فى خطوة مهمة للاقتصاد المصري، أوشكت اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ودول تجمع الميركسور على الدخول حيز التنفيذ، حيث صدقت برلمانات البرازيل والأورجواى والبارجواى على الاتفاقية قبل نهاية 2015. وبذلك تبقى خطوة واحدة وهى تصديق البرلمان الأرجنتينى خلال الفترة المقبلة لتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ. ويذكر أنه بالرغم من أن فنزويلا عضو فى التجمع فإنها غير معنية بالتصديق نظراً لأنها دولة منضمة حديثا للتجمع وليست عضوا مؤسسا. وقد أنشئ تجمع «الميركسور» فى عام 1991 منذ التوقيع على معاهدة أسونسيون، بعضوية البرازيل ، الأرجنتين ، أوروجواى ، وباراجواي.. ودخل حيز التنفيذ فى عام 1994 ، بعد توقيع الدول الأعضاء على بروتوكول «أورو بريتو» Ouro Preto ، الذى وضع الهيكل المؤسسى المالى للميركسور كبداية فعلية على طريق تحقيق الهدف الرئيسى للتجمع، وهو الوصول للسوق المشتركة ثم انضمت فنزويلا عام 2012 . والهدف الأساسى للمنظمة هو وضع استراتيجية إقليمية متوازنة فى مجالات مثل التعاون الدولي، والاتصالات لإنهاء الفقر، والتكامل الإقليمى فى مختلف المجالات خاصة مجال الزراعة. وفى إطار سعى مصر إلى مضاعفة حجم صادراتها فى الأسواق العالمية، وعلى رأسها أسواق أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا- خاصة أن التصدير يسهم بنحو 30% من مجمل الناتج القومى المصرى وفقاً لبيانات وزارة التجارة الخارجية فى مصر- تأتى أهمية التصديق على الاتفاقية مع مصر، والتى سوف تسهم بشكل كبير فى دفع العلاقات التجارية، وتعزيز الأواصر الاقتصادية بين مصر ودول التجمع. وقد تم هذا الاتفاق عام 2010 وصدقت مصر عليه 2013. ووفقاً للمكتب التجارى المصرى فى ساوباولو فإن الاتفاقية سوف تعزز المجال التجارى بين مصر ودول تجمع الميركسور (البرازيل، الأرجنتين، الباراجواي، الأورجواي، فنزويلا ) بما يتيح زيادة الاستثمارات والتجارة البينية، وأيضا الاستفادة من نظام الإعفاء الجمركي، وزيادة معدلات نفاذ السلع والمنتجات المصرية لأسواق قارة أمريكا اللاتينية . .. وأيضا فإن الاتفاقية سوف تمكّن دول التجمع من الاستفادة بموقع مصر الإستراتيجى كمدخل لإفريقيا والدول العربية، خاصة فى ضوء عضوية مصر فى عدد من التجمعات الاقتصادية مثل الكوميسا. ولا يمكن قصر فوائد هذا الاتفاق على الجانب الاقتصادى بل تتعداه إلى المجالات السياسية والعسكرية و العلمية و الإستراتيجية ، حيث يمثل الاتفاق مدخلاً نحو تفعيل التعاون مع مجموعة من أهم دول العالم وتمثل مجموعة من أهم الاقتصادات الناشئة، مما يفتح الطريق نحو فضاء أوسع بغية الاستفادة من الخبرات ودعم التعاون مع مجموعة جديدة ومهمة من الدول فى إطار التعاون الجنوب -جنوب. وبالتالى تتوافر لمصر آفاق رحبة نحو ربط كل هذه التجمعات والتنظيمات ببعضها البعض لتكون مصر حجر الزاوية و الجسر الذى تعبر من خلاله أشكال التعاون بين هذه المنظمات والتجمعات. وتتيح هذه الاتفاقية وفقاً لتقديرات المكتب التجارى المصرى فى ساوباولو، مميزات تفضيلية للصادرات المصرية لدخول أسواق أمريكا اللاتينية، كما تعمل على تخفيض تكلفة وارداتنا من السكر واللحوم وزيت الصويا من هذه الأسواق لتصل إلى المستهلكين بأسعار مناسبة ، حيث تضمنت تخفيضات جمركية فورية لأهم السلع التى نصدرها إلى هذه الدول فى مقابل تخفيضات متدرجة فى السلع المستوردة، بل إن التخفيضات الممنوحة لوارداتنا من هذه الدول سيستفيد منها المستهلك المصرى لأننا نستورد هذه السلع- ومعظمها من الأغذية- لأن لدينا نقصاً فى إنتاجها. وكذلك ستسمح الاتفاقية بتخفيض التعريفات الجمركية بأكثر من 