رأيت اليوم أن أستريح وأريح معى القارىء العزيز من الكلام عن أزمة السياحة المصرية.. فلا جديد يمكن أن نقوله بعد كل ما طرحناه فى الأسابيع الماضية.. ولا مانع من التقاط الأنفاس فى انتظار الفرج.. ولا معنى لتكرار الكلام والأفكار.. فربما تحمل الأيام القليلة القادمة من الجديد ما يجبرنا على العودة للحديث عن أزمة السياحة وآفاق مواجهتها سواء بإجراءات حكومية أو التدخل السياسى لعودة الطيران الروسى والإنجليزى إلى مصر وبالتالى عودة السياحة. ولأنه لا جديد تحت شمس السياحة المصرية حتى هذه اللحظة كما أوضحت.. فقد رأيت أن الجديد والمثير الذى يجب أن نكتب عنه ويتعرف عليه القارىء الكريم وأهل صناعة السياحة والفنادق هو ما يحدث فى العالم من اتجاهات فى حركة السياحة العالمية أو من صفقات مالية كبرى بالمليارات من الدولارات فى عالم صناعة الفنادق.. وهو موضوع مقالنا اليوم. فالعالم كله يتحدث الآن ومنذ أيام فى مجال البيزنس والاستثمار.. وفى إطار العولمة والتكتلات الاقتصادية الكبري.. عن أكبر صفقة استحواذ أو عرض شراء تقدمت به إحدى مجموعة شركات التأمين الصينية الكبرى مقابل عرض آخر لشركة أمريكية وذلك لشراء واحدة من أكبر شركات الإدارة الفندقية فى أمريكا والعالم كله.. وهو ما أحدث ضجة أو هزة فى أوساط المال والفنادق فى أمريكا لدرجة أن ملحق «المال» فى صحيفة «يو إس إيه تو داي» الأمريكية وصف العرض الصينى بأنه أحدث «ذعر سياسي» فى واشنطن أو الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب تزايد دور الصين كمنافس اقتصادى كبير لأمريكا فى السنوات الأخيرة. والسؤال: ما هو أصل الحكاية أو القصة التى وصلت الآن إلى ما يمكن أن نسميه معركة أوحرب «تكسير عظام» بين الشركات الصينيةوالأمريكية؟. الإجابة أنه منذ شهور تم الإعلان أن شركة «ستاروود» المالكة للعلامات الفندقية التجارية الشهيرة وهى «شيراتون وميريديان وونستن وسانت ريجنس وغيرها بما يصل لنحو 3600 فندق بالعالم تعرض اسمها للبيع فى البورصة فى أمريكا.. إلى هنا والأمر عادي.. وتقدمت بالفعل شركة أمريكية أخرى كبرى فى إدارة الفنادق وهى ماريوت لشراء ستاروود مع العلم بأن ماريوت هى الأخرى تدير نحو 2200 فندق فى العالم تحت علامات ريتز وماريوت ورينسانس وجى دبليو وغيرها لكنها ترغب بشراء ستاروود أن تكون أكبر شركة إدارة فندقية فى العالم بما يقرب من نحو 6 آلاف فندق تضم أكثر من مليون غرفة فى أكثر من 100 دولة. و قبل الحديث عن تفاصيل العروض أو الحرب ليكن معلوما أننا نتحدث عن بيع اسم شركة الإدارة فقط وليس ملكية أصول الفنادق.. بمعنى اننا نتحدث عن مجرد بيع أسم شيراتون وميريديان المهم كان العرض الذى قدمته ماريوت فى البداية 11 مليار دولار ثم ارتفع إلى 12٫2 مليار دولار على أساس سعر السهم 65٫3 دولار.. وكان متوقعا التوقيع على البيع خلال الأيام القادمة وكل ذلك معلن وبشفافية كاملة حتى تتاح الفرصة لمن يريد الدخول أو زيادة العرض. بالفعل وقعت المفاجأة وتقدمت مجموعة التأمين الصينية «آن بانج» بعرض تبلغ قيمته 13٫2 مليار دولار لشراء ستاروود بسعر السهم الواحد 78 دولارا وبذلك تفوقت على عرض ماريوت بنحو مليار دولار فاهتزت أمريكا وحدثت حالة من الذعر لأن الشركة الصينية قد تنجح