نحن بالفعل شعب دائم الشكوى ونجيد جلد الذات, وعندما لا نجد مانسخر منه, نجد لذة كبرى فى السخرية من ذاتنا.فعندما شاعت فى مجتمعنا سلوكيات الكذب وأكل المال الحرام, وانتشرت جرائم كنا نسمع عنها فى السابق على استحياء مثل زنا المحارم والشذوذ وقتل الأبناء آباءهم كان رد الفعل هزليا بالسخرية من توصيف للمصريين اعتدنا على سماعه وهو «شعب متدين بالفطرة»! لكن بالفعل وبدون سخرية نحن شعب متدين بالفطرة بدليل أن حصيلة الأحداث «المفرقعة» التى أحدثت جدلا خلال الأيام الماضية كانت ذات صبغة دينية مجتمعية متحفظة. فحدث ولا حرج عن حالة الارتياح التى انتابت معظم المصريين بعد حكم حبس تيمور السبكى، ومن قبله إسلام البحيرى سواء للإساءة للإسلام أو الخوض فى عرض المرأة المصرية,وانقلبت الدنيا على رأس وزير العدل المقال لإتيانه بلفظ عفوى ضد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم تفلح محاولات الاستغفار والاعتذار التى قام بها الوزير لتهدئة الثورة المجتمعية التى جمعت دون سابق ترتيب من هم يغيرون بالفعل على سيرة الرسول الكريم ومن انتهزوا الفرصة لاغتيال الرجل لخصومة سابقة. ولأن شعبنا حريص على التصدى لمن يسيء للدين حتى ولو كانت أعلى سلطة فى الدولة ليثبت جدارته بالمقولة الخالدة «شعب متدين بالفطرة» فقد تخلى البعض عن هوايته اليومية فى متابعة حركة الدولار وآخر أخبار سد النهضة ليتفرغ لتحليل شريطى فيديو يظهر فى أحدهما الرئيس السيسى خلال أدائه صلاة الجمعة الماضية بشكل طبيعي,وآخر مفُبرك بعد إجراء مونتاج للفيديو الأساسى واقتطاع لحظة ركوع الرئيس أثناء أداء صلاة «تحية المسجد»,ليظهر للمشاهدين كأنه لا يعرف الصلاة أو يُخطئ فيها. ورغم أننا لسنا بحاجة لتوضيح هوية من فبركوا الفيديو وأسرعوا وأتباعهم بتصديق ما ارتكبت أيديهم من تضليل,إلا أننا بالفعل أمام شعب منقسم أصبح قطاع عريض منه أسيرا لخطاب الكراهية والتشفى وتحولت الخلافات السياسية إلى حروب طائفية كريهة,وأصبح التعامل بالقطعة قاسما مشتركا فى توجهاتنا إزاء نفس الحدث,فالضحية إن كان من جماعتنا أسرعنا للدفاع عنه ظالما أو مظلوما وإن كان خصما عاجلناه بالتقطيع والتشكيك فى نواياه. لمزيد من مقالات شريف عابدين