كل يوم يمر على صناعة السياحة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها عماد الأمن القومى المصرى وانها ركيزته الأساسية فى تثبيت أركانه..فقد استطاعت خلال سنوات طويلة أن تؤمن إحتياجات البلاد من العملة الصعبة لشراء ما يحتاجه الشعب من اساسيات الحياة..واستوعبت الملايين من شباب مصر ووفرت لهم مصدر رزق يعينهم على إعالة أسرهم والأنطلاق نحو حياة رحبة ومستقبل واعد..وكانت سببا مباشرا وغير مباشر فى رواج أكثر من 30 صناعة أخرى تدخل فى اليات بناء وتشغيل الفنادق..فحققت بذلك أمن البلاد والعباد. من هنا علينا أن نتعاطى مع أزمة السياحة بإعتبارها قضية امن قومى لا تحتمل التخاذل فى تناولها او التقليل من شأنها.. ولعل تغول الدولار الأمريكى على الجنيه المصرى بهذا الشكل غير المسبوق جاء نتاجا طبيعيا لتراجع الحركة السياحية الوافدة الى مصر التى كانت توفر للخزانة العامة للدولة أكثر من 14 مليار دولار سنويا يتم استغلالهما فى الحفاظ على فارق السعر بين الجنيه والدولار..وتأمين شراء القمح والمنتجات البترولية من البنزين والسولار وغيرهما من الأحتياجات الأساسية للمواطنين. هذه الزيادة المتوقعة لسعر الدولار والتى وصلت الى عشرة جنيهات يجب أن تقلق راحتنا حتى نعيد للجنيه هيبته وقوته ونضبط به ارتفاع الأسعار .. وتفرض علينا ايضا ان نجد حلولا سريعة وغير تقليدية قبل ان يخرج الأمر عن السيطرة ويرتفع الدولار الى عنان السماء ويسقط الجنيه الى سابع ارض. نعلم جميعا أن هناك حربا خفية تم أطلاقها ضد مصر عقب نجاحها فى القضاء على المخططات الشيطانية لبعض الدول..كما ندرك ايضا ان هذه الدول تحاول خنق مصر سياحيا حتى ينهار اقتصادها وتدخل فى نفق مظلم لا تعرف نهايته ويؤدى بنا الى ما لا نريد..ولهذا علينا ان نتنبه جيدا وان ندير هذه الأزمة بحنكة ونستدعى خبراتنا المتراكمة على مدى العهود الماضية لتنفيذ خطوات مهمة نوجزها في: المجلس الأعلى للسياحة: 1- ضرورة عقد اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للسياحة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى وعضوية الوزراء المعنيين بتوجهات الدولة فى الخارج للعمل على وضع خطط فورية لتحسين صورتها على أن يضم هذا المجلس الخبراء من كبار رجال السياحة الذين يتمتعون باتصالات مباشرة مع منظمى الرحلات فى الدول المختلفة. 2- الغاء التعاقد مع شركة «جى دبليو تي» بعد أن ثبت ان جميع العاملين بها من المصريين..وان يتم توفير هذه الأموال ورصدها للتعاقد مع شركات علاقات عامة أجنبية تحمل نفس جنسية الدولة التى نريد تحسين صورتنا الذهنية لدى مواطنيها.. خاصة ان العاملين بها يتحدثون نفس اللغة ويعرفون كيف يؤثرون فى المتعاملين معهم من الصحفيين والإعلاميين والمثقفين والشرائح الأخرى من طلبة الجامعات وغيرهم..وستكون لديهم القدرة ايضا على عقد ندوات ومؤتمرات يشرحون بلهجاتهم المحلية ولغاتهم حقيقة كل ما يثار فى وسائلهم الأعلامية عن مصر..فليس من المنطقى على الأطلاق أن أتعاون مع شركة ليس لديها دراية بمكونات السوق المستهدفة الاجتماعية والثقافية.. 3- ان يعقد رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل اللجنة الوزارية التى وعد باجتماعها بصفة دورية لمتابعة القرارات التى تم اتخاذها لمساندة قطاع السياحة والخاصة بتأجيل سداد الديون السيادية وجدولتها .. خاصة وان قطاع السياحة لم يطلب إعفاءه من سداد هذه المستحقات بل طالب فقط بتأجيلها حتى تعود الحركة السياحية الى التدفق من جديد..