مذكرات سيئة السمعة.. هذا عنوان مسلسل يتم تجهيزه الآن لعرضه خلال شهر رمضان المقبل. المسلسل يحكي تجربة حياة فرضت علي صاحبها ارتكاب بعض الأفعال التي لا يقبلها المجتمع. المسلسل ليس له علاقة بهذا التحقيق سوي بالعنوان الذي استوقفني عندما قرأت ملفات نواب البرلمان الذين أثيرت حولهم أقاويل ووجهت لهم اتهامات ودخلوا السجن, وتحولوا من قدوة لأبناء دوائرهم إلي نموذج مفقود الثقة يجعلهم نادمين علي أصواتهم. سيناريو هؤلاء النواب يبدأ من نائب القمار مرورا بنواب القروض وحتي نواب الكيف وغيرهم. لسنا من أنصار اطلاق الاتهامات الجزافية, ولا نهوي التشهير بأحد, ولا ننكر أن هناك أغلبية من نواب البرلمان ملتزمين ومحترمين يستحقون لقب حضرة النائب المحترم.. أخلصوا بالعهد الذي قطعوه أمام شعار صوتك أمانة.. فحافظوا علي مصدقياتهم. لكن مع كامل اعتذارنا ل سيد قراره فإن هناك قلة خرجوا من حلبة الأمانة وتمثيل الأمة ليرتكبوا أفعالا مشينة جعلت ناخبيهم يضيفون كلمة سابقا إلي لقب حضرة النائب المحترم ليصبح كل من هؤلاء المخالفين حضرة النائب المحترم سابقا, وخاصة بعد أن قال القضاء كلمته, ورفعت عنهم الحصانة, ووقفوا أمام النائب العام وصدرت ضدهم أحكام لينتقلوا من الجلوس تحت قبة البرلمان إلي زنازين السجون. ما الذي يحدث؟ ولماذا اهتزت صورة نواب الشعب؟! وهل صار الضمير الرقابي في قفص الاتهام؟! وهل نستيقظ.. وندقق الاختيار فيمن مفترض فيهم الحفاظ علي محاربة الفساد؟! وهل.. وهل.. ؟! لا نطبق مقولة السيئة تعم, ولا نستسلم لعبارات تقليدية من نوع النظر إلي نصف الكوب الفارغ.. لكن علينا أن ننتبه في هذا التوقيت المناسب ونحن مقبلين علي انتخابات تشريعية بدايتها قريبا في مجلس الشوري, بعدها ببضعة شهور انتخابات مجلس الشعب.. ننتبه إلي فكرة حسن الاختيار والبحث والتدقيق لمن يملك الكود الأخلاقي في المقام الأول.. فالنائب ليس فقط من ينفرد بامتلاك الحصانة كنوع من الوجاهة الاجتماعية فقط, بل هو نائب من الأمة.. وعضو في أهم مؤسسة تشريعية ورقابية تسن القوانين التي تحدد مصائر شعوبها في مختلف مناحي الحياة. كشف هيئة مؤسسة البرلمان ليست أقل من أي مؤسسة تختار أعضاءها وفقا لكشوف هيئة, وأبحاث اجتماعية تضمن عدم المتاجرة بالحصانة وفتح الأبواب المغلقة لعقد صفقات شخصية تسييء في النهاية إلي المؤسسة التي ينتمي إليها فتصبح مثل من يرتدي بدلة باهظة الثمن وبها رقعة في ناحية الصدر... لا شك أنها تفقد هيبتها وواجهتها. لا نفرط في تقديم النصائح فالمعني واضح جدا لاسيما في أيدي من يمتلكون قرار إختيار مرشحهم سواء داخل الأحزاب أو لدي الناخبين عند صناديق الاقتراع. وحتي نتجاوز عنوان المسلسل مذكرات سيئة السمعة, ونحافظ علي أناقة البدلة بدون رقع تفقدها أناقتها. تعلم من الدرس يا... تعالوا نسترجع معا لقطات سوداء في تاريخ البرلمان ونبدأ من عند النائب الشهير بنائب القمار الذي تمت محاكمته بتهمة استيراد550 تليفون محمول منذ عدة أيام, ومن قبله النائب الذي اقتحم قسم شرطة ووجهت له جهات التحقيق الاتهام بالتعدي علي أفراد بقسم الشرطة خلال تأدية وظيفتهم. ومن لقطة إلي أخري فلابد أن تتوقف كثيرا أمام النائب الذي يحاكم هو و(6) آخرين أمام محكمة جنايات القاهرة في قضية أكياس الدم التي وردتها شركته لوزارة الصحة. هذا ليس بعيدا عن النائب السابق بالبرلمان الذي حكم عليه بالسجن و12 آخرين في تهمة رشوة مالية بلغت نحو مليوني جنيه مقابل افشاء أسرار إحدي الهيئات الحكومية. وها هي قضية نواب الكيف التي لا تنسي حيث ضلع عدد من النواب في جلب المخدرات والاتجار بها خلال مطلع التسعينيات وتمت احالتهم إلي المحكمة التي أصدرت حكمها. غير أن الضجة التي أثيرت