فى البداية.. سألنا اللواء محمد شكيب مدير عام الإدارة الطبية بقطاع مصلحة السجون حول «المنظومة الطبية» داخل السجون فأكد أنها على مستوى عال جدا، فهى تنقسم ل«طب وقائي» «وطب علاجي». فالوقائى يركز على توفير التطعيمات الموسمية المحددة من وزارة الصحة، وتأتى لجان مختصة لتقديمها لهم، كما تزورهم بصفة مستمرة قوافل طبية بالاشتراك مع لجان رعاية الأمومة، بالإضافة إلى زيارات لجان من الصحة، هدفها إجراء الكشف الوقائى وفحوصات من أشعة وتحاليل لكل السجينات للكشف المبكر عن أورام الثدى والرحم، واتخاذ الإجراءات حيال الحالات التى يثبت إصابتها بالمرض، التى تتم إحالتها الى معهد الأورام مباشرة، هذا بالإضافة إلى «مجموعة الدرن» بالتنسيق مع وزارة الصحة التى تتوجه لجميع سجون مصر على مدى العام ومعها سيارات متحركة مجهزة للفحص بأحدث الأجهزة الطبية فى العالم من أجهزة أشعة، ومعامل تحاليل بصاق وفى حال رصد أى حالة مشتبه فيها يتم حجزها فورا فى مصحات الدرن والايدز للمرضى من المساجين، فالسجين شأنه شأن أى مواطن مصري. كما يشمل أيضا الطب الوقائى فحص المياه شهريا من السجون للتأكد من خلوها من الأمراض وكذلك يجرى مع الأغذية والتأكد من الشهادات الصحية للعاملين، بحيث تتخذ كل الإجراءات الوقائية التى تتخذ فى أى مؤسسة أخرى بالدولة، بل ونتميز بالدقة الشديدة فى تنفيذها . أدوية بالأمر المباشر أما «القسم العلاجي» فى السجون فجميع الأدوية متوافرة دون استثناء، ونشترى سنويا كميات بملايين الجنيهات، وفى حال طلب أحد الاستشاريين أى نوعية معينة من الدواء لتناسب الحالة المرضية لسجين ما، نقوم بشرائها فورا بالأمر المباشر، فدواء السوفالدى لمرضى فيروس «سى» فى الوقت التى كان يندر وجودها لمرضى، كان المرضى بالسجون يعالجون به وتتوافر لهم، ويتم العلاج به بنفس البروتوكول الذى تعمل وفقه وزارة الصحة، حيث يتم فحص السجين المصاب بفيروس سى وفق قرار علاج على نفقة الدولة ويتم التوجه به لوزارة الصحة، ليوقع عليه الكشف وإجراء التحاليل المطلوبة للتيقن من جدوى تعاطيه هذا الدواء، خاصة انه ليس كل مريض فيروس «سى» يصلح علاجه ب «السوفالدى»، وفى حال الإقرار بصلاحية حالته المرضية للعلاج به ويتم العلاج وفق أحد أمرين إما أن تخصص «الصحة» جرعة العلاج التى يتعاطاها خلال ال 6 أشهر ويتم إعطاؤها للسجين داخل السجن، أو أن نشتريها بالأمر المباشر . أما أدوية الأورام فلدينا مرضى يترددون أسبوعيا على المعاهد المتخصصة لتلقى العلاج الكيماوى أو الإشعاعي، بالنسبة للفشل الكلوى فلدينا فى مستشفيات السجون رقم كبير من ماكينات الغسيل الكلوى لا يوجد نظيره فى المستشفيات الخارجية، حيث توجد فى مستشفى ليمان طرة وحده 6 ماكينات من احدث الأجهزة بالعالم، بالإضافة الى 3 جدد ستصل خلال الأيام المقبلة. كما توجد فى مستشفى سجن القناطر 2 ماكينة غسيل كلوي، كما ستصل ماكينتان لمستشفى سجن أسيوط قريبا ونظيرتهما فى مستشفى سجن برج العرب، وهذه الخدمة الطبية تقدم لمريض الفشل الكلوى ثلاث مرات أسبوعيا بصفة منتظمة ودقيقة تفوق نظيرها خارج السجون، الفحص الطبي وعن أسلوب الرعاية الصحية ومواعيد فحص المساجين طبيا، أوضح أن المساجين هم «مجتمع مغلق» ولدينا العيادات والمستشفيات المركزية بالسجون والتى يصل عددها الى 6 مستشفيات مركزية تغطى الوجه البحرى والقبلى والمنطقة المركزية، بحيث إن السجن توجد فيه عيادات فقط ويكشف فيها يوميا على المساجين، والذى يطبق وفق طريقتين : إما بمرور الطبيب كل صباح على العنابر، ليقف على أى شكوى صحية يعانى