عقدت اللجنة المصرية للتضامن برئاسة الدكتور حلمى الحديدى لقاء عن«قضية سد النهضة» حيث تم تناول نتائج المفاوضات والمباحثات المشتركة بين دول حوض النيل. وعلى الرغم من البرودة الشديدة وانخفاض درجة الحرارة فإن الموضوع الحيوى الذى تم تناوله وردود أفعال الحضور أضفت حرارة شديدة على الحدث. وقد استهل أعمال الدكتور الحديدى بكلمة أشار فيها إلى أن الموضوع شائك وخطير ومهم لأنه يمس حياة شعب ووطن. مؤكدا انها المرة الثالثة التى تستضيف فيها اللجنة فعاليات تتعلق بهذا الموضوع بهدف توفير معلومات أكثر دقة لطمأنة الشعب المصرى والكشف عن الحقائق بقدر ما نستطيع. ثم تحدث الدكتور محمود شريف وزير التنمية المحلية الأسبق الذى أدار الجلسة وأكد أهمية موضوع سد النهضة الإثيوبى ومياه النيل ودور الخبراء فى كشف الحقائق. جوانب فنية وقد استعرض د. محمود أبو زيد وزير الرى والموارد المائية الأسبق الجوانب الفنية لمسألة “سد النهضة” وما تم إعلانه من مواصفات السد الإثيوبى وقدراته التخزينية وما قد يترتب على إقامته من أوضاع مائية فى مصر. ونبه إلى أن أثيوبيا اعلنت عن بداية العمل فى السد دون تشاور أو إتفاق مع دولتى المصب السودان ومصر وهو الأمر الذى يخالف كل الأعراف الدولية بما فيها اتفاقية عنتيبى التى وقعت أثيوبيا عليها مع بعض دول حوض النيل. كما أشار إلى أن أثيوبيا ترى حتى الآن أن السد لن يلحق بمصر أو السودان “ضررا ذا شأن” خاصة وأن تعريفها لهذا النوع من الضرر قد يختلف عن تعريف مصر له. كما نبه إلى أهمية ما تم التوصل إليه فى “إعلان المبادئ” بين مصر والسودان واثيوبيا فى مارس 2015 منوها إلى أن هناك فى اثيوبيا من تصور أن “إعلان المبادئ غير ملزم”. وأكد أن ما يجب ان يؤخذ فى الإعتبار فى ظل الموقف الحالى ما يلي: 1 المتابعة الدقيقة لما سيقوم به المكتبان الإستشاريان من دراسات وتقييم لآثار السد الإثيوبى وضرورة تقدير الأخطار المترتبة على جميع النواحى الإقتصادية والإجتماعية فى دول المصب وتحديد المعايير التى ستؤخذ فى الإعتبار. 2 البدء من الآن فى التفاوض حول قواعد الملء والتشغيل السنوي. 3 العمل على ألا يزيد الملء الأول عن التخزين الميت وضرورة التأكد من حجم التخزين. 4 أن تعتمد قواعد التشغيل السنوى على تصريف كامل التصرف الطبيعى خلال العام والنزول بمنسوب تخزين سد النهضة إلى مستوى التخزين الميت فى بداية العام حتى تستقبل الفيضان القادم. 5 الإتفاق على وسيلة قياس التصرف الطبيعى بعد إنشاء السد. 6 العمل على إنشاء هيئة مشتركة لإدارة السد. 7 العمل على توثيق قواعد الملء والتشغيل. 8 الإتفاق مع السودان على كيفية وتوقيت التعامل مع النقص فى الحصة أثناء الملء الأول والتعامل وفق المبادئ التى تنص عليها إتفاقية 1959. 9 البدء فى تقييم الأضرار المؤكدة الناتجة عن السد وتقدير حجم ونوعية التعويض الذى قد تطالب به مصر وربما السودان وفق ما تم النص عليه فى إعلان المبادئ. 10 دراسة الترابط بين توقيت إنتهاء الدراسات التى يقوم بها المكتب الثانى والتوقيت المرصود للإتفاق حول الملء الأول والتشغيل السنوى وآلية تشغيل السدود وتوقيت إنتهاء المنشآت بالنسبة لحجم السد وتوقيت بدء الملء الأول. 11 النظر فى إمكانية ترك كل أو بعض من الأنفاق الأربعة وعدم غلقها باستمرار مع تزويد تلك الأنفاق بالبوابات وذلك للمساهمة فى تصريف المياه أثناء التصرفات القليلة وأثناء الملء الأول. 12 التأكد من إبرام أثيوبيا لعقود الكهرباء وإنشاء البنية التحتية اللازمة لاستيعاب الكهرباء المتوقع توليدها. 13 النظر فى كيفية إقناع إثيوبيا بتخفيض حجم السد بناء على نتائج الدراسات المتوقعة للأثار الجانبية السلبية للسد. 14 دراسة أثر الإطماء على حجم التخزين وعلى مجرى النيل الأزرق خاصة بعد إكتشاف السدود التى سيقيمونها جنوب السد. وأخيرا الإستفادة من أى تقليل فى حجم البخر وما يتحقق من وفر مائى نتيجة لذلك وتقسيم الكميات التى سيتم توفيرها. سيناريوهان متوقعان وعن السيناريوهات المتوقعة لمسألة “سد النهضة” فى المرحلة القادمة اشار د.عبد الفتاح مطاوع خبير الرى وبحوث المياه إلى أن “إعلان المبادئ” جاء بمثابة محاولة لبناء الثقة مع دولة صديقة (اثيوبيا). وأكد أن علينا ان نضع فى الحسبان التعامل مع سيناريوهين. الأول منهما يتعلق بإلتزام إثيوبيا بما ورد فى إعلان المبادئ من بنود وبالمبادئ الفنية ذات الصلة وبأمان السدود والثانى فى حال عدم إلتزامها بما تم الإتفاق عليه. وأكد أن تمسك الطرف المصرى بأمان السد يصب فى صالح كافة الأطراف بما فيها إثيوبيا ذاتها لأن السدود عرضة للإنهيار فى اى مكان فى العالم ومراعاة إشتراطات الأمان يصب فى مصلحة الجميع. ويرى أنه بمجرد الإنتهاء من ملء السد سيعود كل شئ إلى ما كان عليه وتأتى المياه كما كانت، منبها إلى ان الخلاف الموجود حول سد النهضة يتعلق بعملية ملء السد. وأكد على إعتقاده بأن للسد الإثيوبى فوائد لأنه يمكن ان يحقق وفرا فى المياه المتبخرة من مياه النيل، وسيقلل من عمليات الإطماء خلف السد العالى فى مصر عندما تتجمع كميات كبيرة من الطمى خلف السد الإثيوبي. وفيما يتعلق بالربط الكهربائى مع اثيوبيا فإنه سيحقق لمصر مخرجا من أزمة الطاقة. ولفت إلى دراسة قديمة أجراها حسين باشا سرى عام 1935 وأشار فيها إلى أن أحد المشروعات المفيدة للرى فى مصر تتمثل فى تخزين المياه فى بحيرة تانا فوق الهضبة الإثيوبية وذلك عندما لم يكن هناك “تسييس” فى التعامل بشأن نهر النيل. جوانب سياسية دبلوماسية وفيما يتعلق بالجوانب السياسية والدبلوماسية التفاوضية تحدث السفير شريف عيسى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون مياه النيل وعضو لجنة التفاوض بشأن سد النهضة (وجاءت كلماته تعبيرا عن شخصه على حد قوله) وأكد أن البنك الدولى مازال يبدى تحفظه على مشروع إقامة سد النهضة الإثيوبى نتيجة عدم إلتزام الطرف الإثيوبى بالإخطار المسبق وعدم تقديم الدراسات الخاصة بالسد وهو ما أدى إلى امتناع البنك عن تمويل المشروع الإثيوبى وتبعته كافة حكومات الدول الأخرى وحتى الآن لم يحصل مشروع السد على تمويل رسمى مباشر معلن من أى دولة أومؤسسة دولية. وأكد أن تكلفة إقامة السد فى البداية كانت 4.8 مليار دولار ولكنها حاليا ارتفعت لتتجاوز 6 مليار دولار وقد تصل إلى 8 مليار دولارات نتيجة لصعوبات فنية واجهها المشروع أثناء عملية البناء. وكان من المخطط للمشروع أن ينتهى بحلول عام 2014 ثم تم تأجيل الموعد إلى عام 2016 وحاليا هناك ما يشير إلى أن موعد الانتهاء من المشروع قد يمتد إلى عام2018 أو 2019. وأكد السفير عيسى أن مصر نجحت فى توصيل عدد من الرسائل إلى الجانب الإثيوبى وأن مصر ستتفاوض وستستمر فى التفاوض وبما أن السد أصبح “أمرا واقعا” فإن علينا أن نحاول الإستفادة منه وتقليل آثاره السلبية وإحتواء كل ما يمكن أن يتسبب فيه السد من أضرار لمصر. وأضاف قوله :” إن موقف المفاوض المصرى ليس وقف بناء السد أو إزالته، فهذا أمر غير وارد، لأنه امر لايدعمه القانون الدولى ولا الواقع العملى والسياسي. ولكن ما يدعم موقفنا هو الوصول إلى مرحلة نستطيع فيها احتواء الضرر وتعظيم المكاسب وهو ما يعمل من أجله المفاوض المصري”. القانون الدولي وفيما يتعلق بالتحرك وفق القانون الدولى تحدث د. نبيل حلمى مؤكدا أن هناك ما يسمى بدول الحوض وهى الدول التى تطل على حوض النهر الدولي. والنهر الدولى لايخص دولة معينة وإنما يخص دول الحوض نفسه ومن ثم فهناك التزام على الدول بأن تحافظ على بعضها البعض وهناك مسئولية دولية لمن يخالف هذا الأمر. وأشار إلى أنه إذا تم تحديد حصة المياه الخاصة بدولة من الدول دون موافقة دول الحوض فإن هذا يعد مخالفا لمبدأ المسئولية الدولية. وفيما يتعلق بالاتفاقية الدولية للأنهار الدولية فأنها تنظم العلاقات فيما يتعلق بالأنهار. وردا على دعاوى بعض الأطراف الخارجية بعدم الإعتراف بالاتفاقيات السابقة على مرحلة الاستقلال رفض حلمى بشدة تلك الحجج مستندا إلى مبدأ التوارث فى المجتمع الدولى الذى يلزم الدول بالوفاء بالتزاماتها التى نصت عليها الإتفاقيات المبرمة مثل الحدود. ونبه حلمى إلى ان كل ما سلف ينطبق على حالة موقف مصر و”سد النهضة” وطالب بالحق القانونى لمصر وفقا لقواعد القانون الدولى منبها أن كل من يخالف ذلك يتحمل المسئولية الدولية. كما أكد أهمية حل جميع جوانب مسالة “سد النهضة” عبر الوسائل السلمية والتفاوض. وقد أجمع الحضور على أن لمصر من القدرات والآليات والأدوات ما يمكنها من الحفاظ على حقوقها وأمنها.