والغريب هنا انى تلقيت رسائل عديدة من قطاع السياحة تؤكد عدم التزام بعض الوزارات بالقرارات التى تم اتخاذها خلال الاجتماع الأخير للجنة برئاسة رئيس الوزراء. هيكلة الوزارة والهيئة: 4- اعادة هيكلة وزارة السياحة وهيئة التنشيط ..وإجراء تقيمات جدية لأداء جميع العاملين والمسئولين ..وان يعمل وزير السياحة يحيى راشد على اختيار معاونين له من أهل الخبرة وليس من أهل الثقة يتمتعون بالمهنية والكفاءة..ويستطيع الوزير أن يجد هؤلاء اذا ما قام بإعادة فرز لشباب الهيئة الذين لم يحصلوا على فرصتهم خلال الفترات الماضية..كذلك ضرورة وضع اجندة لتنظيم فعاليات تجذب السياحة الخارجية والكف عن استغلال أزمة السياحة لدعم كل من يبحث عن تحقيق ربح مثلما حدث من دعم لبعض المؤتمرات والندوات التى تقيمها الجامعات الخاصة التى تهدف الى الربح من الأساس..مع ضرورة قيام وزير السياحة باختيار مكتب إعلامى يتمتع بالحس الصحفى والمهنى يستطيع التعامل مع الأزمات المتلاحقة التى يواجهها قطاع السياحة.. 5- وصل عدد المنشأت التى تم غلقها بمدينة شرم الشيخ وحدها الى أكثر من 120 فندقا مما يستدعى على وجه السرعة اتخاذ التدابير اللازمة لمساندة اصحاب هذه المنشأت للحفظ على العمالة وان ندرس الاجراءات التى اتخذتها تونس عقب أزماتها الأخيرة لمساندة قطاع السياحة الذى تعتبره العصا السحرية للأمن القومى التونسي. 6- ضرورة الأهتمام بتدريب العاملين بالسياحة والاهتمام بالمراكز التدريبية التى تم إنشاؤها لهذا الغرض..خاصة وان سمعة السياحة الى مصر اصبحت على المحك بسبب تدنى مستوى الخدمة. 7- الاستعانة بكبار رجال السياحة الذين حققوا نجاحات فى شركاتهم وفنادقهم أو من يطلق عليهم العشرة الكبار .. والابتعاد تماما عن أصحاب الصوت العالى الذين لا خبرة لهم لوضع رؤية حول مستقبل السياحة خلال الفترة المقبلة.. معدات حديثة للمطارات: 8- ضرورة سرعة توفير المعدات الحديثة اللازمة لتامين المطارات على غرار المطارات الأوروبية والعربية وان يتم تأهيل العاملين بالمطارات وتدريبهم على أحدث الأنظمة الأمنية بالمطارات.. 9- الأسراع بالأعلان عن شركة تأمين المطارات المصرية التى سبق أن أعلنت الحكومة تشكيلها.. فالوضع الحالى للسياحة لا يحتمل التأخير أو إطلاق تصريحات فى الهواء دون تحقيقها..فقد مضى الان اكثر من شهرين على اعلان وزيرى السياحة والطيران السابقين موافقة مجلس الوزراء على تشكيل هذه الشركة والى الأن لم يعلن بدء عملها. 10- تكليف مكاتب هيئة الاستعلامات بالقيام بدورها فى تصحيح الصورة المغلوطة عن الأحداث التى تقع فى مصر والرد على وسائل الأعلام المختلفة التى تنشر اخبارا مغلوطة تؤثر فى الحالة الذهنية للسائح. 8- استغلال نجاح مصر فى ادارة ازمة الطائرة المختطفة والتاكيد لوسائل الإعلام العالمية على قدرة مصر على تأمين مطاراتها وان يتم نشر الفيديو الخاص بتفتيش ركاب الطائرة اثناء فى مطار برج العرب. 11- مطالبة الفضائيات ووسائل الإعلام المحلية بعدم التركيز على السلبيات الموجودة بمجتمعنا وعدم التكالب على عرض كل ما يسىء لصورة مصر فى الخارج..حيث تقوم وسائل الإعلام الغربية بنقلها دون عناء او حاجة لتضخيمها بهدف إقناع مواطنيها بأن مصر غير مؤهلة لأستثماراتهم او زياراتهم..وان نخذو حذو تركيا على سبيل المثال التى تقوم من خلال تصدير مسلسلاتها التليفزيونية الى دول العالم المختلفة بتسليط الأضواء على مواطن الجمال والرقى لتجعل كل من يشاهدها يتمنى زيارتها يوما ما..فى حين ان المسلسلات المصرية والبرامج تتعمد التركيز فقط على العشوائيات وتجارة المخدرات و»البلطجة» وغيرها من الصور السلبية الموجودة فى جميع انحاء العالم وليس فى مصر وحدها.