تنشط الآن تجارة الحبوب المخدرة وعلي رأسها الترامادول ولأن هناك شبه احكام داخل الصيدليات بعد ادراج هذه الحبوب في الجداول فإن التهريب من مصر وإليها منتشر الآن خاصة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد من حالة عدم الاستقرار ولأن هذه التجارة مربحة وهي في حقيقتها كتجارة المخدرات فإنه يجب مواجهتها بكل حزم, فما هي قصة هذه التجارة التي راجت الآن؟ وهل العقوبات رادعة؟ يقول الدكتور محمود عبدالمقصود( الأمين العام الأسبق لنقابة الصيادلة): حبوب الترامادول هي الأكثر رواجا الآن في مجال الاتجار والتعاطي والتهريب وهذه الأقراص مشكلة في حد ذاتها لأنها تركت لفترة متاحة للجمهور دون أي قيود وهي في الأساس تستخدم كمسكن لكن زاد الاقبال عليها وأسيء استخدامها كبديل للمخدرات أو كمنشط جنسي, وللأسف استخدمت الشركة المنتجة لهذه الحبوب نفوذها وقوتها لعدم وضعها في الجداول وعندما فكرت وزارة الصحة في تسجيلها في الجداول كان الوقت قد تأخر بعض الشئ فقد انتشرت, ومن هنا بدأ تهريبها بواسطة تجار مخدرات, وطبعا هذه الحبوب تسبب الإدمان وهذا ما دفعنا في نقابة الصيادلة منذ بداية طرحها بمصر إلي المطالبة بتسجيلها في النقابة وحتي تم ذلك الموضوع أخذ فترة بسبب الشركة المنتجة كما قلت. وبالنسبة لادراج الحبوب والأدوية في الجداول هناك الأدوية المؤثرة علي الحالة النفسية وتتدرج في ثلاثة جداول حسب الضرر بالإضافة لجداول خاصة بالمخدرات والحبوب المخدرة منها. وتحدد منظمة عالمية هذه الجداول وما تحتويه ومقرها سويسرا ولها اجتماعات سنوية تراجع هذه المخدرات وتضع المحاذير لاستخدام أي دواء, وللأسف مصر من دول العالم الثالث التي يساء فيها استخدام الدواء بشكل كبير ولذلك نقوم من خلال المسئولين المعينين بوزارة الصحة بوضع محاذير إضافية علي المحاذير التي تضعها المنظمة العالمية, ولذلك وضعت هذه المنظمة الترامادول في جدول واحد مع الأدوية المؤثرة علي الناحية النفسية ونحن وضعناه في جدول المخدرات وهناك قيود تنفذها الصيدليات فلا تصرف هذه الحبوب إلا بروشتة طبيب واستمارة وتقوم لجنة التفتيش الصيدلي بالرقابة والمراجعة علي الصيدليات والاستثمارات التي تم صرف الحبوب بها, ولذلك إذا كان هناك تسريب من الصيدليات في فترة سابقة فهذا لا يحدث الآن في رأيي ولذلك يلجأ التجار للتهريب. فقدان الإحساس ويقول الدكتور عثمان حسين كامل( رئيس قطاع بالشركة المصرية لتجارة الأدوية): الحبوب المخدرة في مجملها مسكنات قوية بجرعات عالية تفقد الإنسان السيطرة علي حواسه وتقديراته الذهنية وأيضا تفقده الإحساس بالألم ولذلك نجد فئة كبيرة من السائقين الذين يعملون لساعات طويلة يتعاطون هذه الحبوب لأنها تشعرهم بأحاسيس معينة لكنها تفقدهم الاحساس بالزمان والمكان وتبلد الإحساس وبطء في ردود الأفعال وتلك هي الكارثة ومن هنا تقع الحوادث, ونفس الضرر إذا استخدمها عامل يقف أمام ماكينة, وهناك فئة أخري تستخدم هذه الحبوب ومنها الترامادول بدعوي مساعدتهم في العلاقة الزوجية وهذا وهم خاطيء. وسواء كان الاستخدام في الحالة الأولي لكي لا يشعر المتعاطي بالاجهاد والارهاق أو في الحالة الثانية الجنسية فإنه يدمنها وتؤثر علي حالته الصحية فتدمر الكبد والجهاز الهضمي وخلايا المخ, هذا بخلاف التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية علي الفرد والمجتمع كله. وللأسف هي تجارة مربحة مثل المخدرات ولذلك يزداد نشاط التهريب في هذه الفترة استغلالا لظروف البلد السياسية, وبعد الثورة يزداد استخدامها بين البلطجية وهناك بعض الدول تشدد علي المنافذ لمنع ادخال هذه الحبوب ليس فقط خوفا من استخدامها من المواطنين العاديين بل هناك ربط بينها وبين السياسة بمعني الخوف من استخدامها وإثارة الاضطرابات. بالنسبة للأقراص المخدرة فالأقوي منها الآن الترامادول وقد دخل جدول المخدرات منذ أشهر قليلة والأخف منه الزاناكس وهو مهديء أقل تأثيرا. هذه الجداول تقوم وزارة الصحة من خلال الجهة المختصة بتعديلها كل فترة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بموجب الاتفاقية التي وقعت عليها مصر منذ سنوات طويلة, مع حفظ حق كل دولة في حرية ادراج نوع من العقاقير ونقله من جدول لآخر وفقا للمستوي الاجتماعي والتعليمي الذي يختلف من دولة لأخري, لكن المنظمة العالمية تري في كل الأحوال أنه لا يجوز صرف أي دواء مهما يكن إلا بموجب روشتة طبيب. في مصر عندما وجدت الوزارة مثلا أن هناك دواء يستخدم للكحة قد زاد الاقبال عليه واستخدامه بغرض آخر قاموا بتسجيله في الجداول وتوضع قيود علي صرف الأدوية المخدرة علي الصيدليات فلا تصرف إلا بموجب نموذج يعطيه الطبيب للمريض الذي يقدمه للصيدلية لكي يصرف هذا الدواء أو الحبوب ويتم مراجعة الصيدليات والكشف عن هذه النماذج من لجنة مختصة بذلك هي إدارة الصيدلة وإذا تشككت في استمارة يتم التحري عنها, ولذلك بعض الصيادلة يرفضون تسلم الأدوية المخدرة وبيعها من الأساس خوفا من المساءلة. وللأسف اكتسب الترامادول رواجا في الفترة الأخيرة واكتسب سمعة ولذلك تروج الآن تجارته وتهريبه رغم أن السمعة المرتبطة باستخدامه بهدف جنسي غير صحيحة. عقوبات مغلظة وعن العقوبات المرتبطة بحيازة وتداول وتهريب الأقراص المخدرة والاتجار بها يقول خالد أبوكريشة( وكيل نقابة المحامين وعضو المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب): العقوبات متفاوتة في هذا الشأن وتتدرج وفقا لعدة اعتبارات منها نوع المادة المخدرة وتصنيفها في الجداول, ومن الناحية الثانية حسب القصد( الاتجار أو التعاطي أو مجرد حيازة) وثالثا حسب طريقة الضبط هل تم بعد تحريات واذن نيابة أم وفق حالة تلبس دون وجود إذن نيابة. وأقل عقوبة في هذه القضية تكون للحيازة وهي لشخص يحمل هذه الحبوب ولكنه لا يهربها ولا يتاجر فيها ولا يتعاطاها وتتفاوت عقوبتها ما بين ثلاث وسبع سنوات حبس فهناك اختلاط بين الحد الأقصي والأدني للعقوبة حسبما يتراءي للمحكمة, أما أقصي عقوبة للتجار والمهربين فهي الإعدام خاصة إذا اقترن الضبط بإذن نيابة, أما العقوبة المخففة فتكون السجن المؤبد. وبالطبع هذه عقوبات هدفها الردع لأن الجريمة كبيرة ومردودها واسع علي المجتمع من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. وتوضح الدكتورة أمل أبوالمعاطي( صيدلانية باحدي الصيدليات الكبري) طريقة التعامل مع الحبوب المخدرة بقولها: هناك حبوب مهدئة ومنومة يكتبها الطبيب في حالات خاصة للمرضي ولا تقوم الصيدلية بصرفها إلا بموجب روشتة موقعة من الطبيب ومختومة ونقوم بالاحتفاظ بهذه الروشتة عند صرف هذه العقاقير, أما الترامادول فهو في الحبوب المخدرة ولا يتم صرفها من أي صيدلية ويتم فقط التعامل فيها في المستشفيات فقط وغالبا في العمليات. خط ساخن يقول الدكتور عمرو عثمان( مدير صندوق مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان): ان قضايا المخدرات والتعاطي والاتجار لا يمكن أن تكون بمعزل عما شهده المجتمع من تغيرات بعد ثورة52 يناير وما ترتب علي ذلك من حالة انفلات أمني أثر بالسلب علي انتشار المخدرات بأنواعها, وهذه المستجدات دفعت الصندوق إلي المزيد من التحرك لمواجهة هذه المشكلة بشتي السبل من نوعية ووقاية وتدريب كوادر شبابية ودعم العلاج بالتنسيق مع مؤسسات المجتمع المختلفة سواء مجتمع مدني ومراكز شباب وإدارات صحية وقوي عاملة وتضامن اجتماعي. وهناك خط ساخن للصندوق تشير البيانات إلي أن عدد الاتصالات التي وردت له خلال الأشهر الثلاثة الماضية4855 مكالمة, منها064 مشورة وارشاد بنسبة6% ومكالمات من المرضي أو ذويهم بنسبة17% ومتابعات بنسبة32% وتبين أن المرحلة العمرية للمتعاطين ما بين ثلاثين وخمسين عاما وهو سن الإنتاج خصوصا من02 إلي92 سنة يمثلون45%. وبالنسبة للاحصاءات الخاصة بأنواع المخدرات التي يقبل عليها المتعاطون تبين أن الترامادول يمثل45% منها ويليه81% للمتعاطين لأكثر من نوع, ثم الحشيش والهيروين21% و01%.