تم تنفيذ هذا الاستطلاع بتمويل من مؤسسة الأهرام, وذلك خلال الفترة من14-17 مايو بأسلوب المقابلة الشخصية علي عينة طبقية قومية ممثلة لكل محافظات الجمهورية باستثناء محافظات الحدود( شمال سيناء وجنوب سيناء, ومرسي مطروح, والوادي الجديد, والبحر الأحمر). قوامها1200 مفردة, تم اختيارهم بمساعدة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. هامش الخطأ في ذلك الاستطلاع+3%. كبيرة وسريعة, هكذا يمكن وصف التغيرات التي تطرأ علي اتجاهات الرأي العام تجاه مرشحي الرئاسة كلما اقتربنا من يوم الانتخابات. لقد لاحظنا هذه التغيرات العاصفة منذ الأسبوع الماضي, ونلاحظها هذا الأسبوع بوضوح أكبر يؤكد أن هذه التغيرات أكبر من مجرد تطور طارئ قصير المدي. لقد لاحظنا في الأسبوع الماضي زيادة التأييد الذي يحصل عليه كل من أحمد شفيق ومحمد مرسي, في مقابل تراجع التأييد الذي يحصل عليه عبد المنعم أبوالفتوح, وقد تعزز هذا الاتجاه حتي احتل محمد مرسي المرتبة الثالثة في سباق الرئاسة لأول مرة. وبينما تتواصل الاتجاهات التي لاحظناها في الاستطلاع السابق, فإننا لاحظنا ظهور اتجاهين جديدين, أولهما هو تراجع كبير في حجم التأييد الذي يحصل عليه عمرو موسي, وثانيهما هو زيادة التأييد الذي يحصل عليه حمدين صباحي, ويقدم الشكل رقم1 موقف المرشحين المختلفين كما أسفر عنه استطلاع هذا الأسبوع. إن أهم التغيرات التي شهدتها ساحة الانتخابات الرئاسية هذا الأسبوع هي خمسة علي النحو التالي: أولا: تراجع عمرو موسي من مستوي الأربعين في المائة المريح الذي احتله لمدة ثلاثة أسابيع متتالية, وخسارته لتسع نقاط دفعة واحدة, فيما يمثل أكبر تراجع يلحق بأحد المرشحين في هذه الفترة الزمنية القصيرة. فقد خسر موسي هذه النقاط التسع عبر فترة زمنية قدرها تسعة أيام, هي الفترة الفاصلة بين الاستطلاعين السابع والثامن, بمعدل تراجع بلغ نقطة واحدة كل يوم. ثانيا: احتلال محمد مرسي المرتبة الثالثة بين المرشحين المختلفين لأول مرة منذ التحاقه بالسباق الرئاسي قبل أسابيع أربعة, رافعا نسبة تأييده بمقدار4.9 نقطة عن الأسبوع السابق, بمعدل زيادة يومي مقداره0.6 نقطة. ثالثا: تراجع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للمرتبة الرابعة لأول مرة منذ عدة أسابيع بعد أن تراجعت نسبة تأييده بمقدار3.2%, وبمعدل تراجع يومي مقداره0.36%. رابعا: تعزيز مكانة أحمد شفيق في المركز الثاني بين المرشحين بعد أن زاد التأييد الذي يحصل عليه بما مقداره2.7%, وبمعدل زيادة يومية قدرها0.3%. خامسا: حقق حمدين صباحي تقدما معتبرا, بعد أن استقر مستوي تأييده لعدة أسابيع عند مستوي السبعة في المائة, فارتفع التأييد الذي يحصل عليه بما مقداره4.7% بين الاستطلاعين السابع والثامن, وبمعدل زيادة يومية قدرها0.52%. يمكن, بناء علي هذه البيانات, تقسيم المرشحين الخمسة الرئيسيين إلي فئتين, تضم الأولي