فى أكبر عملية تسريب لوثائق منذ "ويكيليكس" ووكالة الأمن القومى الأمريكي، كشف تحقيق صحفى ضخم، شاركت فيه أكثر من 100 صحيفة حول العالم استنادا إلى 11.5 مليون وثيقة مسربة حصلت عليها، أن 140 زعيما سياسيا من دول العالم بينهم 12 رئيس حكومة حاليا أو سابقا، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية آمنة. وورد فى الوثائق أسماء مثل الرؤساء : الروسى فلاديمير بوتين والصينى شى جين بينج والأوكرانى بيترو بوروشينكو ورؤساء وزراء بريطانيا وباكستان وآيسلندا، وعلاء نجل الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأبناء الرئيس الأذربيجاني، إضافة إلى أمير قطر السابق ورئيس وزرائها حمد بن جاسم بن جبر. كما تتضمن 33 شخصا وشركة وضعتهم الحكومة الأمريكية على القائمة السوداء مثل تجار المخدرات المكسيكيين ومنظمات إرهابية مثل حزب الله أو تابعة لدول مثل إيران وكوريا الشمالية. ونشر "الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين"، ومقره واشنطن، على موقعه الإلكتروني، أن الوثائق تحتوى على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للحدود "أوفشور" فى أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم، بينها آلاف الشركات التى أسستها بنوك عملاقة مثل "يو بى أس" و"إتش إس بى سي"و"كريدى سوسيس" و"دويتش بنك". وتم تسريب هذه الوثائق من مكتب المحاماة البنمى "موساك فونسيكا" الذى يعمل فى مجال الخدمات القانونية منذ أربعين عاما، وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي" إن المكتب لم يواجه طيلة هذه العقود الأربعة أى مشكلة مع القضاء. وأضاف الاتحاد أن هذه الوثائق حصلت عليها أولا صحيفة "تسود دويتشه تسايتونج" الألمانية قبل أن يتولى الاتحاد نفسه توزيعها على 370 صحفيا من أكثر من سبعين دولة من أجل التحقيق فيها فى عمل مضن استمر حوالى عام كامل. ولم يوضح الاتحاد كيف تم تهريب هذه الوثائق التى أطلق عليها اسم "أوراق بنما"، إذ أنها سربت من الشركة البنمية. وأضاف أن "الوثائق تثبت أن البنوك ومكاتب المحاماة وأطرافا أخرى تعمل فى الملاذات الضريبية غالبا ما تنسى واجبها القانونى بالتحقق من أن عملاءها ليسوا متورطين فى أعمال إجرامية". ومن جانبه، صرح مدير الاتحاد جيرار ريليه ل"بى بى سي" بأن "هذه التسريبات ستكون على الأرجح أكبر ضربة سددت على الإطلاق إلى الملاذات الضريبية، وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق" التى تم تسريبها. وتفيد الوثائق أن اشخاصا مرتبطين ببوتين هربوا أموالا تزيد على مليارى دولار بمساعدة من بنوك وشركات وهمية، وحصلوا على نفوذ لدى وسائل إعلام وشركات صناعة سيارات فى روسيا. وذكرت صحيفة "لا ناسيون" الأرجنتينية التى شاركت فى التحقيق أن الرئيس الأرجنتينى ماوريسيو ماكرى كان عضوا فى مجلس إدارة شركة "أوفشور" مسجلة فى جزر الباهاما. وفى بريطانيا، تشمل الوثائق معاملات أجراها يان دونالد كاميرون والد رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، والذى توفى فى 2010. وأشار التحقيق إلى أن الشركة البنمية ربما ساعدت فى إخفاء ملايين الدولارات من سرقة "رينكس - مات" فى بريطانيا التى تمت فيها سرقة سبائك ذهب بقيمة 