التأمين بأنواعه المختلفة من المعاملات المستحدثة التى لم يرد بشأنها نص شرعى بالحل أو بالحرمة شأنه. فى ذلك شأن معاملات البنوك فقد خضع التعامل به لاجتهادات العلماء وأبحاثهم المستنبطة من بعض النصوص فى عمومها؛ كقوله تعالى «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ». أما التأمين على الحياة فقد اختلف فيه الفقهاء المعاصرون والغالبية ترى حرمته وأقوى ما يستند إليه فى هذا الحكم هو أنه مبنى على الغرر «الأمر المجهول العاقبة»؛ وذلك لأن شركة التأمين لا تصرف حتى يقع الخطر فيمكن أن يشترك فى التأمين إنسان وبعد يوم أو ساعة يتعرض لخطر، وهذا هو الغرر وهو منهى عنه فى السنة الشريفة، لكن احد الفقهاء المعاصرين هو الشيخ مصطفى الزرقا وبعض الفقهاء المعاصرين يرون جواز التأمين بكافة صوره وكذلك ترى دار الإفتاء المصرية جوازه. وترى دار الإفتاء المصرية أنه لا مانع شرعًا من الأخذ بنظام التأمين بكل أنواعه لأن التأمين هو تبرع من المؤمن؛ حيث يتبرع بالقسط المدفوع، وتبرع من جهة أخرى من الشركة؛ حيث تتبرع بقيمة التأمين، وذلك على سبيل توزيع المخاطر والتعاون على حمل المبتلى لا يشتمل على منهى شرعا. ويقول الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن التأمين ثلاثة أنواع الأول التأمين التبادلى وتقوم به مجموعة من الأفراد أو الجمعيات؛ لتعويض الأضرار التى تلحق بعضهم. والثاني: التأمين الاجتماعى وهو تأمين من يعتمدون فى حياتهم على كسب عملهم من الأخطار التى يتعرضون لها، ويقوم على أساس فكرة التكافل الاجتماعي، وتقوم به الدولة. أما النوع الثالث فهو التأمين التجارى وتقوم به شركات مساهمة تنشأ لهذا الغرض. فالنوعان الأول والثانى يكاد الإجماع أن يكون منعقدا على أنهما موافقان لمبادئ الشريعة الإسلامية؛ لكونهما تبرعا فى الأصل، وتعاونا على البر والتقوى. أما النوع الثالث: وهو التأمين التجارى ومنه التأمين على الأشخاص فقد اشتد الخلاف حوله واحتد: فبينما يرى فريق من العلماء أن هذا النوع من التعامل حرام؛ لما يكتنفه من الغرر المنهى عنه، ولما يتضمنه من القمار والمراهنة والربا، يرى فريق آخر أن التأمين التجارى جائز وليس فيه ما يخالف الشريعة الإسلامية؛ لأنه قائم أساسًا على التكافل الاجتماعى والتعاون على البر. ومن جانبه يوضح الدكتور حامد ابو طالب، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن التأمين على الحياة إما أن يكون تأمينا تعاونيا أو تحت أى مسمى آخر مبنى على التكافل. وأشار إلى أن التأمين التكافلى يأتى عن طريق اتفاق طائفة أو مجموعة من الناس على أن يدفع كل منهم مبلغا من المال سواء شهريا او سنويا فى أى توقيت حتى ينزل بأى من المشتركين أمر يستدعى مساعدة مالية عادة ما تكون كبيرة وقدمت المساعدة من المبالغ المستحقة التى تجمع من المشتركين، مؤكدا أن هذه الصورة من التأمين جائزة شرعا ولا تقع فى دائرة المحرمات وذلك باتفاق الفقهاء المعاصرين لأنها لا تخرج عن كونها داخلة فى مجال التعاون والمساعدة لغير القادرين وقت الشدائد ويعتبر كل المشاركين فى هذا النوع من التأمين تحت نوع التأمين التكافلى لأنه يدفع تبرعا عن طيب خاطر وهو ما اتفق عليه الجماعة المشاركون من الاشتراكات الشهرية أو السنوية فى أى توقيت لأنه عقد من عقود التبرع الذى يهدف الى تحقيق التعاون وتجنب المخاطر والاشتراك فى تحمل المسئولية عند نزول أى أخطار بإنسان يحتاج إلى مساعدة من الآخرين. وقال أن كلا من المساهمين فى هذا النوع من التأمين رضوا بدفع أموال على أن يستثمر جزء منها فى مشروع وتوزيع أرباحه عليهم كعائد استثمارى والباقى عند الطوارئ. مسائل ظنية ويضيف أن التأمين على الحياة محل خلاف كبير وهو من قبيل الظن وليس القطع، وعلى ذلك فإن من يعمل فى شركة كهذه الشركات فإنه لا يُنكَر عليه ويستمر عليه وماله الذى يأخذه طيب وحلال. أما التأمين التجارى بكافة صوره فاختلف فيه الفقهاء المعاصرون والغالبية ترى حرمته وأقوى ما يستند إليه فى هذا الحكم هو انه مبنى على الغرر «الأمر المجهول العاقبة»؛ وذلك