منها المساجين ويحدد لها أطر العلاج الملائم للحالة التى يعانى منها المسجون، أو أن يشتكى احد المساجين فى أى وقت ويطلب إجراء الكشف الطبى عليه، ويقوم الطبيب بفحصه على الفور، خاصة ان العيادات الداخلية يوجد فيها طبيب على مدى ال 24 ساعة، وفى حال تطلبت الحالة النقل للمستشفى سواء المركزى بالسجون أو الجامعي، فيتم اتخاذ الإجراء بنقله فى الحال بحيث لا يتعدى الوقت الذى يستغرقه فى توقيع الكشف وخروجه للتوجه للمستشفى نصف ساعة. وأكد أن كل المساجين يتم تقديم الرعاية الصحية دون تفرقة بينهم فى المعاملة، حيث اتلقى اتصالات على مدى ال 24 ساعة لطلب الموافقة على خروج المرضى منهم للعلاج بالمستشفيات، ويتم اتخاذ جميع الإجراءات دون النظر لجريمته الجنائية كانت أو سياسية، فكل ما يشغلنا هو الحالة الصحية التى يعانى منها، لذلك نسعى لانتقاله للمستشفى بأقصى سرعة دون النظر لشخصه أو اسمه أو جريمته. مساجين الإخوان وعن شكوى المساجين المنتمين للجماعة من افتقاد الرعاية الصحية أكد أن أكثر شخصيات تحصل على رعاية داخل السجون هم المسجونون بجرائم سياسية، تزيد على الجرائم الجنائية، رغم عدم تفرقتنا فى المعاملة بينهم، ولا نسأل عن جريمة المريض منهم، وكل ما يعنينا هو حالته الصحية والمرض الذى يشتكى منه، ويتم إبلاغنا بالحالات المرضية المفاجئة فى أى وقت بالليل أو النهار حرصا على صحتهم، أما بالنسبة لهذه المجموعة السياسية المنتمية للإخوان فإننا نقدم لهم جميع الخدمات الطبية من فحوصات وعمليات جراحية، وتم إجراؤها لهم بالكامل بمن فيهم خيرت الشاطر، وبديع ومرسى، ويتم تقديم جميع الخدمات الطبية التى يطلبونها بصورة فورية شأنهم شأن أى سجين، حتى نغلق أبواب القيل والقال، ومع ذلك لدى البعض هواية ومنهجية الشكوى وافتعال المشاكل، فمنهم من اشتكى من تعرضهم للإهمال، وفى حينها أخرجنا التقارير الطبية، التى تسجل كل حالاتهم الصحية والعلاجات التى تلقوها من أدوية أو عمليات جراحية بمختلف تخصصاتها أجريت لهم من قبل الأطباء الاستشاريين بالمستشفيات الخارجية والمتعاقدين مع الوزارة . القوافل الطبية ويزيد على ذلك الخدمات التى تقدمها القوافل الطبية المشتركة من القطاعين للكشف على جميع النزلاء فى السجون المصرية من قبل مجموعة من الأطباء والاستشاريين فى مختلف التخصصات مدعومة بأحدث الأجهزة الطبية والأشعة والتحاليل وذلك بالتنسيق بين قطاع الخدمات الطبية بمصلحة السجون وقطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية، بحيث يعمل القطاعان يدا بيد، والخدمات والأجهزة الطبية التى توجد فى مستشفيات الشرطة لعلاج الضباط والأفراد، توجد نظيرها فى مستشفيات مصلحة السجون للعلاج، كما أن أطباءنا من الضباط المتخصصين الذين يتولون علاج الضباط والأفراد بالوزارة، هم أنفسهم من يعالجون المرضى بالسجون . لا إهمال وعن انتقاد البعض خاصة من جماعة الإخوان إدارة السجون بتعمد إهمال الرعاية الصحية التى تؤدى لوفاة مساجين، أوضح شكيب - قائلا : إن نسبة الوفيات فى السجون المصرية أقل من معدلاتها خارج السجون والتى تقدر نسبتها الطبيعية ب 5 فى الألف، ومع ذلك فإنه فى حالة وقوع حالة وفاة بالسجن ينطبق عليها ذات الإجراءات لحالة وفاة داخل المنزل أو المستشفى، بحيث يلزم ذلك التحقق وفحص الحالة لتحديد سبب الوفاة والإجراءات التى اتخذت حيالها بحضور مفتش من وزارة الصحة وتصريح الدفن تصدره النيابة العامة، وإذا دخل فى يقيننا مجرد ذرة شك فى وقوع إهمال ما، أو فى حال شك أهليته فى سبب الوفاة ووقع تعذيب عليه نطلب تشريح