40 مليون دولار من مطار هيثرو فى لندن فى نوفمبر 1983، وأصبحت من كلاسيكيات السرقات العالمية. وفى الصين، كشفت الوثائق أيضا شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصينى شى جين بينج الذى يرفع لواء مكافحة الفساد فى بلاده. وبين أقرباء الرئيس الصينى الذين وردت أسماؤهم دينج جياجى زوج الشقيقة الكبرى لشي. وقال الاتحاد إن دينج أصبح فى 2009، عندما كان شى عضوا فى اللجنة الدائمة للمكتب السياسى للحزب الشيوعى الصينى الذى يتمتع بنفوذ كبير، مساهما فى شركتين وهميتين فى جزر "فيرجين" البريطانية، أو جزر العذراء. كما ورد اسم لى تشاولين ابنة لى بينج، الذى تولى رئاسة وزراء الصين فى الفترة من 1987 إلى 1998. وقد استفادت من مؤسسة فى ليختنشتاين تديرها شركة مسجلة عندما كان والده رئيسا للحكومة. وفى الولاياتالمتحدة، أكد الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين أن ولايات مثل ديلاور ونيفادا تسمح لشركات بالبقاء مجهولة، وتواصل مكافحة الجهود من أجل مزيد من الشفافية. وفى البرازيل، استهدفت تحقيقات فى الرشوة وغسيل الأموال تعرف باسم "عملية غسل السيارة" وبالبرتغالية باسم "لافا جاتو" الشركة البنمية وكبار القادة السياسيين ومن بينهم الرئيس السابق لولا دا سيلفا، كما هددت الفضيحة الرئيسة الحالية ديلما روسيف. وفى آيسلندا، أظهرت الوثائق تورط رئيس الوزراء سيجموندور ديفيد جونلاوسون وزوجته فى امتلاك شركة بملايين الولارات فى الوقت الذى كانت تمر به البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة. ومن المشاهير فى عالم كرة القدم، ورد فى التحقيق لاعبا كرة القدم ميشيل بلاتينى وليونيل ميسى إلى جانب الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" الذى لم يستفق بعد من الفضائح المتتالية التى هزته خلال الأشهر الأخيرة، حيث استخدم أربعة من الأعضاء ال 16 فى الهيئة التنفيذية للفيفا شركات أوفشور أسسها مكتب موساك فونسيكا. ووردت فى هذه الوثائق أسماء حوالى 20 لاعب كرة قدم من الصف الأول بينهم لاعبون فى فرق برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد. وأوضحت الأوراق أن ميسي، النجم الأرجنيتى الحائز مرات عديدة على "كرة الفيفا الذهبية"، شريك مع والده فى ملكية شركة مقرها فى بنما، وورد اسم النجم ووالده للمرة الأولى فى وثائق مكتب المحاماة فى 13يونيو 2013، وذلك فى أعقاب توجيه الاتهام إليهما بالتهرب الضريبى فى إسبانيا. ومن نجوم عالم الكرة الواردة أسماؤهم فى الوثائق برز أيضا اسم الفرنسى ميشيل بلاتيني، الذى استعان بخدمات مكتب المحاماة فى 2007، وهو العام الذى تولى فيه رئاسة الاتحاد الأوروبى لكرة القدم، لتأسيس شركة فى بنما. وأظهرت الوثائق أن مدانا لم تذكر اسمه فى عمليات غسيل أموال ادعى أنه رتب حملة غير قانونية بقيمة 50 ألف دولار استخدمت لتغطية أموال 29 مليارديرا وردت أسماؤهم فى قائمة مجلة "فوربس" لأغنى 500 شخص فى العالم، إلى جانب النجم العالمى جاكى شان، الذى يملك لوحده ست شركات تديرها شركة المحاماة البنمية، كما ورد اسم النجم الهندى أميتاب باتشان. وكشفت الوثائق عن أن أصابع "موساك فونسيكا" متوغلة فى تجارة الألماس الأفريقية، وسوق الفن العالمية.