لان شركة التأمين لا تصرف حتى يقع الخطر فيمكن أن يشترك فى التامين إنسان وبعد يوم أو ساعة يتعرض لخطر وهذا هو الغرر وهو منهى عنه فى السنة الشريفة، لكن احد الفقهاء المعاصرين الشيخ مصطفى الزرقا وبعض الفقهاء المعاصرين يرون جواز التأمين بكافة صوره وكذلك ترى دار الإفتاء المصرية جوازه. يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن حرمة التأمين على الحياة حكم مجمع عليه, واستقرت عليه المجامع الفقهية فى العالم الإسلامي, وهى التى تضم الراسخين فى العلم من متخصصى الأمة فى مجال الاجتهاد, والذين أفتوا بالحل لا فقه عندهم, ورأيهم مجرد مشاغبة من غير متخصصين فى مجال الفقه الإسلامي, ورأيهم فى ذلك يلزمهم ولا يلزم غيرهم. وأضاف: إن التأمين على الحياة تكتنفه محاذير شتى, كانت سببا فى انعقاد إجماع علماء العصر على حرمته, من هذه المحاذير, أن عقده يكتنفه الغرر والجهالة, وذلك مفسد للعقد, كما أنه مبنى على المقامرة, وهى محرمة بنصوص الكتاب والسنة, ويشتمل التأمين على ربا الفضل وربا النسيئة, وكلاهما محرم بنصوص الكتاب والسنة أيضا, وفيه أكل لأموال الناس بالباطل, وظلم من أحد طرفى العقد للطرف الآخر, وذلك محرم كذلك بالنص عليه فى الكتاب والسنة, وما كان هذا شأنه لا تبيحه الضرورة أو الحاجة, لعدم الضرورة إليه أو الحاجة, ولأن عقده فاسد, والفاسد لا يرتب الشارع عليه أثرا. وأشار إلى أن أقساط التأمين أو مبلغ التأمين لا يحل لآخذه من الطرفين, باستثناء التأمين الاجتماعى الذى تقتطع فيه جهة العمل جزءا من أجر العامل لقاء صرفه له أو لورثته عند حدوث العجز أو الإحالة إلى المعاش أو حدوث الوفاة, فإن المجامع الفقهية أباحته للحاجة إليه, خاصة أن جهة العمل لا تبغى من اقتطاع أقساط التأمين من راتب العامل الحصول على كسب لها من ذلك, أو الحصول على عوض لدفع ما هو أقل منه كما هو حادث فى شركات التأمين على الحياة بل غاية جهة العمل من ذلك مكافأة العامل ورعايته وأسرته اجتماعيا, عن طريق مؤسسات التأمين الاجتماعى فى الدولة, وإذا كان هذا مما يجوز, فإن مما يحرم أن يقوم فرد بمحض اختياره بشراء سنوات عدة فى التأمين, أو يتعاقد على التأمين على حياته ضد المخاطر المختلفة, ليحصل على عائد ذلك التأمين, فإن هذا ترد فيه المحاذير التى سبق ذكرها. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن التأمين على الحياة حرام شرعا لان فيه نوعا من المضاربة ويقع فى دائرة المحظور لأنه من أنواع الغرر، فالتأمين على الحياة يهدف فى الأساس إلى ربح الشركات وليس الأفراد وبالتالى يعتبر نوعا من المقامرة المحرمة شرعا.وأضاف أن هذه الشركات تحصل على هذه الأموال لضمان سلامة الأنفس، وهو ما لا يجوز الضمان فيه شرعا، ولأن فى عقد التأمين على الحياة غررا، بمعنى أنه لا يمكن لأحد المتعاقدين أو كليهما وقت العقد معرفة مدى ما يعطى أو يأخذ بمقتضى هذا العقد والغرر والمخاطرة مبطلة للعقود فى الإسلام لما كان ذلك فإن عقود التأمين على الحياة بوضعها السائد - ذات القسط المحدد غير التعاونى من العقود الاحتمالية تحوى مقامرة ومخاطرة ومراهنة وبهذا تكون من العقود الفاسدة بمعايير العقود فى فقه الشريعة الإسلامية والعقد الفاسد يحرم شرعا على المسلم التعامل بمقتضاه، وكل كسب جاء عن طريق خبيث فهو حرام قال الله تعالى : «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا» عين الربا ويؤكد الدكتور محمد إسماعيل البحيري، إمام وخطيب مسجد الزهراء بمدينة نصر، أن عقود التأمين على الحياة لا يمكن أن تندرج تحت عقد المضاربة، لأن هذا العقد شركة بين اثنين يدفع أحدُهما المال ويقوم الثانى بالعمل. وكذلك لا يمكن أن نعتبر ما تدفعه شركة التأمين تبرعا وما يدفعه المؤمَّن عليه قرضا، لأن المعاوضة قائمة وبذلك يكون قرضا جر نفعا، وهذا هو عين الربا، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين تورطوا فى هذا التأمين فإن الواجب على المسلم الابتعاد عن هذا النوع من العقود، وإن وقع فيه بجهل أو غيره، وجب عليه فسخه، ويرجع لكل طرف ما دفعه.