الجثة فورا . وعلى سبيل المثال لحالة وفاة لأحد المسجونين من أعضاء الجماعة، فإن فريد إسماعيل توفى بقصر العينى بعد أن قضى فترة هناك لعلاجه، وقد تم نقله فور شكواه، فليس من مصلحتنا الإبقاء على مسجون مريض داخل السجن، والأجدى لنا نقله بأقصى سرعة لتلقى العلاج المناسب بالمستشفيات، وعلى سبيل المثال لذلك محمد بديع أجريت له أخيرا عملية فتاء فور شكواه منها، والخضيرى أجريت له عملية قلب مفتوح بعد تشخيص حالته داخل مستشفى السجن، تم التنسيق مع قصر العينى وأجرى الجراحة هناك ومازال هناك يقضى فترة الاستشفاء منذ ثلاثة أشهر، وحتى سعد الكتاتنى - ولمجرد ترديد البعض استفسارات عن سبب فقدانه للوزن - رغم انه لم يشتك لإدارة السجن من أى مرض يعانى منه، بادرنا بنقله إلى المستشفى وأمضى فيها 10 أيام، وأجريت له الفحوص التى أكدت انه معافى ولا يعانى من أى مرض، بل هو نفسه أكد ذلك لنا، و أن وزنه متناسق وهو من يحرص على ذلك. وأضاف رغم جودة الطعام الذى نقدمه للمساجين، غير أن إدارة السجون تتيح لأهليتهم أن يضعوا لهم مبالغ مالية فى الكانتين الخاص، والذى تتوافر فيه كل أنواع الأطعمة من اسماك ولحوم وبأسعار معتدلة، ويشترى منها السجين ما يرغب من مأكل أو مشرب . المنظمات الحقوقية ويستطرد : نحن عملنا واضح وجلى أمام الجميع ولكن للأسف الشديد فإن ما نتعجب منه أن كثيرا من الزيارات لمنظمات حقوقية وباحثين تطلع وتقف على الرعاية الصحية والاجتماعية المتوافرة للمساجين وآخر زيارة لهم كانت لسجن قنا، وجميعهم يبدون انبهارهم من كم السبل المتوافرة لهم داخل السجون من مستشفيات وعيادات وملاعب رياضية وسجون مبنية على احدث الأطر من معيشة وتهوية وذلك وفق مخطط التطوير الذى يجرى العمل عليه أخيرا لمنظومة السجون المصرية ، غير أننا نفاجأ بعد رحيلهم وانتهاء الزيارة بأنهم يذكرون أشياء أخرى بخلاف ما أبدوه لنا وقت الزيارة . رعاية بالغة أما اللواء مصطفى إبراهيم مدير المنطقة المركزية للسجون فأكد أن مصلحة السجون بكل مناطقها، ومنها المنطقة المركزية «طرة أ و طرة ب» والتى يتبعها 20 سجنا، تولى اهتماما بالغا لتوفير كل أوجه الرعاية للمساجين وتأتى فى مقدمتها الرعاية الصحية، والتى ليس لها نظير فى الخارج ويعالج المرضى المساجين بأحدث الأجهزة الطبية داخل المستشفيات المركزية على أعلى مستوى، فشغلنا الشاغل هو المسجون لأنه أمانة بين أيدينا، ولا نتوانى أو نتقاعس أمام أى حالة مرضية فى السجون بل دوما ما نقوم بالترحيل الفورى لتلك الحالات لتلقى العلاج الذى يتناسب مع كل مريض منهم، دون التوقف عند توقيت شكوى أى مريض، وكثيرا ما نقلت حالات فى الثانية والثالثة صباحا ومع بزوغ الفجر ونتواصل بصفة منتظمة مع الحالة التى يستدعى حجزها بقصر العينى برعاية شرطية حتى تشفى تماما وبعدها نعيده لاستكمال مدة عقوبته، ولا يتوقف الأمر فى الرعاية الصحية على ذلك بل نقوم بصرف علاج بالمجان لهم يكلف الدولة الملايين وينالون خدمات ورعاية قد يصعب على المواطن فى خارج السجون الحصول عليها، ولنا أن نقف على كم معاناة مرضى الفشل الكلوى فى سبيل توصله لإجراء عملية الغسيل، بينما السجون توفر لنظيرهم من المساجين تلك الرعاية بكل دقة واهتمام. فاتورة العلاج ويلتقط الدكتور محمد شكيب خيط الحديث موضحا أن فاتورة علاج المساجين الخارجين على القانون من أدوية فقط والتى تتكبدها سنويا ميزانية الدولة تتعدى ال 10 ملايين جنيه، ويضاف لذلك حجم تكلفة إقامة مستشفيات مركزية بالسجون رغم ما تعانيه مصر فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، وخلال