لست مع الرأى القائل بأن التداعيات الكارثية التى دهمت الأمة العربية فى السنوات الخمس الأخيرة قد عززت من قوة وشكيمة دعاة « الدولة الأمنية» الذين يرفعون راية «الأمن أولا» ولكننى أرى أن صيحات الحرية التى شقت السماء فى معظم العواصم العربية قبل 5 سنوات مازالت حية ونابضة إلى اليوم وتستوجب اهتمام قادة الأمة من أجل أن يكون شعار المرحلة هو: «الأمن والحرية معا».. ولكن السؤال الضرورى هو: «أى أمن وأى حرية»؟. إن الأمن هو المدخل الطبيعى والصحيح لضمان الحرية للوطن والمواطن على حد سواء.. ومن ثم ينبغى أن يكون الحديث عن ثنائية الأمن والحرية مبنيا على صحة الإدراك بأنه لا حرية فى غياب الأمن ولا أمن فى غياب الحرية وأن كليهما يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى قدرة الدولة والمجتمع معا على التعاطى السليم مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها كل الأوطان العربية دون استثناء. إن أمن المواطن أولوية أولى ما فى ذلك شك ولكن دون أن يكون ذلك على حساب أمن الوطن والذى يتعرض منذ سنوات فى كل البلدان العربية لضغوطات فجة تستهدف فرض برامج بعينها للإصلاح السياسى دون أدنى مراعاة للتباينات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ليس فقط بين أقطار الأمة العربية ذاتها وإنما أيضا بين أقطار الأمة وبين من يصدرون برامج الإصلاح المكتوبة والمصنوعة بلغات وثقافات وأفكار وعقائد أجنبية تبتعد كثيرا عن الفهم الصحيح للواقع العربى وموروثاته عبر التاريخ. ولعل الذين صدعوا رءوسنا بكثرة الدق على أحاديث الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أن يتذكروا جيدا أنهم - كانوا ومازالوا - شركاء فى صنع ونشر الإرهاب على الأرض العربية ودعمه وتقوية شوكته بالتمويل والتحريض وتوفير الملاذات الآمنة فى العواصم الأجنبية التى تعايرنا بغياب الحرية وتنسى أن الحرية والإرهاب لا يجتمعان وأنهم فى بلدانهم المتقدمة كثيرا ما اتخذوا إجراءات استثنائية لمجرد وقوع حادث إرهابى واحد فى أى عاصمة غربية.. فما بالنا ونحن أمة تتعرض منذ سنوات بعيدة لأشرس وأعتى هجمة إرهابية فى التاريخ. ولو رفع المزايدون علينا بشعارات الحرية أيديهم عن دعم ومساندة الإرهاب فلن تكون لدينا أى معضلة فى إنتاج ثنائية «الأمن والحرية معا» فى التو واللحظة! خير الكلام: تعدو الذئاب على من لا كلاب له! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله