أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى إن استقلال القضاء يعد ركيزة أساسية من ركائز الدستور والمجتمع، ومنهجا فى الحكم يلتزم به دائماً عن إيمان ويقين، مشيرا إلى أنه قد حرص منذ تحمله المسئولية على التأكيد على استقلال القضاء، مجددا تأكيده أن ينأى بنفسه وبجميع المسئولين عن أية شبهة للتأثير على أحكام القضاء أو التدخل فى شئونه. جاء ذلك خلال كلمته التى ألقاها أمس بدار القضاء العالى بمناسبة الاحتفال بعيد القضاء، والتى استهلها بدعوة الحضور للوقوف دقيقة حدادا على أرواح شهداء مصر من رجال القضاء والجيش والشرطة. كما أكد الرئيس السيسى أن لقاءه بالقضاء أمس قد جاء ومصر أكثر أمنا وأمانا، وأنها تخطو بخطوات ثابتة نحو البناء والتنمية على أسس علمية مدروسة، بما يحقق النهضة المنشودة فى جميع المجالات، وذلك رغم المحاولات المستمرة من الداخل والخارج لوقف حركة التقدم وبناء مصر الحديثة. وأعرب عن ثقته الكاملة فى وقوف الشعب المصرى بجميع أطيافه على قلب رجل واحد فى مواجهة مساعى الشر والسوء ودعوات التشكيك والإحباط، وأن يقدم قضاة مصر الشرفاء خير دليل على إصرار هذا الشعب على الحفاظ على هوية مصر الوطنية بتسامحها واعتدالها. وقال إن الدستور المصرى يؤسس لدولة القانون القائمة على العدل والمساواة، حيث جعل الدستور من المواطنة أساسا متينا لتعامل الدولة مع أبنائها، فالجميع سواء أمام القانون وكل حق يتمتع به المواطنون يقابله التزام عليهم إزاء الدولة. وأضاف أن الدستور قد أرسى كذلك مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء والنيابة العامة، وقد عزز دستور 2014 هذه المبادئ. وأكد الرئيس أن مرحلة البناء الراهنة تتطلب جهودا مضاعفة وعملا متواصلا، مشيرا إلى أن الأساس الحاكم لهذه المرحلة يتمثل فى سيادة القانون علينا جميعا أبناء هذا الوطن، وهو الأمر الذى يلقى على عاتق الجهات والهيئات القضائية مهمة وطنية جسيمة لتمكين المصريين من الحصول على حقوقهم والتعريف بمسئولياتهم. كما أعرب عن ثقته فى أن القضاء المصري، بتراثه القانونى الراسخ وخبرات شيوخه وإيمان شبابه بقيمه ومبادئه، قادر على التفاعل مع معطيات مجتمعنا وحركة تاريخه وأحداثه المصيرية وكل ما يهدد كيانه الوطني، بعيدا عن أى انحيازات عقائدية أو سياسية. وقال إن القوانين تمثل الإطار الحاكم لعمل القضاة الجاد، مشيرا إلى أن تنقيحها وتطويرها بات ضرورة واجبة ومهمة أساسية من مهام السلطة التشريعية، التى أضحت تضطلع بدورها وتمارس مهامها بعد تشكيل مجلس النواب الجديد، من أجل إصلاح تشريعى فاعل يعتمد على رؤية مستمرة تعلى مصلحة الوطن وتتواكب مع الحركة السريعة لتقدم المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وتحقق العدالة الناجزة. وأعرب الرئيس - خلال كلمته - عن سعادته بلقاء قضاة مصر للمرة الثانية ليتحدث إليهم من منبر دار القضاء العالى الذى وصفه برمز العدالة وسيادة القانون وشموخ القضاء المصري. وقال: إنه يطيب لى أن أتحدث إلى القضاة فى يوم القضاء المصرى إدراكا وتقديرا لدور تلك المؤسسة الوطنية العريقة وصروحها العظيمة التى تشهد على المكانة الرفيعة لرجال العدالة والرسالة السامية التى تحملون أمانتها، إرضاء لله عز وجل وإنفاذا للدستور والقانون، حيث تحقق الأحكام الصادرة عن القضاة العدالة وترفع المظالم وتعيد الحقوق لأصحابها. وأضاف الرئيس أن مؤسسة القضاء المصرية حازت مكانتها عبر مسيرة ممتدة وتاريخ عريق، مشيرا إلى أن مصر قد عرفت المحاكم الشرعية منذ القرن الثامن عشر، وواصل القضاء المصرى تطوره حتى شهد القضاء علامة مهمة عام 1931 بإنشاء محكمة النقض لتوحيد المبادئ القانونية وتحرى دقة الأحكام النهائية، كما تم فى عام 1946 إنشاء مجلس الدولة المصرى للفصل فى المنازعات الإدارية بين الأفراد والجهات الحكومية. وفى نهاية كلمته، أعرب الرئيس السيسى عن تقدير الدولة لما تقوم به الجهات والهيئات القضائية المصرية الموقرة من عمل جليل، منوها أن الأسرة القضائية مسئوليتها جسيمة، وستظل تضطلع بتلك المسئوليات على خير وجه، لتؤدى الأمانات إلى أصحابها متسلحة بتقاليد عريقة وقيم نبيلة وتعاليم سامية وأعراف تزداد رسوخا عبر الزمن، مؤكدا أن القائمين عليها سيظلون أهلا للعدالة والحكمة. كما حيا مجلس القضاء الأعلى ورجاله الأكفاء وقضاء مصر العظيم ورجاله الأجلاء من رحل منهم ومن تقاعد ومن يواصل العطاء. كان الرئيس السيسى قد اجتمع أمس مع مجلس القضاء الأعلى بكامل هيئته، برئاسة المستشار أحمد جمال الدين عبد اللطيف رئيس محكمة النقض. وقد شارك فى احتفالية عيد القضاء المصرى المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل، ورؤساء الهيئات القضائية، والمستشار عدلى منصور رئيس مصر السابق ورئيس المحكمة الدستورية، والمهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية لشئون المشروعات القومية والاستراتيجية. ومنح رئيس مجلس القضاء الأعلي، الرئيس السيسى هدية تذكارية باسم المجلس، تقديرا لدوره فى إرساء دولة القانون.