الفترة المقبلة سنفتتح اثنين من هذه المستشفيات، مستشفى فى سجن المنيا والأخرى فى سجن جمصة، وبعيدا عن تكلفة مبانى هذين المستشفيين والتى تعد بالملايين، فتكلفة التجهيزات الطبية لكل منهما تتعدى 35 مليون جنيه، بالإضافة لذلك فقد طلبنا فى الموازنة الجديدة توفير أجهزة طبية بكافة السجون بمبلغ 25 مليون جنيه. وتحدث اللواء مصطفى إبراهيم قائلا: تقدم للمساجين الرعاية الطبية الكاملة وبالمجان وتتحمل الدولة النفقات بمبالغ كبيرة، ونحن ضباط من عائلات محترمة ونراعى الله فى المساجين بغض النظر عن نوع الجريمة التى اقترفوها ولا يعنينا إن كانت سياسية أو حرقا أو قتلا أو نهبا أو سرقة، فنحن نتعامل معهم بوازع الضمير الإنسانى وكأمانة ائتمنا عليها. وبمجرد شكوى أى منهم من ألم فيتم نقله للمستشفى لتلقى علاجه خلال ساعتين من إبلاغه بمرضه، وبالإضافة إلى هذا نقدم لهم الرعاية الاجتماعية والثقافية، فكل يوم يصدر مساعد الوزير لمصلحة السجون أوامر بخروج أحد المساجين للذهاب لعائلته لحضور زفاف أو للعزاء، وكافة الحالات الإنسانية فى السجون يدعمها وزير الداخلية دون النظر لنوع الجريمة، بل يتعامل معها على أنها حالات إنسانية بحتة ودليل ذلك آخر تلك الحالات منهم من شاطر عائلته العزاء وآخر حضر زفاف نجلته فى الأيام الراهنة كان لأحد أعضاء جماعة الإخوان، وهذه إحدى أوجه الرعاية التى نقدمها لهم، بالإضافة إلى توافر الرعاية الرياضية، فلدينا بكافة السجون ملاعب لكرة القدم وألعاب جيم وحمل أثقال، بالإضافة إلى الرعاية الثقافية بحيث يتاح لهم دخول الكتب داخل محبسهم، بجانب تعليم ومحو أمية المساجين والسماح لهم باستكمال مسيرتهم العلمية، وتعقد لهم لجان الامتحان فى السجون فكل دورنا هو تهيئتهم وتأهيلهم للخروج للمجتمع مواطنين صالحين لديهم المقدرة على الاندماج فيه بايجابية، عملنا يقوم فى الأساس لتنفيذ مدة عقوبة لسجين بناء على حكم قضائى قضى بذلك، ومن لحظة دخوله من باب السجن نتعامل معه على انه إنسان دون تفرقة بينهم أو النظر لنوع الجريمة التى اقترفها، مع أن منهم القاتل والنصاب، فكل أسماء الشخصيات التى ترددت بشائع جرائمهم مثل المستريح وغيره ينالون كل أوجه الرعاية شأنهم شأن أى سجين آخر. لا نمنع الزيارات وعن سوء المعاملة للمساجين السياسيين والإخوان وذويهم ومنعهم من الزيارة قال إبراهيم مؤكدا أن هذه أقاويل ليست لها صله بالواقع، وعلى من يريد التحقق والتيقن مما يحدث عليه أن يأتى بكاميرا من السادسة صباحا بمختلف السجون دون استثناء لسجن منهم، ويطالع الأهالى الذين يدخلون السجون لزيارات ذويهم بالداخل من السابعة صباحا حتى موعد الغذاء الساعة الخامسة بعد الظهر وتلك مواعيد العمل الرسمية والتى لا يجوز تجاوزها، فالزيارة تتم بصفة مستمرة ومرتبطة بحالة المسجون نفسه ومدى ارتباطه بمواعيد تحقيق أو صادر له حكم قضائى بالعقوبة، هذا بالإضافة إلى الزيارات الاستثنائية فى المواسم والأعياد الدينية وخلال الزيارة يسمح للأهالى بدخول طعام للمساجين على الرغم من جودة الطعام المتوافر داخل السجن . وأردف موضحا أن الزيارة لا تمنع إلا فى حال ارتكاب بعض المساجين شغبا، وهذا وفق ما نص عليه فى قانون السجون، وهو الفيصل بين إدارة السجن والمسجون الذى يقترف ذلك الفعل، بحيث ورد فى القانون أن كل سجين يحدث شغبا يحرم من الزيارة مرة واحدة، وهذه الحالات استثنائية وفق مقتضيات القانون ولا نتخذها من تلقاء أنفسنا أو لنوازع شخصية، بل يقر بها بعد إثبات واقعة الشغب والتحقيق مع السجين وكل تلك الإجراءات