لم يتوقف الغليان وإعصار الغضب في سوريا يوما واحدا منذ اندلاع الثورة في15 مارس2011 وحتي الآن بلغ عدد الشهداء وفقا لتقديرات الأممالمتحدة حوالي تسعة آلاف شهيد من بينهم أكثر من850 طفلا. وتحت ضغط الغضب الشعبي الذي اجتاح جميع المحافظات السورية اضطر بشار الأسد. إلي الاستجابة لبعض مطالب الشعب فأعلن في أبريل من العام الماضي إنهاء قانون الطوارئ المستمر منذ40 عاما, ومع ذلك استمرت القوات السورية في قصف المتظاهرين. ثم أصدر عفوا رئاسيا عن المعتقلين, ومع ذلك لازال هناك أكثر من37 ألف معتقلا في السجون السورية وفقا لإحصائيات منظمات حقوق الإنسان. وفي فبراير الماضي أقر الناخبون دستورا جديدا يقضي بتعدد الأحزاب وإجراء انتخابات. وبعد أن استمر الجيش السوري في قصف مدينة حمص لمدة شهر أرسلت الأممالمتحدة والجامعة العربية في مارس الماضي كوفي أنان سكرتير عام الأممالمتحدة السابق مبعوثا خاصا لسوريا واقترح علي الأسد خطته للسلام المكونة من ستة نقاط والتي تدعو بشكل أساسي إلي وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ من12 أبريل الماضي.. وقبل ساعات من اجراء الانتخابات التشريعية الأولي نحاول في هذا الملف إلقاء الضوء علي بعض جوانب وخلفيات الأزمة. سوريا .. كل الاطراف فى مأزق كتب: فتحي محمود 14 مليون سوري مدعوون للتصويت غدا في أول انتخابات تشريعية تجري منذ اندلاع أعمال العنف والأزمة السياسية التي تشهدها البلاد, وبعد صدور دستور جديد ألغي احتكار حزب البعث للسلطة, وبمشاركة أحزاب جديدة تظهر لأول مرة علي الساحة السياسية,ومقاطعة بعض أطياف المعارضة, وفي إطار خطة للاصلاح السياسي يتبناها النظام في مواجهة ضغوط داخلية وخارجية غير مسبوقة بالنسبة له. وعشية هذه الانتخابات يمكن تلخيص المشهد السوري في جملة بسيطة للغاية.. كل الأطراف في مأزق.. فنحن أمام نظام يعتمد منذ سنوات طويلة علي الدولة المركزية والحزب الواحد والتعامل الأمني مع الأوضاع السياسية, ووجد نفسه فجأة أمام تحد كبير يهدد وجوده مع ضغوط داخلية وخارجية هائلة لتغيير تلك الأوضاع, وبسبب ميراثه الثقيل لم يستطع تنفيذ خطته للإصلاح السياسي بالسرعة اللازمة وغرق في دوامة التعامل الأمني. أما المعارضة أو المعارضات بمعني أدق فتعاني من التشرذم مابين معارضة الداخل والخارج, ومابين الارتباط بقوي إقليمية والارتباط بقوي دولية, ومابين مجموعات ترفع راية الجهاد وأخري تدعو للاعتراف بإسرائيل, وشخصيات ترفض بقوة التدخل الخارجي وأخري تنتظر بفارغ الصبر الدبابات الأجنبية التي ستدخل علي متنها إلي دمشق, لذلك فشلت هذه المعارضات في عقد مؤتمر عام يجمع كل أطيافها بدون استثناء حتي تحت مظلة الجامعة العربية. ومابين النظام والمعارضة تقف الأغلبية الصامتة من الشعب السوري في حالة قلق شديد من الحاضر والمستقبل, فهي المتضرر الأكبر من كل مايجري الآن, وتخشي في الوقت نفسه من تدخل خارجي لفرض السيناريو الليبي للتغيير فتتحول سوريا إلي ساحة للفوضي ومشروع للتقسيم أو حرب أهلية في أفضل الظروف والأحوال. وخلال الأسابيع الأخيرة برز طرف جديد في المعادلة يتمثل في جماعات الجهاد الإسلامي التي بدأت في تنفيذ عمليات انتحارية, وأعلن تنظيم اطلق علي نفسه جبهة النصرة لأهل الشام عن تبنيه لعدد من التفجيرات في دمشق وحلب تحمل بصمات القاعدة. أما الأطراف الدولية مثل الولاياتالمتحدة