لم يكن حدثا عاديا بكل المقاييس أن تتجمع أكثر من 10 فرق إفريقية مختلفة على خشبة مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأيوبى .. ربما لا توجد لغة واحدة مشتركة تجمع بينهما ، لكن أداؤهم جميعا فى ذلك اليوم فى اطار فعاليات المهرجان الدولى للطبول أثبت أن «دقة الطبلة» قادرة على اختراق كل الحواجز التى من الممكن أن تقف بين أبناء القارة السمراء. وقبيل لحظات من بدء الفعاليات كانت كل المقاعد مشغولة ، فاضطر المنظمون لجلب المزيد من المقاعد .. لكن الأعداد زادت بشكل يفوق الخيال حتى إن بعض الديبلوماسيين الذين كان من المقرر أن يحضروا لم يستطيعوا الوصول. فقد التف الآلاف حول المسرح على مسافة طابقين . وخلف المسرح كان أعضاء الفرق كخلية النحل يبدلون ملابسهم ويراجعون الحركات ويترقبون لحظة البدء . وعلى الرغم من أن البشرة السمراء واللغة غير المفهومة عامل مشترك يقفون جميعا تحت مظلته، إلا أن كل فرقة كانت لها شخصيتها المميزة التى تستطيع بعينيك تمييزها عن غيرها. وبمجرد أن اعتلى الدكتور انتصار عبد الفتاح رئيس المهرجان خشبة المسرح، فوجيء الجميع بأن الفرق جميعها ستقف فى آن واحد لتقديم عروضها معا . وظل الدكتور انتصار على المسرح يتوسطهم جميعا ليدير العروض ويشير لكل فرقة بأن تبدأ ثم التى تليها ، وهكذا .. ولم تستغرق كل واحدة أكثر من دقائق معدودة . ومع أول عرض انتشرت حالة من البهجة أضفت القلعة و الجو المنعش الكثير عليها . وفى لحظة ، بدأت حالة من الانبهار حيث عزفت جميع الفرق عرضا واحدا بمشاركة كل فرد فيها أعلن رئيس المهرجان أنه لم يتم الترتيب له أو تتدرب الفرق عليه . والمدهش أن الأداء خرج شديد التميز والاحترافية كما لو أنهم تدربوا عليه لشهور طويلة. وتحولت خشبة المسرح إلى ما يشبه الاناء الذى امتزجت فيه كل هذه الحضارات على حرارة الابداع بدقة اليد .. فرقصت الفرقة الاثيوبية على أنغام الطبلة والمزمار الصعيديين .. وتمايلت فرقة ناميبيا على أنغام دفوف النوبة الساحرة. وأصبح المشهد كله كلوحة متجانسة لا يستطيع أحد تمييز من فيها عن الآخر.فبات الجميع يشاهد لافريقيا صورة زاهية مبهجة بعيدة كل البعد عن صور الماعات والحروب و الاقتتال ومآسى الاستعمار . وفى الختام كان المشهد أسطوريا حيث رفع رئيس المهرجان فى وسط المسرح علم مصر والتقطته منه الفرقة الاثيوبية ورفعته فى بهجة، بينما تواصل فى الخلفية الغناء الصعيدى المتميز والراقصات الاستعراضيات من كل الجنسيات الافريقية المشاركة كن يطفن، بينما الجماهير تصفق بكل حماس وحرارة لجمال المشهد . وفى ختام المهرجان ، صرح الدكتور انتصار عبدالفتاح رئيس المهرجان للأهرام بأن رفع الفرقة الاثيوبية للعلم المصرى لم يكن مرتبا له على الاطلاق، بل كان تلقائيا وغير مقصود. لكن ما حدث كان رسالة بأن الانسان هو الوطن و الفن هو العنوان وأن تقارب الشعوب أسهل بكثير من الحروب ، بل ومن المفاوضات السياسية ذات الحسابات. فكل شعب لديه ثقافة لابد وأن تلتقى بشكل أو بآخر بثقافة شعب آخر لأن الانسان هو العامل المشترك فى كل الحالات. وقال إن الهدف من المهرجان هو احياء التراث المصرى بوجه خاص والتعرف على ثقافات الشعوب بوجه عام. وأوضح ان المهرجان فرصة للتأكيد على تفرد الشخصية المصرية التراثية واحتضان مصر لشتى الفنون والثقافات. وأضاف أن شعار المهرجان هذا العام هو «حوار الطبول من اجل السلام «مشيرا الى أن الطبول فى الأصل كانت لغة الإيذان بالحرب والهدف من هذا المهرجان تحويلها الى لغة سلام وتواصل وتناغم بين الشعوب. وقال إن ما فعله المهرجان فى دورته الحالية هو استثمار لتوجه الدولة فى استثمار الدبلوماسية الناعمة فى علاقات مصر الخارجية. وأعرب عن أمنياته بأن يكون هناك دور أكثر فعالية من جانب وزارة السياحة التى كان من المفترض أن تستغل الحدث على الوجه الأمثل مثلما يحدث فى أى مهرجان دولى فى العالم و تفتح الباب أمام المزيد من الرحلات من الدول المشاركة فى المهرجان بعروض خاصة ومخفضة بهذه المناسبة لتنشيط السياحة. وأشار إلى أنه منذ بدء التحضير لهذا المهرجان فى عام 1994 ، وهو خارج الشكل الرسمى الحكومى وتحول اليوم إلى مهرجان شعبى بمعنى الكلمة يمكن أن تستغله الدولة وتبنى عليه الكثير سياسيا و دبلوماسيا.