حول هروب العشرات من النواب من أداء الخدمة العسكرية جعلت مشهد نواب التجنيد في مقدمة الملفات السوداء لبعض النواب. ومن نواب التجنيد الي نائب النقوط حيث أطلقت عليه الصحافة هذا اللقب بعد واقعة شهيرة, أما نواب سميحة.. فحدث ولا حرج.. فقد تورط ثلاثة نواب في ليلة حمراء مع احدي بائعات الهوي وجري الاتفاق علي أن يدفع كل نائب200 جنيه نظير المتعة الحرام. نواب القروض وفيما تأخذنا الحسرة ونحن نقلب ملفات نوابنا نتوقف في مرارة شديدة عند قضية نواب القروض التي أصدرت فيها محكمة أمن الدولة العليا حكمها علي31 متهما من بينهم أربعة نواب بعقوبات تتراوح بين الاشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وبين الحبس سنة مع وقف التنفيذ, غير أن هذه القضية من القضايا التي شغلت الرأي العام كثيرا. ربما تكون هذه بعض النماذج التي ظهرت في النور ولم يستطع أحد أخماد نيرانها مبكرا.. لكن ربما يكون أيضا ما خفي كان أعظم حسبما يري الدكتور شوقي السيد عضو مجلس الشوري وأستاذ القانون الدستوري مطالبا الرأي العام والناخبين بتحمل مسئولية النائب الذي اختاروه, إنه حسب القانون فإن الناخبين لديهم الحق في سحب الثقة من النائب تحت القبة اذ ما تبين لهم ارتكابه للمخالفات أو جرائم من شأنها الاساءة الي أمانة تمثيلهم داخل البرلمان, غير أن هذا الاجراء يكون بمثابة وسيلة ردع لكل من يسمح لنفسه بسلوكيات سيئة السمعة. الأمانة والتضحية وبرغم أن النائب والحزب هما اللذان يختاران ممثليهما فإن في وجهة نظر د. شوقي السعيد يجب أن تكون الاختبارات للعناصر الأفضل, وأن تكون هناك معايير جيدة لتظل الصورة الذهبية للنائب, كما تنبغي أن تكون بعيدا عن أية تشوهات, في الوقت نفسه فإنه يجب علي النائب أن ينأي بنفسه عن أية شبهة لأن النيابة أمانة والأمانة تستحق التضحية وما حدث خلال الفترة الماضية يثير الحزن لأن الذين ارتكبوا الجرائم وصدرت ضدهم أحكام قانونية لم يلتزموا بأمانة النيابة. شراء الأصوات أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فيرفض الصورة التي صار عليها بعض النواب الآن ويطالب بضرورة أن يكون هناك معيار واحد للتعامل مع مثل هذه المخالفات التي يرتكبها النواب, وأنه ليست مصادفة أن تصدر تلك الأفعال من نواب من المفترض أنهم يمثلون الأمة تحت القبة, هذا غير أن الناخب يجب أن يكون ايجابيا ويشارك في الانتخابات ويختار المرشح المناسب لتمثيله, فضلا عن أن الأجواء التي أتت بالنماذج التي ترتكب هذه المخالفات هي أجواء شراء الأصوات وغياب الشفافية والنزاهة عند صندوق الاقتراع ولذلك فلابد من ضرورة الانتباه لوضع خطوات شرعية تقودنا في النهاية لاختيار نواب مناسبين يحفظون أمانة الأمة النيابة العامة المهندس أحمد الليثي النائب الحالي ووزير الزراعة السابق يطالب الناخب بحسن اختيار من يمثله ويعبر عن إرادته مؤكدا أن الاختيار سوف ينعكس في نهاية الآمر علي مصلحة الناخب نفسه, وبالتالي فإن مسئولية الناخب تأتي قبل مسئولية الأحزاب في اختيار المرشح و الدليل أن80% من النواب في هذه الدورة. جاءوا من خلال انتخابات حرة ونزيهة ولم يتم التدخل في المرحلتين الأولي والثانية من هذه الانتخابات. ولم يغفل الليثي مطالبة الاحزاب بإحالة كل من ثبت ضدهم اتهامات أو تحوم حولهم شبهات من نواب الحزب الي النيابة العامة حتي لا تتكرر مثل هذه الجرائم وتفسد صورة النائب والحزب معا. في السياق ذاته يطالب الليثي بنشر الوعي لدي الناخب لاختيار نائب صاحب مواصفات تتفق مع مهمته تحت القبة وهي التشريع والرقابة, وأنه آن الآوان للتوقف عن الاختيار العاطفي القائم علي المجاملات وثقافة نواب سرادقات التعزية أو كما يطلقون عليهم نواب المعازي.