وأوروبا التي بدت منذ عدة أشهر وكأنها علي وشك تحقيق تدخل أجنبي حاسم وسريع في سوريا, فقد تراجعت تحت ضغط الحسابات الإقليمية المعقدة للوضع السوري والموقف الروسي الصيني المساند لدمشق عن فكرة التدخل العسكري, واكتفت بالعقوبات الاقتصادية المتدرجة ثم خطة كوفي آنان المدعمة بمراقبين دوليين والتي ترتكز علي وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف وسحب الجيش من المدن والدخول في حوار سياسي بين السلطة والمعارضة. وحتي تركيا الجارة الأبرز التي لوحت كثيرا بتدخل عسكري في الأراضي السورية لفرض مناطق أو ممرات آمنة للمعارضين, بدأت في إعادة النظر في هذه الفكرة التي قد تتحول إلي حرب عربية تركية في نظر الشارع العربي, أو تؤدي إلي اندلاع حرب إقليمية كبري إذا نفذت إيران تهديداتها بالدفاع عن سوريا في مواجهة أي عدوان خارجي. لذلك تبدو خطة كوفي آنان وكأنها طوق النجاة الأخير للجميع, رغم تعرضها للهجوم من بعض الدول العربية والمعارضة الخارجية, فالسلطات السورية ستحاول تأمين شروط نجاح الخطة لأنها صاحبة مصلحة في التهدئة, وتري أن هدوء الأوضاع يكشف الحجم الحقيقي للمعارضة, ويجبرها علي الدخول في حوار سياسي مع السلطة يأخذ في الاعتبار استحالة إسقاط الرئيس بشار الأسد, خاصة أن دمشق تعرف جيدا أن الحل الأمني, وحده, ليس كافيا لمعالجة الأزمة الراهنة, ولكنه يشكل في الوقت ذاته مدخلا لتسهيل الحل السياسي. بينما تري معظم تيارات المعارضة أن خطة آنان ستؤدي إلي وقف العنف وسحب الجيش من المدن, مما يتيح للمعارضين والمحتجين الفرصة لالتقاط الأنفاس, مع استمرار الضغط الاقتصادي والدبلوماسي الدولي لإجبار دمشق علي تقديم تنازلات لا مفر منها بعضها قد يتعلق بملفات إقليمية تمسك بها سوريا. البعث.. من الهيمنة إلي النهاية إيمان عارف يعد حزب البعث من أهم وأقدم الأحزاب العربية التي لعبت دورا في فترة مهمة من تاريخ الوطن العربي, وهو بمثابة الأب الروحي لدعوات القومية العربية, ويتولي الحزب مقاليد الحكم في سوريا بشكل منفرد منذ عام1963 وحتي الآن. وقد تأسس في دمشق عام1947 تحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة, وحدد أهدافه بأنها وحدة, حرية, اشتراكية. وتعود نشأة الحزب إلي كل من ميشيل عفلق وصلاح البيطار المنتميين للطبقة المتعلمة المتوسطة السورية, فبعد عودتهما من دراستهما في السوربون إلي دمشق عام1933, بدا الاثنان في الدعوة لأفكارهما وسط الطلاب والشباب, واستقطبت هذه الأفكار عدد من طلبة المدارس والجامعات, إلا أن هذا التجمع لم يتحول لحركة سياسية إلا في بداية الأربعينات عندما شكل الاثنان حركة الإحياء العربي, ومنذ عام1943 أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم حركة البعث العربي. ومنذ النشأة الأولي عمل الحزب علي مواجهة التدخل الأجنبي في شئون المنطقة العربية وتوطيد أركان القومية العربية, وأصبح له تأثير فعال علي الحكم في سوريا بعد الاستقلال, وسرعان ما انتشر في بعض البلدان العربية. وفي عام1952 اندمج الحزب العربي الاشتراكي الذي كان يرأسه آنذاك أكرم الحوراني مع حزب البعث ليصبح اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي. وفي الفترة ما بين عامي1955 و1958 كان الحزب من أبرز الداعين لوحدة سوريا مع مصر ونجح في تحقيقها مع الرئيس جمال عبد الناصر عام1958 