تسجل فى ملفات وكذلك لدى إدارة السجون ملف طبى بكل تفاصيل علاجه لكل مريض بالسجن منذ بداية دخوله حتى هذه اللحظة. واستطرد قائلا نحن مصريون ولسنا جزارين، بل يتم انتقاء خيرة ضباطنا والذين يحصلون على أعلى الدورات التدريبية فى حقوق الإنسان للخدمة بالسجون، وهناك قانون يحكم عملنا داخل السجون ونعمل بحيادية تامة، ومصر هى التى تتحمل تكلفة رعايتهم شأنهم شأن أبنائها البررة، رغم عدم برهم بها ولا تنفق عليهم وزارة الداخلية أو ضباطها. وفى حال تعرض أى مسجون لثمة تجاوز فله الحق فى إبلاغ إدارة السجن والتى لا تتوانى فى فحص أى شكوى لأحد منهم، كما أن مأمور كل سجن من أولويات عمله المرور فى الصباح الباكر على المساجين فى الزنزانة ليقف على أحوالهم وأوجه الرعاية التى تقدم لهم وسماع أى مطلب لهم أو شكوى واتخاذ اللازم حيالها وفق القانون. ومع كل هذه الخدمات وحجم الرعاية المتاحة فى السجون من الطبيعى أن يشعر السجين بعدم السعادة أو الراحة، لا لشيء إلا لوجوده داخل سجن من أربعة جدران لقضاء فترة عقوبة لجريمة اقترفها، لا يتاح له التصرف بالحرية المطلقة التى عهدها فى الحياة العادية، وبعضهم يرفض من داخله تقبل الأمر الواقع الذى صار عليه ويشعر بأن وجوده فى السجن وحيدا بعيدا عن أهله تعذيب وظلم وقع عليه . سيناريوهات أفلام ووصف ترويج البعض للأكاذيب عن وجود تعذيب ممنهج بالسجون بأنه مجرد سيناريوهات أفلام، مع أن الواقع يكشف عن أن مجتمع السجون تكوينه من البشر، ولا ننكر انه يخلو من ثمة خطأ أو تجاوز، ولكن ما نتميز به أن هناك ضوابط وقوانين تقف على التجاوز وتردعه أولا بأول. وأضاف أن 99% من الضباط العاملين بقطاع السجون يراعون الله فى الأمانة، ولديهم الفطنة إننا نعيش فى عالم مفتوح لا يخفى شيء فيه، وليس هناك ما يستدعى أن يعرض ضابط نفسه للمسئولية والمساءلة فى أمر لن يكلفه تأديته شيئا، والدولة تتكبد نفقاته، ولذا ليس هناك مبرر أن نترك أو نتجاهل مرضى دون علاجهم كما يروج البعض، والسؤال الذى نريد إجابتهم عنه : ما الذى يعود علينا من إهمال علاجهم ؟ ذوو الاحتياجات الخاصة وهنا أضاف الدكتور محمد شكيب : خير مثال يدلل على ما نقوله هو عنبر ذوى الاحتياجات الخاصة الذى انشئ مؤخرا، والذى لم يكن موجودا من قبل عبر تاريخ السجون، والذى تتوافر فيه الآليات التى تساعدهم على الحركة، كما نوفر أجهزة تعويضية لكل هذه الحالات بعد حصرها، وفيهم سجناء من المصنفين كسياسيين والذين قاموا بقتل الضباط، وآخرهم سجين بوادى النطرون بترت قدماه فى محاولة تفجير عبوة ناسفة تستهدف قتل رجال شرطة، لكننا لم نقف على نوع جريمته ويجرى تجهيز الأجهزة التعويضية لتركيبها له بالمجان، ويحتفظون بها بعد انتهاء مدة عقوبتهم . العيادات الخارجية وبعد نهاية حديثنا معهم توجهنا لموقع العيادات الخارجية ذى المبانى التراثية من عهد الاحتلال الانجليزى عام 1890 والمستشفى المركز بسجن طرة حديث الإنشاء، وهناك التقينا فريق الأطباء الذى يشمل فريق القوافل الطبية وفريق أطباء العيادات التابع للخدمات الطبية بالسجون، كما التقينا المرضى من نزلاء السجون ووقفنا على حالتهم الصحية ومدى توافر سبل الرعاية الصحية لهم . وأمام العيادات استقبلنا اللواء ناصر الشيخ وكيل الإدارة العامة للمستشفيات بقطاع الخدمات الطبية، وأوضح لنا انه موجود فى مستشفى طرة فى إطار تنفيذ توجيهات وزير الداخلية للقطاع بتوجيه قوافل طبية للمرور على جميع السجون والأقسام فى مصر، لتوجيه الرعاية الصحية للنزلاء من قبل فريق طبى يشمل كل التخصصات الطبية وفريق