عشت معها قرابة نصف القرن، أحبتنى وعلمتنى كيف أحب.. علمتنى حب الله ورسوله، لقنتنى حب مصر ومعنى الوطنية حتى وجدت نفسى دون أن أدرى أشارك فى نصر أكتوبر العظيم متطوعا.. علمتنى ما هى الأخلاق وكيف ومتى يكون التسامح، وعشت معها لا أرى فيها ولا منها غير كل رائع وجميل لم تكن أجمل سيدات العالم ولا أغنى نساء مصر فكثيرات غيرها كن أكثر أناقة ولكنها فى نظرى كانت الأكثر جمالا ومالا وملبسا. عشت معها عمرى المتغير.. حنانا فى الطفولة وشدة فى المراهقة ونصائح بعطف فى الأزمات.. بخلت على نفسها بشربة ماء إذا أحست بعطشى وبكسرة خبز إذا ظنت جوعى.. حرمت نفسها كثيرا من النوم إذا شعرت بقلقى.. عشت معها ورغم وفاتها رحمها الله وهى عجوز بعد الثمانين، فإن شعورا انتابنى بفراغ الدنيا بعدها.. إليك يا من أطمع فى دخول الجنة من تحت قدميها.. إليك يا من نعيش من خير دعواتها ورضاها.. إليك يا أمى فى يوم عيدك دعوة خالصة من قلب ابن ينتظر لقاءك بالرحمة والمغفرة والعفو من رب رحيم أمرنى بمصاحبتك فى الدنيا بالمعروف حتى امرتنى بالشرك.. عرفتك أكثر وأنا أرى الأمهات اللائى فشلن فى غرس الحب فى نفوس أبنائهن. إن الحقد والغل والكراهية إذا تسللت إلى النفس البشرية الضعيفة تكون أقوى وأكثر ضررا من السرطان.. وهنا تظهر وظيفة الأم فى غرس الحب فى نفوس أبنائها فهى مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. رحمك الله يا أمى فلو أنك على قيد الحياة لحزنت حزنا شديدا من هؤلاء الأمهات اللائى تركن بناتهن وأولادهن فى الشوارع لا يعلمن عنهم شيئا.. تركوهن عبيدا لأفكار هدامة.. فيا أمهات اليوم أفقن وحافظن على بناتكن وأولادكن وليتكن تقرأن حتى تستطيعن أن تكن قادرات على إعمال عقولكن.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وكل عام وكل أم مؤمنة مصرية وطنية بكل خير وصحة وسعادة. د. حسام أحمد موافى أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العينى