منهما المرشحين الذين يشهد تأييدهم اتجاها للتراجع قبل أيام قليلة من الانتخابات, وتضم هذه الفئة المرشحين عمرو موسي وعبد المنعم أبو الفتوح. لقد تطور تأييد موسي وأبو الفتوح بشكل متواز تقريبا, فالمرشحان كلاهما وصلا إلي أعلي مستويات التأييد في الأسبوع الخامس بعد أن تأكد استبعاد المرشحين عمر سليمان وحازم أبو اسماعيل وخيرت الشاطر. غير أنه بينما بدأ تأييد أبو الفتوح في التراجع مباشرة منذ الأسبوع السادس بسبب ظهور مرشح إسلامي جديد هو محمد مرسي, فإن عمرو موسي استمر محتفظا بنسبة التأييد نفسها لثلاثة أسابيع متتالية, حتي تعرض تأييده لانخفاض سريع في الأسبوع الأخير السابق علي الانتخابات. موسي وأبو الفتوح هما المرشحان الأكثر شجاعة اللذان قبلا المشاركة في المناظرة الوحيدة التي تم تنظيمها في هذه الانتخابات. غير أن شجاعة المرشحين لم تشفع لهما, إذ يبدو أن المناظرة لم تفد أيا منهما, علي العكس, فقد خسر كلاهما بعد هذه المناظرة نقاطا ثمينة ذهبت لمنافسيهما من المرشحين الآخرين في وقت حرج. لقد قدم موسي وأبو الفتوح نفسيهما للناخبين منذ اليوم الأول لترشحهما باعتبارهما مرشحي الإجماع الوطني. فقد قدم موسي نفسه باعتباره مرشح الثورة والخبير في إدارة الدولة في آن معا, وباعتباره مرشحا ليبراليا معتدلا لا يحمل لونا إيديولوجيا صارخا. أما عبد المنعم أبو الفتوح فقد قدم نفسه باعتباره مرشح الثورة بأطيافها المختلفة من السلفيين حتي الليبراليين. وبينما مكنت هذه المظلة الواسعة من التوجهات لعمرو موسي وعبد المنعم أبو الفتوح من احتلال مكانة متقدمة منذ مرحلة مبكرة في السباق, إلا أنها حرمتهما من تطوير رسالة سياسية وإعلامية ذات محتوي محدد وخالية من العمومية. ومع اشتداد الحملات الانتخابية وزيادة الاستقطاب السياسي المترتب عليها, بات الإجماع الواسع الذي حرص عليه كل من المرشحين الاثنين عبئا عليهما في وقت اتجه فيه قسم كبير من الناخبين للاصطفاف حول الراية الإيديولوجية والسياسة الأكثر تحديدا ووضوحا. المجموعة الثانية من المرشحين هي مجموعة المرشحين الصاعدين, التي تضم أحمد شفيق ومحمد مرسي وحمدين صباحي, فمحمد مرسي منذ أول أسبوع له في السباق وهو يحقق تقدما مطردا, حتي احتل المرتبة الثالثة بين المرشحين في هذا الأسبوع. وقد اعتمد مرسي في تحقيق هذا التقدم علي تأكيد هويته الإسلامية, وفي تأكيد سعيه لتطبيق الشريعة, وهو ما حرص الإخوان علي تجنبه في الانتخابات البرلمانية. كما أن حمدين صباحي ظل يحقق تقدما مطردا بطيئا حتي الأسبوع الخامس الذي وصل فيه إلي مستوي تأييد قدره سبعة بالمائة, ولكنه ظل مستقرا عند هذا المستوي طوال الأسابيع الثلاثة التالية, وهي الأسابيع نفسها التي استقر فيها تأييد عمرو موسي عند مستوي الأربعين نقطة, وحين تراجع تأييد موسي في الأسبوع الأخير, عاد تأييد صباحي للزيادة, بما يوحي بأن حمدين صباحي كان من ضمن