فى شراء الشركة الأمريكية «ستاروود» وتخرج ماريوت من الصفقة.. أعلنت ستاروود أن ماريوت فى إطار الشفافية أمامها فرصة حتى 28 مارس الحالى لتحسين العرض أو تفوز به الشركة الصينية مقابل أن تدفع ستاروود 400 مليون دولار لماريوت تسمى رسوم إنهاء نظير ما تكلفته فى دراسات لإتمام الصفقة لأنها كانت قد قاربت على الانتهاء, وذلك لأن الشركة الصينية قد تنجح فى شراء الشركة الأمريكية «ستاروود» وتخرج ماريوت من الصفقة. لكن هذا الأسبوع وتحديدا أمس الأول وقعت مفاجأة كبرى فى إطار الغضب الأمريكى أو عدم الرغبة من استحواذ الصين على الشركة الأمريكية وأعلنت ماريوت أنها قررت قبل الموعد 28 مارس رفع العرض إلى 13،6 مليار دولار أى بزيادة 400 مليون دولار عن العرض الصينى وهنا أعطت ستاروود الشركة الصينية فرصة حتى 8 أبريل لتحسين عرضها أو إعلان فوز ماريوت وإذا حسنت الصين عرضها وفازت بالصفقة تدفع ستاروود لماريوت 450 مليون دولار مقابل أتعابها فى الصفقة.. وكل ذلك يتم بشفافية ومعلن فى البورصة. إلى هذا الحد وصلت المنافسة الشرسة أو حرب تكسير العظام بين الصينوأمريكا فى إطار الحرب الاقتصادية الكبرى بينها خاصة أن أمريكا تشعر بتزايد المنافسة الاقتصادية مع الصين وذلك أن محاولة الاستحواذ على شركة الفنادق يأتى ليكون الثالث فى إطار سلسلة استحواذات صينية كبرى على شركات أمريكية كانت الأولى فى مجال الكيماويات الزراعية والثانية فى مجال النفط والغاز. وقد أحدثت هذه الصفقة نوعا من القلق لدرجة أن مسئولين أمريكان قالوا إن الصفقة تتطلب موافقة لجنة الاستثمار الأجنبى فى الولاياتالمتحدة وأن هناك إجراءات لمنع العديد من الصفقات. ولا أحد يعرف ماذا ستفعل هذه اللجنة؟. وتقول الأرقام إن عمليات الاستحواذ الصينية للشركات الأمريكية بلغت حتى الآن 102٫5 مليار دولار فى عام 2016 فى حين كان الرقم 107٫5 مليار دولار فى 2015. ويذكر فى هذا الإطار أن الشركة الصينية التى قدمت العرض تستثمر نحو 129 مليار دولار ويعمل بها أكثر من 30 ألف موظف و3 آلاف فرع للبيع والتأمين والاستثمار فى الصين طبقا لوكالة الإعلام الرسمية الصينية شينخوا وأن الشركة تسعى لأن تكون لاعبا رئيسيا فى سوق العقارات بأمريكا. تري.. هل تنجح ماريوت فى إتمام الصفقة بعد أن رفعت عرضها إلى 13٫6 مليار دولار وبذلك تكون أكبر شركة إدارة فندقية فى العالم بعد الاستحواذ على ستاروود.. أم تفعلها مجموعة التأمين الصينية وتزيد عرضها وتفوز بالصفقة موجهة «لطمة» للشركات الأمريكية؟ هذا ما سيجيب عنه المسئولون عن الصفقة بعد 8 أبريل المقبل الذى تحدد موعدا نهائيا للشركة الصينية للرد على العرض الأخير لماريوت. وبعد.. أرأيتم ماذا يحدث فى العالم.. قبل هذه الصفقة كنت قد كتبت منذ أسابيع عن صفقة لبيع اسم فنادق فيرمونت ورافلز المنافسة بين إنتر كونتننتال وآكور الفرنسية على شرائها مقابل 3 مليارات دولار وربما تحسم الصفقة خلال أيام .. واليوم نتحدث عن بيع اسم الشيراتون وميريديان مقابل 13٫6 مليار دولار أى مايقرب من احتياطى مصر النقدى كله .. هل يمكن أن يأتى اليوم الذى نمتلك فيه فى مصر شركة إدارة فنادق عالمية بهذه الأرقام..؟ مجرد حلم!!.. فلا حياة حقيقية دون حلم وخيال. لمزيد من مقالات مصطفى النجار