تمريض على أعلى مستوى من فحص طبى وإجراء تحاليل وأشعة وذلك بالتنسيق مع الخدمات الطبية بقطاع السجون . وأضاف أن رحلات القوافل الطبية بدأ عملها منذ أربعة أشهر، وسيستمر دون توقف على كل أنحاء الجمهورية، ولا يتوقف نطاق عملها على علاج نزلاء السجون والأقسام بل يتم علاج المواطنين أيضا. وأمام عيادة العظام التقينا السجين عصام بهجت احمد الذى يقضى عقوبة مدتها سبع سنوات فى قضية إكراه على توقيع، وامضى من مدة عقوبته عاما، وسألناه عن شكواه خاصة انه كان يجلس على مقعد متحرك ويحمل فى يديه أشعة، فأوضح أن قدمه انزلقت وهو يتوضأ لصلاة العشاء، وقال : تم نقلى وقتها للمستشفى وأعطونى علاجا مسكنا وفى الصباح اصطحبونى بالكرسى لإجراء الأشعة على قدمي، وفحصها الطبيب الاستشارى الذى طمأننى على حالتى وأوضح لى أن القدم بها شرخ بسيط. وفى عيادة العلاج بالموجات فوق الصوتية والأشعة أوضح الطبيب انه يستقبل يوميا أكثر من عشرين حالة سواء من سجن ليمان طرة أو ترحيلات من سجون أخرى بالمنطقة المركزية التى لا يوجد لديهم تخصصات طبية معينة كالأشعة، أو لإجراء عمليات جراحية كجراحات قسم الرمد، الذى يتميز مستشفى ليمان طرة باقتنائه احدث الأجهزة الطبية لعلاج العيون، وفى أثناء الحديث مع طبيب الأشعة استقبل المريض احمد إبراهيم رائف السجين بتهمة حيازة سلاح غير مرخص ومدة عقوبته ثلاث سنوات أمضاها كاملة وينتظر إجراءات الإفراج عنه، وأوضح انه سبق أن أجرى عملية استئصال طحال، وفجأة شعر بألم فى معدته فقام بإبلاغ الطبيب فى أثناء مروره على العنابر والذى وجهه للفحص وإجراء أشعة موجات صوتية على البطن . ثم توجهنا إلى وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى ليمان طرة الذى يستقبل حالات الفشل الكلوى من الرجال من كل سجون مصر، نظرا للتجهيز المتميز به وتوافر أجهزة الغسيل التى يبلغ عددها 6 أجهزة حيث يمضى المريض بالفشل فترة عقوبته داخل المستشفى أما النساء فيتم الغسيل لهن بسجن القناطر وهذا وفق ما أوضحه لنا الدكتور مجدى حسن مدير مستشفى ليمان طرة من داخل قسم الغسيل الكلوى الذى كان يجرى فيه غسيل لحالتى فشل كلوى إحداهما عمر مصطفى وعمره 27 عاما والذى تم حبسه منذ شهر من مدة عقوبة ثلاث سنوات بتهمة حيازة سلاح، وأوضح انه مريض بالفشل الكلوى منذ أربعة أشهر، وأنه منذ ابتداء فترة عقوبته وهو مقيم داخل قسم الغسيل الكلوى بالمستشفى ليتسنى له الغسيل يوما بعد يوم، أما المريض الآخر ناصر إبراهيم احمد فأوضح انه مسجون منذ عام 2011 ومدة عقوبته مؤبد بتهمة سرقة بالإكراه رغم انه مريض بالفشل الكلوى منذ عام 2009 وكان يغسل قبل سجنه بقرار علاج على نفقة الدولة، وأكد انه منذ دخوله السجن وهو يمضى عقوبته فى قسم الغسيل الكلوي. وفى قسم الرمد بمستشفى ليمان طرة فاجأتنا نوعية الأجهزة الحديثة لعلاج مرضى العيون والتى لا يوجد نظير لها سوى فى ارقى المستشفيات بخارج السجن، والتقينا فيها بعض المرضى فى أثناء إجراء الفحص، منهم عبد النبى عباس احد السجناء بسجن جمصة والذى تم نقله لإجراء فحص الرمد، وإجراء عمليه جراحية فى إحدى عينيه بمستشفى طرة، وأوضح انه قضى من عقوبته 27 شهرا بتهمة مخدرات ويعانى ضمورا فى إحدى عينيه نتيجة المياه البيضاء والعين الأخرى بها دهون . وأفاد الطبيب عن حالة احد النزلاء بقسم الرمد الذى يفحصه حيث يعانى مقاس نظر عينيه سالب 16ونظارة النظر سميكة جدا وغير مجدية، وكذلك الليزك واجرى له عملية إزالة العدسة الشفافة، وتم زرع عدسه له والتى قامت بإصلاح نظره تماما . أما احمد زكريا عبد