المستفيدين من الكبوة التي لحقت بعمرو موسي. تأييد أحمد شفيق علي الجانب الآخر, كان قد وصل إلي أدني مستوي له في الأسبوع الرابع عندما ترشح عمر سليمان للرئاسة, لكن بعد استبعاد سليمان, عاد شفيق ليس فقط لتعويض ما خسره, وإنما ليصل إلي مستويات من التأييد لم يصلها من قبل, محتلا المرتبة الثانية تاليا لعمرو موسي, ومضيقا للفجوة بينه وبين مرشح المقدمة إلي أدني مستوي لها في الأسابيع الثمانية. ومثل محمد مرسي, التزم شفيق برسالة سياسية واضحة تؤكد أولوية الدولة, وتتجنب مغازلة الثوار والثورة, وهي الرسالة التي أكسبته ثقة قطاعات من الجمهور تتشوق لاستعادة الأمن والاستقرار, ولاستعادة الدولة هيبتها التي فقدتها. سيناريوهات ثلاثة النتيجة النهائية للانتخابات هي محصلة لتفاعل ثلاثة عوامل: اتجاهات الرأي العام, ومستوي التصويت والجهاز التنظيمي والحملة التي تقف وراء المرشحين. وإذا كانت اتجاهات الرأي العام هي العامل الوحيد الذي يحدد نتيجة الانتخابات, وإذا كانت جميع فئات الناخبين الذين تم تمثيلهم في العينة المستخدمة في هذا البحث سيذهبون للتصويت, وإذا كان الناخبون لن يخضعوا لمؤثرات إضافية في الخمسة أيام الفاصلة بين الانتهاء من جمع البيانات المستخدمة في هذا الاستطلاع( الخميس17 مايو) ويوم التصويت( الأربعاء23 مايو), إذا تحقق كل هذا فإن النتيجة التي ستسفر عنها الانتخابات ستكون قريبة جدا من المؤشرات الواردة في الشكل رقم1, الذي يمثل السيناريو رقم واحد. غير أن الشروط المطلوب توافرها لتحقق هذا السيناريو صعبة التحقق. فالعوامل التي أثرت علي الناخبين طوال الفترة الفاصلة بين الاستطلاعين السابع والثامن سيتواصل تأثيرها حتي يوم الانتخابات, أو علي الأقل حتي انتهاء فترة الدعاية الانتخابية. فحملات المرشحين لم تتوقف, بل إنها زادت نشاطا في الأيام الأخيرة من الدعاية الانتخابية. وبالطبع فإنه من الصعب تصور الأثر النهائي لهذه الحملات, فربما يستطيع المرشحون الذين جانبهم الصواب في المرحلة السابقة, فخسروا بعض التأييد, أن يحسنوا التصرف, فيتوقف نزيف تأييدهم. والعكس أيضا محتمل, فقد يقع من استطاعوا الفوز بتأييد إضافي في الفترة السابقة في الخطأ, فيعودون ليخسروا جزءا من التأييد الذي فازوا به. ولأنه من الصعب تقديم أي تقدير دقيق للطريقة التي تصرفت بها حملة كل مرشح في الأيام السابقة مباشرة علي الانتخابات, فإن الافتراض الأكثر وجاهة هو افتراض أن اتجاهات التغيير التي رصدنا وجودها في الفترة الفاصلة بين الاستطلاعين السابع والثامن ستتواصل وبنفس القدر, أي أن المرشح الذي استطاع الفوز بتأييد إضافي سيواصل القيام بنفس الأشياء التي أكسبته هذا التأييد, فيما سيعجز المرشح الذي خسر بعض التأييد عن وقف هذا النزيف, وهو ما يفرز لنا النتائج المقدمة في الشكل رقم2, التي تمثل السيناريو رقم2 في هذه الانتخابات الرئاسية. اختلافان مهمان