محصوله بأى خسارة قبل أن يفسد فى الهواء ،بعد 10 أيام ، مضيفا أن التاجر لا يتسلم أمواله مع تسليم القمح ،ولكن يتم وعده بتسلم أمواله خلال شهر . ويقول مستور إن هذا العام ،قاس على الفلاح ،فمتوسط حصاد الفدان هو 25 إردبا لكل فدان ، لكن هذا العام ،الفدان لم يحصد سوى 10 أرادب فقط ، مضيفا أن إحدى الشون فى منطقة الظافر ،كانت تسع 20 ألف طن ،لكنها هذا العام لم تتلق سوى 4 آلاف طن ،وتم إغلاق الشونة . فى حين يحكى عياد الشامى ،تاجر قمح ، انه كان يورد كل عام لأى صومعة تتبع محافظته ، لكن هذا العام فوجئنا بكشوفات حصر بالحيازات الزراعية ، لا يمكن تسلم القمح إلا من خلالها ، ولكى نقوم بشحن محصول القمح ، يتكلف تحميل الطن الواحد 80 جنيها ، كأجرة للسائق الذى ينتظر من يومين لثلاثة أمام الشون فى طابور التسليم ، وبعد كل هذه المعاناة التى يتحملها المورد ،لايتسلم أجره فوريا ،لأن الشيكات لم تعتمد بعد ، مضيفا أن هناك بعض الشون تفتح يومين ،ثم تغلق ،والتجار والفلاحون يخشون إغلاق الشون دون توريد كل المحصول . عيد حواش المتحدث الإعلامى باسم وزارة الزراعة ،يقول إن الحكومة دشنت هذا العام منظومة جديدة لتوريد القمح ، من خلال لجنة مشكلة من وزارات الزراعة والمالية والتموين ،لوضع ضوابط بهدف إيصال الدعم للمزارع مباشرة وعدم تسرب الأقماح المستوردة للأقماح المحلية ، لأن التجار كانوا يقومون بخلط القمح المستورد بالمحلى ،ثم يقومون بتوريده للشون الزراعية على أنه قمح محلى فى موسم توريد القمح للشون المصرية ، وهو مايعد سرقة للدعم الذى توجهه الدولة للفلاح ،ففى حين أن إردب القمح المستورد سعره عالميا هو 240 جنيها ، يكون سعر القمح المحلى 420 جنيها للإردب ، وهو ماكان يهدر على الدولة مبلغا يتراوح من 2 : 3 مليارات جنيه للعام الواحد ، نتيجة بيع المستورد المخلوط بسعر المحلى ،لذلك تم وضع ضوابط هذا العام لتسلم القمح من المزارعين من خلال كشوف الحصر ،وليس الحيازة ،لأننا وجدنا أن الحيازة قد تواجه مشكلات بسبب أن هناك فلاحين لا يملكون الأرض التى يزرعونها ، والمستأجر لا يكون لديه حيازة زراعية ،فقامت وزارة الزراعة بعمل حصر بالأقماح المنزرعة على مستوى الجمهورية ،ومن خلال هذه الكشوف يتم استلام القمح ،حيث يقوم المزارع بعرض بطاقته الشخصية وإذا عثر على اسمه داخل قوائم كشوف الحصر ،يتم التسلم منه ، وإذا لم يتم العثور على اسمه فى قوائم الحصر ،يتم رفض التسلم منه . ويرد حواش على سر التكدس أمام الشون ،قائلا :إن وزارة التموين تسلمت من وزارة الزراعة الشون ،فقبلت الشون المتطورة فقط ،ولم تقبل الشون الترابية ،ولأن الشون المتطورة عددها قليل نسبيا ،حصل تكدس أمام الشون ، فاتخذ عصام فايد وزير الزراعة قرارا بفتح الجمعيات الزراعية أمام المزارعين للتيسير عليهم ،والتسلم منهم ،واستطاع أن يحصل على تمويل من بنك الائتمان الزراعى لتسليمهم أموالهم بعد تسلم المحصول منهم ، فى اليوم التالى للتسلم مباشرة ،وبعد إجراء الفرز . فى الوقت نفسه يقول محمود دياب المتحدث الإعلامى لوزارة التموين إن اللجان التى تقوم بتسلم القمح ،هى لجنة مشتركة من عضو من التموين ،وعضو من الزراعة ،وعضو من الجهات المسوقة ،برئاسة عضو من الرقابة على الصادرات والواردات ، وأنه قبل موسم الحصاد بفترة ،تم وضع ضوابط بعد عدة اجتماعات بين جميع الجهات المعنية ونقيب الفلاحين ،وكانت هذه الضوابط من قبل وزارة الزراعة وهى أن يكون التسليم بالحيازة الزراعية ،وأيضا التسليم بكشوف الحصر التى أعدتها الجمعيات الزراعية ،وأن هناك تنسيقا وتعاونا مابين وزارة الزراعة والتموين وكافة الاجهزة المعنية ،بدليل أنه عندما قام الدكتور خالد حنفى وزير التموين بتفقد بدء موسم القمح فى محافظتى بنى سويف والمنيا ،وافتتاحه الشهر الماضى ، طلب منه عدد من المزارعين التواصل مع وزير الزراعة لإلغاء شرط الحيازة للتسليم ومن أن هناك أسماء مزارعين غير موجودة فى كشوف الحصر ، فقام الدكتور خالد حنفى بالتواصل مع الدكتور عصام فايد وزير الزراعة ،والذى وافق على إلغاء شرط التسليم بالحيازة ،بالإضافة الى إعداد لجان لوضع أسماء المزارعين غير المدرجين بكشوف الحصر التى أعدتها الجمعيات الزراعية من قبل، وقد تم تسليم مليون و 800 الف طن من الاقماح لصوامع التموين حتى صباح الاربعاء ومنذ فتح باب التوريد منتصف شهر ابريل الماضى ،وأن أبواب الصوامع والشون مفتوحة من الساعة الثامنة صباحا وحتى السادسة مساء وأثناء العطلات الرسمية .