تغيب الكاتب الكبير يوسف القعيد، عن حضور حوار مفتوح بالمقهى الثقافى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، حول الفن الروائى وتجربته، ما أثار حالة من القلق لدى الحضور. (حاولنا بعد الندوة الاتصال به للاطمئنان عليه لكننا لم نتمكن من الوصول إليه هاتفياً). فى الوقت نفسه، أقام مخيم المقهى الثقافى ندوته رغم غياب «القعيد» حول أعمال وحياة الكاتب الكبير, أدارها الناقد ربيع مفتاح بحضور الشاعرة عزة رياض، والباحث أحمد بهاء الدين شعبان, الناقد د.عزوز على اسماعيل, الباحث محمد التداوى والشاعر شعبان يوسف المشرف على نشاط المقهى الثقافي. بدأ ربيع مفتاح حديثه عن نشأة الكاتب الكبير فى إحدى قرى الدلتا بالبحيرة, وهى قرية الضهرية حتى تخرج من معهد المعلمين وكيف أنه عمل مدرسا ثم التحق بالقوات المسلحة عام 1965 ولم يخرج إلا فى عام 1974 ، حيث حضر حرب 1967 وحرب الاستنزاف وحرب 1973، ثم عمل محررا أدبيا بمجلة المصور بدار الهلال حتى وصل لمنصب نائب رئيس تحرير عام 2000 ثم قدم استقالته حتى يصبح كاتبا متفرغا. ثم انتقل مفتاح إلى إصدارات القعيد فى القصة والرواية وأدب الرحلات وإسهاماته فى الحياة الثقافية, ثم إلى عمله مقررا للجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة. وتطرق مفتاح فى حديثه إلى علاقة التوأمة الأدبية والإنسانية التى جمعت بين الكاتبين الراحل جمال الغيطانى ويوسف القعيد. ثم ختم كلمته بالحديث عن رواية القعيد الأخيرة «مجهول» التى يرتكز البناء الروائى فيها- كما يرى مفتاح- على حدث محورى هو اختفاء حسن ابو على «أبو البنات». ويضيف الناقد: تعددت تأويلات الاختفاء: منها أنه اختفى من أجل البحث عن امرأة أخرى يتزوجها حتى ينجب الولد، ومن يقول إنه اختفى للبحث عن الكنز لأنه الوحيد الذى يعرف مكانه, وآخرون يقولون ندهته النداهة. ويتسع الفضاء الروائى ويمتد إلى أحلام أبناء قرية كفر المرحوم وخوفهم وخيباتهم، وريف مصر بكل ما فيه من سلبيات وتناقضات نتاج سياسات خاطئة. وهناك فى هذا العمل محاولة استيعاب لكل ما يحدث فى المجتمع (وخاصة الريف) اجتماعيا وسياسيا ونفسيا. ويسيطر الخوف والتمنى على معظم شخصيات الرواية.. وبدأت الشاعرة عزة رياض حديثها بأن الأديب يوسف القعيد ابن القرية وكل رواياته لم تستطع أن تفارق القرية. وتحدثت عن روايته «قسمة الغرماء» قائلة: إن إشكالية الطائفية تسيطر على الخط الأساسى فى العمل الروائي ونرى من خلال الحدث كيف أن تقسيم نسيج الوطن الواحد إلى مسلمين ومسيحيين يشكل عائقا أمام حركة المجتمع . وقد أبدع يوسف القعيد فى ذلك من منظور روائى مستعينا بكل التقنيات الروائية. واختار د.عزوز على اسماعيل رواية «الحرب فى بر مصر» نموذجا للحديث عن فن الرواية عند القعيد, وهى الرواية التى تحولت إلى فيلم سينمائى تحت عنوان «المواطن مصري». فهذه القصة- والكلام لإسماعيل- تؤرخ فترة من بعد ثورة 52 وما ترتب عليها من محاولات لإصلاح المجتمع المصري، القائم على الطبقية والظلم فهذه الحرب التى داخل بر مصر هى حرب الفوارق الطبقية.وأيضًا تحدث عن رواية «وجع البعاد» التى تمثل حالة معبرة عن الواقع المعيشى للمغترب وأهله الذين ينتظرون بفارغ الصبر نسمة هواء تأتى لهم من هناك تحمل معها رغيف عيش أو أى شيء يساعد الأهل على مواصلة الحياة فى رضا. وتحدث الباحث أحمد بهاء الدين شعبان عن دور يوسف القعيد فى الحياة الثقافية ومدى مساندته للكتاب والمبدعين كما تكلم عن بساطة وصدق ومصرية يوسف القعيد ومدى إخلاصه للفقراء والمهمشين, فلم يتحدث عن الأغنياء ومن يتمتعوا بالحياة الكريمة, وتابع بهاء الدين شعبان أن القعيد يمتلك عروبة ومواقف قومية وحضرت قضية فلسطين فى كتاباته، كما سنجد فى كتاباته احتراما للجيش المصرى ولتضحياته. وجاء دور الباحث محمد التداوى الذى ركز على العلاقة بين قرية الضهرية الواقعة فى الدلتا وبين خصائص وخصوصية يوسف القعيد وقال إنه من أشهر أدباء مصر وفى الدول العربية يعرفونه أكثر من هنا. وتحدث عن لقائه معه فى معرض الشارقة للكتاب وكيف كان اللقاء جميلا بسبب تواضع الكاتب الكبير يوسف القعيد. واختتم الناقد شعبان يوسف الندوة قائلا :علاقتى بيوسف القعيد تمتد لفترة زمنية طويلة, وقد تابعت إبداعاته قراءة ودراسة مثل «وجع البعاد», و«يحدث فى مصر الآن», و«الحرب فى بر مصر» و«بلد المحبوب» وغير ذلك من الروايات والمجموعات القصصية ثم تكلم عن بساطته وعن علاقته بالكاتب الراحل جمال الغيطاني. وقال خلال عام 2015 حصل يوسف القعيد على جائزة سلطان العويس, وفى عام 2008 حصل على جائزة الدولة التقديرية.