الله الذى أوضح أنه مسجون سياسى منذ 1 نوفمبر 2013 بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، وقال : تم حجزى فى قسم الرمد بمستشفى طرة منذ 20 نوفمبر 2015 حتى الآن أجريت عمليتين فى عينى اللتين كنت أعانى سحابة بيضاء عليهما. والتقينا مرضى آخرين من نزلاء سجون مختلفة نقلوا للعلاج فى مستشفى ليمان طرة لتلقى علاجهم فى تخصصات مختلفة سواء كانت للعلاج الطبيعى أو لعلاج الأسنان وحاولنا أثناء التحاور معهم الوقوف على ثمة شكوى من افتقاد للرعاية أو الخدمات غير أنهم أبدوا امتنانهم من اهتمام إدارة السجن بحالاتهم والاستجابة لأى مطلب إنسانى يتقدمون به سواء كان اجتماعيا أو طبيا، وعند هذا الحد انهينا زيارتنا للسجن وتوجهنا إلى مركز أوسيم بمحافظة الجيزة، الذى واكب زيارة القافلة الطبية من قطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية ومن داخل مكتب مأمور المركز الذى استقبلنا والفريق الطبى بالقافلة بكل التخصصات، بعد أن تم نقل الأدوية والأجهزة الطبية التى أحضرتها القافلة لعلاج المحجوزين داخل المركز، أوضح العقيد طبيب اشرف عبد العزيز رئيس القافلة الطبية التى تستهدف التغطية الطبية لكافة أقسام والمراكز وسجون الاحتياط بالنهضة و15 مايو بمحافظة الجيزة، وقبل ذلك قمنا بتغطية محافظة القاهرة. ثم رافقنا الأطباء فى اثناء توجههم لتفقد حالة المحتجزين داخل غرفة الحجز، والاستفسار عن حالتهم الصحية أو احتياج البعض منهم لإجراء الكشف عليه، وبدأ العمل بغرفة احتجاز النساء اللاتى وجدناهن مفترشات الأرض بالبطاطين، فى مشهد معيشة يقارب تقريبا فقراء الصعيد لكن السجينات أوفر حظا بوفرة الغطاء والغذاء والشراب المجاني، وتحدثنا مع بعضهن، وأفادت سحر إحدى المحتجزات إنه قبض عليها متلبسة فى تهمة حيازة مخدرات «حشيش» بغرض الاتجار، وانها محتجزة منذ ثمانية أشهر وتجرى محاكمتها، وأخرى كانت بنفس التهمة ومحتجزة منذ ثلاثة أشهر وتجرى محاكمتها، أما منى سعد فموجودة فى الحجز لقضاء فترة عقوبة أسبوع فى قضية وصل أمانة ضمنت فيه أخاها قبل وفاته وانتهت مدة العقوبة وتنتظر قرار الإفراج. أما تغريد التى رفضت الحديث معنا التى علمنا انها محتجزة بتهمة ضرب نجلها أفضى إلى قتله وتجرى محاكمتها، وفى أثناء ذلك أوضح لهم العقيد اشرف أن القافلة الطبية موجودة لتقديم الخدمة الطبية لهم ومن تريد الفحص والعلاج من أى شكوى مرضية فعليها الخروج من الحجز والتوجه للطبيب، وبالفعل طلبت سحر إجراء تحليل السكر والحصول على دواء للكحة وأخريات طلبن علاجا للبرد، وتم اصطحابهن لإجراء الفحص وصرف العلاج . وحجز النساء كانت المحتجزات أفضل صحيا من حجز الرجال، حيث وجدنا منهم محتجزين يعانون أمراضا مزمنة من قبل احتجزاهم، وللأسف الشديد لأميتهم لا يقفون على حقيقة أمراضهم ويتحدثون عنها كأنها مجرد نزلة برد، فبعض المحتجزين بتهمة حيازة السلاح أو إيصال أمانة يعانى تليفا فى الكبد واستسقاء وفور علمه بوجود القافلة الطبية طلبوا الكشف والعلاج وبالفعل تم إجراء الفحص ومراجعة التقارير التى يحملونها معهم وتم إعطاوهم الدواء الملائم لحالتهم . اللواء حسن عبد الحى:القوافل قدمت علاجا وخدمات طبية للمواطنين والمحتجزين والمساجين والضباط والأفراد بتكلفة تعدت 800 ألف جنيه خلال 3 أشهر وبعد نهاية زيارة المركز كان من الضرورى أن نتوجه للقاء اللواء حسن عبد الحى مساعد وزير الداخلية لقطاع الخدمات الطبية للوقوف على مهام القوافل الطبية بوزارة الداخلية وخطط عملها والمستهدف لها خاصة انه دور إضافة للأعباء المنوطة