رسميًا.. الأهلي يعلن التعاقد مع أحمد زيزو لمدة 4 مواسم    السياحة تعلن خطوات تلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    حالة من الاستقرار في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    منافذ التموين تواصل صرف المقررات في أول أيام عيد الأضحى    مجلس الدوما: زيلينسكي لا يفكر في السلام أو مصلحة أوكرانيا    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    قرار تاريخي.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية باكتساح    توزيع الهدايا وكروت تهنئة باسم «الرئيس السيسي» على المواطنين بكفر الشيخ    إحباط ترويج 38 كيلو مخدرات وضبط 7 عناصر إجرامية ب «دمياط وأسوان»    السعودية.. سبب تراجع عدد الحجاج حول مسجد نمرة مقارنة بمناسك 2024 يثير تفاعلا    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية القديرة هدى العجيمي    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    في أول أيام عيد الأضحى.. جامعة قناة تعلن عن خطة رفع الطوارئ في قطاع الخدمات الطبية    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    محافظ الدقهلية يزور دار المساعى للأيتام بالمنصورة: "جئنا نشارككم فرحة العيد"    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    وفاه الملحن الشاب محمد كرارة وحالة من الحزن بين زملائه ومحبيه    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    رسميا.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية    تحالف الأحزاب عن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ: اجتهادية    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ماذا يحث عند تناول الأطفال لحم الضأن؟    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    الونش: الزمالك قادر على تحقيق بطولات بأي عناصر موجودة في الملعب    خطيب عيد الأضحى من مسجد مصر الكبير: حب الوطن من أعظم مقاصد الإيمان    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس من قانون الخدمة المدنية
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 01 - 2016

رفض مجلس النواب مشروع قانون الخدمة المدنية، وذلك بعد الحشد والضغوط الحكومية لتمريره، وصوره البعض أنه تحد للحكومة أو فشل لها، والبعض الآخر وصفه بأنه أول انتصار للمجلس.
وحقيقة الأمر لا هذا ولا ذاك، ففى الدول الديمقراطية الحقة تصبح هذه التجربة مجالا ممتازا لدعم الديمقراطية وتصحيح أخطاء الحكومات إن رغبت حقاً فى ذلك. أول هذه الأخطاء أن هذا القانون الذى يهدف بحق إلى الإصلاح الإدارى لا يختلف عليه احد، فالجهاز الإدارى فى مصر يوظف نحو سبعة ملايين ويحكمه قانون أزلى تم تعديله عشرات المرات، وسمحت هذه التعديلات بتوظيف عمال وموظفين مؤقتين وغير مؤهلين لا يحتاجهم العمل، أو يحتاج مهارات مختلفة تماماً - ثم تثبيتهم فى وحداتهم أو بعد الحصول على مؤهلات أعلى لا تنتمى لوحداتهم أو لواجبات وظيفتهم.
وكانت رواتبهم اسمية يتم إصلاحها بإضافة بدلات وتعويضات وزيادات لا حصر لها، كما سمح لبعض الفئات بأن تتقاضى حوافز وإضافات تصل إلى عشرات أمثال أو أكثر وأصبح الراتب الإجمالى عشرات الأضعاف من الأساسي، وسمح القانون أيضا بتقييم أكثر من 90 ٪ من الموظفين بمستوى الامتياز، كما لم يحدد أعداد المطلوبين للعمل فى كل وحدة وتضخم الجهاز بأعداد تفوق أضعاف احتياجاته.
كل ذلك صاحبه خدمات متدنية وغياب أكثرية عن العمل، حيث يعملون فى جهات أخرى، مع انتشار للفساد والإكراميات والرشى والوساطة بدرجة ليست خافيه على أحد، والقانون الجديد يقضى على كثير من هذه السلبيات والفساد إذا تم تفعيله، خاصة فى التعيينات وتقييم الأداء ومراقبة الإنتاجية، وهو بحق منقول من دول متقدمة وليس اختراع العجلة للحكومة. وقد اتبعت مثل هذه الإجراءات منذ الخمسينيات فى برامج التنمية الإدارية الحكومية، لكن خطا الحكومة نتج عن إيمانها الزائف بأن الإصلاح يبدأ بقانون، وأن لها الحق أن تقول كن فيكون، ولم تع أن سبعة ملايين موظف ينغمسون فى هذه الحرية والفساد لن يقبلوا التغيير بسهولة، وسوف يعلو صوتهم بالاعتراض.
