حينما تتعارض المصلحة العامة للدولة مع بعض المصالح الأخرى، فإن العقل والمنطق يرجحان الأولي، وحين يثور جدل حول قضية مجتمعية ما، فإن السؤال الذى يجب أن يتبادر إلى الذهن هو: أين تكمن المصلحة العامة؟ وفى الأنظمة الديمقراطية هناك خطوط فاصلة بين ضغوط الرأى العام، واعتبارات تحقيق المصلحة العامة. فى الآونة الأخيرة كثر الجدل واللغط حول قانون الخدمة المدنية الجديد، دون أن يكون لاعتبارات المصلحة العامة للدولة أى نصيب من هذا اللغط، وهذا الجدل الدائر حول القانون ومواده. فى البرلمان رفض نواب المجلس الموقر، خلال مناقشاتهم بشكل نهائي، القرار بقانون الخاص بقانون الخدمة المدنية، متجاهلين كل التحذيرات والصرخات التى تحذر من رفضه، وأثر ذلك على الموظفين، وما يترتب عليه من أضرار قد تصل إلى تأخر صرف رواتبهم، وما يستتبع ذلك من إلغاء جداول الأجور التى تصرف على أساسها الرواتب، خاصة بعد تأكيد وزير الشئون القانونية ومجلس النواب استحالة صرف الرواتب وفقا لجداول القانون 47 لسنة 1978، الذى تم إلغاؤه بصدور القرار بقانون بشأن الخدمة المدنية، والذى استهدف إعادة تنظيم شئون العاملين بالدولة، وإعادة تفعيل الجهاز الإداري، وتجنب مثالب القانون القديم، وتلافى عيوبه، وإعمال مبدأ الثواب والعقاب. انتصر النواب فى مناقشاتهم بالمجلس لاعتبارات الصوت الانتخابي، والدوائر الانتخابية، دون النظر أو الوقوف للتبصر بعواقب القرار وما سيحدثه من فراغ تشريعي، يتمثل فى عدم وجود قانون ينظم أوضاع العاملين بالدولة، ويدخل الدولة فى فوضى تشريعية. ليس عيبا أن يضع النواب مصالحهم ومصالح دوائرهم وناخبيهم نصب أعينهم، وأن يبذلوا ما يستطيعون من أجل خدمتهم، والارتقاء بشئونهم، ولكن عندما يتعارض ذلك مع المصلحة العامة تكون المصلحة العامة للدولة هى الحكم والحاكم لأى قرار. الآن.. وقد وقع ما وقع، فإنه من الواجب على الحكومة والنواب سرعة إجراء حوار مجتمعى بين جميع الأطراف لمناقشة المقترحات والجوانب المطلوب تضمينها فى القانون الجديد، بما يصب فى النهاية فى مصلحة الدولة والمواطنين، والتعجيل بإنجاز القانون للخروج من هذا المأزق التشريعي. لمزيد من مقالات رأى الاهرام