بها، والذى أوضح قائلا إن هذه القوافل تعمل فى إطار منظومة متكاملة ودائمة، نفعل من خلالها المبادرات الإنسانية والمجتمعية التى تقوم بها أجهزة وقطاعات الوزارة تجاه المواطنين، وهذا بناء على توجيهات من اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية والتى تقضى بأهمية وضرورة التفاعل مع المواطن بتقديم خدمة من شأنها تفعيل دور الشرطة المجتمعية، ولهذا شرعنا فى تنظيم القوافل الطبية بكل التخصصات ومعامل التحاليل وأجهزة أشعة بالإضافة إلى صيدلية لصرف الأدوية بالمجان وتعدت التكلفة الإجمالية للخدمات الرعاية الطبية التى قدمتها القوافل بمحاور عملها منذ انطلاقها من 6 سبتمبر 2015 وحتى بداية مارس الجارى 800 ألف جنيه، فقد قمنا بتوجيه هذه القوافل لأربعة محاور، أولها التى وجهت لقطاع السجون كتعزيز للقطاع الطبى بالسجون للكشف على المسجونين وصرف العلاج اللازم لهم، وإجراء التحاليل والفحوصات والإشاعات لمن تستدعى حالته ذلك، وكذلك إجراء العمليات الجراحية لما يزيد على 17 ألف سجين بمختلف سجون القطاع خلال هذه الفترة. أما المحور الثانى لعمل القوافل فكان يتوجه لمديريات الأمن التى لا يوجد بها مستشفيات تابعة لهيئة الشرطة، كمديرية امن البحيرة، وكفر الشيخ، والسويس، وقنا، وسوهاج، والفيوم، والمنوفية قامت القوافل فى هذه المديريات بالكشف على أفراد من «أمناء وأفراد وخفراء وأسرهم ومجندين وموظفين مدنيين « كما قامت بالكشف أيضا على مواطنين من الذين يترددون على الأقسام، بحيث تم الكشف على ما يزيد على 4500 فرد منهم 1120 اسرة أفراد، و745وموظفا مدنيا، و153 اسرا موظفين، 455 غفيرا نظاميا،43 من أسرهم . أما عن أعداد المترددين على القوافل الطبية فى مديريات الأمن الأخرى من ضباط وأفراد ومحتجزين ومواطنين وعاملين مدنيين ومجندين، فقد تم الكشف على نحو 4600 محتجز بكل الأقسام وصرف العلاج اللازم لهم، بالإضافة إلى 3190 فردا، و127 ضابطا و2700 مواطن، تعدت قيمة العلاج لهذا المحور 350 ألف جنيه . أما المحور الثالث ففبه تتوجه القوافل الطبية للمناطق الشعبية والبعيدة عن المستشفيات وتفتقد لحد ما الرعاية الطبية، ومنها القافلة التى توجهت لمركز شباب المستقبل بالقطامية ومساكن الزلزال، وقافلة أخرى لمركز شباب مكرم عبيد، بحيث نقوم بنقل المواطنين فى أتوبيسات لتلقى علاجهم فى مقر القافلة بهذه المناطق وتم الكشف على ما يزيد على 4 آلاف مواطن وقدم لهم علاج بالمجان بكل التخصصات تكلفته تعدت ال74 ألف جنيه خلال الفترة السالف ذكرها. وعمل القوافل لا ينتهى بالكشف وتقديم العلاج وقت وجودها فى هذه المناطق ولكن يتم تسجيل بيانات الحالات المصابة بأمراض مزمنة ونتواصل معهم ونستقبلهم فى مستشفيات الشرطة بالعجوزة أو مدينة نصر لاستكمال العلاج ومتابعة حالتهم وتتم إجراءات العلاج كأنهم من أفراد الشرطة . بالإضافة لمحاور عمل القوافل الثلاث السابقة، قمنا بتقديم الرعاية الطبية للمواطنين من خلال محور رابع متمثل فى فتح العيادات الخارجية بمستشفى الشرطة بالعجوزة ومدينة نصر يوم الجمعة، وذلك من خلال التواصل مع الكنيسة والمسجد بالقرب من المستشفيين، وكذلك نتواصل مع شباب ممن يتمتعون بالتواصل الاجتماعى مع المواطنين بهذه المناطق، وذلك بهدف توفير الرعاية الصحية لمستحقيها من غير القادرين عن طريق الكنيسة والمسجد حيث إنهم من يعدون كشوف المرضى وخلال ثلاثة أسابيع من بداية العمل استقبلنا ما يزيد على 70 حالة تم الكشف عليهم وأجرى لبعضهم عمليات جراحية، وليس هناك سقف معين لتكلفة علاج الحالات التى نستقبلها.