"عباس. م.ع.. عامل النظافة، تعالى بسرعة إلى حجرة شباك التذاكر.."، مرة أخرى نفس النداء بنفس النبرات الساخرة: "تعالى يا عباس بسرعة.. فيه نسكافيه واقع فى الأرض ومج مكسور.. ومش هنادى عليك تانى.. دا أخر نداء".. عزيزى القارئ.. لا تندهش، فالنداء السابق ليس لأحد العمال فى أحد مقالب (الزبالة)، بل للأسف فى إحدى محطات مترو الأنفاق، وكان الذى يتحدث تملأ صوته السخرية والضحك والاستهزاء، وكأنه راهن الموظف الذى بجواره على فعل ذلك، وعندما سمع الواقفون على المحطة النداء؛ منهم من انزعج بشدة، ومنهم من ضحك، ومنهم من انتابته دهشة.. ففى مترو أنفاق القاهرة ترى العجب وتسمع الأعجب، من مخالفات إلى تجاوزات إلى استهتار ومصائب يرتكبها الركاب والمسئولون معا. ودبت يد الإهمال والتخريب فى مترو الأنفاق، حتى أصبح لا يطاق وكأننا فى سباق مع غول الاستهتار واللا مبالاة والمثل المقيت الذى يردده بعض الناس ويعملون به "مال الحكومة سايب"، فصارت عربات المترو ومحطاته باب رزق لبعض الناس والمتسولين، فتجد من يمسك أوراقا ويقول إنه مريض ويحتاج مساعدة، وأخرى تقول إن زوجها مات مريضا وترك لها أطفالا.. وآخر وأخرى، حتى تنتابك حالة من الاكتئاب الاضطرارى، وربما تفكر فى النزول قبل المحطة التى تريدها تخلصا من ذنب ليس لك يد فيه. أحيانا تجد من يدفعك فى أثناء الصعود أو النزول، وإن عاتبته بلطف وقلت "ميصحش كدا"، يرد بدوره "أعملك إيه.. انت ماشى تتفسح"، وربما ينتهى الحوار بخناقة وتراشق بالكلمات أو بالأشياء المحيطة، وأحيانا أخرى تجد من يحمل كراتين أو جوالات معبأة بأشياء ثقيلة، يشق بها الزحام متلاطما مع البشر ثم يقوم بوضعها فى منتصف العربة، هذا غير(تنطيط) الباعة الجائلين فى عربات المترو ومزاحمة الناس فى الدخول والخروج، وحتى يلحقون بالمترو لا مانع لديهم من دفعك تحت عجلات المترو أو على أقل تقدير تحت أقدام الركاب. مترو الأنفاق هو أحد أهم وسائل النقل الموجودة حاليا، خاصة في المدن المزدحمة، لقدرته على نقل عدد كبير من الركاب في وقت قصير دون التأثير على حركة المرور والسير في الشوارع الرئيسية، يجب الحفاظ عليه ليس من إدارته فقط بل من الركاب؛ لأنه فى النهاية لخدمتهم قبل أن يكون مشروعا قوميا. ولإعادة شىء من الانضباط وبعض من النظام وحتى يكون هناك شىء من الالتزام يجب عدم السماح لمن يحملون أشياء كبيرة الحجم كبضاعة أو أشياء خطرة بارتياد المترو، ومنع الباعة الجائلين والمتسولين من دخول المحطات، ووضع رجال أمن تابعين للمترو تكون مهمتهم تنظيم الحركة ومنع المخالفين.. والأهم من كل ذلك أن يعرف المواطن أن لهذه الوسيلة من المواصلات نظاما والتزامات يجب الحفاظ عليها قبل استخدامها. لمزيد من مقالات