الفرق المشاركة مصر - فرقة قنا للفنون الشعبية هي فرقة صعيدية مصرية عالمية . مثلت مصر في جميع أنحاء العالم تقريبا بعروضها الاستعراضية التراثية المبهرة مثل التحطيب والقلل . وعلى الرغم من أنها أنشئت قريبا في عام 2001، إلا أنها استطاعت الحصول على العديد من المراكز الأولى في المهرجانات الدولية في مصر وجميع أنحاء العالم شرقا وغربا. نيجيريا فرقة بلاك موتالو العالمية ... وهى فرقة أسسها ثلاثة نيجيريين وذاع صيتها وشاركت فى مهرجانات دولية فى جميع أنحاء العالم منها مهرجان سرفنتينو فى المكسيك ومانشيستر فى بريطانيا . كما قدمت عروضا فى ألمانيا وفنزويلا وليبيا وتوجو والكونغو وبنين وغانا والهند.. غانا فرقة شبر للموسيقى و الرقص وعلى الرغم من أنها فرقة حديثة النشأة حيث تكونت فى عام 2001 ، إلا أنها نجحت بشدة وبات عدد عازفيها اليوم حوالى 45 عازفا يقدمون حوالى 100 عرض موسيقى راقص فى غانا وأفريقيا وجميع أنحاء العالم. وقدموا عروضهم فى قبرص واليونان وتركيا وكوريا الجنوبية ونجحوا فى نقل ثقافتهم إلى هذه البلاد بشكل كبير. إثيوبيا فرقة المسرح الوطني وكانت أكثر الفرق ابهارا على المسرح لما تميزوا به من أداء صاخب و ألوان ملابس زاهية مستمدة من لون علم بلادهم . و هى أول فرقة فنون شعبية أثيوبية تقدم فنونها فى مصر منذ 20 عاما. وترعى الحكومة الاثيوبية هذه الفرقة تحديدا نظرا للدور المهم الذى تقوم به من أجل الحفاظ على تراث البلاد و فولكلورها الشعبى .. وقد جابت هذه الفرقة العديد من دول العالم لنقل عروضها مثل الصين و كوريا الجنوبية وتركمنستان والهند و زيمبابوى. غينيا كونكري فرقة الباليه الإفريقى و يعود تاريخها إلى عام 1952 عندما أسسها الكاتب الغينى كييتا فوديبا . و أهم ما يميزها هو أن بها قسما خاصا للتصميمات حتى أصبحوا فرقة الباليه الأولى فى أفريقيا على مدى أكثر من 60 عاما. ناميبيا فرقة ناجانجيلا شوكوى الثقافية و على الرغم من أنها فرقة حديثة العهد و لا تتكون سوى من 18 فردا فقط ، إلا أنها تلعب دورا مهما جدا فى الحفاظ على التراث فى ناميبيا لأنها تؤدى كل أغانى الأفراح والحفلات و المناسبات المعروفة فى المجتمع الناميبى. وبسبب حفاظها على هذا التراث، باتت شريكة فى كل العروض الرسمية التى تقدمها الدول عند استضافة قادة وزعماء من بلاد أخرى. تنزانيا فرقة مسرح شيتاه فرقة رقص تراثى ابداعى نشأت فى 2009 فى منطقة أوبنجو على يد 15 فنانا تنزانيا استشعروا أن تراث بلادهم فى خطر وأن هويتهم الثقافية مهددة بالانقراض طالما أنه لا يوجد من يعيد إحياء هذا التراث ويقدمه فى شكل عروض غنائية استعراضية تجوب البلاد وجميع أنحاء العالم.