90% بين مصر ودول ميركسور، وكذلك تحرير البضائع الصناعية والزراعية من الجمارك، ووجود حلول لقواعد المنشأ، وإيجاد حل للخلافات التجارية، والضمانات التفضيلية والتعاون فى مجال الاستثمار والخدمات. ويقول ميشيل حلبى الرئيس التنفيذى لغرفة التجارة العربية البرازيلية إن الاتفاق يتضمن تخفيض التعريفة الجمركية لخمس فئات من السلع. وتلك التخفيضات ستكون على النحو التالى 1. تطبيق التخفيض الفورى فى تاريخ تفعيل الاتفاقية؛ 2. تخفيضات سيتم تطبيقها بعد مرور 4 سنوات؛ 3. وتخفيضات لأخرى بعد مرور 8 سنوات. 4. وأخريات بعد انقضاء 10 سنوات؛ 5. تخفيضات ستتم بناء على قرارمن اللجنة المشتركة المكلفة بمتابعة وتنفيذ الاتفاقية. ويتضمن بيان الاتفاقية قائمة من الامتيازات التى قدمت من جانب السوق المشتركة للجنوب (ميركسور) لمصر، وأيضا الامتيازات التى قدمت من جانب مصر لميركسور. لكن هذا البيان لا يتضمن مجالات الملكية الفكرية والمنافسات. وتعد جمهورية مصر العربية مستوردا رئيسيا للغذاء من ميركسور. لذلك فإن التخفيض المقترح للرسوم الجمركية من خلال هذا الاتفاق سوف يعمل على تخفيض تكلفة استيراد تلك المنتجات إلى السوق المصرية ، مما لا يدع مجالا للشك بأن تلك الاتفاقية التجارية والتى ستحرر حركة التجارة ستكون مهمة للغاية لسياسات الأمن الغذائى فى مصر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاقية التجارة الحرة قد تشجع أيضا الاستثمار من جانب شركات السوق المشتركة للجنوب (ميركسور) لأن الارتباط المؤسسى سيعطى ثقة أكبر للمستثمرين بشكل عام. كما سيكون مهما أيضا أن تتخذ تلك الشركات مصر كبوابة و كحلقة وصل إلى أسواق أخرى جديدة، لأن لدى الدول العربية والإفريقية اتفاقات تجارية مع العديد من الدول الأخري، مثل السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) ودول عربية أخري، مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبري. ويضيف ميشيل حلبي، إنه من ناحية أخري، يمكن لمصر استخدام تلك التخفيضات الجمركية المنصوص عليها فى محاولة لبيع وتصدير منتجات جديدة لميركوسور وبالأخص إلى السوق البرازيلية، حيث بلغت قيمة الصادرات من مصر إلى البرازيل نحو 251 مليون دولار أمريكى فقط فى عام 2014، فى حين أن الصادرات البرازيلية إلى مصر قدرت بنحو 2.7 مليار دولار أمريكي. وفى ظل هذه الظروف سيكون دور الغرفة التجارية العربية البرازيلية فى إرشاد و مساعدة رجال الأعمال المصريين للفرص الموجودة فى ميركسور، وخاصة فى البرازيل، فى مجالات صناعات الملابس والمنسوجات بشكل عام، والأطعمة المجمدة، والبتروكيماويات بشكل عام، والأسمدة، والفواكه، مثل البرتقال والليمون و أيضا البصل والثوم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الغرفة التجارية العربية البرازيلية على استعداد تام لمساعدة المصدريين و رجال الأعمال المصريين فى التعرف على مستوردين برازيليين للمنتجات المصرية. وفيما يتعلق بالاستثمارات، فعلى الجانب المصرى أن يزور البرازيل وباقى دول تجمع الميركسور من خلال وفود من رجال الأعمال والمسئولين فى مصر لنشر فرص الاستثمار والتجارة والسياحة. وكذلك لابد من تدشين خطوط منتظمة للنقل البحرى وخطوط طيران مباشر بين الجانبين، وأيضا ضرورة تشكيل لجنة وزارية مشتركة سواء فى شكل علاقات ثنائية أو متعددة الأطراف تسهم فى النهوض بالعلاقات التجارية بين مصر ودول تجمع الميركسور وتعمل على مد جسور التعاون الاقتصادى المشترك وتذليل العقبات والتحديات التى تواجه تطوير العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري، بالإضافة بالطبع لمجلس أعمال مشترك يطرح التوصيات والرؤي.