فكرت كثيراً فى هذا السؤال الذى يطرحه على العديد من الناس دائماً، من ستنتخب فى إنتخابات الرئاسة المقبلة؟ سؤال تبدو إجابته سهلة، فالآن وبعد ثورة سلمية شابة، وانتخابات تبدو حرة ونزيهة أصبح من الضرورى أن يذهب كل فرد للتصويت، ليس فقط لأنها أول مرة قد يشارك فيها الشعب حقاً فى اختيار رئيسه القادم ولكن لأنه واجب وطنى وثورى أيضاً ذلك إذا كنا نرغب حقاً فى بناء حياة سياسية وديمقراطية سليمة، وحقيقة الأمر أن ذلك لن يتأتى إلا بمشاركة جميع طوائف الشعب، خاصة وأن الضمان الأكبر لعدم تزوير الإنتخابات الرئاسية وأى انتخابات هو أن يذهب الشعب عن بكرة أبيه لملئ صناديق الإقتراع وحرمان من قد يرغب فى التزوير من تلك الفرصة.. لكن المشكلة الكبرى فى حقيقة الأمر لا تكمن فى عدد المرشحين بل تتلخص فى صعوبة إختيار واحد من بين هؤلاء المرشحين، فجميعهم على تفاوت أسمائهم وتوجهاتهم تتشابه برامجهم الإنتخابية إلى حد كبير وتتقارب سنين عمرهم التى تتجاوز الستيىن عاماً باستثناء المحامى الشاب "خالد على" الذى كثيراً ما اسمع عبارات الإستحسان عن كونه شاباً يمتلك العديد من المؤهلات التى تجعله إختياراً جيداً كرئيس للبلاد، لكن تلك العبارات يعقبها فى كثير من الأحيان عبارة "بس ياخسارة فرصته ضعيفة لأن سنه صغير". نظرت فى أسماء المرشحين وقررت قراراً جريئاً، قررت أننى لن أعلن عن إسم المرشح المفضل لدى لكننى عوضاً عن ذلك سوف أستبعد أسماء هؤلاء المرشحين الذين لن أستطيع أن أصوت لهم أبداً.. فأنا لن أصوت أبداً لمرشح فوق سن الستين، فالثورة شابة، وشباب مصر يستحقون رئيساً يشبههم ويقترب عمره من أعمارهم، ولأن مصر تحتاج لرئيس شاب، ليس بالضرورة أن أصوت لخالد على ولكننى بصراحة لا أرغب شخصياً فى رئيس فوق سن التقاعد الذى لا يأتى أبداً لأمثاله طالما تقلدوا سلطة ما.. أيضاً لن أصوت أبداً لمرشح عمل مع النظام السابق، لأنه مهما قال أنه كان يكره الفساد، وأنه كان يعارض النظام السابق فإننى بالفعل غير قادر على تصديقه، وحتى لو كان صادقاً، لأنه لم يحاول أبداً أن يخرج من تلك الدائرة، ولم يضحى بنفسه رغم أنه كان بالفعل قد حقق الكثير ولن يضيره أبداً أن يستقيل وأن يحتج بشكل عملى، فكيف يمكن أن أطمئن إلى أنه سوف يقضى على الفساد ويحارب من أجل إقرار حياة ديمقراطية سليمة وهو أقل ما يستحقه هؤلاء الشباب الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية هذا البلد وليس من أجل أن يستمر هؤلاء.. ولن أصوت نهائياً لمرشح يتخذ تياراً بعينه منهجاً ويرغب فى فرضه على شباب هذا البلد، فمصر دولة عريقة وشبابها شباب حر واعى من حقه أن يختار مايؤمن به سياسياً، شباب تربى فى بلد كان دوماً شعاره الدين لله والوطن للجميع .. وقطعاً لن أصوت لمرشح عاش فى الظلام مقهوراً من نظام مستبد أو هكذا كان يقول ثم حين خرج إلى النور يسعى إلى أن يغرقنا جميعاً فى الظلام بدعوى الحفاظ على القيم والتقاليد، فقيم المجتمع المصرى عريقه، والتزام الغالبية من شعبها أمر لايحتاج إلى إثبات وتدينهم الإسلامى والمسيحى أمر اشتهروا به ليس فقط على مستوى المنطقة بل ربما على مستوى العالم أجمع.. ولن أصوت لمرشح يجيد عقد الصفقات السياسية والإلتفاف على إرادة الشعب ومحاولة إقناعهم بأنه يسعى لغير ذلك وأنه المنقذ من الظلام وأنه يسعى إلى رفعة مصر وأنه قادر على أن يفعل ذلك فى وقت قصير على طريقة ساحر يجيد اللعب بالأوراق لأننى أخشى من أن يتلاعب بى من فرط مهارته فى السحر واللعب على كل الحبال خاصة إذا كان بلا ماض حقيقى يثبت رغبته فى الإصلاح.. فأنا لن أصوت إلا لمرشح يحترم عقلى وأفكارى ومبادئي ورغبتى فى وطن حر متقدم خال من الفساد والرشوة والمصالح والإنتهازيين، مرشح يريد أن يجعل مصر دولة عظمى تحترم الفرد وتقر حريته فى التعبير وتحمى حقوق الإنسان وكرامته.. وبالتأكيد لن أصوت إلا لمرشح صادق شفاف متواضع، لأننى ببساطة أرغب فى رئيس قدوة، يقتدى به الناس فى حسن الخلق والنزاهة وطهارة اليد ربما ساعدنا ذلك على أن نستعيد تلك الصفات التى أخشي ما أخشاه أن يكون النظام السابق بممارساته القمعية قد أصاب كثيراً منها بالعطب ونحن فى غيابة الجب طوال أكثر من ثلاثين عام المزيد من مقالات أحمد محمود