ولكن الوحدة لم تستمر طويلا ووقع الانفصال عام1961 فيما اعتبر علامة علي فشل رسالة الحزب بخصوص الوحدة العربية, ثم حدث بعد ذلك انقلاب جديد عام1963 ووصل الحزب للسلطة واستمر ثلاث سنوات تقريبا حاول خلالها وضع برنامج للتأميم ولكنه لم يتمكن حيث تعرض لانقلاب آخر عام1966 غادر علي أثره كل من عفلق والبيطار سوريا نهائيا, وتولي الحكم منذ ذلك الحين مجموعة من الضباط وبعض المثقفين الذين لم يؤمنوا حقيقة بمباديء الحزب الأصلية, ولكنهم شكلوا فيما بينهم تحالفا من الأقليات التي تمثل مصالح طائفية أكثر من كونها مصالح عربية أو قومية, مثل العلويين الذين يمثلون9% من السكان والدروز وبعض فقراء السنة من المحافظات النائية. وهنا حدثت المفارقة التاريخية, فالحزب الذي نشأ ليكون من دعاة حركة القومية العربية أصبح أداة للقمع لخدمة الأقليات ولعل هذا هو السبب في انقلاب عام1963, ثم الانقلاب الدموي عام1966, ثم ما أطلق عليه حركة التصحيح السلمية عام1970 التي كرست في النهاية القبضة الديكتاتورية لحافظ الأسد المنحدر من الاقلية العلوية لم تكن سوي خطوات تصاعدية نحو توطيد أركان نظام طائفي استخدم اسم الحزب فقط لإضفاء نوع من الشرعية السياسية علي النظام. ولكن هل معني ذلك أن الحزب الذي هيمن علي الحياة السياسية لسوريا منذ49 عاما تقريبا انتهت سيطرته في ظل الثورة السورية وتداعياتها خاصة بعد إقرار التعديلات الدستورية التي شملت الغاء المادة الثامنة الخاصة بتنصيب الحزب قائدا وحيدا للدولة والمجتمع ومهيمنا علي النشاط السياسي لأكثر من أربعة عقود. الإجابة ستكون بالنفي, فالوعود التي أطلقت بإنهاء احتكار الحزب للسلطة, التي هلل لها المسئولون الحكوميون باعتبارها دليلا علي عملية إصلاح سياسي حقيقي, ليست في نظر المراقبين سوي وعود جوفاء, فمازالت قبضة الحزب كما هي رغم بعض عمليات الانشقاق لعدد من أعضائه العام الماضي, واستهداف احد مقراته بدمشق. وهنا توضح التحليلات أن الحديث عن إنهاء سيطرة الحزب علي الحياة السياسية ليس سوي محاولة لكسب الوقت أو مناورة مكانها الحقيقي سلة مهملات التاريخ, فالصحيح أن الحزب انتهي دوره التاريخي كراعي للقومية العربية منذ تولي السلطة عام1963, ومن ثم فان أي محاولة من قبل نظام بشار بخصوص الدور المستقبلي للحزب لن تؤتي ثمارها. الغضب مستمر حتي إسقاط النظام شريف الغمري مرت المعارضة السورية بعدة مراحل منذ بدء تكوينها بعد أشهر قليلة من اشتعال الثورة في شوارع المدن السورية, التي بدأت بحركات احتجاجية محدودة إلي أن وصلت إلي ثورة كاملة في كل مدن سوريا. دخلت هذه الاحتجاجات في مرحلة منظمة بعد أن قامت كل مجموعة في كل مدينة سورية بتشكيل ما سمي بتنسيقية الثورة, ثم جري نوع من الاتصال والتنسيق بين هذه التنسيقيات جميعا بحيث تقوم كل منها بتصوير الاحتجاجات وأيضا تصوير عمليات العنف والقتل التي يرتكبها جنود النظام السوري ضد المتظاهرين السلميين. وكانت هذه التسجيلات مع تقارير عن أعداد القتلي والمصابين ترسل إلي الخارج لكي يتابعها العالم أولا بأول. بعد أشهر قليلة بدأت تظهر تجمعات منظمة للتعبير عن الثورة ومساندتها وإعلان أهدافها ومحاولة لفت أنظار العالم إلي ما يجري داخل سوريا. كانت أول هذه المنظمات وأهمها هي المجلس الوطني السوري الذي تكون من الشخصيات المعارضة في الخارج واختير لرئاسته المعارض السياسي والأكاديمي المعروف والمقيم في باريس الدكتور برهان غليون. في الوقت نفسه كان هناك تجمع آخر للمعارضة باسم هيئة التنسيق الوطنية برئاسة هيثم مناع وتضم شخصيات وقوي سورية من داخل وخارج سوريا. ونتيجة للجهود التي بذلتها الجامعة العربية لتوحيد صفوف المعارضة, عقد لقاء بين قيادات المجموعتين في آخر ديسمبر2011 تم فيه توقيع اتفاق بين المجلس الوطني السوري برئاسة برهان غليون وهيئة التنسيق الوطنية برئاسة هيثم مناع لتنسيق العمل الوطني المشترك لدعم الثورة داخل سوريا مع اتفاق الجانبين علي رفض التدخل الأجنبي داخل سوريا. مع تصاعد حملات العنف التي كان يشنها النظام السوري داخل المدن السورية لدرجة قصف السكان المدنيين والمنازل بالمدفعية والدبابات دون تمييز وسقوط مستمر للقتلي بدأت تحدث انشقاقات متتابعة بين صفوف الضباط والجنود في الجيش السوري لينضموا لصفوف الثورة, ولما زادت أعدادهم كونوا ما أصبح يسمي بالجيش السوري الحر الذي يتولي حماية السكان الذين يتعرضون للقصف من جيش النظام. وجرت عمليات تنسيق بين المعارضة في الخارج والجيش السوري الحر في الداخل. وتمثل دور الجيش السوري الحر في الدفاع عن السكان وعدم الهجوم, في حين كانت المعارضة السورية في الخارج تمارس دورها علي المستوي السياسي لدعم الثورة وحشد التأييد العالمي لمطالب السوريين في الخارج. وفي الوقت الذي بدأت فيه الأممالمتحدة تتخذ إجراءات لمحاولة وقف العنف داخل سوريا, وكانت من أهمها مبادرة كوفي أنان. وبدأت المعارضة السورية تشعر بأن الجهود الدولية لوقف المذابح التي ترتكب ضد الشعب السوري لن تجدي, نظرا لأن أي خطة تعرض علي مجلس الأمن تقابل بالفيتو من جانب روسيا والصين. وكان من رأيهم أن استمرار إرسال مراقبين دوليين إلي داخل سوريا لا يحل المشكلة مادامت الحكومة السورية تصعد من إجراءات العنف بالرغم من وجود هؤلاء المراقبين, وهو ما أدي إلي مطالب من المعارضة بتسليح الجيش السوري الحر لكي يستطيع بأن يوقف التصعيد من جانب جيش الحكومة الذي لا يلتزم بأي اتفاقات دولية. وتبقي المطالب الأساسية للمعارضة السورية والتي تعبر بها عن مطالب الشارع والمتظاهرين في جميع أنحاء قري ومدن سوريا هي إسقاط نظام عائلة الأسد. حمزة الخطيب.. أيقونة الثورة دينا عمارة هكذا وببساطة لن يذهب غدا إلي المدرسة وسيبقي مقعده فارغا, لا أحد سيسأل عن سبب غيابه, لا أحد سيكتب اسمه في دفتر الغياب, لا أحد سيلومه علي عدم الحضور, لأن حمزة تأخر في نومه اليوم كما لم يتأخر من قبل.. كلمات كتبها أحد الناشطين السوريين علي الموقع الإلكتروني الخاص بالطفل حمزة الخطيب, ذلك الطفل الذي أثار فيديو تعذيبه وقتله علي أيدي النظام السوري غضب العالم كله بما فيهم حركة المعارضة السورية في الداخل والخارج والذي دفعها إلي مزيد من التصعيد ضد النظام السوري. حمزة الخطيب أو خالد سعيد سوريا, كما يلقبه السوريون طفل عمره13 عاما له ابتسامة مشرقة بريئة, من مدينة الجيزة في محافظة درعا التي تعتبر مصدر شرارة الاحتجاجات لباقي المدن السورية. بنظر السلطة السورية كان حمزة من مدينة مغضوب عليها, وكان له صفات التعاطف مع المظلومين والنخوة والشجاعة, وهي صفات ترعب السلطة وتخاف انتشارها في البلاد لأن ذلك سيهدد استقرار سلطتها, فاعتقلت حمزة في التاسع والعشرين من شهر أبريل العام الماضي, وكانت تهمته الوحيدة محاولة توصيل الطعام للمدينة المحاصرة. وبعد عدة أسابيع سلمه النظام لأهله جثة هامدة عليها أثار تعذيب وحشي من إطلاق نار علي ذراعيه, وتضخم في وجهه وتحول جسمه للون الأسود من شدة الضرب وكدمات وقطع أجزاء حساسة من جسده. استطاع أقاربه تصوير آثار التعذيب غير عابئين بالخطر الذي ينتظرهم إذا قاموا بنشر الفيديو ولكن كله يهون في سبيل أن يري العالم بشاعة ما حدث لحمزة, فأمسك الأب المكلوم الكاميرا وأخذ يصور جسد ابنه المعذب أمامه بينما الأم في حالة إنهيار تام, بعدها تم اعتقال الأب علي يد رجال الأمن وطلبوا منه ألا يتحدث إلي وسائل الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان مهددينه بقتل بقية أبنائه إذا خالف التعليمات. انتفضت سوريا بعدها لأجل حمزة ونظمت مسيرات عدة تندد بالتعامل الوحشي من قبل النظام ضد أطفال أبرياء, ودشن العديد من الشباب صفحات علي موقع الفيس بوك للتواصل الاجتماعي من بينها كلنا الشهيد حمزة الخطيب والتي استطاعت جذب نحو نصف مليون شخص يعرضون فيها بعض المعلومات عن حمزة وكيف كان حلمه أن يصبح شرطيا إلا أنه عدل عنه بعد أن رأي التعامل الوحشي للشرطة مع الشعب السوري, إلا أن أكثر الكلمات تأثيرا كانت من مشترك وجه رسالة إلي حمزة قائلا: لا أعرفك لكنني اشتقت إلي ابتسامتك المشرقة, أراك طفلا وحيدا في قمة الرعب وذروة الألم وأنت تعيش تفاصيل ما يفعلونه بك, بعيدا عن دفء وأمان الأهل, كنت وستظل أيقونة الثورة السورية. الجميلة والوحش ميادة العفيفي لقد تم تدمير الصورة كليا قالها اندرو تابلر, الباحث الأكاديمي والصحفي الأمريكي الذي عاش في سوريا بين2001 و2008, وهو أيضا باحث في برنامج معهد واشنطن حول السياسة العربية, كان قد عمل مع السيدة الأولي أسماء الأسد, وصدرت له مؤخرا مذكراته عن تلك الفترة, في عرين الأسد. يتناول تابلر في مذكراته قدر الإحباط الذي شعر به الجميع من الزوجين العصريين, اللذين قدما الكثير من وعود الإصلاح, وبعد خمس سنوات من صعود بشار للسلطة بات من الواضح انه لم يفلح في الأمر, يروي الكاتب, انه بعد ثماني سنوات, غادر سوريا مع شعور بأن بشار كان مشلولا أمام فساد ممنهج استشري منذ عقود, حتي أن معظم القادة ذوي النيات الحسنة كان من غير المرجح أن يحفزوا علي إجراء تغيير ايجابي, الآن يعتقد تابلر أن علي بشار الرحيل. عن السيدة الأولي يري الكاتب, أن هناك حقيقتين حولها, هي إمرأة عصرية, وبالتأكيد مختلفة عن الزوجات الأخريات للقادة العرب, تدير منظمات غير حكومية هدفها تحديدا هو مواجهة أسوأ المشكلات في البلاد وابرزها ارتفاع معدلات البطالة والفقر,لكنها أيضا تطمع في الحياة الرغدة, ولدت عام1975 في حي اكتون بغرب لندن, لطبيب أمراض قلب بارز هو فواز الأخرس, وزوجته سحر العطري, الدبلوماسية السابقة بالسفارة السورية بلندن. لقد أطلق عليها الشعب السوري الأميرة ديانا الشرقية, وبالفعل فقد اقترضت الكثير من أميرة القلوب الراحلة, في عام2009 ظهرت سيدة سوريا الأولي وهي تساعد المسنين والأطفال المرضي, وتجلس في الصفوف الدراسية, وتغرس الأشجار, وتلوح وتبتسم إلي جانب زوجها, لقد كانت بالتأكيد صادقة في إيمانها بإمكانية تحسين بلادها من خلال الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية. البعض يري أن أزمة أسماء تكمن فيمن حاربوها داخل القصر الرئاسي, بخلفيتها السنية وسط