تعتبر اليابان من أكثر الدول التى تسعى مصر للاستفادة من تجربتها التنموية، خاصة فى مجال التعليم،وتاتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لليابان فى هذا التوقيت كتأكيد لسياسة مصر الخارجية بالتوجه نحو الشرق . وفى هذا السياق أوضح السفير إسماعيل خيرت سفير مصر فى اليابان أن الزيارة ستشهد توقيع عدد من الاتفاقيات من شأنها تفعيل التعاون بين البلدين فى المرحلة المقبلة، وفيما يلى نص الحوار : كيف ترى الزيارة المرتقبة للرئيس عبدالفتاح السيسى لليابان، من حيث أهميتها وتوقيتها فى إطار تفعيل العلاقات بين الجانبين؟ تأتى زيارة السيد الرئيس لليابان فى مرحلة مهمة للغاية تسعى فيها مصر لتنويع دوائر تحركاتها شرقاً وغرباً، وبناء شراكات مع كافة الدول التى يسهم التعاون معها فى تحقيق الأهداف المرتبطة بإعادة بناء الاقتصاد المصرى بما يسهم فى تحقيق معدلات التنمية المنشودة، وبما ينعكس على رفع مستوى معيشة المواطن المصري. وتعد اليابان من أهم الدول التى تسعى مصر للاستفادة من تجاربها التنموية الرائدة، ومن المتوقع أن تسهم زيارة الرئيس لليابان فى إعطاء دفعة حقيقية للعلاقات الثنائية بين البلدين، من خلال تفعيل التعاون فى عدد كبير من المجالات فى إطار ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة رئيس الوزراء اليابانى لمصر فى يناير 2015. وهل سيتم توقيع اتفاقيات بين الجانبين أثناء الزيارة؟ وما هى أهم القضايا على أجندة المباحثات بين الجانبين؟ سيتم خلال الزيارة التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات والوثائق ذات الصلة بالتعاون بين مصر واليابان فى عدد من المجالات ذات الأهمية الحيوية بالنسبة لأهداف التنمية، بالتركيز على قطاعات محددة تتمتع فيها اليابان بميزات تنافسية مقارنة بغيرها من دول العالم المتقدم، ويأتى فى مقدمة تلك القطاعات الكهرباء والطاقة والتعليم والصحة والتعاون فى القطاع المالى وتعزيز شراكات القطاع الخاص من الجانبين. وسوف تتطرق المباحثات بين الجانبين إلى عدد كبير من القضايا على رأسها تعزيز العلاقات الثنائية التى شهدت طفرة حقيقية خلال السنة الماضية، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء اليابانى للقاهرة فى يناير الماضي، مع إيلاء اهتمام خاص للتعاون الاقتصادى والتنموي، إضافة إلى تعزيز التشاور والتنسيق السياسى بين الجانبين فى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك من بينها الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط، بما فى ذلك التحديات المرتبطة بالإرهاب، ومنطقة شرق آسيا، خاصة فى ظل عضوية البلدين فى مجلس الأمن لعامى 2016و2017 . وهل هناك أوجه للتعاون بين الجانبين فى إطار مكافحة الإرهاب بعد أن بات تهديدا.. ليس لمنطقة الشرق الأوسط فقط بل للعالم بأكمله؟ تولى اليابان اهتماماً كبيراً بقضية مكافحة خطر الإرهاب، خاصة بعد أن أثبتت التجربة أنه لا توجد دولة، أيا كان موقعها وأيا كانت درجة تقدمها، إلا وعانت من هذا الخطر. وقد عانت اليابان نفسها وهى فى أقصى شمال شرق الكرة الأرضية من آفة الإرهاب حين استهدف مصالحها ورعاياها فى منطقة الشرق الأوسط. وأشير هنا تحديداً لحادثة عين أميناس فى الجزائر التى أودت بحياة عشرة مواطنين يابانيين عام 2013، وذبح تنظيم داعش الإرهابى لمواطنين يابانيين العام الماضي، وكذا مقتل ثلاثة مواطنين يابانيين فى حادثة متحف باردو الوطنى فى تونس فى مارس 2015. لذلك، ومن منطلق الدور المحورى الذى تقوم به مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، تحرص اليابان على التنسيق والتعاون مع مصر فى هذا المجال، ويعد هذا الموضوع من بين الموضوعات الهامة التى ستتناولها المباحثات القادمة بين السيد الرئيس ورئيس الوزراء الياباني. هل هناك اهتمام من جانب اليابان للاستثمار فى محور قناة السويس الجديدة؟ وهل هناك مباحثات بشأن زيادة الاستثمارات اليابانية فى الوقت الحالى فى السوق المصرية بوجه عام؟ بالفعل أبدى العديد من الشركات اليابانية العملاقة اهتمامه بالاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة والمشروعات المطروحة للاستثمار فى محور قناة السويس، وقد أجرى عددً منها اتصالات جدية مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لبحث إمكان تنفيذ المشروعات الاستثمارية التى سيعلن عنها قريباً، وستواصل هذه الشركات اتصالاتها فى هذا الشأن خلال المنتدى الاقتصادى الذى تنظمه السفارة بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة اليابانية ومنظمة التجارة الخارجية اليابانية على هامش زيارة الرئيس، للاستفادة من الزخم الذى ستولده الزيارة، بما ينعكس إيجابياً على التعاون الاقتصادى المشترك عموماً، وجذب الاستثمارات اليابانية بشكل خاص. كيف تنظر اليابان لمشكلة الفجوة الحضارية بين الشرق والغرب والتحامل المتزايد على الدين الإسلامى وربطه بالإرهاب ؟ تنشغل اليابان وتنخرط بشكل إيجابى فى الجهود الدولية المبذولة للتعامل مع إشكالية الفجوة الحضارية بين الشرق والغرب وكانت ومازالت لها إسهامات بارزة فى هذا الشأن، خاصة فى المرحلة التى بدأت فيها اليابان تحصد ثمار تجربتها التنموية الرائدة، ليس على الصعيد الاقتصادى والتنموى فقط، ولكن أيضاً فى المجال الثقافى والتنويري، ويعتبر ذلك أهم ما يميز الدور الذى تلعبه اليابان فى إطار مساعدتها للدول النامية، إذ تولى اهتماماً كبيراً بالجوانب الثقافية وتنمية الموارد البشرية فيها، حيث يأتى بناء الإنسان ورفع مستوى معيشته فى قمة أولويات مساعداتها التنموية. واتصالاً بقضية التحامل على الدين الإسلامى وربطه بالإرهاب، فيمكن الجزم بأن هذه القضية غير مطروحة بالمرة فى اليابان، إذ يكن الشعب اليابانى كل الاحترام للإسلام كدين وثقافة وحضارة، ولا يشعر المسلمون المقيمون أو الزائرون لليابان بأى تمييز أو روح عدائية بأى قدر، وتنتشر فى اليابان المساجد التى يمارس فيها المسلمون شعائرهم بكل حرية، ولا توجد قيود من أى نوع على ذلك، إذ تعتبر اليابان نموذجاً حياً للتعايش بين الثقافات والحضارات والأديان وكفالة حرية الاعتقاد بلا أى قيود فى هذا الشأن. بدأت اليابان الانتباه أخيرا لضرورة الانخراط بصورة أكبر فى منطقة الشرق الاوسط ودعم علاقاتها بصورة أكبر مع دول المنطقة وهو ما اتضح أخيرا من خلال الحوار العربى اليابانى الأكاديمى الذى عقد بالقاهرة، فهل هناك مبادرات من الجانب اليابانى لحل مشكلات المنطقة فى ظل تدهور الأوضاع فى عدة دول منها سوريا واليمن وليبيا؟ هذه ملاحظة هامة وفى محلها، فاهتمام اليابان بمنطقة الشرق الأوسط قد زاد بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضة، ورغم أن هذا الاهتمام كان موجوداً منذ عقود، إلا أن التطورات التى شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية دفعت اليابان لإيلاء مزيد من الاهتمام بجهود إحلال السلام والاستقرار فى المنطقة، حيث أثبتت التجربة أن الاضطرابات التى تشهدها منطقتنا تؤثر بشكل مباشر على اليابان، ليس فقط على مصالحها الاقتصادية، حيث تعتمد اليابان على المنطقة فى الحصول على أكثر من 80% من احتياجاتها من النفط والغاز، ولكن أيضاً على الصعيد الأمنى حيث استهدف الإرهاب مصالحها ورعاياها فى أكثر من مناسبة. ومن الاعتبارات المهمة التى أدت إلى تزايد اهتمام اليابان بمنطقة الشرق الأوسط ومشكلاتها التغيرات الجذرية التى شهدتها السياسة الخارجية اليابانية، ارتباطا بتغيير عقيدتها الدفاعية العام الماضي، عبر إدخال تعديلات على التفسيرات المستقرة للدستور وإصدار تشريعات أمنية لتمكين اليابان من توسيع دورها وانخراطها فى الشئون الدولية بشكل أكبر، وفى الوقت الحالي، ولحين اتضاح معالم السياسة الخارجية والدفاعية اليابانية الجديدة، تركز جهودها فى منطقة الشرق الأوسط على تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لضحايا الأزمات وتدهور الأوضاع فى دول مثل سوريا وليبيا واليمن.