نلاحظهما بين السيناريو الأول والسيناريو الثاني, أولهما هو تقدم حمدين صباحي للمرتبة الرابعة علي حساب عبد المنعم أبو الفتوح. أما الاختلاف الثاني فيتعلق بالمسافة الفاصلة بين المرشحين الرئيسيين, التي تتجه لتصبح أكثر ضيقا. فوفقا لهذا السيناريو تتقلص فجوة التسع نقاط بين مرشح المقدمة عمرو موسي والمرشح الثاني في الترتيب أحمد شفيق إلي أربع نقاط فقط, فيما تقل الفجوة بين شفيق ومرسي من7.8 نقطة إلي6.6 نقطة, الأمر الذي يجعل السباق بين المرشحين الثلاثة أكثر حدة. غير أن السيناريو الثاني, مثله مثل السيناريو الأول يقوم علي افتراض أن كل المواطنين الذين قالوا في الاستطلاع أنهم ينوون الذهاب للتصويت سيذهبون بالفعل, وقد بلغت هذه النسبة في هذا الاستطلاع مستوي عاليا قدره86.6%, وهو مستوي من المشاركة يصعب تصور تحققه في الواقع العملي, فالنية التي يعبر عنها المواطنون وهم يجيبون علي أسئلة الاستطلاع في بيوتهم تختلف كثيرا عما سيقومون به فعليا يوم الانتخابات. وبعد مناقشات مستفيضة وحسابات معقدة, اخترنا أن نرسم السيناريو رقم3 علي أساس استبعاد كل من لم يشارك بالتصويت في انتخابات مجلس الشعب السابقة من الحساب, علي اعتبار أنه من غير المرجح لمن لم يذهب للتصويت في انتخابات الشعب بكل ما فيها من حملات ومرشحين وإغراءات إلي الانتخابات الرئاسية التي تعتمد علي الحملات التليفزيونية بعيدة المدي. وبناء علي هذه الفرضية التي نظن أنها تأخذ بعين الاعتبار استعداد الناخبين الطبيعي للتصويت وكذلك أثر الجهاز التنظيمي الداعم لكل مرشح, فإننا رسمنا السيناريو رقم3 الوارد في الشكل رقم.3 الملاحظتان الأكثر أهمية في هذا السيناريو هما عودة عبد المنعم أبو الفتوح لاحتلال المكانة الرابعة علي حساب حمدين صباحي, فيما بقي ترتيب المرشحين الثلاثة الذين يتقدمون السباق علي حاله, وإن تقلصت بدرجة كبيرة جدا الفجوة بين مرشح المقدمة عمرو موسي والمرشح التالي له أحمد شفيق, فأصبحت أقل من1.5 نقطة, فيما ظلت الفجوة بين شفيق ومرسي علي المقدار نفسه الذي كانت عليه في السيناريو الثاني. السيناريو رقم3 هو السيناريو الأكثر رجحانا من وجهة نظرنا, وهو سيناريو لا يسمح بالتنبؤ بمن سيخرج فائزا بالمركز الأول في انتخابات الثالث والعشرين من مايو, فالفجوة المحدودة بين موسي وشفيق تقل عن هامش الخطأ المحتمل في هذا الاستطلاع وهي تتراوح بين-3 و+3, وفي مثل هذه الحالات فإنه يستحيل من الناحية العلمية ترجيح الترتيب الفعلي النهائي للمرشحين. غير أن القاعدة العامة التي يجب الأخذ بها هنا هي أنه كلما ارتفعت نسبة التصويت زادت فرص عمرو موسي في احتلال المركز رقم1, أو علي الأقل التقدم إلي الجولة الثانية, وكلما قلت نسبة التصويت زادت فرصة أحمد شفيق في احتلال المركز رقم واحد, فيما تزيد فرصة محمد مرسي في التقدم إلي جولة الإعادة المقرر إجراؤها في الخامس عشر من يونيو المقبل.