أسرة علوية متحفظة, وأيا كان تأثيرها علي زوجها, وهي أم أبنائه الثلاثة, إلا انه يعد اقل كثيرا من تأثير أعضاء آخرين في الأسرة, يقال إن أبرزهم والدته السيدة أنيسة مخلوف, التي أشيع أنها كانت تعامل أسماء باستياء وتكبر شديد, ويعتقد البعض أن أرملة حافظ الأسد التي نادرا ما كانت تظهر أو حتي تتحدث, كانت لها الكلمة الأخيرة فيما يخص شئون النظام الكبري, العدو الآخر لأسماء داخل العائلة, كانت شقيقته بشري, التي هي أيضا سكرتيرته الخاصة,وكان الدبلوماسي السوري السابق محمد داود قد وصف علاقتها بأسماء بأنها علاقة شديدة التوتر وقال انها حاولت لفترة طويلة منع أسماء من استخدام لقب سيدة سوريا الأولي, وفضلت أن يظل اللقب لمصلحة والدتها. من ناحية أخري, لم يكن من المتوقع أن ينخرط بشار في المسار السياسي للعائلة, كان من الواضح انه لا يملك الشخصية الملائمة لمنصب الرئيس, كما انه لم يشارك بقوة في المسائل العسكرية أو الحكومية, وكان من المتوقع أن يتولي باسل الأسد الأخ الأكبر خلافة والده, ذهب بشار الأسد إلي لندن في التسعينيات, ودرس طب العيون, ولكن تم استدعاؤه إلي سوريا عام1994 عندما توفي باسل في حادث سيارة, وجعل هذا التحول الدرامي في الأحداث من بشار وريث الرئيس, بعض المنصفين من المراقبين يعتقدون أن بشار كان صادقا عندما وعد بالإصلاحات والتغيير, ولكنه انسحق أمام تركز السلطة كليا في يد العائلة, التي تتعامل مع البلاد علي أنها شركة هو رئيس مجلس إدارتها, في حين يري آخرون, انه تلاعب بأبناء شعبه وبالغرب, وانه استغل بشكل حاذق زوجته البريطانية الأصل لتكون بوقا إعلاميا لنظامه, وبات جليا أن الدكتور قد تحول إلي ديكتاتور, وانه لم يعد منارة للأمل بسوريا جديدة أكثر ثراء وهدوءا. العقوبات بين الافتراض والواقع هناء دكروري في الماضي كانت العقوبات الاقتصادية تسبق أو تتزامن مع الحروب بهدف إضعاف العدو خلال فترة المعارك وغالبا ما كانت تتخذ شكل الحصار البحري,إلي أن جاءت الحرب العالمية الأولي بأهوالها مما دفع الرئيس الأمريكي حينذاك اوودرو ويلسون ليتم تبني العقوبات الاقتصادية بصورة أوسع وأشمل كأداة فعالة لتحقيق هذا الهدف. واكتسبت سياسة فرض العقوبات الاقتصادية أهمية كبيرة خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عندما أدركت الحكومات الأمريكية المتعاقبة أن العقوبات الاقتصادية هي الحل الأقل كلفة ومخاطرة عن الحل العسكري. ولكن الدراسات الأكاديمية التي أجريت لتحليل مدي فعالية العقوبات الاقتصادية في تحقيق التغيير المنشود في الدول التي فرضت عليها أثبتت أن نتائجها غالبا ما تكون سلبية. وأبرز مثال علي بطء عدم فعالية العقوبات الاقتصادية هو ما يحدث في سوريا فمازال الرئيس السوري يواصل ليس فقط شن الحملات العسكرية ضد المواطنين العزل, بل أنه حتي الشهر الماضي فقط كان يتسوق هو زوجته عبر الانترنت من كبري الشركات الأمريكية. وتشمل قائمة العقوبات ضد سوريا منذ اندلاع الثورة العام الماضي عقوبات مفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة( التي سبق أن فرضت عقوبات ضد سوريا في1979 و2004) وجامعة الدول العربية وتركيا وكندا وأستراليا وسويسرا في حين عارضت لبنان واليمن وروسيا والصين فرض العقوبات.