» الولوف« هى اللغة الثانية فى السنغال، وفى النيجر، وتُعد من مجموعة لغات الأطلنطى الشمالية، وقبائل » الولوف« تسكن منطقة السافان شمال غرب السنغال، بين نهر السنغال ونهر جامبيا، ويشكلون 36% تقريبا من سكان السنغال، ونحو 15% من سكان جامبيا وموريتانيا. أحد المتحدثين ب » الولوف«، الكاتب والروائى والباحث والسينمائى السنغالى »بو بكر بوريس ديوب« الذى ولد فى »داكار« عام 1946) دافع من وقت مبكر عن الثقافات الأفريقية فى الصحافة، وكتب أعماله الأدبية باللغة الفرنسية، لكن بعد عودته من زيارة رواندا عام 1998، إثر المذابح التى حدثت هناك، قرر كتابة رواية بلغة » الولوف« اللغة الأم فى السنغال، صدرت روايته »صغار القردة« فعلا بهذه اللغة، بفضل بعض الناشرين الشجعان، و ذاع صيتها بعد سنوات من صدورها. والآن برز مشروع جديد لإنقاذ ودعم لغة »الولوف« تحت عنوان » CEYTU« وهو اسم القرية التى وُلد ودُفن فيها الشيخ » أنتا ديوب«، المفكر الأفريقى المعروف، وصاحب الكتاب الشهير »الأصول الزنجية للحضارة المصرية«، والذى واجه علماء وكُتَّاب الغرب بشجاعة و موضوعية حين كانوا يروِّجُون للاستعلاء العرقى باسم البحث العلمي، وصحح التاريخ الأفريقى بدون تزوير ولا تعتيم، وظلت ترجماته التى أنجزها فى الفيزياء والرياضيات إلى لغة الولوف غير مكتملة، رغم أنه أثبت قدرة لغة » الولوف« على استيعاب اللغات العالمية والتفاعل معها، فى وقت وجد صعوبة فى الترجمة من بعض اللغات الأفريقية مثل » السواحلية والبولار والكيكويو ونغوجى واثيونغو« مباشرة إلى »الولوف«، من دون المرور بالفرنسية أو بالإنجليزية. وهذا يُذكِّر الجميع بمعركته مع الرئيس »ليو بول سيدار سنجور« فى الستنيات عندما قال الشيخ »أنتا ديوب«: » لا يمكن الاستغناء عن اللغات الأفريقية المحلية لنجاح النظام التعليمى والتربوى فى السنغال«، فأصدر الرئيس سنغور أمراً بإقافه عن العمل. لذا جاء إعلان هذه المبادرة فى مارس 2016، لإحياء لغة » الولوف«، عبر مجموعة »Céytu « الجديدة، بدعم طبعات » Zulma « فى باريس، و» الذاكرة محبرة« فى مونتريال، لتقديم ترجمات من الفرنسية إلى » الولوف«، عبر فريق من المتحدثين والمهتمين بهذه اللغة فى الثلاث قارات، أوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية. وبالفعل صدرت أول ثلاثة كتب فى المشروع، وهى رواية » خطاب طويل« ل »مرياما با« وهى عن امرأة تعيش اضطرابًا داخليًّا فى منتصف العمر، وصراعًا خارجيًّا مع الرجل، وهى من ترجمة »مام يونس دينج«، و »أرام فول«. والكتاب الثانى »الأفريقي«، ل »جان مارى غوستاف لوكليزيو«، وهى »سيرة ذاتية« عن صدمته عندما التحق بوالده الطبيب فى نيجيريا، وكان فى الثامنة من عمره عام 1948، وهو من ترجمة »داودة ندييا«. والكتاب الثالث »موسم فى الكونغو«، ل »إيمى سيزير«، ويتناول الستة أشهر الأخيرة من حياة المناضل التقدمى »باتريس لومومبا«، وقت الأحداث التى هزت » الكونغو«، وترجم »بوبكر بورس ديوب«. والمبادرة تهدف لترجمة روائع الأدب، وكتب الأطفال إلى »لغة » الولوف«. ويهدف المشروع لإفادة الأفارقة بتعلم لغات عالمية بجانب لغاتهم المحلية، لتعظيم استفادتهم الإيجابية من التعدد اللغوي، مع الحفاظ على لغاتهم الأصلية، وإحياءها بهذا التفاعل الكبير.