ومن الطبيعى أن يرضخ مجلس النواب الحديث لهذه الاعتراضات ، وكان الأوقع أن تضع خطه للإصلاح الإدارى وتبسيط الإجراءات الحكومية وإصلاح النظم، وتدريب العاملين، وخفض الأعداد تدريجيا من خلال وقف التعيينات والإحالة الطوعية إلى المعاش المبكر، مع رفع الأجور للحد المناسب، ثم إصدار القانون الذى يجب أن يتضمن تطبيقا تدريجيا للإصلاح والتنمية البشرية على مدى عشر سنوات أو أكثر، لأنه يستحيل إصلاح سلوك سبعة ملايين موظف فى طرفة عين.
إن دول العالم الصناعى تعانى دائما من البيروقراطية الحكومية، وموظف الحكومة بها هو أقل إنتاجا وأقل أجرا، لكنه يفضّل الحكومة لثبات الوظيفة وامتيازاتها، وليس هذا مقصورا على مصر، لكن تسعى الحكومات إلى الإصلاح والتطوير من خلال إصلاح النظم وليس بتغيير حاد للقوانين يمس الملايين الذين اعتادوا النظم المرنة غير الحاكمة والتى تسمح بالفساد .
لم تأخذ الحكومة عبرة من الماضى مثل التعجل بإصدار قوانين قاصرة للمرور والاستثمار وتنظيم الإضرابات والتأمين الصحى واستصلاح الأراضى وإصلاح التعليم وغيرها خلال السنين الماضية، قبل الثورة وبعدها، فشلت هذه القوانين فى تحقيق أهدافها، لأنها ببساطة تضع العبء على الموظف ولا تصلح النظم، فمثلا تسعى لجنه إلى محاربة الدروس الخصوصية الآن وظهرت بوادر القانون بمعاقبة المدرس بالسجن إلى خمسة عشر عاما، لم تع الحكومة أن هناك قانونا يعاقب الاتجار فى المخدرات بالإعدام، ومع ذلك لم نسمع بمن اعدم فعلا، ونعلم يقينا زيادة انتشار تعاطى المخدرات، لم تدرك الحكومة أن إصلاح التعليم والمقررات ورفع كفاءة المدرسين وتطوير نظم التدريس واختبار الطلبة يكفى لمحاربة الدروس الخصوصية، وأن فصل المدرس الذى يتكرر مخالفته هو أكثر من عقاب كاف وليس السجن المؤبد.
والمصيبة الكبرى أن الحكومة تلجأ لمن افسدوا النظم ليقوموا بالإصلاح فمثلا اقترح وزير سابق حديثا أن تعمل المدارس لفترات متأخرة، وأن يسمح بدروس تقوية بالمدارس بعد الظهر، هذا يعنى إقلال فترات الدراسة الأقل من نصف وقت الدراسة فى العالم المتحضر، وتقنين الدروس الخصوصية لتدر دخلا للإداريين والمشرفين لكى يحصلوا على جانب من التربح. وهم بهذا يكررون ما حدث من كوارث فى القطاع الصحي، حيث بدأت بالعلاج الاقتصادى وتدرجت إلى العلاج على نفقه الدولة وتضخم القطاع الخاص الطبى الذى أصبح هو المصدر الأساسى للعلاج.
فى مصر نموذج آخر هو إصلاح الجامعات الذى لم يتغير كثيراً سوى فى مضاعفة أجور الأساتذة أربع مرات أو أكثر، وهم يستحقون ذلك وأكثر، ولكن ليس أن يبقى الحال على ما هو عليه وأكثر وأن تتضاعف أعداد الأساتذة أضعافا مضاعفة لما تحتاجه الأقسام العلمية فى كثير من الجامعات. وهناك عشرات الأمثلة لخطط عشوائية أو متعجلة لم ولن تنجح مثل قانون تنظيم الجامعات والمستشفيات الجامعية والتأمين الصحى الاجتماعى وكلها تبدأ ثم تنتهى بقانون .
الخلاصة التى يجب أن تراعيها الحكومة والنواب هى أولا أن إصلاح النظم لا يتم أبدا بقانون لأن القانون لن يطبق ويسهل الالتفاف حوله، وثانيا أن الذين أوصلوا هذه النظم إلى ما نحن فيه هم غير قادرين أو غير متحمسين لإصلاحها، وثالثا انه مع وجود خمس وثلاثين وزارة وهيئات عديدة لن يصح إلا الإصلاح القطاعى الذى يضع خطة وطنية لكل قطاع بوزاراته وأنشطته وليس خط عشوائية لكل وزارة، ورابعا إن تضارب المصالح وأصحاب المصالح الخاصة لا يجوز أن يقودوا عملية الإصلاح. وأخيرا ان التدرج فى الإصلاح على سنوات هو الحل الطبيعى للمشاكل المتفشية وليس صدمات القوانين الحالمة، وذلك لإتاحة الفرصة للإصلاح الشامل وإعداد برامج التطوير لقوة العمل.
لمزيد من مقالات د.سمير بانوب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.