فاجأتنى صديقتى الكاتبة والشاعرة السورية المبدعة التى تحتمى ببيروت من غدر الأيام ولؤم الصحاب وهجير النيران التى تلفح الوجوه وتقتل الصغار وتشرد الكبار وتفرق الأحباب وتكوى القلوب فى دمشق الفيحاء.. التى اسمها جاكلين زخارى.. وهى تتحدث اللهجة المصرية كما تتحدثها بنات باب الشعرية ودرب شكمبا.. بتاعة المبدع صلاح جاهين فى أوبريت الليلة الكبيرة بقولها: أريد أن أعمل عملية نعنشة وفرفشة لذاكرتك ولذاكرة مصر كله فى قضية جزيرتى تيران وصنافير.. التى أعادتهما مصر إلى السعودية فجأة بعد ان اكتشفنا أنهما سعوديتان أصلا.. وأريد أن أسألك: أين كانت السيادة على الجزيرتين،، ألم تكن لمصر.. من أيام الملك مينا موحد القطرين.. وأيام بعثات الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت.. الصومال حاليا؟ ثم أيام تحرير سيناء فى 1973ألم يكن الجندى المصرى هو الذى طرد فلول الاسرائيليين من فوق ترابها؟ أسألها: كل هذا جميل.. طيب حضرتك عاوزة تقولى إيه بالضبط؟ قالت: موش أنا.. دا الشعب المصرى.. اعملوا استفتاء شعبى.. زى الاستفتاء على الدستور كده.. والشعب يقول رأيه فى النهاية.. موافق أهلا وسهلا.. موش موافق أهلا وسهلا برضه! قبل أن أنطق فاجأتنى بقولها: واللا أقولك كمان مع الاستفتاء الشعبى نسأل البرلمان المصرى.. لو البرلمان قال: سعودية بالسلامة.. ولو قال مصرية.. خير وبركة.. لم يعجبها سكوتى.. قالت بحدة: يعنى ما بتردش.. موش عاجبك الكلام واللا إيه؟ قلت لها: عاجبنى وتلات تربع كمان؟ تسألنى: طيب أنا رحت قبل كده مرة فى رحلة الى جزيرة تيران.. وشاهدت هناك الشعاب المرجانية وأسماك البحر الأحمر المدهشة البالغة الجمال.. عندما نزلت للغوض هناك تحت الماء.. أقاطعها: وكمان بتمارسى رياضة الغوص تحت المية من ورايا.. دانتى عفريتة أهوه وأنا معرفشى! قالت: بلاش نقورة وحياتك.. ممكن أروح دلوقتى جزيرة تيران سياحة يعنى وانزل تحت المية نفسى والله أعملها مرة تانية.. لكنهم كما علمت لغوا الرحلات لتيران وصنافير! اسمعها تقول من على البعد: ياخسارة! ................ .................. كأنهم أطلقوا عليَّ بتشديد الياء رصاصة في القلب والوجدان.. عندما فاجأتنى صديقتي الكاتبة السورية المبدعة التي تحتمي ببيروت من غدر الأيام وهجير نيران الحرب فى دمشق الفيحاء بقولها: الحق أنهم يتحدثون أمامي علي النت عن سرقة تمثال »كاتمة الأسرار« للمثال العظيم محمود مختار من فوق قاعدته في الاسكندرية.. والذي طالما تحدثنا وتناجينا أمامها.. قصائدا وأشعارا.. وحكاويا.. ولكم ترحمنا علي أيام الزمن الجميل.. في كل مرة أزور فيها الاسكندرية بصحبتك.. لقد خلعوه من فوق قاعدته في الظلام.. متي؟.. لا حد يعرف!.. وذهبت من فورى إلي الاسكندرية.. وتأكدت أنهم سرقوه حقا.. وليس مجرد خيال مجنون أراد أن يبكينا أكثر مما بكينا وأكثر مما سوف نبكي..! في الصباح وجدت الخبر المؤلم علي صفحات جريدتين صباحيتين هما الشروق+ الوطن.. ولا أثر له في أي جريدة أخري.. ولكن الزميلة العزيزة سهيلة نظمي مديرة مكتب الأهرام في الاسكندرية أخبرتني أن التمثال نسخة مقلدة من تمثال المثال العظيم محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر.. وأن المسئولين قالوا لها أنهم يفتشون عن الجاني.. وسوف يعثرون عليه حتما ويعيدون التمثال المفقود إلي موقعه في الحي اللاتيني بمنطقة الشلالات في وسط الاسكندرية.. سألت: طيب وأين التمثال الحقيقي؟ قالت: في متحف مختار بحديقة »التحرير« في القاهرة علي مرمي حجر من كوبري قصر النيل.. وقد نحته النحات العظيم محمود مختار عام 1936 يادوب وضعت سماعة التليفون مع الزميلة سهيلة نظمي.. عاد إلي الرنين مرة أخري.. علي الطرف الآخر هذه المرة ليس من الاسكندرية ولكن من بيروت مرة أخرى انها رفيقة الدرب والطريق ومهنة القلم وحرفة الابداع الشاعرة السورية الرقيقة جاكلين زخاري.. قالت: هيه.. عثرتم علي التمثال؟ قلت لها: لسه ولسوف نعثر عليه إن آجلا أو عاجلا.. لكن كيف تقلقين كل هذا القلق علي تمثال محمود مختار المقلد الضائع.. وزنوبيا ملكة تدمر فى بلدكم تبكي ليل نهار.. مدينتها التي أحرقها »وأحال عاليها سافلها«.. تتار هذا الزمان الذي اسمهم »داعش«؟ قالت: يا عزيزي لقد عادت إلينا تدمر العظيمة.. ولن تترك مليكتها زنوبيا تذرف دمعة حزن واحدة علي ما ضاع.. لأن ما ضاع سوف يعود.. وقد حددوا خمس سنوات لكي تعود تدمر كما كانت منارة للجمال والحب والفن العظيم.. ملحوظة من عندي: حتي كتابة هذه السطور.. لم يخبرنا أحد أنهم عثروا علي كاتمة الأسرار.. ولكن آخر خبر يقول: أنهم يئسوا فيما يبدو من العثور علي التمثال.. وسوف يصنعون نسخة أخري منه لكي توضع مكان التمثال المسروق.. ودمتم! ...................... ...................... ولكي تزيد من ألمي ومن حيرتي.. فاجأتني الشاعرة السورية التي تشبه حبة الكريز بسؤال في القلب: وعملتم ايه يا تري في تمثال الكاتب المصري الذي اسمه »سخم كا«؟ قلت لها: والله من يوم ما ساب رفيق الطريق زاهي حواس منصبه الوزارى في وزارة الآثار وأغلقت مجلة »حابي« أعظم المجلات الأثرية والثقافية والتاريخية أبوابها بعد رحيله.. وأنا شوية بعيد عن بؤرة ومنظومة الآثار المصرية! قالت: شوف عندك يا سيدي.. وخد بالك من الكلام كويس عشان لما أسألك تبقي عارف وفاهم.. وتجاوب صح! قلت لها: معلش يا ست الستات.. أصل أنا فهمي تقيل شوية.. يعني علي قدي! قالت: بلاش هزار وحياتك.. خلينا في الجد.. لأن تمثال الكاتب المصري المعروف باسم »سخم كا« ضاع خلاص! بلهفة أسألها: ازاي بس؟ قالت: لقد قرأت علي موقع الآثار المصرية علي النت تصريحا للدكتورة مونيكا حنا أستاذة الآثار في الجامعة وعضو الحملة الحضارية للحفاظ علي الآثار تقول فيه: لقد أسدل الستار علي آخر أمل لمصر لإسترجاع التمثال العظيم.. وانتهت المدة التي حددتها وزارة الثقافة البريطانية لكي تدفع مصر ثمن التمثال أو تبيعه لأول مشتر وهو أمير قطري سوف يحمله إلي بلاده إن آجلا أو عاجلا! أسأل: أمال احنا كنا فين من أكبر راس في الآثار يعني وزير الآثار.. حتي الحارس الواقف علي باب المتحف المصري في ميدان التحرير؟ قالت: لقد أعلن وزير الآثار السابق الدكتور ممدوح الدماطي عن فتح حساب في أغسطس الماضي لجمع تبرعات لاستعادة التمثال من المتحف البريطاني في لندن.. ولكن اتضح بعد فوات الأوان.. أنه لا يوجد هناك حساب مفتوح للتبرعات ولا دياولوا! أسألها: يعني ايه؟ قالت: يعني المهلة عدت.. وأصبح التمثال العظيم من حق المشتري القطري الجنسية.. والذي اشتراه في يوليو من عام 2014 وسيحمله خلال الأيام القادمة من لندن إلي الدوحة.. بعد أن أصبح هو صاحبه الشرعي! أسألها ازاي ده حصل؟ قالت: كما تقول الدكتورة مونيكا حنا.. أن وزارة الآثار بكل أسف سلمت ملف تمثال »سخم كا« إلي وزارة الخارجية.. ولكن وزارة الخارجية لم تفعل شيئا! أسألها: يعني نعمل ايه؟ قالت: نعمل ايه.. يعنى إيه نضغط علي البعثات الأجنبية البريطانية التي تفتش عن الآثار في مصر.. بأن نحرمها من أعمال الحفر والاستكشاف.. بدلا من السماح لها بالجري وراء سراب أو وهم كبير اسمه الكشف عن مقبرة نفرتيتي.. فين؟.. قال جوه مقبرة توت عنخ آمون! أسألها: يعني ضاعت الفرصة وضاع »سخم كا«؟ قالت: تقريبا.. وسنضع كلنا وجوهنا في الأرض خزيا وخجلا! ....................... ...................... مازلنا نتحاور ونتشاور ونقلب معا صفحات كتاب المواجع.. الأديبة والشاعرة السورية جاكلين زخاري في بيروت.. وأنا أقلب المواجع في القاهرة.. قلت محاولا صرف سحابة الهم والغم من فوق رؤوسنا: اسمحي لي أن أحكي لك حكاية من حكايات شقاواتي الصحفية.. في شبابي الصحفي.. قالت باسمة: قول يا حواس! قلت: بمجرد أن دخلت ذات صباح من باب الأهرام عندما كان زمان في باب اللوق قبل نحو نصف قرن.. قبل أن ينتقل إلي عرينه في شارع الجلاء.. قال لي عم بشير الساعي العجوز.. الحق الأستاذ صلاح هلال سأل عنك ثلاث مرات هذا الصباح.. الحق ادخل له بسرعة! قلت في سري: خيرا.. لازم فيه حادثة حصلت وأنا اللي حتدبس فيها كالعادة! فاجأني الأستاذ صلاح هلال رئيس قسم التحقيقات أيامها وأعظم من جلس على كرسى التحقيقات في الأهرام بمجرد أن دخلت عليه صالة التحرير بقوله: الحق.. لقد سرقوا رأس الإله آمون! قلت له: ياه رأس إله مرة واحدة؟ قال: دوغري علي المتحف.. خطوتين من هنا جرى علي التحرير وأنا هابعت وراك مصور في رجليك! ................... هل عثرنا على رأس الاله الضائع؟ ام دوخنا الزمان كعادته معنا.. وتاهت منا الدروب.. ولم نجد الا سرابا؟ ولكن ذلك حديث آخر!{ [email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى