انطلاق الملتقى العلمي الثاني ب"تجارة جامعة أسيوط"    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    مدبولي يتفقد قافلة خدمية تقدم خدمات متنوعة لمواطني قرية زاوية صقر بالبحيرة    وزير التموين: توفر جميع السلع الأساسية لتلبية احتياجات المواطنين    غدًا ..انطلاق فعاليات مؤتمر «التمويل التنموي» برعاية رئيس الوزراء    اقتصادي: التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يرفع أسعار الذهب والنفط    مصر تحصد الجائزة الأولى من البنك الدولي عن سياسات المنافسة لعام 2025    وزير الخارجية يتلقى اتصالين هاتفيين من وزيرى خارجية إيطاليا وإسبانيا    وكالة تسنيم تؤكد اغتيال 3 علماء نوويين بهجمات إسرائيلية    استئناف نشاط منظومات الدفاع الجوي الإيراني في بعض المدن    ليكيب عن كأس العالم للأندية: مونديال كل النجوم    الضربات الإسرائيلية على إيران ترفع أسعار استخدام ناقلات النفط    طريقة مشاهدة مباراة الأهلي وإنتر ميامي بكأس العالم للأندية.. قناة مجانية    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    السيطرة على حريق داخل ملعب ببولاق الدكرور    خبراء: مصر آمنة وبعيدة عن الأعاصير.. وما يحدث بمدن السواحل الشمالية مجرد منخفضات جوية    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    القبض على شخص أطلق النيران على زوجته بسبب رفضها العودة إليه بالمنيا    ب3 ملايين جنيه.. فيلم ريستارت يحتل المركز الثاني في منافسات شباك التذاكر    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    تأجيل محاكمة مدربة الأسود بقضية "ذراع عامل سيرك طنطا" إلى 21 يونيو    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    مدبولي: لو معملناش حاجة في الزيارة غير خدمة بنتنا دي كفاية    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    إزالة 654 حالة تعد بالموجة ال 26 لإزالة التعديات على أراض أملاك الدولة والزراعة ببنى سويف    ليلى عبد المجيد تحصد جائزة "أطوار بهجت" للصحافة كأفضل إعلامية عربية    السلع الغذائية العالمية تقفز بعد صراع إسرائيل وإيران ومخاوف من أزمة إمدادات    اليوم العالمي للمتبرعين بالدم | 6 فوائد صحية مدهشة للتبرع    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    "مدبولي" يصل البحيرة لتفقد ومتابعة سير العمل بعدد من المشروعات    من أضواء السينما إلى ظلال المرض.. تعرف على حياة زبيدة ثروت وصلتها بمي عز الدين    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    تصاعد مؤشرات الإنذار في محطة فوردو النووية بعد القصف الإسرائيلي.. هل هناك تلوث نووي؟    النظام الغذائي المناسب، لطلاب الثانوية العامة خلال الامتحانات    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحبة لا تسقط أبدا

فى وطنى رايات كره ترفرف، ووجوه كئيبة من كل حدب تُطِل، وعيون لا ترى إلا القبح لترصده، وقلوب خرجت عن معين فطريتها فاستحالت بشرا غير سوي، أينما توجهها لا تبذر إلا شقاق ولا تحصد إلا الفرقة، هذه مكونات واقع عاش فيه بنو وطني، خلال عقود الفساد والإفساد، حتى باتت المسيطرة على صور الواقع، وما كان من المتربصين بالمستقبل إلا أن طوروا هذه الصور واستثمروها لتصبح هى كل مكونات واقعنا، ويغدو فى المقابل كل باحث عن أصل هويته، وروح وطنيته، وسر ما كمن فى الوعى المصرى من أسرار قوته، خارجاً عن كل أطر الزمن ليحارب طواحين هواء وهمية .ويجب أن نعترف فى هذا الصدد بأن إرادة الأعداء لوطننا وإنسانيته، سعت بكل طاقة ووسيلة إلى (إشاعة الكُره) باعتباره أصلا فى مصر والمصريين، ولم يعدَموا وسيلة لترسيخ هذا الرصد المشوه، والتعميم المعيب لشذوذ القاعدة فى مصر ليحولوه إلى أصل من لا يجاريه يتحول إلى «سنيد» فى فيلم واقع جديد كئيب، أبطاله كل المشوهين الخارجين من رحم عقود عديدة ولت، فى مواجهة ذاك «السنيد» الذى يمثل دور الشخصية الخارجة من المتحف (بيومى أفندي)، أو (أبو العلا البشرى) وقبل قرابة خمسة عشر عاما كان أن سألت المذيعة فى فيلم (اللى بالى بالك)، بطله الساقط من كل حسابات الواقع (اللمبي)، عن السر فى دخوله السجن، فأجاب قائلا (واحد مصاحب على علوكة، وأشرف كخة عايزاه يطلع إيه طيار؟)، هذا السؤال الساخر الذى طرحه الممثل الموهوب - وقتها- على قدر عفويته وهدفه المرجو - إضحاك الجمهور-، استيقظ مجتمعنا من آخر ضحكاته على (الإفيه) ليفاجأ بأن جموعا من مكونى الواقع قررت أن تحول (على علوكة و أشرف كخة) إلى أبطال نموذج فى حكايات الواقع اليومي، تحولوا إلى كابوس يفرضه الجميع على واقعنا باعتباره المكون الوحيد للواقع. فتفننت منظمات السياسة فى طرح رؤى (الهدم) دونما أى رؤية للبناء، وأبدعت قريحة صناع الفنون فى تحويل (علوكة وكخة) إلى وجوه فنية تطل ملامحها عبر أعمال يتقاسم بطولتها (البلطجى)، مع (الساقطة) و(الفاشل)، والكومبارس مجموعات من الضحايا والمشوهين ومعهم فرد يؤدى دور الواعظ! وبالتأكيد روج لهذا الواقع تنظيمات الدين السياسى وعلى رأسها الإخوان، حين قررت أن تحول سماحة الأديان إلى ضيق التنظيمات، فأفرزت خطباء «قبح» يملأون الآذان بضجيج وصراخ (أنت ما بتصليش ليه؟)، ودعاة فتن يخرجون عن كل معنى لهدف التعايش بتساؤلات من عينة (هل يجوز تهنئة المسيحيين بأعيادهم؟ وأليست حرما وجمعا بدعة؟)، وبرامج دعوية تسعى لاستقطاب (الملتزمين أخلاقيا) فى المجتمع باعتبارهم (أصحاب مبادئ أساسية)، ليس بهدف إثراء إلتزامهم، وإنما لاستدماجهم فى ماكينة التنظيمات تمهيدا لاستثمارهم بما يخدم خططهم غير المعلنة.وهكذا تضافرت جهود «الفاسد السياسى» مع «الفاسد الإعلامى» مع «الفاسد الدينى» ومعهم جميعا «الفاسد الإدارى» ليعمموا ثقافة «الكره» فى مجتمعنا، وبالتأكيد اتسعت دوائر هؤلاء الفسدة المفسدين لتشمل أصنافا وشخوصا انساقت لهذا الهدف بغير وعى، أو رغبة فى نجومية العصر أو مجاراة لواقع لا تملك مقاومته. لينهال على صورة مصر والمصريين التى كانت 1919، ركام السنين وأوجاع العصور ومؤامرات الدنيا. ولا يمكن فصل هذا الاستهداف لنشر ثقافة «الكره» فى مصر باعتبارها الأصل، عن مشروع عالمى ترعاه (أمريكا)، وتسعى لتطبيقه واقعا يتمثل فى (شرق أوسط جديد) وكبير فى مكاسبه على تصدير الصورة الأمريكية باعتبارها صاحبة الحضارة الوحيدة والقديمة والجديدة فى عالم كل من فيه وخاصة مجاورى دولة الكيان الصهيونى أمم من الرعاع والسوقة والدهماء لم يحفظوا حضارة أسلافهم ولا يستحقون خيرات أوطانهم. وهذا بالتأكيد ليس هوسا بنظرية المؤامرة قدر كونه هوسا بقراءة النص خارج السياق المرسوم.وفى قتامة المشهد تحمل لى مكالمة هاتفية دعوة لندوة تقيمها مجموعة مصرية من أهالى المقطم تحمل اسم (جروب المحبة)، وترفع لافتة (المحبة لا تسقط أبدا)، فكرة نمت بين عقول استشعرت خطورة شيوع الكراهية وآمنت بأن مكامن الشخصية المصرية بغير محبة تذوب فى أتون المؤامرات الآنية.لا يهم أسماء لأن حصر الفكرة فى أسماء يقلل من قيمتها، لكن المكونات أعمار متباينة تشمل كل الشرائح العمرية، وثقافات متعددة المشارب، ودين يؤمن بالله مسلما كان أو مسيحيا، ومظهر خارجى متباين ما بين حليق وملتحى وأنيق وبسيط ومتبرجات ومحجبات. والأكثر إدهاشا أن من رعاة المجموعة شيوخ أئمة مساجد وقساوسة من كنائس مصر المختلفة. لكن المفاجأة الأكبر كانت فى مكان الفعاليات المجمعة التى حالت التعقيدات الإدارية والمالية فى أن تكون داخل مركز أو قاعة مدرسة أو غيرها من أماكن مفتوحة، فقرر الشيوخ والقساوسة أن يتبادلوا احتضان فعاليات المحبة مرة فى كنيسة والأخرى فى مسجد.حملتنى الدعوة لأحضر بين أعضاء (جروب المحبة فى المقطم)، بصفتى محاضرا فوجدتنى أتضاءل بين قامات سامقة رغم انزوائها بعيدا عن الأضواء، وأجلس فى مقام المتأمل فى وجوه تحمل كل أمل وقلوب معينها المحبة، كنت أتحدث للمصريين فى إحدى قاعات مسجد (التقوى) بينما الجمهور يتعانق مسلمين ومسيحيين مكونا منمنمة للمحبة قادرة على أن تستحيل درعا يحمى المستقبل، أوصيتهم بأن يطرحوا مشروعهم كاملا على شبكات التواصل الاجتماعى ليصبح نموذجا قابلا للتطور، فكانت المفاجأة أن سيطهم وصل لحدائق الأهرام، وبدأت التنويعات على أوتار المحبة، فمصر كما المحبة.. كلاهما لن يسقط أبدا.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.