يحوم البنك الدولى حول السكك الحديدية ويربط بين منح مصر قرضا وبين إسناد إدارتها لشركة اجنبية منذ عام 2006 ثم عاد للظهور بقوة مؤخرا وفى الأيام الأخيرة أطلق وزير النقل تصريحا بإسناد إدارة السكك الحديدية لشركة أجنبية لأننا وفق ما تداولته الصحف فاشلون ، ثم حدث نفى من وزارة النقل ولقد تعلمنا فى بلدنا أن النفى يؤكد ما قيل ولا ينفيه ويعد تصرف الوزير تصرفا منفردا بعيدا عن الدولة بكل مؤسساتها من الرئيس إلى الحكومة إلى مجلس النواب والإعلام والشعب ذاته وكيف يجرؤ الوزير على اتخاذ هذا القرار فى مرفق حكومى أنشيء عام 1852 كثانى سكك حديد فى العالم والاول فى إفريقيا والشرق الأوسط وفى هذا الشأن هناك العديد من الأمور التى يجب مناقشتها بأعلى درجات الشفافية والمسئولية وفى إطار العدالة الاجتماعية. أولها : إذا كان هناك إجماع على تردى خدمة القطارات فما هى أسباب ذلك ؟ وحتى لا نحاول إختراع العجلة لماذا لا نعود إلى الدراسات الجادة التى أجرتها العقول المصرية ونناقش مقترحاتها والحلول التى تقدمت بها ، ولماذا لا يتم دعوة خبراء النقل فى مصر لمناقشة جادة وعلمية حول هذه القضية للوصول إلى أنسب الحلول. وثانيها: هل تطوير السكك الحديدية ممكن ذاتيا؟ وهل يجوز التعلل بنقص التمويل ؟ وهل كل مرفق يحتاج للتطوير أو التمويل لا يكون امامنا سوى الحل الأسهل وهو استقدام الأجنبى أو زيادة سعر الخدمة ؟ إننا بهذه المناسبة نذكر خطة التطوير الكاملة التى كان قد أعدها الخبير العالمى فى النقل والمرور الدكتور ابراهيم الدميرى إبان كان وزيرا للنقل عام 2002، وللإجابة عن السؤال نقول إن الحكومة فى عام 2007 أمام ضرورة الصيانة وتطوير الخطوط التى لم تحدث منذ 40 سنة تنبهت إلى ضرورة التطوير فقامت بإعادة هيكلة السكك الحديدية وشراء جرارات من أمريكا وتطوير القديم والمزلقانات وتدريب العاملين وحققت بذلك فى عام 2010 أعلى إيرادات وجذبت 40% من نقل البضائع. ثالثها: لا يجوز إخفاء الحقائق عن الشعب إذ المؤكد أن وزارة التعاون الدولى نظمت لذلك ورشة عمل فى نوفمبر الماضى برئاسة الوزيرة وحضور وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية ووزيرالتنمية المحلية وخبيرين بقطاع النقل بالبنك الدولى ، وبالتالى يصبح نفى الخبر أمرا مرفوضا وهى تعيد إلى الذاكرة ما أثير عام 2006 من اعتزام البنك الدولى تقديم قرض لمصر قيمته 500 مليون دولار لإعادة هيكلة السكك الحديدية وهو ما يعنى باللغة العاميه (حاططها فى دماغه ) ثم يعود الآن وبإصرار على ذلك. رابعها: هل نجحت التجارب السابقة للبنك الدولى فى هيكلة السكك الحديدية؟ دراسات البنك تدافع وتقول إن التجربة كانت إيجابية ولكنها تتعارض مع دراسة للاقتصادى برنارد مارتين أوضحت الآثار السيئة لذلك بالدول النامية ومحاولة البنك الدولى فرض آليات خصخصة السكة الحديد ببريطانيا على دول أمريكا اللاتينية ومع التسليم بتردى السكك الحديدية وحاجتها إلى تغيير جذرى شامل فإن هذا لا يعنى تسليمها لشركة أجنبية إن ما نحتاجه هو إدارة مصرية جيدة تمتلك إرادة التطوير والصيانة ورفع المهارة وتدبير التمويل وليكن بطرح سندات بالدولار والجنيه كما نجحت تجربة قناة السويس بدلا من الوقوع فى فخ البنك الدولى والتفريط فى واحدة من اهم ممتلكات الدولة والشعب وكنا نظن أن البنك الدولى يقدم لمصر مشروعا جديدا بإنشاء خط سكة حديد بين الإسكندرية واسوان مواز للنيل وبعيدا عنه يوجد مجالا اقتصاديا هائلا للبلاد. لمزيد من مقالات عصام رفعت