وفيما يلي بعض أهم تلك العقوبات: الاتحاد الأوروبي فرض قيود علي تزويد سوريا بالوسائل التقنية والسلع الكمالية التي تسهل انتهاكات حقوق الإنسان تجميد حسابات أسماء الأسد وحظر سفرها. تجميد أرصدة البنك المركزي السوري وحسابات120 من المسئولين السوريين علي رأسهم بشار وحسابات40 شركة. فرض حظرعلي الواردات النفطية من سوريا. فرض حظرعلي الطيران التجاري من سوريا و قيود علي تجارة الذهب والمعادن النفيسة. الولاياتالمتحدة فرض عقوبات علي الجهات التي تزود سوريا وإيران بوسائل تقنية تستخدم لقمع المواطنين. عقوبات علي وكالة المخابرات السورية واثنين من أقارب بشارالأسد. تجميد أرصدة بشار والمسئولين بحكومته وجميع الحسابات السورية في الولاياتالمتحدة. فرض عقوبات علي قطاع الطاقة. جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا. منع سفر كبار الشخصيات والمسئولين السوريين وتجميد أرصدتهم في الدول العربية. تجميد أرصدة الحكومة السورية ووقف التعامل مع البنك المركزي السوري. تجميد تمويل إقامة المشروعات علي الأراضي السورية من قبل الدول العربية. تركيا تعليق اتفاقية التعاون مع سوريا ووقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية والبنك المركزي السوري. تجميد أرصدة الحكومة السورية. وجوه بارزة حول الرئيس طارق الشيخ أصابع الاتهام تشير إلي دائرة الأمن واتخاذ القرار المحيطة بالرئيس السوري بشار الأسد التي اتجهت بسوريا كلها إلي قلب الأزمات والمواجهات المسلحة.وكما جرت عليه العادة, بدأت لعبة المطاردة بين أبرز المحيطين بالرئيس من جانب وسيف الملاحقة وتصفية الحسابات والعقاب الدولي من جانب آخر. ومن أبرز من أحاطوا بالرئيس السوري في أثناء اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعامل مع الأزمة الأخيرة هم: (1)ماهر الأسد: قائد الحرس الجمهوري ويسيطر الفرقة الرابعة المدرعة التي تدور الشبهات حول دورها في اكتساح الاحتجاجات في درعا. وهو شقيق الرئيس بشار وتصفه وسائل الإعلام بالرجل الثاني في النظام السوري. وهناك روايات عن اتسام سلوكه بالعنف تجاه الجميع بما فيهم أقاربه. (2) رامي مخلوف: أحد أقوي الشخصيات الاقتصادية في سوريا ويحظي بنفوذ كبير في مجال الاتصالات وتردد وسائل الإعلام الدولية روايات عن ارتباطه بالفساد وهو ابن عم الرئيس السوري. (3) آصف شوكت: نائب رئيس أركان القوات المسلحة والرئيس السابق للمخابرات العسكرية وهو زوج شقيقة الرئيس بشار. (4) داود عبدالله راجحة: وزير الدفاع الجديد ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السورية. ويحظي بثقة عائلة الأسد.تم إدراج اسمه بقائمة العقوبات في الولاياتالمتحدة. (5) جميل حسن: رئيس مخابرات القوات الجوية. يشار إليه بوصفه أحد المسئولين عن قمع المتظاهرين في دمشق بطريقة وحشية وتعرض لعقوبات خارجية. (6) علي مملوك: رئيس مديرية الأمن العام. ومسئول عن قمع المجتمع المدني السوري وارتبط اسمه بقمع المعارضة في درعا وهو ما كان سببا في فرض عقوبات خارجية عليه. (7) محمد ناصف خيربك: نائب رئيس الجمهورية للشئون الأمنية.معروف بوصفه أحد أقوي المستشارين تأثيرا داخل مؤسسة الرئاسة والأقرب الي أذن الرئيس السوري.تعرض لعقوبات خارجية منذ سنوات مضت بعد إشارة الولاياتالمتحدة الي دوره في مجال أسلحة الدمار الشامل ودعم العلاقات السورية الإيرانية وإحباط جهود الولاياتالمتحدة في العراق.وترتبط عائلته بصلات مصاهرة مع عائلة الرئيس السوري.